شكوى جنائية ضدّ جندي إسرائيلي أثناء تواجده في المغرب


2024-09-14    |   

شكوى جنائية ضدّ جندي إسرائيلي أثناء تواجده في المغرب

وضع عدد من المحامين المغاربة شكاية أمام الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط في مواجهة جندي إسرائيلي نشر صوره أثناء تواجده في عطلة في مراكش.

وأثارت صور الجندي التي نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجات شعبية قويّة ومطالب بتسليمه للعدالة باعتباره أحد المتورطين في المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضدّ الشعب الفلسطيني في غزة.

جندي إسرائيلي في عطلة سياحية بمراكش

تعود فصول القضية إلى أواخر شهر يوليوز من العام الجاري حينما نشر جندي إسرائيلي  يدعى موشيه أبيحزر صورا له عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهو يقضي عطلته الصيفية الى جانب عدد من أصدقائه بمدينة مراكش جنوب المغرب.

وكان المعني بالأمر محطّ الجدل، قد نشر على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي انستغرام، صوراً له ضمن فرقة عسكرية إسرائيلية في غزة وهو بالزي العسكري حاملا سلاحه، منتشيا  وهو يصوّر مشاهد الدمار الذي لحق بها من جراء القصف الإسرائيلي.

فور تداول الصور على نطاق واسع شهدت مدينة مراكش تنظيم احتجاجات شعبية أمام صومعة الكتبية-أحد أبرز المواقع السياحية بمراكش-للمطالبة بالقبض على الجندي الإسرائيلي باعتباره “مجرم حرب” وتقديمه للمحاكمة.

ورفع المتظاهرون في الوقفة التي دعت إليها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، الكوفيات والأعلام الفلسطينية مع هتافات منددة بالسماح للجندي الإسرائيلي المثير للجدل ورفاقه بالدخول إلى مدينتهم السياحية لقضاء عطلته.

شكاية جنائية أمام محكمة الرباط

بتاريخ 01 غشت 2024 أقدم عدد من المحامين بهيئة مراكش على تسجيل شكاية جنائية ضد الجندي الإسرائيلي أمام النيابة العامة بالرباط، وجاء في نص الشكاية -التي حصلت المفكرة القانونية على نسخة منها-أن العارضين “بوصفهم مواطنين مغاربة لحقهم ضرر جسيم من جراء الجرائم المرتكبة من طرف الجندي م. أ، وبوصفهم أيضا محامين مغاربة من واجبهم حماية الحقوق والدفاع عن المظلومين وملاحقة المجرمين ومحاربة الإرهاب، انطلاقا من المبادئ الكونية لحقوق الانسان ومن رسالة الدفاع المتمثلة في الدفاع الحقوق وصيانتها من الانتهاكات.

ونظرا للفظاعات المرتكبة من طرف الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني بواسطة مرتزقة من مختلف الجنسيات ومن بينهم من يحمل الجنسية المغربية، ونظرا لكون الجرائم المرتكبة من طرف هذا الكيان ترقى لمستوى جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وتعذيب.

ونظرا لكون أحد المشاركين في هذه الجرائم هو الجندي م.أ الذي شارك في الحرب على غزة لمدة ثلاثة أشهر ارتكب خلالها العديد من المجازر والجرائم ضد الإنسانية من إبادة جماعية وتطهير كان يتباهى بها في فيديوهات موثقة تؤكد عمليات القتل والحرق والتعذيب ضد الفلسطينيين، وهي جميعها أفعال إرهابية مجرمة في القانون الدولي والوطني”.

لذلك يلتمس الموقعون على الشكاية من النيابة العامة القاء القبض على الجندي المذكور وتقديمه في حالة اعتقال للمحكمة المختصة للمحاكمة.

مستندات وحجج الشكاية الجنائية

استندت الشكاية على عدة مقتضيات قانونية أبرزها:

  • المادة 1-711 من قانون المسطرة الجنائية المغربية  التي تنص على أنه: “بالرغم من أي مقتضى قانوني مخالف، يتابع ويحاكم أمام المحاكم المغربية المختصة كل مغربي أو أجنبي ارتكب خارج المملكة بصفته فاعلا أصليا أو مساهما أو مشاركا، جريمة إرهابية سواء كانت تستهدف أو لا تستهدف الإضرار بالمملكة المغربية أو بمصالحها.

غير أنه إذا كانت الأفعال الإرهابية لا تستهدف الإضرار بالمملكة المغربية أو بمصالحها وارتكبت خارج المملكة من قبل أجنبي بصفته فاعلا أصليا أو مساهما أو مشاركا، فإنه لا يمكن متابعته أو محاكمته إلا إذا وجد فوق التراب الوطني”.

  • الفصل 1-218 من قانون الإرهاب الذي يعرف جرائم الإرهاب ومن صورها “الاعتداء عمدا على حياة الأشخاص أو على سلامتهم أو على حرياتهم أو اختطافهم أو احتجازهم”.
  • الفصل 1-1-218 الذي يعتبر من ضمن الجرائم الإرهابية “الالتحاق أو محاولة الالتحاق بشكل فردي أو جماعي في إطار منظم أو غير منظم بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية أيا كان شكلها أو هدفها أو مكان وجودها ولو كانت الأفعال الإرهابية لا تستهدف الاضرار بالدولة المغربية أو بمصالحها”.

كما تم إرفاق الشكاية ب 9 صور من حساب المشتكى به مع ترجمة تعليقاته عليها، وتقرير صادر عن المرصد المغربي لمناهضة التطبيع حول زيارة المعني بالأمر إلى مراكش وردود الأفعال الشعبية التي خلفتها الزيارة.

في نفس السياق، تمّ تداول نسخة من الشكاية على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي قصد دعمها بتوقيعات المحامين من باقي الهيئات وتسجيل مؤازرتهم الواسعة لها، وذلك موازاة استمرار وقفات المحامين المنظمة بالمحاكم المغربية وتواصل الاحتجاجات والمسيرات الشعبية  التي تعرفها المدن المغربية كافة تضامنا مع الشعب الفلسطيني في حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها.

تعليق على مبادرة الشكاية الجنائية

تأتي مبادرة تقديم شكاية جنائية ضد جندي إسرائيلي أثناء قضاء عطلته بالمغرب ضمن سلسلة مبادرات شعبية وحقوقية يقوم بها مناهضو التطبيع بالمغرب إما كأفراد أو كمنظمات من بينها رفع دعوى قضائية ضد قرار استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، و تقديم عريضة الى الحكومة المغربية لوقف التطبيع بين البلدين، و تنظيم مسيرات مليونية في عدد من المدن المغربية، ورفع شعارات بالمقاطعة.

كشفت المحامية نجية الهداجي أن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمراكش رفض تسلم الشكاية ضد الجندي الإسرائيلي باعتبارها لا تدخل ضمن اختصاصات المحكمة، مما جعل فريق الدفاع يقرر اللجوء إلى محكمة الاستئناف بالرباط التي وافقت على تسجيل الشكاية، حيث ينعقد الاختصاص بحسب عناصر القضية ومرفقاتها للنيابة العامة لمحكمة الاستئناف بالرباط باعتبارها المحكمة ذات الولاية الحصرية في البحت والمتابعة والتحقيق والمحاكمة في كافة القضايا المتعلقة بالإرهاب، طبقا لقانون 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب، وهو ما يوضح سبب تقديم الشكاية أمام هذه المحكمة عوض محكمة الاستئناف بمراكش.

استحضرت عريضة الشكاية الدور الاجتماعي لرسالة الدفاع بكونها حامية للحقوق وللحريات وآلية للدفاع  عن المظلومين وملاحقة المجرمين ومحاربة الإرهاب، في تكريس لدور المحامين كمناصرين للقضايا الاجتماعية.

كان لافتا لجوء المحامين إلى الاستعانة بمقتضيات قانون المسطرة الجنائية الذي يتيح ملاحقة المجرمين الذين ارتكبوا أفعالا جرمية خارج المغرب سواء كانوا يحملون الجنسية المغربية أو كانوا من الأجانب متى تعلّق الأمر بجريمة إرهابية، متى وجدوا فوق التراب الوطني، كما كان لافتا استعانة الدفاع بالتعديلات التي أدخلت على قانون الإرهاب والتي بموجبها تمّ تجريم الالتحاق ببؤر التوتر واعتبار إسرائيل مشمولة بهذه المقتضيات باعتبارها كيانا إرهابيا.

كان واضحا سبب عدم إثارة الشكاية لأفعال “الإبادة الجماعية” و”جرائم الحرب” و”الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية”، باعتبارها غير واردة في القانون الجنائي المغربي الذي لا يجرمها ولا يعاقب عليها -رغم تنصيص الدستور المغربي على تجريمها- وذلك بسبب تعثر مشروع مراجعة القانون الجنائي والذي كان يشمل تجريم هذه الأفعال، فضلا عن عدم مصادقة المغرب على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

للاطلاع على نسخة من الشكاية التي تقدم بها عدد من المحامين أمام الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط

مواضيع ذات صلة

محاكم تفتيش ضد مُناهضي التطبيع في المغرب

انتقاد التطبيع مع إسرائيل “إساءة للملكية”: 5 سنوات سجن لشاب انتقد التطبيع مع إسرائيل في المغرب

دعوى قضائية ضد قرار استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في المغرب

عودة الجدل بالمغرب حول قانون “تجريم التطبيع

تقديم عريضة إلى الحكومة في المغرب لوقف التطبيع مع إسرائيل: قانون العرائض في الواجهة

استمرار المطالب الشعبية بإلغاء التطبيع في المغرب: النقض تردّ الطعن بقرار التطبيع بحجّة أنه “سيادي

مسيرات في المغرب ضد العدوان الإسرائيلي على غزة: دعوات لتفعيل سلاح المقاطعة ووقف اتفاقية التطبيع

محكمة العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني

القضية الفلسطينية أمام محكمة العدل الدولية: عقود من الاحتلال الإسرائيلي تحت المجهر

تفاقم الجرائم الإسرائيلية بحق الأسرى منذ 7 تشرين الأول: الاحتلال اعتقل 15% من الفلسطينيين منذ 1967

محكمة الاحتلال العليا: القاضي “الفلسطيني” والقانون في خدمة الاستعمار

بينما تقتل إسرائيل الفلسطينيّين، تواصل أنظمة شمال أفريقيا التّنكيل بخصومها

فتوى الجدار الفاصل (2004): حين نطقتْ محكمة دوليّة للمرّة الأولى بالقانون حول فلسطين

فلسطينيون أمام القضاء الأميركي: خطر الإبادة تحت سقف السياسة؟

نيكاراغوا تقاضي ألمانيا لدعمها حرب الإبادة ضدّ الفلسطينيّين

فلسطينيون يُقاضون إدارة بايدن: المحاكم الأميركية شاهدة على الإبادة أيضاً

انتصارٌ قضائيٌّ في ألمانيا لحركة التضامن مع فلسطين

“الجنوب العالمي” ينتصر لفلسطينحظر مقاطعة إسرائيل أو التضامن مع فلسطين

انشر المقال



متوفر من خلال:

المغرب ، المهن القانونية ، قرارات قضائية ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني