سمير الجسر المشرّع: حارس الأديان أم التوافق المدني الديني؟


2020-04-10    |   

سمير الجسر المشرّع: حارس الأديان أم التوافق المدني الديني؟

لا شك أنّ نقيب المحامين الأسبق، ووزير العدل الأسبق، ونائب طرابلس وتيار المستقبل في المجلس النيابي منذ 2005 سمير الجسر هو من الشخصيات التشريعية القليلة التي يُسجّل لها نشاط مميز في اللجان النيابية، كما في الهيئة العامة لمجلس النواب.

الجسر الذي يصفه البعض بـ”حارس الأديان” في المجلس النيابي، بخاصةٍ في اقتراحات القوانين التي تتعلق بالنساء والعائلة وقوانين الأحوال الشخصية، لاسيّما في قانون العنف الأسري، يصرّ على الوفاء لهذا اللقب، لا بل يفاخر به من منطلقيَن واضحين: لا يفوت الرجل فرصة من دون التركيز على تربيته العائلية المحافظة والمتديّنة وعلى أنّ النص القرآني والسُنّة النبوية هما سقفه “وبعدهما لا كلام”، وثانياً لا ينسى ابن طرابلس بيئته التي يمثلها ومعاييرها، و”حارس الأديان” صفة تدغدغ شريحة كبيرة من ناخبيه ومناصريه وتتناغم مع توجّه المدينة المحافظة العريقة.

والجسر مفصل لا أحد يتجاهله لكونه اللبنة التشريعية الأساسية التي تساهم في تحديد موقف التيار الأزرق في المجلس النيابي وتوجهاته في الكثير من المسائل. ومن موقعه القريب من المراجع الدينية من جهة، وعلاقاته مع منظمات المجتمع المدني بحكم موقعه التشريعي والسياسي من جهة ثانية، يمكن للجسر أن يقوم بدور الموفّق بين الطروحات المدنية في التعديلات القانونية التي تخصّ النساء والعائلة وطروحات ممثلي الطوائف. في هذا الحوار، تحاول المفكرة تلمّس ملامح هذا الدور مع إطلالة على تجربته في التشريع من موقع العارف من الداخل، حيث تُطبخ التسويات وتُحدد سقوفها.

المفكرة: كيف ترى التشريع في ظل الفجوة الموجودة بين الخطاب المدني والخطاب الديني في ما يتعلق بالتعديلات والقوانين المرتبطة بقضايا النساء؟

الجسر: لا يوجد خلاف برأيي. هناك قضايا مطلبيّة عدّة بعضها محق وبعضها غير محق. وبطبيعة الحال، إذا كان هناك أمر نحتاج إلى تطويره فلا أحد يقف في وجهه، بل نقوم بما يجب. أحياناً تتحمس الجمعيات النسائية إزاء قضية معيّنة، ولكن بدايةً ليس كل ما نطالب به يمكننا أن نحصل عليه. إذ أن كل مطلب قانوني لا يرتبط بطرف واحد. فالمجتمع ليس عبارة عن نساء فقط، أو رجال فقط، فأي طرح جديد يجب أن يُدرس ربطاً بمصلحة الطرفين، إذ أن هناك مطالب جامحة غير قابلة للتطبيق وتفتقد للتوازن وهي غير منطقية وغير عادلة.

خذوا مثلاً تجربة التشريع الخاص بالعنف الأسري. خلال عمل اللجنة النيابية الفرعية الخاصة بدراسة الاقتراح، “نشروا عرضنا” كنواب أعضاء اللجنة، ونشروني بالذات، وعلقوا صورنا على حافلات النقل العام، فقال النواب ما بقى بدنا نكفي تشريع. عارضت هذا الموقف وقلت لهم إنّه يجب أن نقوم بما يمليه علينا ضميرنا وما يجب أن يُعمل. وطلبت منهم أن يفعلوا مثلي حيث أني كنت أغيّر القناة التلفزيونية لمجرد أن تظهر الدعاية التي تبث صورنا على التلفزيون ولا أترك نفسي أتأثر. وعندما وضعنا الصيغة النهائية لاقتراح القانون يمكن لكل شخص منصف وعادل أن يلمس كيف انبثق قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، وما هو فضل التعديل الذي طرأ عليه، بحيث أنه لم يقف دقيقة في اللجان المشتركة، ولم يقف في المجلس لمدة 5 دقائق قبل إقراره ليصبح قانوناً.

أنا ضد عملية الطروحات التي تأتينا موجات من العالم، وكأن هناك صراعاً بين الأنثى والذكر، وأنا لا أعرف من يضع هذه المتاريس بين الجنسين. فالكلام العام لا يأخذنا إلى أي مكان. أثيرت في لبنان العديد من نقاط التمييز، ومعظمها تمت معالجته وصار الوضع أفضل بكثير مما يخطر على البال. وهنا أود أن أقول أني أرى ان بعض الجمعيات النسائية ترجح فكرة الفرد في مسألة العلاقات الأسرية وهو ما كان سائداً في الغرب حتى أوائل التسعينيّات. أما الآن إذا شاهدنا أي مسلسل أو فيلم من الغرب تراهم يعودون إلى العائلة. صحيح أننا يجب أن نحافظ على حقوق الفرد في الأسرة ولكننا نريد أن نحافظ على الأسرة أيضاً، ولا نحافظ على حق على حساب حق آخر، ولا يجب أن ندمّر الأسرة.

المفكرة: البعض يطلق عليك لقب “حارس الأديان” في المجلس النيابي، وذلك على ضوء مواقفك الحازمة عند مناقشة المسائل المتصلة بقوانين الأحوال الشخصية كالحماية من العنف الأسري ورفع سن الحضانة ومؤخراً زواج القاصرات؟ 

الجسر: هذا شرف كبير، وليقولوا ما يريدون قوله، وهذا شرف كبير وأنا دون هذا بكثير. فمن يريد أن يخرج من دينه هو حرّ، لكن لماذا يريد أن يطلّعني أنا من ديني أيضاً؟

وتكملة لما تقدّم، أودّ أن أؤكّد لكم أن الطروحات العقلانية جاءت في الحقيقة من نساء في جمعيات إسلامية نسائية قمن بطرح عقلاني ينطلق من مبدأ الحرص على الحفاظ على الأسرة، واستطعنا أن نتعلّم منهنّ. ثمة محامية أخبرتني أنه نتيجة عمل نفّذوه في جمعية إصلاح ذات البيَن، تمّ حلّ قرابة 50% من الدعاوى المقدمة للمحكمة الشرعية حبّياً. في بعض الأوقات تقع مشاكل بين زوجين يعيشان في البيت نفسه، وأحياناً يكونان غير مؤهليَن لتجربة مماثلة. في النهاية، يجب أن يكون في العلاقة الزوجية تنازل وإلّا “بيقتّلوا بعض”، والأسرة تقوم على التضحية من كل الأطراف. مثلاً أنا تربّيت ضمن أسرة مشهورة بعلمها. والدي رحمة الله عليه كان نقيب محامين وكان يعمل في السياسة والأعمال الخيرية في طرابلس. ووالدتي كانت أول إمرأة تتعلم في طرابلس وهي خريجة دار المعلمين العليا للفرنسيين، ولكنني أعلم الجو العام الذي تربّيت فيه. كانت أمي تربّينا على مبدأ “مش لازم تزعلوا أبوكم”، وأبي كان يفعل هذا الأمر أيضاً، فكان هناك حرص متبادل، وكان عندنا نظام ولم نعش في فوضى. فأنا لا أستطيع أن أفهم كيف لرجل أن يعنّف امرأة أو يقوم برفع صوته عليها. هذا أمر غير مقبول.

(وإذ نسأل الجسر: “لكن هل كل أهل السّنة وعائلاتهم يفكرون بالطريقة ذاتها؟ وتربوا بالطريقة عينها؟” يجيبنا: “تربوا في أجواء أفضل مني”)

المفكرة: ما هو تقييمك الحالي لأوضاع النساء في لبنان، وبخاصة في ظل قوانين الأحوال الشخصية؟ ألا تشهد على انتشار العنف ضدهن؟

الجسر: طبعاً هنالك عنف ضد النساء في لبنان كما في العالم. وبرأيي، هذا العنف يحصل نتيجة أمرين: جهل وشخص لا يفهم دينه. لا يمكن لشخص يخاف ربّه أن يؤذي غيره، ولكن المشكلة أننا وضعنا الله جانباً، ولا نضعه ضمن حساباتنا.

بمراقبتي الشخصية، أجد أن السبب الرئيسي لما يحصل هو السُكر والمخدرات وسيثبت ذلك إذا قمنا بدراسة دقيقة لواقع ما يحصل وأسبابه. باعتقادي، ترتفع نسب التعنيف في الأماكن التي يتعاطى فيها الأفراد المخدرات أو الكحول.

المفكرة: ولكن ألا تعتبر أن ثمة خللاً في تنظيم الأحوال الشخصية؟ أليس هنالك مظالم ترتكب بحق النساء بفعل هذا الخلل؟ 

الجسر: نحن في بلد له نظام معيّن، ويوجد فيه قوانين أحوال شخصية بخاصة بالطوائف وهذا أمر لا يمكننا أن نطلع منه ونتغاضى عنه. وأقول ذلك من باب إيماني وليس خوفاً من أحد. وبالنسبة لي، أنا لا أرى بأنّ هناك أي مشكلة في ما يتعلق بالطوائف. ربما تقع مشاكل لها علاقة بالتطبيق والجهل وهذا مرتبط بعوامل معيّنة. فالإنسان يتعاطى بطريقة مختلفة عندما يزيد جهله أو عندما يخف إيمانه. وهناك عادات عشائرية موروثة لا علاقة لها بالأديان أبداً. على العكس الأديان والدين ضدها تماماً.

أنا لا أقول إنه ليس هنالك ما يجدر تعديله في قوانين الأحوال الشخصية. ما أقوله أنه يجب أن نحترم الطوائف وأنظمتها في الأحوال الشخصية. هناك أمور قابلة للتعديل، وهناك أمور غير قابلة للتعديل. مثلاً، بالنسبة لأهل السّنة كل شيء له علاقة بالكتاب أو بالسُّنة لا يمكنني أن أطلع منه بطبيعة الحال، وهذه أمور من الأساسيات. أما معظم الأمور التي طرأت في العنف الأسري فليس لدينا فيها مشكلة ونؤيّدها 100% ونحن لسنا ضدها. ولكن هناك بعض الطروحات التعديلية، ومنها أنّهم لا يريدون أن يمنحوا المرأة حق أن تُسقط حقها[1]، يعني إذا وحدة بدها تلم عيلتها ليش بدي إمنعها تسقط حقها؟ هذا الأمر غير مفهوم، لماذا يحرمونها من حقها بإسقاط حقها؟ وبالنسبة لقصة زواج القاصرات مثلاً، نحن لا مشكلة لدينا بالمطروح، فعمر الزواج على المذهب السّني هو 18 للذكور و17 للإناث، مع استثناءات على أساس أنّ سن البلوغ هو 15.

إذاً لا مشكلة عندنا، ولكن أنا لا أمشي بقانون بهذه الصيغة، لأن القانون تم وضعه بهذه الطريقة لكي يستطيعوا أن يمدّوا يدهم عبره على الأحوال الشخصية والمحاكم الدينية، وأنا لا أؤيد ذلك. هناك أمور مؤسفة حصلت من خلال التشريع. مثلاً قانون حماية القاصرين والأحداث الذي أعطى صلاحيات لقاضي الأحداث فمدّ يده إلى أمور أخرى. أكرر. أنا ليس لدي مشكلة في تحديد السن في الزواج، ولكن الهدف كلّه بمنح صلاحية الإستثناء لقاضي الأحداث. لماذا يعطى القاضي المدني هذه الصلاحية؟ بماذا هو أعرف وأفضل؟ وهناك خصوصيات في كل مجتمع يعلم بها إبن المجتمع أكثر من غيره.

(وإذ نسأله عن النظام العام الملزم للطوائف، يجيب الجسر: “كلا ليست هذه المسائل من ضمن النظام العام. كيف يقول الدستور أن مسائل الأحوال الشخصية مرتبطة بالطوائف، فهل يخالف الدستور النظام العام؟ فالدستور هو من يضع النظام العام).

المفكرة: نفهم منك أنك ترى أنّ أيّ إصلاح للأحوال الشخصية يفترض أن يحصل من داخل الطائفة المعنيّة به وأن لا دور للمجلس النيابي فيه؟ وكيف ترى دورك كمقرّب من المراجع الدينية في هذا المضمار؟

الجسر: نعم. وثمة نجاحات هامة حققناها في هذا المضمار. فيما يتعلق بعملية الحضانة، كانت لدى المذهب السنّي مختلفة عن المذاهب الأخرى وكانت 7 أو 9 على الأقل. ولكن إذا أردنا أن نفكر بالمجتمعات القديمة كلّها كان الولد عندما يصبح عمره 7 سنوات أي سن التمييز، حيث لم يكن هناك مدارس وغيرها فكان يلتحق بعمل أبيه، وكان يتعلّم مهنة وهكذا، أما الفتاة فكانوا يتركونها لعمر الـ9 سنوات لأسباب لها علاقة بالبلوغ. وكان سن البلوغ في المنطقة كلها 9 سنوات. أما متوسط سن البلوغ في أميركا فهو 12 سنة، كما أن هناك أشخاصاً يبلغون قبل ذلك. وإذا صادف وبلغ الولد 12 سنة في بداية السنة الدراسية أو في منتصفها، فيبقى مع الأم إلى حين انتهاء العام الدراسي. وعند تجاوز هذه الحدود، يصبح عندنا ضرر في حال بقي الولد مع أمه. فالولد سواء كان صبياً أم بنتاً يحتاج إلى أبيه أيضاً، وهو ما عملنا عليه، أي المساواة للجنسين بعمر 12 سنة.

تكون الفتاة عند والدها في بيئة آمنة أكثر. فنسبة الإعتداء مثلاً في أميركا على القصّر تصل إلى ثلث الأولاد وهم يتعرضون للتحرش داخل العائلة، من قبل زوج الأم أو أولاد الزوج أو الزوجة. لذلك نرى في الإسلام عندما يقول أن المرأة لا يفترض أن تبقى عانساً أو عزباء ويفترض أن تتزوج لكي تعيش حياتها الطبيعية. لذلك وضعنا هذا السن. أما في قصة المهر فأنا كنت محامياً، ولكني لم أدخل إلى أي محكمة شرعية، علمت بأن مهر المرأة لم يعد يساوي سعر فردة كندرة وهذا أمر غير منطقي ويحتاج الى حلّ. تكلّمت مع رئيس المحكمة الشرعية العليا، فقال “والله معك حق”، لكنني قدمت مقترحات لم يعمل بها، وتمّ فسخها.

بصرف النظر، هو وغيره. فنحن، عند السُنّة، أنجزنا أموراً مهمة جداً. في النهاية لا يوجد فقط أم، هناك أم وأب، وهناك ولد، ويجب أن يأخذ الولد من الطرفين. مثلاً الولد يتعلم الرجولة من أبيه ولا يمكنه أن يتعلمها في مجتمع نسائي، مثل الفتاة التي تكتسب الأمور الأنثوية من النساء، لا يمكنها أن تتعلمها من المجتمع الذكوري أي من أبيها. وقد انتقدوني و”سبّوني” خلال العمل لكننا رفعنا الظلم وساوينا بين الجنسين في النهاية.

المفكرة: هل ترون أن ثمة حاجة لتطوير قانون حماية النساء من العنف الأسري؟ ما رأيكم بالتعديلات المقترحة من جمعية “كفى” في هذا المضمار؟ 

الجسر: دائماً هناك ما يحتاج إلى تعديل. أنا لا أقبل الخطأ وأنا أنطلق من مخافة الله، الله كرّم المرأة والرجل. في الإسلام هناك حديث للرسول يقول “لا تقعوا على نسائكم كالبهائم، اجعلوا بينكم وبينهن رسولا”. وعندما سألوه وما هو الرسول يا رسول الله؟ قال: “الكلمة الطيبة، قبلة..”. فالإسلام دخل في كل تفاصيل الحياة، ونحن نجهل ديننا. ومن المؤسف أن أقول لك أن هناك من يتكلّم بإسم الدين وهو لا يفهم منه شيئاً.

لكن قبل الحديث عن تعديل القانون، أودّ التذكير أن هناك مادة في قانون العنف الأسري الخاصة بإنشاء صندوق لتمويل حماية النساء، وهي لم تفعّل علماً أنّ العائق المادي أمام النساء كبير جداً. لقد أخطأوا عندما وضعوا الصندوق من ضمن وزارة العدل غير المؤهّلة لهذا الأمر، فوزارة الشؤون الإجتماعية مُهيأة أكثر، والجمعيات الإسلامية هي التي طرحت إعداد مراكز للتأهيل. مع تفعيل هذه المادة، نكون طورنا آليات حماية المرأة بشكل كافٍ على ما أعتقد.

أما بخصوص التعديلات المقترحة من قبل جمعية “كفى”، فلديّ ملاحظات تحدثنا معهم عنها، واقتنعوا بطرحنا وبينّا لهم إلى أين تأخذنا، ولن أحددها الآن لأني لا أتحدث عن عمل هو في طور الإنجاز، ولقد تشاورنا مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة و”كفى” وجمعيات أخرى وممثلي الطوائف، وبدأنا العمل في كل نقطة من النقاط. نحن مثلاً عدّلنا مادة الزنا لتشمل الرجل والمرأة انسجاماً مع قيم مجتمعنا، ولكن إلغاءها لا يمكن أن يتم بحثه حتى، ولا أحد يقبل بذلك.

وهناك التعديل الذي يقول بأن قانون العنف الأسري يُطبّق أيضاً في مرحلة ما بعد الطلاق. وأنا أسأل مثلاً إذا زنت امرأة مطلّقة، فعلى أي أساس يمكن محاكمتها؟ فهل تحاكم على أساس أنها ما زالت ضمن الأسرة؟

المفكرة: هل أنتم مطّلعون على أداء المحاكم الشرعية؟ ألا ترون ضرورة في إصلاحها؟

الجسر: أنا مطّلع على أجواء المحاكم المدنية والدينية. المؤسف أن أقول لك أن وضع المحاكم الشرعية أفضل من المحاكم المدنية بكثير. المجموعة الأخيرة التي أخذوها من القضاة الشرعيين كانت جيدة، واتبعت فيها معايير مهمة جداً للحقيقة، ونتيجتها مهمة جداً، علماً وأخلاقاً.

(وإذ نسأله عن الطريقة الأفضل لتحسين المحاكم الشرعية، يجيب “الجسر”: أنا في كل شي أعتبر الإنسان والباقي “تجليط”. أنا في معاييري أبحث عن الشخص الآدمي بمنتهى الصراحة، وأنا أعتبر أن الآدمية أولاً ومن ثم العلم ثانياً، لأن الآدمية لا يمكن تحصيلها عكس العلم الذي يمكن تحصيله. مثلاً هل أنا نفس الشخص اليوم عندما تخرجت من كلية الحقوق؟ هذا غير صحيح، العلم يتحصل، لكن الأخلاق مستحيل تحصيلها إلا بنسبة قليلة جداً).

(وإذ نسأله أخيراً عن شرط التخصّص بالحقوق في المحاكم الشرعية، يجيب “الجسر” أن عدم الاختصاص بالحقوق لا يعرقل العدالة، لأن هناك من بينهم من يدرس الحقوق وأصول المحاكمات، وهناك أشخاص لم يدرسوا الحقوق ولكن شغلهم أفضل وهو يكمل اختصاصات الآخرين).

المفكرة: سؤال أخير، ما مدى تأييدكم لقانون أحوال شخصية مدنية اختيارية؟

الجسر: أنا لا يمكنني أن أفتح الباب لقوانين مدنية اختيارية بصريح العبارة، ويجب احترام رأينا والقانون يجب أن يُطبّق على الجميع. صحيح أننا لسنا في دولة دينية ولكن لدينا نظام ديني، فأنا أعلم إلى أين يمكن أن يؤدّي بنا القانون المدني. لديكم الحرية الكاملة لتفكروا كما تريدون، ولكن عليكم أن تحترموا رأيي. فأنا أقول بأن القانون (قانون الأحوال الشخصية) يجب أن يطبق على الجميع وهكذا يجب أن نطبقه. حتى إذا دار الفتوى أخطأت في هذا الأمر فأنا ضدها.

  • نشر هذا المقال في العدد | 63 |  آذار 2020، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:

أربع جبهات للنساء ضدّ التمييز والعنف


[1] وهو يقصد إقتراح تعديل القانون الذي قدمته منظمة “كفى”، والذي يقترح عدم سقوط دعوى الحق العام تبعا لإسقاط الحقوق الشخصية وتنازل الشاكي.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، مجلة لبنان ، لبنان ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني