عندما يُسأل، للشعب اللبناني رأيه في شؤون البلد وشجونه، في الحراك وفي السلطة وفي ما بينهما… في هذا المقال، نطّلع على صورتين لهذا الشعب المستطلع في لحظتين محددتين: الأولى، لحظة نشوة شعبية بالوكالة، عشية مظاهرة 29 آب وفي الأيام القليلة التالية. الثانية، في بداية تشرين، بعد حقبة أكثر تعقيداً للجميع، بعد إستعراض شهيّب وإرباك الحراك. وبالرغم من صغر العينة في الاستطلاعين (500 مواطنة ومواطن)، فإن الصورة التي يعكسانها تبقى معبّرة لسببين اثنين: أولاً، وبالتأكيد لاحترافيّة شركة "آراء"، وثانياً لأن الشعب المستطلع أجاب – يا للعجب! – كشعب موحّد. وهذا التوحّد المستغرب يخفّف من إشكالية صغر العيّنة كما سنحاول إثباته. أخيراً ليس آخراً، عندما يتكلم الشعب (ولو المستطلع)، ولو بصورتين ولحظتين، علينا أن ننصت جميعاً – أليس كذلك في الديموقراطية؟ – سلطة وحراكاً… ونتعلم. ومن البديهي القول الآن أن الأفكار والآراء الواردة في هذا النص لا تعبر بالضرورة لا عن رأي "المفكرة القانونية" التي تنشره مشكورة ولا عن رأي مؤسسة "آراء" التي سمحت لي بالإطلاع على تقاطعات غير منشورة للإستطلاعين، وأنا لها ممتنّ.
أولاً – عرض نتائج الإستطلاعين
أ- الإستطلاع الأول (27 آب – 1 أيلول)
1- من المسؤول عن أزمة النفايات؟ الطبقة الحاكمة 47 الحكومة 29 الشعب 8 وزير البيئة 7 لا أعرف 6 النواب 3 سوكلين 2،
2- تأييد التحركات؟ أؤيد 87 لا أؤيد 12 لا جواب / لا أعرف 1،
3- هل تؤيد إستقالة الحكومة وإجراء إنتخابات؟ أؤيد جداً 39 لا أؤيد أبداً 26 أؤيد بعض الشيء 18 لا أؤيد بعض الشيء 10 لا أعرف/ لا جواب 6،
4- في حال لم تحل أزمة النفايات، إعتصام دائم في ساحة الشهداء؟ نعم 70 لا 27 لا أعرف/ لا جواب 3،
5- في حال لم تحل أزمة النفايات، عصيان مدني؟ لا 56 نعم 36 لا جواب/ لا أعرف 8،
6- هل تؤيد حكومة تكنوقراط ؟ نعم 72 لا 15 لا أعرف 12 لا جواب 1،
7- هل تؤيد قانون إنتخاب؟ نسبي 51 أكثري 20 لا أعرف الفرق 16 لا أعرف/ لا جواب 6،
8- الأولوية؟ إنتخاب رئيس الجمهورية 72 هناك أشياء أخرى قبل إنتخاب الرئيس 26 لا أعرف 2،
9- إستقلالية الحراك؟ مستقل 64 واجهة لأحزاب سياسية 20 لا أعرف 14 لا جواب 2،
10- مثيرو الشغب؟ مندسون 57 شباب غاضبون 31 لا أعرف 11 لا جواب 2،
11- القرارات في مجلس الوزراء؟ بمشاركة الكل 74 بمن حضر 20 لا جواب / لا أعرف 6،
12- طاولة الحوار؟ أؤيد 73 لا أؤيد 23 لا أعرف 3 لا جواب1،
13- أداء الحكومة في النفايات؟ سيء جداً 65 سيء إلى حد ما 21 جيد إلى حد ما 9 لا أعرف/ لا جواب 5 ممتاز 0،
14- أداء مجلس النواب؟ سيء جداً 67 سيء إلى حد ما 20 جيد إلى حد ما 6 لا أعرف/ لا جواب 6 ممتاز 1،
15- أداء القوى الأمنية ؟ جيد إلى حد ما 44 سيء إلى حد ما 19 سيء جداً 17 ممتاز 10 لا أعرف/ لا جواب 9،
16- أداء منظمي التحركات؟ جيد إلى حد ما 57 ممتاز 17 سيء إلى حد ما 12 لا أعرف/ لا جواب 8 سيء جداً 6،
17- محاسبة وزير البيئة محمد المشنوق ؟ نعم 60 لا 30 لا أعرف/ لا جواب 10،
18- محاسبة وزير الداخلية نهاد المشنوق ؟ نعم 57 لا 31 لا أعرف/ لا جواب 12،
19- محاسبة القوى الأمنية؟ لا 61 نعم 33 لا أعرف/ لا جواب 6.
ب – الإستطلاع الثاني (28 أيلول – 2 تشرين الأول)
1- خطة شهيب؟ أرفض 41 أؤيد 34 لا أعرف 19 أؤيد مع تعديلات 3 لا جواب 3،
2- التفاوض على خطة شهيب؟ مع الحراك كحراك 54 مع المنظمات البيئية كاف 27 لا أعرف 14 لا جواب 3،
3- تأييد الحراك ؟ نعم 79 لا 18 لا أعرف/ لا جواب 4،
4- المشاركة في نشاط من نشاطات الحراك ؟ لا 84 نعم 16
4 مكرر للذين أجابوا لا، فصّل؟ لن يؤد إلى نتيجة 32 الخوف من الفوضى والخراب 23 لا أثق /لست مقتنعاً 18، بسبب الشغب 14، بسبب التسييس 11، أسباب أخرى 9،
5- المشاركة في المستقبل؟ بالتأكيد لا 32 على الأرجح نعم 30 بالتأكيد نعم 29 على الأرجح لا 8 لا أعرف/ لا جواب 1،
5 مكرر للذين أجابوا لا، فصّل؟ أسباب صحية /عائلية 28 لن يؤد إلى نتيجة 11 لا وقت لدي / أعمل 10 خوفاً من العنف 9 لا أثق/ لست مقتنعاَ 8 لا أحب / لا يعنيني 8 المسافة / التحركات بيروتية 3 أسباب أخرى 1،
6- إستقلالية الحراك؟ بدوافع ذاتية 61 بتخطيط خارجي 22 لا أعرف 13 لا جواب 4،
7- بعد حل أزمة الزبالة، يجب أن / يستمر الحراك للمحاسبة 88 يتوقف الحراك 9 لا أعرف/ لا جواب 3،
8- هل تؤيد طاولة الحوار؟ نعم 56 لا 36 لا أعرف 6 لا جواب 2،
9- هل تنتظر نتيجة من طاولة الحوار؟ حتماً لا 39 على الأرجح نعم 29 على الأرجح لا 14 لا أعرف 7 حتماً نعم 6 لا جواب 5،
10- 10 هل أنت عضو أو قريب من تيار سياسي؟ لا أحد 73 حزب الله 6 أجوبة أخرى (لم تصل إلى 1%) 6 لا أعرف/ لا جواب 6 التيار الوطني الحر 5 تيار المستقبل 2 حركة أمل 2 ،
11- هل كنت مؤيداً لتيار أو زعيم وغيرت رأيك مؤخراً؟ لا 86 نعم 14،
12-
إختر أولويتين من اللائحة التالية؟ إنتخاب رئيس الجمهورية 62 تحرير أسرى الجيش والقوى الأمنية 40 أزمة النفايات 27 محاربة الفساد 22 إنتخابات نيابية بقانون جديد 19 الكهرباء 18 الرواتب 5.
ثانياً – أربع مقارنات بين أسئلة (شبه) مشتركة في الإستطلاعين
المقارنة الأولى (أ2 وب3) حول تأييد الحراك (أو التحركات): بداية أيلول 87 مقابل 11 … بداية تشرين 79 مقابل 18 … يتراجع الحراك إلى حدّ ما ولكنه يصمد دون شك…
المقارنة الثانية (أ12 وب 8) حول تأييد طاولة الحوار: بداية أيلول 73 مقابل 23… بداية تشرين 56 مقابل 36… يتراجع التأييد للحوار بوضوح، ويلاحظ أن مؤيدي الحراك يؤيدون طاولة الحوار بنسبة الثلثين في الإستطلاع الأول وبنسبة 40% في الإستطلاع الثاني… ما يفرض على الحراك موقفاً ما تجاه هذا الجمهور.
المقارنة الثالثة (أ9 وب6 ) حول إستقلالية الحراك: بداية أيلول 64 مقابل 20 و14 لا أعرف… بداية تشرين 61 مقابل 22 و13 لا أعرف… النسبة متشابهة مع تراجع طفيف… السؤال يختلف قليلاً بين الإستطلاعين (مستقل/ دوافع ذاتية مقابل واجهة للأحزاب/تخطيط خارجي). على الحراك أن يحسب الحساب لنسبة الذين لا يعرفون.
المقارنة الرابعة (أ8 وب12) حول أولوية الناس: في الإستطلاع الأول، السؤال يدور مباشرة حول إنتخاب الرئيس (لا لبس في الجواب 72 مقابل 26). في الإستطلاع الثاني، المواطن يختار جوابين في لائحة من 7 إحتمالات (إنتخاب الرئيس في المركز الأول 62 بعيداً أمام الإحتمال الثاني 40 والإحتمالات الأخرى) …
ثالثاً – تعليق سريع حول الأجوبة
ملاحظة عامة: التماسك داخل كل من الإستطلاعين مقنع. نتائج الإستطلاع الأول ملفتة لأنه من المستحيل من خلال قراءة النتائج معرفة طائفة المستطلعين. خلال فترة 27 آب – 2 أيلول، تحول الشعب اللبناني إلى شعب واحد، بطوائفه ومناطقه وجنسَيه ومداخيله وشرائح أعماره… إنها صورة نادرة لهذا الشعب في أحلى تجلياتها. الأجوبة هنا لا تعطل بعضها البعض كما يحصل عادة عندما تخندق الهويات الطائفية/السياسية أجوبة المستطلعين. النتائج الوطنية لم تعد هنا حصيلة أو مجرد توزين بين أجزاء كما يحصل عادة. إنها في هذه الحالة تأكيد واضح ومسموع عما يريده الرأي العام – بلى، الرأي العام – أي أكثرية من كل الطوائف وأكثرية داخل كل طائفة… الميزة (وجود رأي عام أكثري) مستمرة في الإستطلاع الثاني (إلا في سؤال واحد ب1 ذكرته في متن النص). ولكن التمايزات آخذة في التعمق والتبلور… بعد النتيجة الوطنية، سمحت لنفسي (بعيداً عن "الطهرانية الشعبوية") باللجوء لتعليق يلجأ للمعطيات الطائفية والمناطقية والعمرية والجندرية والإقتصادية، عندما رأيت في هذه "الخلطة" فائدة في تشريح النتيجة…
الإستطلاع الأول
أ1 – مسؤولية أزمة النفايات تقع على الطبقة السياسية (مفهوم جديد ومفيد!) لحوالي نصف اللبنانيين وعلى الحكومة والوزير لأكثر من ثلثهم…
أ2 – تأييد الحراك كاسح عارم مخيف بنسب تتراوح بين 80 و90% عند الجميع. ينزل فقط إلى ال60 وال70% عند أصحاب الشركات الكبيرة والأميين والعسكريين ومدراء القطاع العام…
أ3 – إن لم تحسب الذين يؤيدون إستقالة الحكومة "إلى حد ما" (؟)، أكثرية اللبنانيين لا تريد إستقالة الحكومة (إلا عند الشيعة) والإناث تريدها أكثر من الذكور، والبقاع والجنوب أكثر من بيروت… ولكن جمع إستقالة الحكومة والإنتخابات في نفس السؤال يحول دون قراءة الأجوبة الحقيقية…
أ4 وأ5 – من الممكن قراءة السؤالين 4 و5 حول تصرف الحراك كاحتمالين لسؤال واحد (اعتصام دائم في ساحة الشهداء أو عصيان مدني). كان المستطلعون يطالبون بنسبة 70% بإعتصام دائم في ساحة الشهداء في حال لم تتجاوب الدولة لحل أزمة النفايات. ولم يرَ هذا الإحتمال (الذي كان وارداً) النور بعد خطوة "طلعت ريحتكم" باستباق نهاية إنذار ال72 سنة بإحتلال سلمي لوزارة البيئة. أما العصيان المدني المقترح أيضاً، فلم يحصل على أكثرية اللبنانيين حتى في لحظة النشوة (56% رفض مقابل 36 قبول).
أ6 – اللبنانيون مع حكومة تكنوقراط بنسبة 70%… تكنوقراط مستقلون أم تكنوقراط السياسيين؟
أ7 – لأول مرة، أكثر من نصف اللبنانيين (ثلثي الرجال!) يريدون نظام إنتخاب نسبيا. بالمقابل، لبناني من كل 5 متمسك بالنظام الأكثري. وأيضاً لبناني من كل 6 لا يعرف الفرق بينهما (خصوصاً النساء).
أ8 – بين "إنتخاب الرئيس قبل أي خطوة أخرى" و"أشياء أخرى قبل إنتخاب الرئيس"، أكثر من 70% يختارون الرئيس، سنّة ونساء وبقاعيون خصوصاً. الجنوبيون أقل حماساً.
أ9 – ثلثا اللبنانيين يرون في الحراك حركة مستقلة، خصوصاً المسيحيون والنساء والجنوبيون والبيارتة. السنّة والشماليون يشككون أكثر. واحد من كل 5 لبنانيين يرى أن أحزابا سياسية وراء الحراك وواحد من كل 6 لا يعرف.
أ10- 6 من كل 10 لبنانيين يرون في المشاغبين "مندسين" و3 يرونهم "غاضبين" و1 لا يعرف. النسبة موزعة عند الشيعة، والأكثرية لدى فئتي تحت ال16 وتحت ال20 تراهم "غاضبين"…
أ11 – قرارات مجلس الوزراء تتطلب وجود الجميع برأي 70% من اللبنانيين حتى لو كانوا 85% من الشيعة و65% من السنّة للمطالبة بذلك.
أ12- بعد أيام قليلة من الإعلان عنها، 3 من كل 4 لبنانيين يؤيدون طاولة الحوار. يا ليتها تأتي بالحل. ثلثا مؤيدي الحراك يؤيدون اذا طاولة الحوار. الحماس أقل نسبة في جبل لبنان.
أ13 وأ14 – أكثر من 85% من اللبنانيين يقيّمون أداء الحكومة بأنه سيء (65% يرون أنه سيئ جداً!) في ملف النفايات. وكذلك بالنسبة لمجلس النواب وبنفس الأرقام…
أ15- في المقابل، ترى أكثرية من اللبنانيين (57%) أن أداء القوى الأمنية جيد (يتوزع بين ممتاز وجيد إلى حد)، الدروز والنساء تحديداً. بيروت وجبل لبنان أقل من بقية المناطق.
أ16 – وأيضاً في المقابل، يرى 70% من اللبنانيين أن أداء منظمي الحراك جيد (بين ممتاز وجيد إلى حد)، فيما يقيم سكان بيروت أداء هؤلاء بالجيد بنسبة 60%.
أ17 وأ18- أكثرية مريحة من اللبنانيين في كل التقسيمات (60% لمحمد و57% لنهاد) تريد أن تحاسب المشنوقَين. أقل عند الدروز والبيارتة والذكور.
أ19- كما دلت أجوبة أ15، أن 60% من اللبنانيين لا يريدون محاسبة القوى الأمنية. هؤلاء هم خصوصاً مسيحيون ودروز وذكور. المحاسبون هم الثلث، بنسبة أكبر عند الشيعة والسنّة والأناث والشماليين والشريحتين الأكبر سنّاً.
الإستطلاع الثاني
ب 1 – البلد لا تتكلم إلا عن خطة شهيب التي جهّزت لها سلطة المحاصصة والفساد إجماع كل مكوناتها إضافة إلى رؤساء بلديات وشبكة "أمان" من البيئيين. الحراك قدم خطة بديلة ولو مربكة. بالرغم من هذا وذاك، كتلة الرافضين بقيت أكبر من كتلة المؤيدين وواحد من كل 5 لبنانيين بقي حائراً. ربما السؤال الوحيد في الإستطلاعين الذي أعطى نتائج مميزة بين الطوائف: نعم أكثري بقليل بين المسيحيين والدروز ولا أكثري بقليل بين السنّة والشيعة. الشمال يرفض أكثر وتليه بيروت، فيما جبل لبنان والجنوب والبقاع ينقسمان كتلاً متوازنة.
ب 2 – شهيب أنهى مشاوراته، وما زالت أكثرية من الناس – في كل الطوائف وخصوصاً بين السنّة والشيعة وفي كل المناطق خصوصاً الشمال ومن بعده بيروت- تطالبه بالتفاوض مع الحراك كحراك، فيما ربع اللبنانيين يعتبرون التشاور مع البيئيين كافياً. كأن الناس "توكل" الحراك، كوسيلتها للإستمرار بالرفض. هنا أيضاً، واحد من كل أصل 6 لبنانيين لا يعرف كيف يجيب.
ب3 – موقف الناس من الحراك في بداية تشرين الأول: جواب إنتظره الحراك بقلق طوال الشهر. أتى مطمئناً إذ بدا الحراك متراجعاَ ثماني نقاط، وفي نفس الوقت صامداً على مستوى لم يعد يحلم به أي سياسي لبناني (79% تأييد مقابل 18 رفض). في المقابل، إرتفع عدد المعارضين للحراك بنسبة شبيهة (سبع نقاط). طائفياً، إذا كان 4 من أصل كل 5 لبنانيين ما زالوا يؤيدون الحراك (شيعة ثم سنّة ومسيحيين) ، تنخفض هذه النسبة إلى ثلثي الدروز. لمن يهمه التفصيل والدقة، وإذا صحت هذه الأرقام، الروم الأورثوذوكس أول طائفة في تأييدها للحراك (86%) والروم الكاثوليك آخرها (59%).
ب 4 وب4’ – نسبة مهمة إن صحت. 16% من اللبنانيين (أكثر بين الشيعة والمسيحيين، أقل بين الدروز والسنّة) شاركوا بنشاط من أنشطة الحراك. البيارتة الأصل لم يشاركوا إلا بنسبة 3%. أبرز الأسباب التي تجعل الناس لا تشارك: التخوف من الشغب أو العنف (النسبة الأكبر عند السنّة ثم الشيعة)، أو لأن الحراك لن يؤدي إلى نتيجة (نصف المسيحيين تقريباً وثلث الدروز).
ب 5 وب 5’ – حول المشاركة في الأنشطة القادمة (أفهم الاجابة على هذا السؤال على أنها تعبير عن رغبة أكثر مما هي إلتزام) : لحظة الجواب، يستعيد المستطلعون العزيمة (60% سيشاركون بالتأكيد أو على الأرجح فيما 40% لن يشاركوا بالتأكيد أو على الأرجح). للذين لن يشاركوا، الأسباب العائلية تبرز في المرتبة الأولى (خصوصاً بين النساء) فيما يلاحظ كتل متساوية تلجأ إلى الأسباب الأخرى (لن يؤد إلى نتيجة، خوفاً من الشغب، لفقدان الثقة أو لعدم الإهتمام). البعد والمسافة لا تبدو عنصراً حاسماً، على الأقل في الأجوبة.
ب6 – حول إستقلالية الحراك (بدوافع ذاتية أو بتخطيط خارجي). 61% من اللبنانيين (السنّة ثم الشيعة) يختارون الدوافع الذاتية مقابل 22% (خصوصاً الدروز ثم المسيحيين) الذين يعتقدون بالتخطيط الخارجي و13% يتأرجحون… جواب يبدو مقبولاً للحراك بسبب عنف الإشاعات التي روّجت حوله.
ب7 – ربما رسالة الرأي العام للحراك. بعد الزبالة، الإستمرار للمحاسبة بنسبة 88%. هنا يستعيد الإستطلاع الثاني "صورة" الإستطلاع الأول، تجانس مطلق على نسب عالية جداً. في تفصيل التفاصيل، الشيعة والسنّة مع الإستمرار (مفرحة كل هذه الأجوبة المتجانسة بين السنة والشيعة، كادوا ينسّونا أن هذا ممكن!)، الدروز والمسيحيون حصتهم أكبر في من يطلب من الحراك التوقف… في المناطق، الشمال والجنوب والبقاع مصرون أكثر على الإستمرار.
ب8 و ب9 – سبق وتحدثنا عن تراجع التأييد (-17%) حول طاولة الحوار. وعند هذا الإستطلاع، كانت قد إنتهت أول جلستين على فشل. تراجع التأييد تجده لدى جميع الطوائف والمناطق من دون استثناء. تأييد الدروز تراجع أكثر من غيرهم، وهم حائرون أكثر من غيرهم (27% لا أعرف). في بيروت، حصل إنهيار، وعدد الرافضين صار يوازي عدد المؤيدين.
ب10 وب11- سؤالان يدوران حول علاقة المستطلعين بالأحزاب. سبق وعلقت "آراء" على الرقم حول قربه من حزب أو تيار سياسي. يُجيب المستطلعون: "لا أحد" بنسبة 73% (السني بنسبة 82% والشيعي بنسبة 64%، الشمال بنسبة 82% والبقاع بنسبة 66%). إنه أعلى رقم وجدته "آراء" في أرشيفها منذ عام 2006. قبل ذلك، الرقم القياسي لجواب "لا أحد" كان 51% عام 2008. وهذا الرقم إنما يؤكد أن ثمة شيئاً كبيراً حصل بين "الطبقة" وجماهيرها. بين الشيعة، 21% من المستطلعين أعلنوا قربهم من حزب الله و5% من حركة أمل. بين المسيحيين، 11% أعلنوا قربهم من التيار الوطني الحر و1% من القوات، بين السنّة، 6% من تيار المستقبل، وبين الدروز 4% من جنبلاط. والسؤال الثاني (ب11) يؤكد ما شعرنا به عفوياً، وهو أن الحراك طال قواعد الأحزاب. ف14% من المستطلعين يقولون أنهم غيّروا رأيهم مؤخراً. طالهم (كلن يعني كلن) ولكن بنسب متفاوتة، طال أحزاب الدروز ثم السنّة ثم المسيحيين ثم الشيعة، طال أحزاب الشمال ثم جبل لبنان ثم الجنوب والبقاع ومن ثم بيروت.
ب12- تكلمت في القسم الثاني في المقارنة حول موضوع الرئاسة عن لائحة ال7 خيارات (يختار المستطلع منها إثنين إذا شاء). أضيف الآن أن مطلب الرئيس وارد عند ¾ المسيحيين والبيارتة و2/3 السنة والدروز ونصف الشيعة والجنوبيين. مطلب تحرير الجنود نجده أكثر عند المسيحيين والدروز والنساء والشماليين. مطلب النفايات نجده أكثر عند السنّة وبيروت وجبل لبنان. مطلب محاربة الفساد نجده أكثر عند الشيعة والجنوبيين. مطلب الإنتخابات النيابية نجده أكثر عند الدروز والرجال والبقاعيين وأقل عند المسيحيين والشماليين. مطلب الكهرباء نجده أكثر عند الشيعة والشمال وأقل عند الدروز والبقاع، ومطلب الرواتب نجده أكثر في بيروت وعند الموظفين.
رابعاً – خاتمة مؤقتة
عالم مجموعات الحراك وعالم مؤيديه عالمان مختلفان يتقاطعان مراراً ويبتعدان أحياناً. عالم المؤيدين يبدو حريصاً على الحراك ويرفعه (كلما استطاع) إلى مرتبة "المحاور" أو "وكيل المحاسبة"، ودائماً مقابل السلطة. ربما هنا تكمن الحقيقة: حتى بداية تشرين الأول، سمح الحراك بأن "يتظهّر" الرأي العام على صورة شعب موحد. في المقابل، إستعمل الرأي العام الحراك كوسيلة ومدد له ثقته حتى الآن لأنه رأى فيه الأداة الوحيدة المتاحة له للتفلّت لحقبة إضافية أم في فسحة أوسع من "حكم الطبقة". هل يرتقي الحراك إلى هذا الدور؟ هل تترك له "طبقة المحاصصة والفساد" وقتاً لما لم يعد ترفاً؟ الجواب في الإستطلاع القادم.
(ب أ)