“صناديق سياديّة” لنسف الحاضر والمستقبل


2021-10-12    |   

“صناديق سياديّة” لنسف الحاضر والمستقبل
رسم رائد شرف

سمح امتناع محاسبة السياسيين والمصرفييّن والجمود السياسي الكبير، لجمعية المصارف  بتسويق خطتها ورؤيتها لإدارة المرحلة، من خلال صناديق تحت مسميات عدة منها “صندوق سيادي لإدارة أملاك الدولة” أو “صندوق تخفيف الدين الحكومي” تشترك جميعها في تصفية أملاك الدولة، بهدف عدم تحميل المصارف أي أكلاف وخسائر في إثر الانهيار الكبير.

وقد برز توجه مشابه لإنشاء مثل هكذا صندوق عند رئيس الجمهورية ميشال عون الذي قام بمبادرة رئاسية لإطلاق الصندوق السيادي لإدارة أصول الدولة، وتحسين إيراداتها وتفعيل الحوكَمة بشأنها ورفع قيمتها السوقية  من دون أن يستتبع ذلك أي خطوات عملية[1].

نتطلّع في هذا المقال إلى تبيان العورات الكبيرة التي تعتري “مشروع الصندوق” بعد عرض المشاريع المطروحة. إذ أن إنشاء صناديق سيادية لتصفية أملاك الدولة تحت عناوين مختلفة لا يتناسب مع الوضع الاقتصادي الحالي ولا مع مسببات الأزمة كما لا يؤدّي إلى إيجاد حلّ للأزمة. فتحميل الدولة مسؤوليّة انهيار القطاع المصرفي وتصفية أملاكها على هذا الأساس غير عادل حيث تبيّن أن المصارف قد استرجعت أموالها بالدولار على شكل أرباح وفوائد بالدولار عبر الهندسات المالية المشبوهة، وأن الدّولة كانت تموّل المصرف المركزي بالدولار وفق دراسة أعدّها الخبير الاقتصاديّ توفيق كسبار وسنعود إليها في القسم الثالث من هذا المقال. كما أن شكل الصندوق لا يتناسب مع متطلّبات المرحلة حيث أن أصوله لا تتشكل من فائض، كذلك هو لا يؤمّن سيولة للدولة. كما أنه يعوّض على المودعين المواطنين من أموالهم (المشتركة) ويفرّط بحقوق الأجيال المستقبليّة. باختصار هو طابق تفليسة تغيّب المصارف من خلاله مسؤوليتها المحورية في عملية إفلاس قياسية في أحجامها، كما تسعى إلى السيطرة على ثروة الدولة العقارية والتي هي ملك للأجيال القادمة وإعفاء نفسها من تحمّل أي عبء في توزيع الخسارة التي تسبّبت هي بجزء كبير بوقوعها.

 

  1. صيغ مختلفة تقع جميعها في خانة تصفية الأملاك العامة

برزت خطّتان متعلقتان بإنشاء صناديق الأولى قدمتها جمعية المصارف، والثانية مثيرة للجدل قدّمت بشكل مجهول في بادئ الأمر ليتبيّن فيما بعد أن راعيها هو وزير البيئة السابق محمد المشنوق. وقد برزتْ هاتان الخطّتان في موازاة خطّة الحكومة للإصلاح المالي والاقتصادي وكنقيض لها، واعتمدت أساسا على مبدأ تصفية أملاك الدولة وتبرئة المصارف من أي مسؤولية عن الخسارة.

في ما خصّ طرح جمعية المصارف، فإنها ارتكزت  على تحميل الدولة مسؤولية انهيار القطاع المصرفي بشكل كامل بناء على فرضية اعتبار الدولة “مديناً متعثراً” فشل بإرجاع ما أقرضته إياه المصارف (مستخدمة ودائع الناس) من خلال المصرف المركزي، وعلى التعامل مع المصرف المركزي كوسيط لتسديد “ديونها”. وجاءتْ “مساهمة” المصارف في الحل – بحسب مزاعمها – من خلال وضع خطة يشكّل فيها تسديد الحكومة دينها لمصرف لبنان الخطوة الأولى. ويتحقّق ذلك بموجب خطّة مكوّنة من ستّ نقاط: أولا، إنشاء صندوق حكومي لتخفيف الديون government debt defeasance fund  “GDDF”.  ثانيا تساهم الحكومة في هذا الصندوق من خلال الأصول العامة بما يقدّر بقيمة 40 مليار د.أ. مقابل حصولها على 100% من أسهم الصندوق، أي كامل ملكيّته. وتشمل هذه الأصول، كما جاء في الخطة بشكل صريح، بعض أو مجموع الأسهم في شركات تملكها الدولة، أراضٍ عامة وأصول عقارية أخرى كما حقوق امتياز واستثمار واجهة لبنان البحريّة. ثالثا يصدر الصندوق أوراقا مالية مضمونة، مدرّة للفائدة وطويلة الأجل بقيمة 40 مليار د.أ. يحملها مصرف لبنان مقابل تسوية الحكومة لدينها لمصرف لبنان بشكل نهائي. رابعا يتنازل المصرف المركزي للصندوق الحكومي عن كامل محفظة سندات اليوروبوند وسندات الخزينة اللبنانية. خامسا يشطب الصندوق للحكومة كامل محفظة الديون المشار إليها أعلاه مقابل الأصول التي ساهمت بها الحكومة في الصندوق. أخيرا يتمّ إلغاء دين الحكومة الذي كان محمولاً من قبل مصرف لبنان.

مما تقدم، يظهر أن الصندوق يهدف إلى إيجاد آليات قانونية لوضع اليد على أملاك الدولة، من خلال استبدال سندات الخزينة واليوروبوند بسندات مؤمنة صادرة لمصلحة مصرف لبنان عن الصندوق الحكومي الذي يحتوي أصول الدولة. فالتّخلف عن دفع سندات اليوروبوند لا يسمح وإن تخلفت الدولة عن الدفع بوضع اليد على أملاكها، وذلك بخلاف ما تتيحه سندات الصندوق في حال تخلّفه عن الدفع كون الأملاك العامة انتقلت إلى الصندوق[2]. وهذا ما وصفه الاقتصادي مايك عازار بستار دخان لخصخصة ما تبقى من أصول الدولة. من جهة أخرى، تظهر نية المصارف الواضحة بمقايضة دين الدولة والذي معظمه بالليرة بدين المصرف المركزي للمصارف بالدولار فبموجودات الدولة دون أن يخضع دين الدولة لهيركات -كما تجري العادة في حال الأزمات المصرفية قبل سداد ما تبقى منه- ما يعني عمليّا عدم تحميل المصارف أي خسائر وخروجها دون محاسبة.

بالنتيجة، بُنيَت خطّة المصارف على فرضيّة مسؤوليّة الدولة وحدها عن الانهيار المالي والمصرفي وهو ما سنثبت عدم صحّته فيما بعد، وإعفاء المصارف من أي مسؤولية بل تحقيقها حتى أرباحا. فيبدو أن المصارف لم تكتفِ بتبديد ودائع الناس عبر توظيف أكثر من 85% منها في المصرف المركزي طمعاً بفوائد فاحشة، بل تنوي تسويق مشروعها للسطو على ثروات الأجيال المستقبلية، من خلال استبدال “ديون الدولة الفاسدة” بوضع اليد على ثرواتها كافة (من عقارية وشركات ومؤسسات عامة)، المملوكة من الشعب والأجيال القادمة، وهذا ما نعود إليه في ما بعد.

أما الطرح الآخر والأكثر صراحة لناحية سوء النية تجاه الأملاك العامة فهو طرح وزير البيئة السابق ورئيس مجلس إدارة شركة “المجموعة الاستشارية للاتصالات والعلاقات العامة والإعلام” محمد المشنوق. يشكّل هذا المشروع نسخة شبه مطابقة لمشروع المصارف لناحية تحميله الدولة وحدها مسؤولية الانهيار المالي، مع بعض الاختلافات أبرزها شموله حصراً ثروة الدولة العقارية. فقد طرح مشروع الصندوق السّيادي لإدارة أملاك الدولة “كحلّ لأزمة المخاوف على أموال المودعين في المصارف”. وقد جاء في اقتراحه أن تبيع الدولة 10% من مساحة الأملاك العامة البرية والبحرية والداخلية والجبلية التي تشكل 60% من مساحة الدولة – أي نحو مليون قطعة أرض بأحجام تتفاوت بين 500، 750 ، 1000 و2000 متراً مربّعاً – لأصحاب الودائع في المصارف على ألا تذهب الأموال التي تجنيها الدولة بالمقابل – وقد قدّرها بين 25 إلى 50 مليار دولار – إلى وزارة المالية بل إلى صندوق سيادي بإدارة المجلس الوطني لإدارة أملاك الدولة. ويعفي عملياً المشروع كبار المودعين – أي أكبر المستفيدين من الهندسات المالية ومن توظيف أموال المودعين لدى المصرف المركزي – من أية خسارة،  بل يؤدّي إلى وضع يدهم على أكبر عقارات الدولة وأكثرها قيمة.

وفي مقابل هذه الطروحات، اعتمدتْ خطة الحكومة إنشاء شركة لإدارة الأصول العامة (PAMC) عوضا عن صندوق سيادي لإدارة أملاك الدولة “بهدف استعادة مصرف لبنان لقدرته المالية بشكل كامل”. وتودع في الشركة الأصول الحكومية الرئيسية من حصص الأسهم في الشركات الرئيسية المملوكة من الدولة وأصول عقارية باستثناء أصول النفط والغاز. فتقوم الحكومة بتخصيص أرباح شركة إدارة الأصول العامة لتمويل زيادة رأسمال مصرف لبنان بهدف تمكينه من الوفاء بالتزاماته المتبقية تجاه المصارف. وطبعاً الفارق الأساسي بين “صندوق” جمعية المصارف و”شركة” الحكومة، هو أن الحكومة حمّلت حصّة من الخسائر للمصارف وكبار المودعين ففرضت Bail-in كاملاً على المساهمين وحملة الأسهم الممتازة الحاليين (أي شطب رأسمال بقيمة 31 تريليون ليرة لبنانية كما يتم شطب التزامات أخرى باستثناء الودائع). كما فرضتْ على كبار المودعين رسملة طوعيّة للمصارف بجزء من ودائعهم، أو تحويل جزء من ودائعهم إلى أسهم قابلة للتداول في صندوق خاصّ لاسترداد الودائع، يُغذّى جزئياً من استرداد الأموال المحولة بطريقة غير مشروعة ما بعد 17 تشرين. وأخيرا فرضت تحويل جزء من ودائع كبار المودعين إلى سندات مصرفية ثانوية طويلة الأجل من دون فائدة أو بفائدة محدودة. وكلّها أمور مرفوضة بالكامل من جمعية المصارف أو بعض السياسيين أبرزهم رئيس مجلس النواب نبيه برّي[3] بذريعة “عدم المساس بالمودعين” وأن لا هيركات على المودعين، فيما المقصود بوضوح كبار المودعين.

يتّضح ختاماً، من مقارنة المشاريع الثلاثة أنه وإن تشاركت خطّة الحكومة مع المشروعين الآخرين إمكانية استخدام بعض أصول الدولة لإيفاء ديون المصارف تجاه المودعين وهو ما اعترفت بخطورته الحكومة حتّى في خطتها بقولها أن “تجريد لبنان من أصوله لن يكون عادلا على الأغلبية الساحقة من اللبنانيين، كما لن يكون الحل الأمثل لمشكلة لبنان بل على العكس سيهدّد مستقبله وقدرته على التعافي”[4]، فإن نقاط الخلاف الأساسية بين خطة الحكومة وخطة المصارف تكمن في مدى تحميل المصارف جزءاً من الخسارة من عدمه ومدى استباحة أصول الدولة بالإضافة إلى اعتماد صيغة الصندوق.

 

  1. عورات كثيرة في “صناديق” إدارة الأملاك العامة المقترحة

 

تعترض “صناديق إدارة الأملاك العامة” بشكليها المعروضين، أي صيغة المصارف والوزير السابق محمد المشنوق، إشكاليات كثيرة نعدّدها في ما يلي.

 

أ- غموض حول الأملاك العامة المشمولة بالصناديق

 

-عدم وضوح المرافق العامة وشركات الدولة المعنيّة

لم تحدّد في مشروع جمعية المصارف الشركات والمرافق العامة التي ستشكّل موارد للصندوق. في دراسته  عن خصخصة أصول الدولة[5]، اعتبر الباحث الاقتصادي ألبير كوستانيان أن الشركات والمرافق المملوكة مباشرة أو غير مباشرة من الدولة والتي قد يُقترح خصخصتها هي شركة خطوط الشرق الأوسط الجوية، كازينو لبنان، الريجيه، المطارات والمرافئ كما  كهرباء لبنان ومياه لبنان. ويخشى من هذا الغموض في طرح جمعية المصارف ضمّ كل المرافق العامة التي تدرّ أو يمكن أن تدرّ أموال للدولة في حال تمّت إدارتها بشكل سليم بما يؤدي إلى حرمان الدولة من مداخيل متجددة لا غنى لها عنها ومن دورها الاجتماعي في تأمين الخدمات. هذا الأمر قد يؤدي إلى القضاء على الدولة نهائيّا ومنعها من النهوض بشكل دائم.

 

-التفريط في قواعد إدارة الملكيّة العامّة وحماية مواردها الطبيعية

في ما خصّ العقارات، لا تفرّق الخطتان (جمعية المصارف والمشنوق) بين أملاك الدولة العامّة، أي الأملاك المُعدّة بحسب طبيعتها لاستعمال الجميع أو لاستعمال مصلحة عموميّة والتي لا تُباع ولا تُكتسب ملكيّتها بمرور الزمن[6]، وأملاكها الخاصّة، على الرغم من التداعيات الأساسية الذي يستتبعها هذا التمييز على صعيد إمكانيّة التخلّي عن هذه الأملاك، والأصول التي يجب إتّباعها إن كان ذلك. كما لا يُعيران أيّ انتباه إلى تخصيص أملاك الدولة العامّة لخدمة مرفق عامّ، والذي يتعارض مع إمكانية بيعها.

إضافة إلى ذلك، لا يلحظان صراحة حماية المناطق المحميّة، كالمحميّات والمناطق الأثريّة والغابات والموارد المائيّة والأنهار. في هذا الصدد، يقترح مشروع المشنوق فقط “الحرص دائما على تفاديها”. وهذا الأمر غير كاف ويحدّ من حماية هذه المناطق.

ويظهر عدم الاكتراث لموارد الدولة الطبيعيّة واضحاً بشكل خاص بالنسبة إلى الشاطئ. فقد ذهبت خطتا المصارف والمشنوق حدّ تكريس حقّ المعتدين على الأملاك العامة بتملّك أملاك الدولة الأميريّة والخاصّة والعامّة والمشاعات واستثمار الواجهة البحرية. فلا تلحظ أي منهما استرداد الأملاك العامّة المعتدى عليها، بل تدعو مرّة أخرى الذهاب إلى فرض “غرامات التسوية “ على المعتدين بحجة أنها تسهم بسداد العجز، كما فعل المجلس النيابي عام 2017 من خلال قانون تسوية المخالفات على أملاك الدولة البحريّة. وبالرغم من الشبهات الجدّية بعدم دستوريّة هذا القانون، لم يكتفِ المشرع بتشريع المخالفات، بل ذهب إلى تمديد مهل تسديد الغرامات أكثر من مرّة.

 

  • تفريط بمبدأ المساواة بين المواطنين وحقوق الأجيال الحاضرة والقادمة

تلعب أملاك الدولة سواء كانت عامة أو خاصة دورا أساسيا في تعزيز حسّ الإنتماء لدى المواطنين حيث أنها بتعريفها تعود إلى جميع المواطنين، وتشكّل ملتقى لهم جميعا وتخلق مساحات مشتركة، للالتقاء والنقاش أو حتى للاستفادة من خدمات معيّنة، مساحات ندرت أصلا في لبنان في إثر التعدّي المطّرد عليها منذ حرب 1975-1990. فمفهوم توفّر مساحات تلاقٍ وحوار لنقاش المصالح المشتركة هي الركيزة الذي بنى عليها الاقتصاديون نظريا نموذج الصندوق السيادي، الذي يمكن تعريفه على أنّه صندوق ذات أهداف معينة مملوك من الحكومة، تستخدم من خلاله المدخرات لاستثمار وتحصيل أصول عامّة[7]. بمعنى آخر، يسمح الصندوق السيادي باستثمار الثروات العامة لتحقيق عائدات مشتركة، وبإشراك الأجيال القادمة في الاستفادة من هذه الثروات. فالهدف هو تحديداً عدم إنفاق كل عائدات موارد الدولة خاصة غير المتجدّدة منها دفعة واحدة، من أجل ضمان حقوق الأجيال الحالية والمقبلة بهذه الموارد. بهذا المعنى، لا يعود ما هو “عام” و”ومشترك” مرتبطا فقط بالمواطنين الحاليين، بل يتخطاهم ليربط الأجيال الماضية بالمستقبلية. وسعيا لتحقيق هذا الهدف، تحدّد نسبة لا يمكن تخطّيها من عائدات الصندوق السيّادي يمكن الإنفاق منها سنويا (وتبلغ في النرويج مثلاً 3% من العائدات). كما تعتمد الحكومات في الإنفاق عادة قاعدة عدم اللجوء إلى عائدات الصندوق السيادي إلا استثنائياً، وأقل ما يمكن، حتى في حال الأزمات. وعند تحقيق الوفر، توضع الأموال في الصندوق لتحسين الاستثمارات والعائدات.

على العكس تماماً، يقوم مشروع الصندوق السيادي اللبناني المطروح بشكل واضح على تصفية حقوق الأجيال الحالية والمستقبلية في أملاك الدولة العامة، من خلال استبدال ديون المصارف تجاه المودعين أي ودائعهم (وهم مواطنون)، بالأملاك العامة العقارية وغير العقارية التي هي أصلا ملك لجميع المواطنين. من جهة أخرى، تكمن إحدى الإشكاليات الأساسية في أن الودائع التي ستحصل عليها الدولة في المقابل هي وهمية لناحية السيولة وهي مجرد حسابات دفترية غير متوفرة وسندات دين لن تحصّل.  ما يعني قيام الدولة باستبدال ثروتها العقارية المرتفعة القيمة وشركاتها المدرّة للأرباح بديون “فاسدة” وعائدات غير موجودة. وطبعاً من يخرج مستفيداً من العملية هي المصارف الخاصة التي تكون قد أنجزت تنقية حساباتها دون تحمّل ليرة واحدة من الخسائر. وهو ما يمكن اعتباره عملية احتيال مزدوجة وموصوفة.

من جهة أخرى، يمثل مشروع هذا الصندوق خرقا لمبدأ المساواة – تحديداً أمام الأعباء العامة – المكرس في الدستور، عبر التضحية بالأملاك العائدة لكل المواطنين، لاستيفاء جزء منهم فقط حقوقه (أي المودعون)، حيث أن نصف اللبنانيين فقط هم من أصحاب الحسابات المصرفية (وإذاً جزء أقل منهم هم أصحاب ودائع). وما يزيد قابلية انتقاد عملية الاستبدال هذه، هو التركّز الكبير في الثروة حيث يسيطر 8% من أصحاب الحسابات على أكثر من 85% من الودائع. بمعنى آخر، يقوم الصندوق السيادي اللبناني على مبدأ التضحية بحقوق الأضعف اجتماعياً الذين يخسرون حقوقهم في الثروة والأملاك العامة دون أي مقابل، خدمة لمصالح الأقوى اجتماعياً، فيعيد توزيع الثروة العقارية في لبنان لصالح أقل من 4% من المودعين على حساب كل الشعب اللبناني. ويتّضح الطابع غير المبرّر لعملية إعادة التوزيع هذه تحديداً إن أيقنّا أن جزءاً من الأملاك العامة المشتركة للبنانيين سيذهب لإطفاء خسائر مودعين غير لبنانيين[8].

 

ج-عدم مراعاة متطلبات المرحلة: عندما يتنكّر طابق التفليسة بزي صندوق…

تمّ تسويق كلا الخطتين على أنها حلّ يُعيد الحياة للدورة الإقتصادية والمالية. وقد اتّخذت عمليا مشاريع الصناديق السيادية زخما في العالم لإدارة الثروات الوطنيّة خلال العقود الماضية. أما المثلان اللذان يعتبران قدوة في هذا المجال بالنظر إلى حجم الأصول التي يديرانها فهما الصندوقان السياديان النروجي والإماراتي لإدارة عائدات النفط والغاز واللذان، بحسب توصيفهما، يشكلان ضمانة لإدارة مسؤولة وطويلة الأمد تصون حقوق الأجيال الحالية والمستقبلية في الثروات العامة. إلا أن الصندوق اللبناني المقترح يفتقد العديد من خصائص الصناديق السيادية: فالصناديق السيادية تنشأ غالبا لمنع الآثار السلبية للتدفق السريع للأموال في الاقتصاد وهو ما يعرف بالمرض الهولندي[9] وذلك للحفاظ على الثروة الحديثة واستغلالها بأفضل طريقة ممكنة ضمانا لحقوق الأجيال المقبلة. وتكون هذه الأموال عادة أموالا وعائدات فائضة لبلاد سليمة اقتصاديا نتيجة لاكتشاف موارد طبيعية كما حدث في هولندا والنرويج أو الإمارات. كما أن الأصول المملوكة من شركات الدولة ومن المصرف المركزي واحتياطي المصارف لا يمكن اعتبارها من أصول الصناديق[10]. في المقابل فإن مشروع الصندوق السيادي اللبناني لا يسعى لاستيعاب أموال أو عائدات فائضة – غير متوفرة أصلا بعد الانهيار وانكشاف حجم الخسائر – بل يسعى على العكس من ذلك إلى إطفاء ديون المصارف الضخمة دون تكبيدها أية خسارة، من خلال تصفية أملاك الدولة والثروة العامة ومعها حقوق الأجيال القادمة فيها، مقابل عائدات وهمية بحجّة أن الدولة هي في نهاية المطاف من بدّد أموال المودعين. فيظهر الصندوق السيادي الملبنن أشبه بطابق تفليسة يسعى لتصفية أملاك الدولة لتسديد ديونها للقطاع المصرفي، وتاليا لنسف أي امكانية لاستعادة السيادة مستقبلا كما حاضرا.

ويقتضي التشديد هنا على إحدى القواعد التي تقوم عليها الصناديق السيادية عادة وهي القاعدة التي تمنع كليّا أو تخفف كثيرا من استخدام عائدات وأصول الصندوق السيادي لسدّ ديون أو نفقات للدولة، بل تسخّر معظم موارده للقيام بمشاريع استثمارية. فأحد أسباب تأسيس الصناديق السيادية هو تجنّب استخدام أصول الدولة وأموالها غير المتجدّدة لسدّ ديونها، بل تخصيص جزء من هذه الأصول والأموال للاستثمارات.

 

د- شكوك حول الجدوى الاقتصادية للصندوق

تقتضي الإشارة بداية في ما خصّ المساحة العقارية موضوع البحث، أن لغطاً قد نشأ مردّه إلى الاختلاف في الأرقام. ففي حين ذكر الطرح الأول أن الصندوق السيادي يشمل 10% من أملاك الدولة (التي تشكّل 60% من مساحة لبنان) أي ما يوازي 600 مليون متر مربع، تطرّق في ما بعد (وهو ما جاء أيضاً في طرح جمعية المصارف) إلى مليار متر مربع أي ما ما يوازي 16% من أملاك الدولة أي 10% من مساحة لبنان (وليس من الأملاك العامة).

أما في ما خصّ الجدوى الاقتصادية، فيقتضي البحث هنا في ما يؤمنه الصندوق للدولة من أرباح مقابل ما تتخلى عنه، مع احتساب ما قد يؤمنه للدولة في المستقبل أو ما قد يحرم الدولة منه.

في ما خص العقارات يقوم هذا المشروع بتأمين ما بين 25 و 50 مليار دولار بحسب طرح الوزير المشنوق وما بين حوالي 7.1 و 14.38 مليار دولار بحسب دراسة كوستانيان. بالنسبة لقطاع مصرفي مفلس ودولة تعاني من صعوبات مالية فإن هامش الفروقات بالأرقام الموضوعة مرتفع جدا. وهنا تقتضي الإشارة إلى ردة فعل الفرنسيين التي تكتمت عنها جمعية المصارف، حيث نصح الفرنسيون بعدم بيع أصول الدولة من عقارات وشركات في الوقت الراهن نظراً إلى كونها في حدها الأدنى إثر الانهيار[11]، ما يذهب في اتجاه تأكيد عدم جدوى المشروع الاقتصادية[12].

كما تقتضي الإشارة إلى أن الأملاك العامة المشمولة في الصندوق في كلا الصيغتين (وإن بصيغة الاستثمار) تتضمّن الأملاك العامة البحرية.

وبالعودة إلى دراسة كوستانيان التي تتناول خصخصة أصول الدولة اللبنانية (وفي حالتنا ما يجري هو خصخصة عبر الصندوق السيادي) اعتبر أن الأصول “القابلة للخصخصة”  ما عدا العقارات هي شركة الشرق الأوسط للطيران بما يؤمن ما بين  600 و740 مليون دولار لمرّة واحدة فقط، كازينو لبنان بما يؤمّن ما بين 320 و420 مليون دولار لمرّة واحدة فقط، الريجيه التي ستؤمن  1.7 مليار دولار لمرة واحدة فقط،  قطاع الاتصالات  المقدر ما بين 2.2 و4.3 مليار دولار. بالإضافة إلى الامتيازات في ما خص المرافئ والمطارات وكهرباء لبنان ( تخفيض خسائر بين 1.5 و2 مليار دولار بالنسبة للكهرباء) ومياه لبنان.

ومن المفيد ذكر أن نشاطات شركة الشرق الاوسط للطيران والريجي وكازينو لبنان والموانئ والمطارات تدرّ أصلا أموالا للبنان و بيع الشركات سيؤدي إلى حرمان الدولة من مداخيل سنوية متجدّدة لصالح مدخول لمرّة واحدة فقط بما يحرم الأجيال القادمة من مواردها. أما كهرباء لبنان التي تصنف كمؤسسة عامة فاشلة فهي تشمل قطاعا حيويّا لا غنى عنه في حال تمّ إصلاح قطاع الكهرباء يمكن أن يؤمّن موارد للدولة وبالتالي لا يجب الاكتفاء بالنظر إلى وضع الكهرباء الحالي كعبء إنما يجب النظر إلى إمكاناته الكامنة وقدرته على تأمين موارد للدولة.

وأخيراً، نذكّر بأن هذه العائدات لن تعود للدولة بسيولة، بل فقط بشطب ديونها، وحتى لو حاولت الخطتان إيحاء عكس ذلك. ويتّضح انعدام الجدوى الاقتصادية تحديداً في طرح جمعية المصارف حيث أنه من الصعب للصندوق أن يستطيع تسديد دينه المؤمّن. فعادة، تجري تنقية القطاع المصرفي بعد تعثّره (كما شهدناه في دول عديدة) من خلال شطب نسبة من الودائع أي من ديون المصارف تجاه المودعين – أو ما يُعرف ب”الهيركات” – يطال عادةً نسبة من إيداعات كبار المودعين عملاً بقاعدة التوزيع العادل للخسائر. ويمكن لقصة الشعر هذه أن تأخذ أشكالاً متعدّدة بين Bail in أو Bail out. فعند تدخّل الدولة لتحمّل جزء من خسائر القطاع المصرفي (على غرار ما حصل في العديد من الدول بعد أزمة 2008)، يجرى ذلك مقابل حصولها على أسهم في المصارف التي تدخّلت لإنقاذها. فما هي جدوى تبديد أملاك الدولة وحقوق جميع اللبنانيين حاضراً ومستقبلاً فيها، لتحقيق نتيجة مشابهة، سوى إعفاء المصارف ومعهم كبار المودعين الذين كدسوا فوائد فاحشة مقارنة بالفوائد المعمول بها عالميا اليوم من أية خسارة؟

ه- ماذا عن الإدارة الرشيدة للصندوق وقواعد الشفافية؟

تسمح التجربة اللبنانية بالتشكيك الواسع بالقدرة على إرساء قواعد لإدارة رشيدة للصندوق وقواعد شفافية في ظل النظام اللبناني الحالي. فمن غير الواقعي توقّع تشكيل لجنة مستقلة لإدارة الصندوق السيادي في ظلّ سواد المحاصصة في اغيين أعضاء اللجان والهيئات المستقلة.

ومن المفيد ذكره أن الصندوق السيادي النروجي ينشر استثماراته وعائداته بالوقت الحيّ على موقعه الإلكتروني بالإضافة إلى نوع الاستثمارات التي يقوم بها، احتراماً لأعلى معايير الشفافية، ليتمكّن أي شخص من الإطّلاع عليها متى أراد. كما أن الرقابة الحكومية والبرلمانية على الصندوق وأداء اللجنة المكلّفة بإدارته صارمة جداً.

لم يقدّم أي من الطرحين أية تطمينات جديّة على هذا الصعيد، كاشتراط الالتزام بقواعد ومعايير الحوكمة الرشيدة والشفافية عند إنشاء الصندوق ووضع التشريعات الضرورية لتأمين ذلك، على الرغم من علم المسوّقين لهما أن ثقافة الفساد والسرّية هي السائدة في لبنان، وأن ثقة المجتمع بالسلطة عي في أسفل مستوياتها. بالعكس تماما تبدو فكرة الصناديق وسيلة للالتفاف على منع أو صعوبة بيع أملاك الدولة. كما تهدف إلى الحصول على امتيازات مجانية في مختلف القطاعات المنتجة مقابل ديون فاسدة والالتفاف حتى على طرق الخصخصة التقليدية لعدم تحمل كلفتها.

 

 

3- سقوط ورقة التين الأخيرة عن مشاريع الصناديق: الدولة ليست مديناً بل دائناً بالدولار للمصرف المركزي

أخيرا نستعيد السردية المتداولة عن مسؤولية الدولة وحدها عن الانهيار ونبين عدم صحّتها. فتبيّن دراسة للاقتصادي توفيق كسبار تحت عنوان “الإنهيار المالي في لبنان: دراسة تشريحية” الصادرة في تشرين الأوّل 2020[13] أن الخطاب السائد والمتكرّر على لسان جمعية المصارف بأن الانهيار المصرفي مردّه إلى لجوء المصارف ومصرف لبنان إلى تمويل الديون الحكومية وفشل الدولة في تسديد ديونها، هو خطاب غير صحيح ولا أساس له.

فقد جاء في الدراسة، “كانت الحكومة من خلال وزارة المالية هي التي تمول مصرف لبنان بالدولار بدلاً من العكس. وقد أصدرت سندات اليوروبوند بقيمة 17.5 مليار دولار على وجه التحديد لصالح مصرف لبنان خلال الفترة 2009 – 2019 في حين أن إقراض الحكومة بالدولار من مصرف لبنان خلال تلك الفترة (على الرغم من سداد القرض بالكامل بالليرة اللبنانية) اقتصر على 13 مليار دولار فقط، ما يعادل إقراضاً صافياً من قبل الحكومة يساوي 4.5 مليار دولار. وحتى مع الأخذ بعين الاعتبار التغير في ما يملكه مصرف لبنان من سندات اليوروبوند والبالغ 4 مليار دولار خلال تلك الفترة، فإن وزارة المالية – الحكومة تبقى دائناً صافياً لمصرف لبنان بالدولار”[14].

أبعد من ذلك، تبيّن الدراسة أن المسؤولية عن انهيار القطاع المصرفي اليوم، يتحمّلها المصرف المركزي والمصارف الخاصة. والمسبّب الرئيسي هي السياسة النقدية التي انتهجها المصرف المركزي و”هندساته المالية المجرمة” بحسب كسبار تحديداً منذ 2009 على الأقرب، إذ سدّد المصرف المركزي فوائد خيالية وغير منطقيّة بحسب المعايير المرجعية وأكثر بكثير مما كان عليه دفعه، كان المستفيد الرئيسي منها المصارف وكبار المودعين. وتظهر الدراسة أنه إذا كانت المصارف المصدر الرئيسي لأموال مصرف لبنان بالدولار (69.3 مليار دولار)، عاد أكثر من 62 مليار دولار أي حوالى 90% من الأموال التي أقرضتها المصارف لمصرف لبنان بالدولار على شكل إيرادات فوائد وأرباح[15]. وقد جاء في الدراسة أن “سياسات مصرف لبنان والمصارف التجارية أدّت إلى تعثّر القطاع المصرفي. وحدث هذا التعثّر بشكل مستقلّ عن مستويات الدين الحكومي وتمويله”[16].

يقتضي هنا التذكير بأن ودائع المصارف في مصرف لبنان ما عدا الاحتياطي الإلزامي كانت طوعية وليست إلزامية وهي خيار استثماري للمصارف لا يقتضي على المودع تحمل مسؤوليته إنما تتحمله مباشرة المصارف وإدارتها  والتي أبدت طمعاً بربح سريع على حساب مصلحة المودعين. كما تقتضي الإشارة إلى تغييب الدور الرقابي للجنة الرقابة على المصارف والهيئة المصرفية العليا ودور المحكمة المصرفية الخاصة التي تتّسم جميعها بتبعيتها جزئياً لجمعية المصارف ولحاكم مصرف لبنان.

كما تجدر الإشارة إلى التضارب الواسع في المصالح بين أعضاء مجالس إدارة المصارف والقائمين بخدمة عامة.أمام تبيان أسباب الانهيار المصرفي الحقيقية، تنهار ذريعة جمعية المصارف الأساسية في تسويقها ل”الصندوق السيادي” وهي فرضية أن الدولة هي المسؤولة حصريا عن الانهيار، بسبب تخلّفها عن سداد ديونها.

أخيرا، في إطار الحديث عن الصناديق  والخصخصة، تجدر الإشارة إلى نموذج مختلف تماما لمعالجة الأزمة المالية هو النموذج الأيسلندي والذي -وإن اختلفت الظروف الاقتصادية العامة بين أيسلندا ولبنان- خالف كل التوقعات حين قام بتأميم مصارف وأملاك لصالح الدولة بدل الخصخصة وحقّق نجاحا باهرا[17] في التعافي الاقتصادي في حين أن دولا أخرى قامت بخصخصة بعض مرافقها وقطاعاتها ففشلت بالتعافي. هذا النموذج إنما يبيّن أن عامل النجاح الأول هو إجراء إصلاحات جذرية وتحسين الحوكمة الرشيدة، كما إصلاح القضاء لتعزيز المحاسبة واستعادة ثقة المواطن.

 

 

 

 

 

[1] جريدة النهار، 18/7/2020: وقد تمّ تعيين أعضاء اللجنة وهم النائب ميشال ضاهر، والوزير السابق منصور بطيش، وعادل ساطل، ودان قزي، وجان رياشي، وأيمن حداد وجمال صغير.

[2] Mike Azar, “The ABL plan: a back door to privatize state assets”, www.finance 4lebanon.com.

[3] اشتعال معركة الودائع المكتومة، العربي الجديد، 18/4/2020

[4] خطة الحكومة الصادرة في 30/4/2020، ص4

[5]Privitazition of Lebanon’s public assets: No miracle solution, Albert Kostanian, issam Fares institute for Public Policy

[6] مادة 1 من القرار رقم 144 تاريخ 10/06/1925

[7]   “Sovereign wealth funds are government-owned special purpose investment funds or arrangements. SWFs are essentially a pool of savings that are increasingly used by central governments to hold sovereign assets. They are created and owned by governments for general macroeconomic purposes”, in Ibrahim Jamali and Eric Le Borgne, A Lebanon Sovereign Wealth Fund: Preliminary Recommendations, Institut de Finances, 2008.

[8] بحسب سمير حمود رئيس لجنة الرقابة على المصارف سابقا تقدّرودائع غير المقيمين جميعا من كل الجنسيات ب20.% من الودائع

[9] التدفق السريع للأموال الناتجة عن المواد النفطية المكتشفة في هولندا في الإقتصاد أدّت إلى انهيار في العملة مع حصول تضخم

[10] Assets held by central banks or state-owned enterprises are not considered part of SWF assets. Foreign reserves held by the central bank for traditional balance of payments or monetary policy purposes and government-employee pension funds are not considered as part of the SWF’s assets.

[11] “فرنسا غاضبة من رجال مصارف لبنان: إنهم مجرمون لا يعرفون شيئا”، منير يونس، 180post.com

[12] وممكن للأثمان التي تدفعها الدولة مقابل الإستملاكات أن تعطي مؤشراً على هذا الاتجاه في تبديد ممتلكات الدولة بأبخس الأثمان. فعلى سبيل المثال خططت الدولة لاستملاك أرض لبناء معمل سلعاتا الكهربائي بقيمة 200 مليون دولار، لا تتجاوز مساحتها 207000 متراً مربعاً أي 1/5000 من المساحة المعروضة اليوم ثم عادت ثم دفعت ثمنها 30 مليون دولار إثر فضيحة مدوية. أنظر ” استملاكات سلعاتا: من 200 مليون إلى 30 مليون دولار”، محمد وهبة، 6/4/2020، جريدة الأخبار

[13] توفيق كسبار، “الإنهيار المصرفي في لبنان: دراسة تشريحيّة”، منشورات بيت المستقبل 2020.

[14]   توفيق كسبار، “الإنهيار المصرفي في لبنان: دراسة تشريحيّة”، منشورات بيت المستقبل 2020، ص15

توفيق كسبار، “الإنهيار المصرفي في لبنان: دراسة تشريحيّة”، منشورات بيت المستقبل 2020، ص 16

[16]  ، ص3 توفيق كسبار، “الإنهيار المصرفي في لبنان: دراسة تشريحيّة”، منشورات بيت المستقبل 2020.

[17] The miraculous story of Recovery of Iceland, Matt O’Brien, The Washington Post, 17/6/2015

انشر المقال

متوفر من خلال:

مصارف ، أملاك عامة ، لبنان ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني