“شهرزاد “.. تروي أوجاع النساء في السجون اللبنانية


2014-11-18    |   

“شهرزاد “.. تروي أوجاع النساء في السجون اللبنانية

وراء أسوار سجن النساء في بعبدا، قصص وروايات عن مآسي عاشتها مجموعة من النساء أسبغ عليهم المجتمع صفة "الإجرام" دون أن يبحث في الأسباب والدوافع. فالمبررات "لا تقدم ولا تؤخر" بنظر الناس حينما تكون النتيجة واحدة وهي ان ترمى الواحدة منهن خلف القضبان وتطوى في صفحات النسيان.

أطلقت المخرجة زينة دكاش فيلما وثائقيا جديد لها تحت عنوان "يوميات شهرزاد" وذلك بتمويل من مؤسسة دروسوس السويسرية بالتعاون مع وزارة الداخلية والبلديات ووزارة العدل ومن انتاج مركز "كثارسيس" اول مركز للعلاج بالدراما في لبنان والمنطقة العربية.  وقد تم تصوير هذا الفيلم داخل سجن بعبدا وهو من بطولة، السجينات، بعد انتهاء مشروع العلاج بالدراما والمسرحية "شهرزاد ببعبدا" الذي أقامته المخرجة طوال عشرة أشهر عام 2012.

 في هذا الفيلم الذي حصد 7 جوائز عالمية، تحاول "شهرزاد بعبدا" ان تطلق صرخة وجع عاشته وتعايشت معه منذ نعومة اظافرها، وربما منذ ما قبل ان تعرف أنها انثى أو ان تتعرف على جسدها وتكتشفه بأدق تفاصيله، في ظل مجتمع تحكمه العقلية الذكورية الى ان أوصلتها الظروف الى احدى غرف سجن بعبدا الذي أنساها نفسها وربما انها مازالت على قيد الحياة.

"هيهات يا بو الزلفعيني يا موليامحلا الوما بالوما ومحلاكي يا حرية"، يبدأ الفيلم بإمراة تغني من خلف القضبان مناجية الحرية التي حرمت منها. ثم تصحبنا كاميرا المصور لنتابع الخطوات التي واكبت الإعداد للمسرحية التي عرضت داخل السجن وفي مسيرة الكاميراخلف كواليس المسرحية، تقلبات في الضوء وتفاصيل دقيقة جداً تتأرجح فيها الإنارة بين العتمة والنور بين الشعور بالخوف والبحث عن الامان، بين الأمل والخيبة. وفي جولتها، تحط الكاميرا رحالها عند حوارات مشتركة وفردية مع سجينات لم ينكرن جريمة ارتكبنها، ولكن ما عشنه قبل ان تسوقهن دروب الحياة الى باب السجن. فقد كن ضحايا جرائم متنوعة ومتكررة المرة تلو الأخرى حتى بلغت بهم حالة الهستيريا والجنون من كل ما يجري حولهم الى طريق الجريمة.

ففي طور رحلتهم الفنية تفرج هؤلاء "القاتلات، الزانيات، التاجرات، ومتعاطيات المخدرات" عن حكايات عنف أسري، طفولة بائسة، علاقات زوجية فاشلة، حرمان عاطفي، أمومة مقهورة لتتحول قصصهن الى رواية على وقع خطوات الفلامينكو التي رقصتها السجينات. فكانت كل خطوة تضرب بها أقدامهن الأرض تعبر عن غضب ورغبة بالثورة على الضعف والخنوع الذي فرضته حياة قاسية والنظر الى حياة أخرى ربما لا تحمل صورة جميلة أو مستقبل مشرق ولكنها نظرة بعيدة عن الضعف والخنوع.

وعن الفيلم تتحدث زينة دكاش للمفكرة القانونية، مشيرة الى الاهداف التي دفعتها الى العمل مع السجينات فيما تقوم بالمقارنة بين العمل داخل سجن النساء في بعبدا وسجن الرجال في رومية حيث عرضت مسرحية "12 لبناني غاضب" في العام 2012، وتقول:" نحن في بلد، تتزوج فيه المرأة بعمر مبكر ثم تتعرض للعنف وعندما تحاول اللجوء الى القانون يردها اما التفكير في الطلاق فهو بمثابة عار للاهل وأحيانا لا تجد امامها حلا آخر للخلاص.  نحن في هذا الفيلم لا نحاول التبرير للمرأة عندما ترتكب جريمة الا انه يجب ان ندرك مسببات هذه الجريمة، والتي لا نراها عينها  في سجن رومية مع الرجال".

تابعت:" ان فيلم "يوميات شهرزاد" ليس موجها للنساء وحسب بل لمختلف الشرائح الاجتماعية من اجل ان يكون هناك وعي اكبر وألاّ يكون هناك حكم مسبق، فلا واحدة من السجينات انكرت جريمتها او قالت انها مظلومة وانما قالت انا قمت بالجريمة ولكن ارجوك ان تسألني لماذا قمت بها؟".   

أضافت: انا أحمل رسالة وهي إيصال أصوات هؤلاء الأشخاص،وبالنسبة لسجن رومية  ما زال المساجين يتلقون دروسا للعلاج بالدراما على الرغم من انتهاء تصوير الفيلم واليوم باتوا يقومون بمنتوجات يدوية نبيعها لهم في الخارج ويعود مردودها لهم، فأنا لن ادع قضية السجون وما قمنا به هو شيء ضئيل أمام ما نصبو إليه. ففيلم 12 لبناني غاضب الذي صور مع مساجين رومية لم يسهم بالإضاءة على اوضاع السجون وحسب وانما ادى الى تفعيل تطبيق قانون تنفيذ العقوبات 2002/463  الذي كان موجوداً بالادراج منذ العام 2002 ولكنه لايطبق، فبعد عرضه في الفيلم تشكلت لجنة وبدأ تطبيقه منذ 2009".

اذا فيلم "يوميات شهرزاد" يفتح كوة داخل غرف السجن ليدخل النور الى ظلماء جدران كانت الشاهد على العديد من الروايات والمآسي التي عاشتها "سجينات، مجرمات بحق أنفسهم قبل المجتمع"  فأضاء على واقع مجتمع هشٍ وبالٍ، القوي فيه ينهش الضعيف، فكيف اذا كان هذا الضعيف إمراة في ظل واقع يحملها ومنذ الولادة الذنب بأنها أنثى؟

يبدأ عرض الفيلم الوثائقي "يوميات شهرزاد بعبدا"  في العشرين من تشرين الثاني 2014، وفيه ستعبّر "الشهرزادات" عن كل ما في داخلهن، وعن أحلام يتمنينها ربما تختصرها صرخة سجينة في نهاية الفيلم" أنا حلمي ان اكون إمراة قبل كل شيء فكلنا لديه دور في هذه الحياة يجب ان يقوم به وان يلعبه".

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان ، مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني