
تداولت عدد من المنابر الإعلامية المغربية أنباء عن تورط مستشار في محكمة النقض في تسلم رشوة مقدارها 500.000 درهم، من وسطاء بهدف التدخّل في ملف معروض أمام القضاء[1]. وعلى مدى أزيد من أسبوع من تداول الخبر على نطاق إعلامي واسع، فتح الباب على مصراعيه لتناقل الشائعات قبل أن تضطر وزارة العدل والحريات لإصدار بلاغ رسمي[2].
ملخص القضية
بحسب التفاصيل التي نشرتها جريدة الصباح في عددها الصادر بتاريخ 09/02/2017 تم تفتيش منزل القاضي بناء على تعليمات النيابة العامة، وأسفر التفتيش عن حجز مبلغ 500.000 درهم، كان موضوع شكاية من شخص ادعى أن القاضي طلب منه المبلغ المذكور نظير الحكم لصالحه في ملف معروض على الهيئة التي يرأسها.
وقد تم الإستماع للقاضي من طرف المفتش العام الذي نفى المنسوب اليه، وأكد أن المبلغ المالي الذي ضبط في منزله يخص عربونا لبيع منزل في ملكية ابنته. معتبرا أن الأمر عبارة عن مؤامرة حيكت ضده، من قبل أشخاص يريدون النيل من تاريخه القضائي، الذي يمتد لأكثر من 40 سنة قضاها في المهنة، توجت بحصوله على ظهير بتعيينه قاضياً مدى الحياة.
محاولة لتسوية القضية بتقديم استقالة
خبر شبهة "الرشوة" اهتزت له محكمة النقض رغم تداوله في بداية الأمر داخل نطاق ضيق قبل تسريبه للصحافة. فقد انتشرت أنباء عن وجود تسوية بتقديم القاضي لاستقالته وطي الملف بشكل سري، حفاظا على هيبة مؤسسة تشكل أعلى الهرم القضائي.
لكن تسريب الخبر إلى وسائل الاعلام التي لم يتوانَ بعضها عن نشر الخبر ونشر اسم القاضي وصورته حال دون أي محاولة لتسوية القضية.
وزارة العدل تصدر بيانا توضيحيا
بعد أكثر من أسبوع من تداول الخبر، وضعت وزارة العدل والحريات حدّاً للشائعات المتواترة وأصدرت بلاغا قامت بتعميمه على المنابر الاعلامية[3]، جاء فيه:
"تطبيقا لمقتضيات المادة 265 من قانون المسطرة الجنائية[4]، قررت النيابة العامة الاستئنافية في الرباط، يوم الخميس 09/02/2017 إحالة مسطرة القاضي م.م المستشار بمحكمة النقض، والمتهم بتلقي رشوة، على أنظار الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض.
وذكرت الوزارة، في بلاغها، إن الوكيل العام بمحكمة النقض، تؤهله هذه المقتضيات بصفة حصرية، عند الاقتضاء، تقديم ملتمسات للغرفة الجنائية بنفس المحكمة لإجراء تحقيق في القضية، كما أحالت النيابة العامة باستئنافية الرباط موظفين اثنين على قاضي التحقيق بملتمس لإجراء تحقيق معهما من أجل أفعال الارتشاء والمشاركة في ذلك.
ورغم أن فترة ولاية وزير العدل الحالي مصطفى الرميد عرفت عزل عدد من القضاة على خلفية اتهامات بالفساد والرشوة وعدم تبرير الثروات، إلا أن هذه القضية تعد الأولى من نوعها التي يتم تسجيلها على مستوى محكمة النقض، التي ظلت تتمتع بوضعية اعتبارية لكونها محكمة خارج اطار التفتيش القضائي. وقد أعادت الأنباء المتواترة حول وجود محاولات لتسوية القضية عن طريق تقديم استقالة من طرف القاضي المشتبه فيه لطي الملف، الحديث عن ممارسة كانت معروفة في تاريخ القضاء المغربي كما هو الحال في العديد من البلدان العربية[5]، حيث تشير وثيقة تاريخية صادرة عن وزارة العدل أن "جزاءات الانحرافات والمواقف التي تتنافى مع التخليق القضائي، كانت دائما تأخذ شكل استقالات يتم التفاوض بشأنها"[6] حفاظا على هيبة الجهاز القضائي ومكانته.
متوفر من خلال: