سفينة “مادلين”: نُبحر من أجل غزّة حرّة


2025-06-05    |   

سفينة “مادلين”: نُبحر من أجل غزّة حرّة

من شاطئ كتانيا في صقلية الإيطالية على أمل الوصول هذه المرّة إلى شاطئ غزّة المحاصرة والمبادة والجائعة، أبحرت صباح الأوّل من حزيران/يونيو 2025 سفينة “مادلين” التابعة لتحالف أسطول الحرّية. سفينة مدنية محمّلة بالمساعدات الإنسانية و12 مدافعة ومدافعًا دوليًا عن حقوق الإنسان، في تحدٍ مباشر للحصار الذي تفرضه إسرائيل. وتحمل السفينة حليب أطفال وأرزًّا وطحينًا وحفاضات ومستلزمات طبية وغيرها.

سبقت “مادلين” قبل شهر سفينة “الضمير” التي قصفتها إسرائيل بسربٍ من المسيرّات في المياه الأوروبية، منتهكة القانون الدولي، ما أدى إلى إصابة أربعة من أفراد الطاقم، واشتعال النيران فيها وانقطاع الاتصالات. وقال البيان الرسمي للأسطول حينها إنّ “السفينة تُركت تائهة تتسرّب إليها المياه”. 

اعتداءٌ يُخشى أن يتكرّر وأن يكون أخطر مع “مادلين” المبحرة في هذه الأثناء والمتوقّع وصولها في غضون أسبوع إلى مشارف غزة. ونقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” صباح الخميس، عن مصدر عسكري إسرائيلي أنّ السفينة لن يُسمح لها بالرسوّ عند شاطئ القطاع وأنّ الجيش الإسرائيلي يتحضّر لـ “استقبالها”. وأضاف أنّه “في حال اقترابها من شواطئ القطاع سنستولي عليها ونعتقل كافة ركّابها”.

وكان 10 خبراء في الأمم المتحدة طالبوا الإثنين إسرائيل بضمان مرور آمن للأسطول، وقالوا في بيانٍ إنّ “شعب غزة في أمسّ الحاجة إلى المساعدة لمنع الإبادة، وهذه المبادرة جهد رمزي وقوي لتقديمها”. وأضافوا: “على إسرائيل أن تتذكّر أنّ العالم يراقب عن كثب وعليها أن تمتنع عن أيّ عمل عدائي ضدّ أسطول الحرّية وركابه”.

وتأسّس تحالف أسطول الحرّية في العام 2010 بعد 3 سنوات من بداية الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. ورغم المحاولات المتكرّرة لم ينجح الأسطول بتاتًا في كسر الحصار والوصول إلى شواطئ القطاع، بخاصّة بعد المجزرة التي ارتكبها جنود جيش الاحتلال بطاقم وركّاب الأسطول الأوّل في أيار/مايو 2010. فيومها وعند وصول الأسطول قبالة الشواطئ الغزاوية، حاصرته القوات الإسرائيلية وقتل الكوماندوس الإسرائيلي 9 من طاقم السفينة وأصيب 56 ناشطًا بجروح.

وتكرر النائبة في البرلمان الأوروبي والمحامية الفرنسية ريما حسن إحدى الناشطات على متن السفينة، مطلبًا واحدًا منذ إبحارها في الأوّل من حزيران “رافقوا مسار الأسطول، تابعوه”. فهي تعلم أنّ الهيجان الإسرائيلي الحالي لن يوفّر بضعة ناشطين في البحر وأنّ المجزرة قد تتكرّر.

12 ناشطًا على متن السفينة

تحمل السفينة على متنها 12 ناشطًا، ستة منهم فرنسيون، إضافة إلى ناشط إسباني، وناشطة سويدية، وناشط هولندي، وناشط ألماني، وناشط برازيلي وعربي واحد من تونس.

أشهر الفرنسيين على أسطول الحرّية هذه المرّة، هي ريما حسن، التي فازت بمقعد نائبة في البرلمان الأوروبي عن حزب “فرنسا الأبيّة”. وليست هذه محاولة ريما حسن الأولى لزيارة الأراضي الفلسطينية، فقد منعتها إسرائيل في شباط/فبراير الماضي رغم أنّها كانت ضمن وفدٍ من البرلمان الأوروبي.

وتنشر ريما حسن عبر صفحتها على (X) مستجدّات رحلة الأسطول الذي سمّته “أسطول القانون الدولي” بموازاة كونه أسطولًا من أجل غزّة. وقد استيقظ ركّاب القارب فجر الخامس من حزيران على صوت مسيّرة اتّضح أنّها يونانية راقبت مسار القارب. وتقول ريما حسن إنّ الركاب يحضّرون أنفسهم لسيناريو عدائي مشابه للاعتداء الذي طال الأسطول في أيار/مايو الماضي.

وفي مقطع فيديو من على متن القارب المبحر وجّهت حسن رسالتين إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون معتبرةً أنّه من غير المقبول استمرار التعاون العسكري الفرنسي مع الجيش الإسرائيلي الذي يرتكب الإبادة، وطالبته بضمان مرورٍ آمن للأسطول.

وقد واكب ركّاب القارب زعيم حزب فرنسا الأبية جان لوك ميلانشون عبر اتصال فيديو في 4 من حزيران، عبّر فيه عن دعمه ابنة حزبه في “قرارها الحرّ” عبر رحلتها في الأسطول، معتبرًا أنّ “التزامها الكامل يشجّع الرأي العام على التحرّك”.

وريما حسن هي أوّل فرنسية من أصل فلسطيني تدخل البرلمان الأوروبي بعد فوز حزبها ضمن تحالف القوى اليسارية في الانتخابات التشريعية الفرنسية الأخيرة، فوزٌ عُزي إلى مواقف الحزب الداعمة للشعب الفلسطيني والمعادية لحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.

إلى جانب ريما حسن، يضمّ القارب الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، شخصية العام 2019 بحسب تصنيف مجلّة التايم الأميركية. 

“مهما كانت الصعوبات علينا مواصلة المحاولة، في اللحظة التي نتوقف فيها عن المحاولة نخسر إنسانيتنا”، قالتها غريتا قبيل محاولتها الثانية لكسر الحصار على غزّة، إذ إنّها كانت على متن القارب الذي تعرّض للاعتداء في أيار الماضي، وهو ما لم يثنِها عن المحاولة مجددًا: “نحن نشهد تجويعًا منهجيًا لمليوني إنسان. لا يمكن للعالم أن يظل متفرّجًا بصمت. كلّ واحد منّا لديه مسؤولية أخلاقية لفعل كلّ ما في وسعه من أجل فلسطين حرّة” على حدّ تعبيرها. وقد كان لثونبرغ نشاط تضامني مع غزّة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023 وقد اعتقلتها الشرطة السويدية في أيلول/سبتمبر الماضي إثر مشاركتها في تظاهرة لوقف الإبادة في جامعة كوبنهاغن.

اشتهرت غريتا، المصابة بالتوحّد، منذ العام 2018 حين كانت في الـ 12 من عمرها، ووصفت بملهمة الملايين حول العالم بعد قيامها بإضراب مدرسي من أجل المناخ أمام البرلمان السويدي، إضراب تحوّل للحظة وعيٍ عالمية بشأن قضايا المناخ بخاصّة بين المراهقين والأطفال. وقد سمّيت سفينة “مادلين” تيمّنًا بمادلين كُلّاب أوّل وأصغر صيّادة امتهنت الصيد في غزة.    

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، فلسطين ، جريمة الإبادة الجماعية ، العدوان الإسرائيلي 2024



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني