في مساء يوم 13-12-2018، نظرت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب التونسي في مشروع القانون عدد 2018/56 المتعلق بتعديل نظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد للباقين على قيد الحياة في القطاع العام. وقد صادق خلالها أغلبية النواب الحاضرين على كل فصول المشروع بما كان يظن معه أنهم يتجهون إلى اعتماده. ولكن ما كان منتظرا لم يتحقق إذ وفي آخر الجلسة وبعرض المشروع برمته على التصويت، حظي بمصادقة 71 نائبا فقط، بما أدى لسقوط المشروع لعدم المصادقة عليه من أغلبية نيابية تساوي ثلث عدد أعضاء المجلس التشريعي أي 73 نائبا كما يفرض ذلك الفصل 64 من الدستور فيما تعلق بمشاريع القوانين العادية.
وترضي نتيجة التصويت المفاجئة المعارضة التي صوت نوابها ضد المشروع، ولكنهم لم يظنوا أنهم قادرون على إسقاطه. تبدو النتيجة في ذات الحين نكسة للحكومة التي كانت تعول عليه للتخفيف من حدة أزمة الصناديق الاجتماعية وفي تحسين تقييم “صندوق النقد الدولي لأدائها في ملف الإصلاحات الصعبة التي تطلبها منها”. وينتظر هنا أن يعاد طرح المشروع مجددا على التصويت بعد ثلاثة أشهر من الآن كما يفرض ذلك النظام الداخلي للمجلس.
وعليه، تؤدي نتيجة التصويت إلى تأجيل ما تضمنه المشروع من أحكام تتمثل أساسا في:
ترفيع سن التقاعد القانوني في القطاع العام بالنسبة لعموم الموظفين من 60 إلى 62 سنة ومن 55 إلى 57 سنة للعمال الذين يصنف عملهم كعمل شاق. وتدخل أحكامه في هذا الإطار حيز النفاذ بداية من 01-07-2019 بمرحلة انتقالية تستمر لغاية نهاية سنة 2019 يكون فيها تمديد التقاعد الوجوبي بسنة واحدة لا سنتين كما سيكون الأمر بعدها.
التمديد في العمل بعد بلوغ سن التقاعد القانوني وذلك بإسناد الموظف والعون العمومي حقا في أن يمدد في مدة عمله بعد بلوغه التقاعد القانوني وفي تحديد مدة التمديد التي يريدها والتي يمكن أن تكون سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات. ويمكن للأعوان العموميين ممارسة هذا الحق بمجرد دخول القانون حيز النفاذ. وتنهي هذه الأحكام ما كان لرئيس الحكومة من صلاحية اتخاذ القرار بالموافقة على الطلبات التي يتقدم بها الموظفون في التمديد من عدمها وهي صلاحية كانت تستعمل في صناعة استتباع الإطارات السامية التي تقبل على مثل هذا الطلب عادة للسلطة السياسية.
الترفيع في المساهمات المستوجبة بعنوان التقاعد ب 3% توزع بالنسبة للمشغل ب2% وبالنسبة للعون 1%.
اعتبرت الحكومة كما قال ذلك وزيرها للشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي هذه الأحكام “الآلية الواجبة لمنع انهيار الصناديق الاجتماعية”. بالمقابل، اعتبرتها المعارضة اعتداء على حق العمال في التقاعد مع تحميلهم وزر أزمة لا ذنب لهم فيها.
في المقابل، اتفق الشقان على ضرورة البحث عن حلول للأزمة المالية التي باتت تتخبط فيها الصناديق الاجتماعية بغاية ضمان استمرارها ولأجل الحفاظ على حقوق المتقاعدين التي تضمنها لهم. وكان يفترض بالنظر لأهمية الموضوع في بعده الاجتماعي وفي علاقته بتصور السياسة الاجتماعية للدولة أن يكون حضور نواب الشعب جلسة نظر مشروع القانون مكثفا وهو أمر لم يحصل. فكان سقوط المشروع مؤشرا على فشل نيابي في اتخاذ موقف من قضية مصيرية أكثر منها إسقاط لمشروع مختلف في تقييمه.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.