أعلن مساء الخميس 26/5/2016 عن توقف الأعمال في “سد جنة ” بناء على قرار صادر عن محافظ جبل لبنان فؤاد فليفل جاء استجابة لكتاب مرسل من وزير البيئة محمد المشنوق طلب خلاله وقف اعمال المشروع الى حين بته في مجلس الوزراء. صدر الاعلان خلال اعتصام نظمته ” الحركة البيئية اللبنانية ” في ساحة رياض الصلح تزامناً مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء للضغط على المجتمعين لوقف اعمال المشروع لما ستترتب عليه من أضرار بيئية.
على ان الخبر المريح نوعاً ما، لم يمنع الناشطين من الاستمرار في اعتصامهم حتى انتهاء الجلسة وذلك تعبيراً عن اصرارهم على ايقاف الأعمال في المشروع الى ما لا نهاية. في المقابل قرر مجلس الوزراء تأجيل البحث بموضوع السد الى جلسة الأول من حزيران.
اذا منذ الساعة الثالثة من بعض الظهر تجمع الناشطون في ساحة رياض الصلح رافعين يافطات تظهر المخاطر البيئية التي سيحدثها انشاء السد والخسائر المالية التي ستتكبدها جيوب المواطنين والتي ستذهب هباء. “بدنا محميات طبيعية مش سدود عشوائية”،”تدمير وادي الفينيقيين جريمة بحق التراث العالمي”،”ما بدنا مي سدود مجوية، بدنا مي نظيفة جوفية”.
رئيس” الحركة البيئية” بول ابي راشد اعتبر ان جلسة مجلس الوزراء المنعقدة هي” للنظر في الصراع الحاصل بين وزارة البيئة التي تقول ان نتيجة دراسة الاثر البيئي تظهر انه لا يجوز اقامة وانشاء السد في هذا المكان، ووزارة الطاقة التي تصر ان تكمل الاعمال وتقطع الاشجار وتحرم اللبنانيين من مليوني متر مربع من الخضار الضروري لمكافحة التغيير المناخي”.
وتوجه بثلاث رسائل الى مجلس الوزراء طالباً منه:
• أن يطبق قانون البيئة رقم 4444 لاسيما مرسوم تقييم الاثر البيئي.
• ان ينظر الى دراسة تقييم الاثر البيئي وهي دراسة مؤلفة من 500 صفحة نظرت فيها وزارة البيئة في ايلول2015 وخلصت الى انه لا يجب اقامة السد.
• ان ينظر الى احدث دراسة طلبها رئيس مجلس الوزراء من اعلى جهة علمية بلبنان “المجلس الوطني للبحوث العلمية” والتي تنتهي الى انه “يجب التفتيش عن مشاريع بديلة لتزويد العاصمة بيروت بالمياه غير مشاريع السدود في جبل لبنان. يعني ان المجلس الوطني للبحوث العلمية لم يرفض اقامة سد جنة وانما لمح الى باقي السدود. وهذه الدراسة المؤلفة من خمس صفحات تنذرنا من مخاطر زلزالية تؤثر على وجودنا”.
بدوره الاستاذ الجامعي والخبير الهيدروجيولوجي سمير زعاتيتي لفت الى ان السد كفكرة على الورق جيدة فالمناطق تشكو من شح المياه، ولكن هذا السد لا يركب على الارض التي يوجد تحتها فراغات”.
وأضاء زعاتيتي على أهمية الآبار في حل مشكلة شح المياه وبأقل كلفة وقال: “في منطقة “وادي جيلو” بالجنوب هناك 8 ابار يعطون نحو 80 ضيعة. صيدا تشرب من المياه الجوفية وكذلك صور ومرجعيون وطرابلس ايضا بدأت تعمل على الابار”.
ونوّه بتقرير الامم المتحدة للتنمية الصادر سنة 1970 الذي يشيرالى ان 3/4 الثروة المائية في لبنان هي جوفية والربع الباقي هي مياه سطحية كالانهار والبحيرات”. لماذا العمل على السطحي وتاركين الجوفي”.
وتحدث الدكتور فتحي شاتيلا عن مشروع سد الدامور الذي تجاهلته الحكومة فيما هو قادر على تأمين المياه لبيروت نحو 50 عاماً. وقال”: منذ العام 1970 رفعت الوزارة يدها عن “نهر الدامور” وقالت يستحيل تخزين مياه الدامور. لقد قمت بدراسة عن نهر الدامور سنة 1996 تؤكد انه بالإمكان تخزين فوق الـ 100 مليون متر مكعب بكلفة زهيدة جداً”.
وتابع:”هذا ما يؤكده مجلس الانماء والاعمار الذي قام بدراسة جدوى كلفت نحو 800 الف دولار، تثبت ذلك. اي أن ما يعادل 500 الف متر مكعب باليوم تكفي بيروت لنحو خمسين عاماً بكلفة 153 مليون دولار. لكن تم إخفاء هذه الدراسة وتستروا عليها ولم يعلنوا عنها”.
ولفت الى انه “حاليا قامت الدولة بتلزيمات لجرّ المياه من نهر الليطاني الى بيروت علماً أنها ملوثة. وهناك دراسة قام بها الدكتور احمد حوري سنة 2007 عن نهر الليطاني الذي يصبّ في الاولي وعن نهر الدامور وتبيّن معه ان هناك بعض الملوثات بنهر الليطاني تزيد 80 أضعاف اي ان نسبة التلوث هي 8000 % مقارنة مع نهر الدامور ولكن لم يأخذ بها”.
وقد سجل في اجتماع الحكومة مواقف متباينة لعدد من الوزراء تأرجحت ما بين الموافقة على “سد جنة” ورفضه الاّ ان هذه المواقف بطبيعة الحال اتخذت منحى سياسياً الى حد ما. فقد أبرز وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج ملفاً يتضمن دراسات عن وادي أدونيس أجرتها وزارة الطاقة ولم توزع على الوزراء تشير إلى عدم صلاحية الموقع لانشاء سدّ.
أما وزير السياحة ميشال فرعون فاعتبر أن “وادي أدونيس هو في التراث الإنساني وأنا مع الحفاظ عليه”، مضيفا “سنرى إذا كان هناك من إمكانية للتوفيق بين الأمرين”.
هذه المواقف الرافضة لفكرة بناء السد جابها مواقف أخرى مؤيدة عن قناعة. فقد لفت وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش الى ان “موضوع المياه استراتيجي ويجب إبعاد الأمر عن المناكفات السياسية”، مشددا على ان “البيئة يجب أن تكون في خدمة الانسان.”
من جهته رأى وزير الصناعة حسين الحاج حسن ان “موضوع سدّ جنّة يجب أن يُناقش علميا وليس سياسيا”، متجاهلاً جميع الدراسات وأهمها دراسة “المجلس الوطني للبحوث العلمية” التي تشجب فكرة قيام السد.
أما وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب فقد أحضر دعامات غير داعمة لموقفه المؤيد للسد اذا لجأ الى ابراز صور لكسارات ومرامل مشيرا الى أن “ما يحصل في وادي جنّة ليس أسوأ مما يحصل في مناطق أخرى حيث هناك كسارات ومرامل تنهش جبال لبنان”.
وفي اليوم التالي، عقد وزير البيئة محمد المشنوق مؤتمر صحفي أكد فيه ان “القضية ليست سياسية” وان “الوزارة على مسافة واحدة من الجميع وقال” نحن حريصون على تطبيق الانظمة والقوانين بموضوع سد جنة وأي مصالح شخصية ستضر بالمشروع وليكن التقييم بيئيا وحيويا بامتياز”. وأشار الى أن المشروع “لا يتضمن اي اجراءات تخفيفية للمخاطر البيئية”، مؤكدا ان “قطع الاشجار مجزرة بيئية لن نقبل بها”.
لم يشهد اعتصام “الحركة البيئية” حضوراً كثيفاًوقد علق الناشط أجود عياش قائلاً: “مشكلتنا انو الشعب فاسد. ما الذي يريده الشعب اللبناني ليستيقظ من سباته؟ لم يبقى سوى ان تضربنا المجاعة. القتل لم يؤثر بهذا الشعب كما لم يؤثر اغراقه بالنفايات وتلويث المياه والآن يخططون لبناء سدود ومع ذلك لا شيء يتحرك . ان فسحة الامل الوحيدة اليوم هي بوجود شباب وشابات تتأثر بهذه الأمور وتنزل على الارض وتتحرك وهذا ما يدفعنا للاستمرار فلا خيار آخر سوى المواجهة”.للمزيد حول مشروع سد جنة، الضغط على الرابط أدناه؛