شهادة متظاهرة من ساحة رياض الصلح: حين انهالت علينا القنابل المسيلة للدموع


2019-10-19    |   

شهادة متظاهرة من ساحة رياض الصلح: حين انهالت علينا القنابل المسيلة للدموع

لمواكبة الاحتجاجات، تنشر المفكرة شهادة متظاهرة شاركت في تظاهرة أمس وهي تفتح صفحاتها لأي شهادات خطية أو شفهية أو مصورة،  تردها من متظاهرين في بيروت أو في طرابلس أو النبطية أو صور أو صيدا أو بعلبك أو أي من المدن والمناطق الأخرى. معا دفاعا عن المجتمع (المحرر).  

ليل الثامن عشر من تشرين الأول 2019، كانت الهتافات تصدح من حناجر المتظاهرين في ساحة رياض الصلح. كنت في الصفوف الأمامية. كانت تقف بجانبي إمرأة خمسينية تصرخ معنا وخلفها كان شاب يحمل الدربكة ويقرع عليها، والكل يهتف على لحنه. الأجواء كانت سلمية، مبهجة، والهتافات كانت متنوعة أبرزها “يسقط يسقط حكم الأزعر” “هري هري هري عهدك شي بيخري” “28 و100 كلن قرطة حرامية”، وقد نال جبران باسيل الحصة الكبرى من الشتائم التي كانت تنهال على السياسيين. كنا نصفق ونهتف. لم يكن هناك شغب ما عدا رمي بعض “القناني البلاستيك” و”الفرقيع” على عناصر قوى الأمن في الجهة المقابلة. في بعض اللحظات، كان الصف الأمامي للقوى الأمنية يتقدم كلما ساءه تصرف أحد المتظاهرين، فنتراجع كلنا إلى الخلف.

فجأة بدأت القوى الأمنية برمي القنابل المسيلة للدموع بكم كبير علينا وبدأ الجميع بالركض إلى الخلف وكان الهلع يسيطر على الجميع. كانت القنابل تنهال بكم كبير لدرجة أنها بقيت تسقط حتى بعدما ركضنا بعيداً عن السياج الفاصل بيننا وبينهم. رأيت أشخاصاً يسقطون على الأرض وآخرين يغمى عليهم. كانت أختي تمسك بيدي، والناس تدفعنا إلى الأمام. شعرت أن الموت محتم في تلك اللحظات، إن لم يغمى عليّ من القنابل، سأسقط حتماً من قوة الدفع تحت أقدام المتظاهرين. استمرينا بالركض حتى استطعنا الوصول إلى مفرق صغير، ركضنا من هناك وتوقفنا بجانب مبنى، وأتى شباب يوزعون البصل وأعطونا شريحة كي نتنشقها على أمل أن تخفف بعضا من آثار القنابل الغازية، وشباب آخرون كانوا يوزعون المياه ويضعونها على وجه من أغمى عليهم.

المشهد كان هستيرياً. رائحة القنابل بقيت تعبق بالساحات المحيطة برياض الصلح لفترة طويلة. وكان تأثيرها قوياً على أعيننا ووجوهنا. لم تكن فقط مسيلة للدموع، بل كانت مؤذية تثير حساسية في الجسم كله.

فررنا من ثم إلى الساحة المقابلة لجامع الأمين. وقفنا هناك قليلا ورأينا ملالات الجيش تتجمع. فقررنا العودة إلى المنزل. وبعدها بقليل سمعنا أنهم بدأوا باعتقال المتظاهرين، ورمي الرصاص المطاطي عليهم.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني