سلطات تونس ترفض تنفيذ حكم قضائي بحجة الدفاع عن الدستور


2016-06-06    |   

سلطات تونس ترفض تنفيذ حكم قضائي بحجة الدفاع عن الدستور

أبلغ مسؤول أمني حزب التحرير قرار وزارة الداخلية بمنع عقد مؤتمره السنوي الخامس بقاعة قصر المؤتمرات بالعاصمة تونس يوم 04-06-2016. وقد بررت الوزارة  قرارها بالمخاطر التي قد تنجم عن المؤتمر على الأمن العامّ. تصدى الحزب للقرار باللجوء إلى المحكمة الإدارية. وبتاريخ 03-06-2016، صدر القرار عــدد 419919 عن الرئيس الأول للمحكمة الادارية بتأجيل تنفيذ قرار المنع، وتالياً بإقرار حق الحزب في عقد مؤتمره. في أقل من 24 ساعة، فاجأ والي تونس المتتبعين بقرار ثانٍ استند للفصل السابع من أمر الطوارئ[1] بإغلاق قاعة المؤتمرات بالعاصمة تونس. وقد برّر المسؤول الحكومي خطوته “بأنه تلقى تقارير أمنية وإفادات من مواطنين تؤكد أن حزب التحرير روّج مناشير تؤلب على نظام الحكم وتدعو لنظام آخر يخالف النظام الذي قرره الدستور”[2].

استندت الحكومة التونسيّة على خطر مفترض “على النظام الجمهوري وقيم الدستور” لتمنع عقد مؤتمر لحزب سياسي سبق ورخصت له عن القيام بنشاطاته السياسية. ولهذه الغاية، لم تجد الحكومة حرجاً في خرق الفصل 111 من الدستور الذي يحجر “كل إمتناع عمدي عن تنفيذ الأحكام القضائية”.

وكانت هيئات دستورية ومؤسسات أخرى سبقتها في هذه المخالفة من دون كبير معارضة. وفي هذا الإطار، يذكر أن رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة السيدة سهام بن سدرين أعلنت  في بلاغ صدر عنها بتاريخ 25-04-2016 أن مجلس هيئتها وبعد التداول قرر رفض تنفيذ القرار الذي صدر عن الرئيس الأول للمحكمة الادارية بتاريخ 18-04-2016 في مادة ايقاف التنفيذ المتعلق بنائب رئيس الهيئة زهير مخلوف[3]. صدر ذات الموقف عن الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي التي امتنعت عن تنفيذ  قرارات إيقاف تنفيذ اتصلت بالحركة القضائية لسنة 2015-2016. وكانت الهيئة القضائية قد أكدت حينها أنها سعت لتنفيذ القرارات القضائية، إلا أن ذلك”استحال عليها واقعيا وقانونيا”[4]. كما رفضت من جهتها الجامعة التونسية لكرة القدم تنفيذ القرار عدد 419572 الذي صدر عن الرئيس الأول للمحكمة الادارية بتاريخ 16 مارس 2016 وقضى بايقاف جلستها العامة. و قد تمسكت الجامعة في تبرير موقفها بأن استقلالية الهياكل الرياضية تمنع تدخل القضاء في عملها.
تحوّل رفض تنفيذ القرارت القضائية لدى من يملكون سلطة القرار السياسي والمؤسساتي في الدولة التونسية لعنوان للاستقلالية ولسلوك عادي يقبل دون كبير جدل. وقد تطوّر هذا السلوك ليصل إلى أن تبنّت الدولة ذات الموقف وسط قبول جماعي به. ويؤكد هذا الأمر ان  فكرة النظام الديموقراطي الذي يقوم على فصل السلط باتت تواجه أزمة هيكلية في ظل تصدي أصحاب السلطة “لفكرة القضاء المستقل”.
 
 
 
 



[1] الامر عدد 70 لسنة 1978 المؤرخ في 26-01-1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ
 [2]تصريح والي تونس الاستاذ فاخر القفصي لموقع الصباح نيوز بتاريخ 04-06-2016
http://www.assabahnews.tn/article
[3]تمسكت هيئة الحقيقة والكرامة بقرارها الذي صدر بتاريخ 21-12-2015 وقضى برفت نائب رئيس الهيئة ورفضت الاذعان للحكم القضائي وقد بررت موقفها بما ذكرت انه ” استحالة قانونية وفعلية لتنفيذ القرار “
[4]يراجع بلاغ الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي بتاريخ 04-02-2016                                                                  
انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، استقلال القضاء ، محاكمة عادلة وتعذيب ، مقالات ، تونس ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني