نَشرت إذاعة تونسية خاصة يوم 29 مارس الفارط بيانا توضيحيا مَنسوبا إلى وزارة الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، أكّدت فيه خبر سَحب تونس إعلانها قبول اختصاص المحكمة الإفريقية في تلقّي عرائض من قبل الأفراد والمنظّمات غير الحكوميّة، والذي كانت قد أودعته سنة 2017. هذا وقد برّرَت الوزارة هذا السحب بارتفاع عدد القضايا ضدّ الدّولة التّونسيّة أمام المحكمة الإفريقيّة، والتّي كان الغرض منها التّوظيف السّياسي بغاية التّشهير والمسّ من هيبة الدّولة ومؤسّساتها ومصداقيّة القضاء التّونسي. معتبرة أن إعلان تونس قبول اختصاص المحكمة الإفريقية سنة 2017، كان نابعا من إيمانها بدور هذا الجهاز في تعزيز حقوق الإنسان والشعوب، غير أنّها أدرَكت -على غرار دول إفريقيّة أخرى سبقتها- أنّ هذا التقاضي تحوّلَ إلى وسيلة لجَرّ تونس إلى مسائل داخليّة وذات صبغة سياسية لدول أجنبية، في حين أنّ موقف تونس الثّابت يقوم على الحياد الإيجابي وعدم التّدخّل في الشّؤون الدّاخلية.
كما ورد في البيان أن سحب الاعتراف بهذا الاختصاص يستند الى مبدأ السيادة الوطنيّة، ورفض تونس القاطع التّدخّل في شؤونها الوطنيّة الدّاخلية مهما كانت الجهات والمبرّرات. جاء هذا البيان إثر تنديد واسع من المنظمات الحقوقيّة بهذه الانتكاسة الحقوقيّة. في الواقع، لم يكن الخبر مستغربًا للمتابعين والمتابعات لقرارات المحكمة الإفريقية، حيث كانت أول هيكل قضائي يقوم بإحراج الدولة التونسية بعد الانقلاب على الدستور في 25 جويلية 2021، من خلال الإقرار في سبتمبر 2022 ببطلان الأمر الرئاسي عدد 117 والمراسيم 69 و80 و109، باعتبارها تَخرق حق الشعب في إدارة شؤونه العامة الى جانب دعوتها الدولة التونسية في سبتمبر 2023 إلى اتخاذ تدابير مؤقتة لفائدة عدد من المساجين السياسيين لضمان حقوقهم الأساسية وسلامتهم الجسدية. وأخيرا مطالبتها في أكتوبر 2024 بإلغاء قرار العزل الجماعي لـ57 قاضيا، واعتباره مسًّا جسيما باستقلالية القضاء وضمانات المحاكمة العادلة.
تونس تتراجع عن التزاماتها الإفريقية: ما هو الإعلان الذي تم سحبه؟
يجدر قبل الحديث عن سحب الاختصاص التعريج على مسألة الإعلان القاضي باختصاص المحكمة الإفريقية. ويُقصد به قيام الدولة المُدَّعَى عليها، والتي تكون طرفا في البروتوكول المنشئ للمحكمة، بإيداع الاعلان المنصوص عليه صلب المواد 5(3) و34(6) من البروتوكول والذي يسمح للأفراد والمنظمات غير الحكومية الحاصلة على صفة مراقب لدى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب باللجوء إلى المحكمة. أي أن القيام لدى المحكمة ليس إمكانية متاحة للجميع بل هي مشروطة بتوجه إرادة الدولة المعنية بإيداع إعلان يؤكّد قبول “اختصاص المحكمة لتلقي الطلبات الواردة في المادة 5(3) من هذا البروتوكول، ولا تقبل المحكمة أي طلب بموجب المادة 5(3) يتعلق بدولة طرف لم تقدّم مثل هذا الإعلان”. أي أن قبول الاختصاص الشخصي للمحكمة يعدّ “عملًا تقديريًا تلتزم من خلاله الدولة بالاختصاص الإجباري للمحكمة، وتمنحها بإرادة أحادية الاختصاص للنظر في النزاعات المعروضة أمامها والمتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان. هذا ويترتب عن قبول الاختصاص المتبلور من خلال إيداع الإعلان، قيام المسؤولية الدولية للدولة المعنية أمام المحاكم الإقليمية والدولية وإقرار الدول بإمكانية تدويل حماية حقوق الإنسان.
في الواقع، لا يعدّ تكريس الاختصاص الشخصيّ من خلال إيداع الإعلان أمرا مستحدثًا في المحاكم الإقليمية. فقد استلهم مشرّع البروتوكول المنشئ للمحكمة الإفريقية، فكرة الإعلان بقبول الاختصاص من المادة 36(2) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدوليّة (CIJ) والتي تُلزم الدول بالاعتراف بالاختصاص الإلزامي للمحكمة في حالة النزاع. إلا أنّ النظام الأوروبيّ تَراجعَ عن هذا الشرط في فترة لاحقة وتحديدا في سنة [1]1994. وعلى الرغم من ذلك، حافظ النظام الإفريقي على شرط إيداع الإعلان ليظلّ ولوج الأفراد والجمعيّات للمحكمة الإفريقية مشروطًا بالموافقة المسبقة للدول. أثّر هذا القيد سلبيّا على فعالية الوصول إلى المحكمة من قبل الأفراد والمنظمات غير الحكومية في إفريقيا، بخاصّة وأنّ دول القارة محكومة إجمالا بأنظمة ديكتاتوريّة تَخشَى صدور أحكام تُدينها من قبل محكمة إقليميّة. وعليه، يُمثّل عدم الإعلان الوسيلة الأنجع لمنع إمكانية الولوج إلى المحكمة في ظلّ انتهاكات حقوق الإنسان. في الواقع، من ضمن 55 دولة عضو في الاتّحاد الإفريقيّ، قامت 34 دولة فقط بالتصديق على البروتوكول، وقد قامت 12 دولة منها فقط بتقديم الإعلان المنصوص عليه في المادة 34(6) معبّرة بذلك عن قبولها هذا الاختصاص، وهي بوركينا فاسو، مالاوي، مالي، تنزانيا، غانا، كوت ديفوار، رواندا، وبنين، غينيا بيساو، تونس، غمبيا والنيجر. في حين سَحبَت خمس[2] دول الإعلان-آخرها تونس- ليصبح عدد الدول الإفريقية التي تُقر بالاختصاص الشخصيّ للمحكمة سبعة. يُفَسَّر سحب الإعلان من قبل الدول إجمالا بارتفاع عدد القضايا الموجّهَة ضدّها من قبل الأفراد والمنظمات الحكومية، ويجدر الذكر أنّ الدولة التي تحتضن مقرّ المحكمة -وهي تنزانيا- سحبت إعلانها في سنة 2019.
تراجع تونس عن التزاماتها الدولية: أيّ خلفية سياسيّة؟
سنة 2017، خطتْ تونس خطوة تاريخية في تعزيز حقوق الإنسان والقضاء الإفريقي من خلال إيداع إعلان يقبل اختصاص المحكمة. بفضل هذا الإعلان أصبحت تونس إحدى الدول القليلة في إفريقيا التي تَسمَح بالوصول المباشر للمحكمة الأفريقية، مما عكَسَ التزامها بالانتقال الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان. مكسب مهمّ لم يعش أكثر من 8 سنوات، حيث تمّ التراجع عنه بجرّة قلم في مارس 2025، إلا أنّ ذلك لا يمنعنا من النظر في الأرقام والخلفية السياسية التي هدمت هذا المكسب الحقوقي الإفريقي. حاليا ، تحتلّ تونس المرتبة الخامسة من بين الدول المُدَّعَى عليها أمام المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بنسبة 7% من جملة القضايا، وهي تلي مالي، ساحل العاج، بنين وتنزانيا، وهي دول -فيما عدا مالي- سَحبَت جميعها الإعلان القاضي بالاختصاص الشخصي للمحكمة الإفريقية. في الواقع، استقبلت المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى حدود اليوم 24 قضيّة ضدّ الدولة التونسيّة، رُفعت جميعها من طرف مواطنين تونسيين باستثناء قضيتين[3].
منذ 25 جويلية 2021، ظَهرت حركيّة لافتة في لجوء المتقاضين التونسيين للمحكمة الإفريقيّة، حيث أنّ 70 بالمائة من القضايا المرفوعة ضدّ تونس قُدّمت منذ ذلك التاريخ. من حيث الموضوع كذلك اختلفت القضايا المقَدّمَة للمحكمة. ففي حين تعلّقت في السابق بحالات فرديّة على غرار هضم حقّ الدفاع والحقّ في محاكمة عادلة في قضية زنا[4] أو انتهاك الحقّ في التقاضي والمساواة أمام القانون في إطار قضيّة تَحيّل من قبل موظف عمومي[5] أو انتهاك حقوق اقتصادية في قضيّة شغليّة[6]، تميّزت القضايا المرفوعة بعد 25 جويلية 2021 بطابعها السياسيّ. أطلق المحامي ابراهيم بلغيث هذه الديناميّة من خلال المطالبة بإدانة خرق “التّدابير الاستثنائيّة” لحقّ الشعب في تقرير مصيره وحقّ المشاركة في إدارة شؤون الوطن. ليُقدّم طعنا آخر تعلّقَ بالمرسوم عدد 11 لسنة 2022 الذي حلّ المجلس الأعلى للقضاء وأحدث مكانه مجلسا مؤقتا معيّنا. كما تقدّم العديد من النوّاب والسياسيين برفع دعاوى ضدّ حلّ مجلس نواب الشعب، إلى جانب دعاوى في خصوص المرسومين 54 و55 لسنة 2022، المُتعلّقيْن تباعا بمكافحة الأخبار الزائفة وتنقيح القانون الانتخابي. كما لجأ بعض أفراد عائلات المساجين السياسيّين إلى طلب تدابير مؤقتة متمثلة في تمكينهم من الحق في الوصول إلى محاميهم وأطبائهم الذين يختارونهم، إلى جانب توضيح الأسباب القانونية والوقائع المنسوبة إلى ذويهم والتي دعت لاعتقالهم. إضافة إلى المطالبة بإطلاق سراحهم.
لم تتوانَ المحكمة الإفريقيّة منذ سنة 2022 عن إنصاف العديد من المُدَّعِين، حيث أصدرتْ أحكاما تاريخيّة في فترة سياسيّة حصّنت خلالها السلطة “تدابيرها الاستثنائية” من أي امكانيّة طعن وفي مرحلة ثانية من خلال تقويض السلطة القضائية. في الواقع، تُعدّ المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب أوّل جهة قضائية تُصدِر قراءتها بخصوص “التّدابير الاستثنائيّة”، قاضية بضرورة إلغاء المراسيم الرئاسية رقم 117 و 69 و100، التي تمّ اعتمادها في ظل “حالة الاستثناء”، معتبرة أنها تنتهك المادة 13 من الميثاق الأفريقي، والتي تكفل حقّ المواطنين في المشاركة الحرة في حكم بلادهم. كما أمرَت المحكمة تونس بالعودة إلى النظام الدّستوري خلال عامين وإنشاء محكمة دستورية مستقلة في نفس الفترة. وفي عام 2024، أعلنت المحكمة التأكيد على هذا الأمر وأمرت تونس كذلك بإلغاء المرسوم عدد 11 لسنة 2022 الذي حلَّ المجلس الأعلى للقضاء، وإعادة تشكيله خلال ستة أشهر. في أوت 2023 أمرَت المحكمة كذلك باتخاذ تدابير عاجلة لضمان حصول المعتقلين على الرعاية الطبية والمشورة القانونية، وتمكينهم من التواصل مع عائلاتهم، والكشف الكامل عن الأسس القانونية لاحتجازهم، نظرًا للقلق بشأن أوضاعهم الصحية وحقوقهم في الإجراءات القانونية. في أكتوبر 2024 أمرت المحكمة كذلك بتعليق العمل بالمرسوم 35 لسنة 2022 الذي يسمح للرئيس بعزل القضاة بشكل تعسفي، والمرسوم الرئاسي الذي أعفى بمقتضاه 57 قاضيًا من مناصبهم، باعتبارهما يشكلان تهديدًا لاستقلالية القضاء والقضاة. إلى جانب كونها انتصارات قضائية للمدَّعين، مثلت الأحكام الصادرة عن المحكمة الأفريقية خلال السنوات الأخيرة ضغطا معنويّا دوليّا على السلطة القائمة، ممّا جعل إمكانية سحب الإعلان القاضي باختصاصها أمرا منطقيا ومنتظرًا.
سحب إعلان قبول الاختصاص : مطيّة للإفلات من المحاسبة ولكن…
طيلة سنوات أثارت مسألة اشتراط إيداع الإعلان للإقرار باختصاص المحكمة وإمكانية سحبه تساؤلات حول مدى نجاعة تكريس البروتوكول لإمكانية اللجوء المشروط للمحكمة خصوصا أمام العدد الضئيل للدّول المنخرطة فيه. حيث أنّ سحب الدّول المُدَّعَى عليها الإعلان إثر صدور أحكام ضدّها يؤكد أنّ اشتراط الاعلان في منح الاختصاص الشخصي للمحكمة يمكن أن يمثّل مطيّة للإفلات من العقاب في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان. طُرحت أمام المحكمة الإفريقية مسألة إمكانيّة سحب الدول إعلاناتها والشروط التي تَحكم ذلك والآثار القانونية المترتبة عليه. في قرارها المتعلق بقضية جود تودييه وآخرون ضدّ جمهورية ساحل العاج[7] اعتبرت المحكمة أنّ اختصاصها الشخصي متوفر على الرغم من إيداع الدولة المدعى عليها، في 29 أفريل 2020، صك سحب الإعلان، مؤكدة على “موقفها بأن سحب الإعلان ليس له أثر رجعي وليس له أيّ تأثير على القضايا قيد النّظر وتقديم صكّ السّحب أو على القضايا الجديدة المودعة لديها قبل دخول السّحب حيز النفاذ، وفي القضية الماثلة، في 30 أفريل 2021، لا تتأثر العريضة الحالية، التي تم تقديمها قبل أن تقدم الدولة المدعى عليها صكّ السحب”.
كذلك الأمر في قرارها الصادر في 3 جوان 2016[8]، حدَّدَت المحكمة توازنًا بين حق الدولة في سحب إعلانها وضرورة ضمان الأمن القانوني للأطراف الأخرى[9]، فارتأت أنّ السحب المفاجئ من دون تقديم إشعار مسبق من شأنه أن يُضعِفَ نظام الحماية المنصوص عليه في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. واعتبرت أن الإشعار المسبق يُعتبَر إلزاميًا في حالة سحب الإعلان بموجب المادة 34(6)، مما يحدّ من حرية الدول تجاه الولاية القضائية الإلزامية.
في هذا الصّدد، فرضَت المحكمة شرط تقديم إشعار مسبق مدّته سنة على الأقلّ قبل سريان الانسحاب، معتبرةً أن سَحب الإعلان من قبل الدولة المُدَّعَى عليها لا يؤثّر في القضايا المقدّمة قبل تاريخ سريان السحب، مؤكدة على أنّ سحب رواندا للإعلان لن يصبح ساريًا إلا بعد مرور عام من تاريخ الإخطار، أي في 1 مارس2017. و بالاعتماد على مبدأ عدم الرجعية، احتفظت المحكمة بولايتها القضائية على الطلبات المقدمة قبل هذا التاريخ. وعلى الرغم من أن سحب الإعلان يعتبر عملاً أحادي الجانب، إلا أنه ليس مطلقًا. فالدول مُلزَمَة بتقديم إشعار مسبق قبل أن يَدخل السحب حيّز التنفيذ، لأن الإعلان يخلق حقوقًا للأفراد والمجموعات.
وعليه، تبقى الإمكانية متاحة أمام الأفراد والمنظمات التي لها صفة مراقب أمام اللجنة الأفريقية للّجوء مباشرة إلى المحكمة الأفريقية إلى حدود شهر مارس من سنة 2026. كما أنّه من الضروري التأكيد على أن باب التقاضي الأفريقي يبقى مفتوحا أمام التونسيين والتونسيات بعد هذا التاريخ، وذلك عبر المرور بالإحالة غير المباشرة للقضايا من قبل اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب[10]، وذلك وفق الفقرة الأولى من المادة الخامسة من البروتوكول الملحق بالميثاق الافريقي.
مسمار آخر في نعش منظومة الحقوق الإنسانية وتصدّي المجتمع المدني
أدانت العديد من المنظمات الوطنية والدولية تراجع تونس عن التزاماتها الدولية عبر سحبها للإعلان القاضي باختصاص المحكمة لقبول القضايا ضد تونس من قبل الأفراد والمنظمات غير الحكومية. حيث اعتبرت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بصفتها منظمة حقوقية لها صفة مراقب لدى اللجنة الإفريقية هذا القرار “انتكاسة خطيرة لالتزامات تونس الإقليمية والدولية. ومحاولة للانسحاب من آلية قضائية مستقلة من شأنها الحد من الإفلات من العقاب وضمان سبل الإنصاف للضحايا”. مطالبة السلطات التونسية بمراجعة موقفها والعدول عنه. كما دعت المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية إلى التعبير عن رفضها لهذا القرار والعمل المشترك دفاعًا عن الحقّ في التقاضي أمام الهيئات الإقليمية. من جهتها، اعتبرت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات هذا القرار تراجعًا خطيرًا في مجال حقوق النساء، ويعكس مؤشّرات مقلقة على تراجع الإرادة السياسية في حماية المكاسب النسويّة وضمان العدالة الجندريّة، إذ أن انسحاب تونس من المحكمة الإفريقية يهدد آليات الحماية التي تعتمدها الناشطات النسويات للدفاع عن حقوق النساء، لا سيما من خلال بروتوكول مابوتو، الذي يعزز حقوق النساء في القارة الإفريقية، ويضمن لهن الحماية من العنف، والمساواة في المجالين السياسي والاجتماعي، والحقّ في الصحة الإنجابية. هذا ودعت الجمعية في بيانها إلى مراجعة هذا القرار والعدول عنه احترامًا لتعهّدات تونس الإقليمية والدولية، معتبرة أنّ أي تراجع عن مبادئ العدالة والحقوق يُمثّل تهديدًا مباشرًا لمسار الديمقراطية في تونس.
طيلة سنوات عديدة، ظلّت مقاومة الدول الإفريقية الاختصاص الشخصي للمحكمة مشكلة حقيقية في الوصول إلى العدالة الدولية للأفراد والمنظّمات غير الحكومية. ومن المؤسف اليوم التحاق تونس بركب دول من الصّعب تصنيفها كنماذج ديمقراطية، لأن لهذه الدول تجارب في إنكار العدالة والتملّص من النظام الإفريقي لحقوق الإنسان، على هِنَاته.
[1] Carole Valérie Nouazi Kemkeng, “La déclaration de l’article 34(6) du Protocole de Ouagadougou dans le système africain des droits de l’homme: entre régressions continentales et progressions régionales”, Annuaire Africain des Droits de l’Homme, volume 2, 2018.
[2] رواندا وتنزانيا وساحل العاج والبنين.
[3] الأولى رفعها البغدادي المحمودي سنة 2012 عقِب تسليمه للسلطات الليبية، رفضت المحكمة النظر فيها لعدم إيداع تونس الإعلان الذي يسمح للأفراد والمنظمات حقّ الولوج إلى التقاضي الإفريقي (وهذا ما حصل لاحقا في 2017). أمّا الثانية، فلا تهمّ تونس تحديدا إذ رفعها مواطن غيني ضدّ الدول التي صوتت مع قبول تجديد عضوية المغرب في الاتحاد الإفريقي، باعتبار “احتلالها” للصحراء الغربيّة.
[4] قضية عليسة ضدّ الدولة التونسية عريضة عدد 2019/061.
[5] قضية ابراهيم عياد ضد الدولة التونسية عريضة عدد 2019/008.
[6] قضيّة أحمد بلغيث ضدّ الدولة التونسية عريضة عدد 2021/005.
[7] قضية عدد 017/2019 جود تودييه وآخرون ضد جمهورية ساحل العاج، ص7: https://bit.ly/3FrtAM5
[8] قضية عدد 003/2014 اينقابير فيكتوار ضد رواندا: https://bit.ly/44cLMDF
[9] يراجع في هذا الصدد: https://bit.ly/42cCo0b
[10] انظر في هذا الصدد :قضية عدد 002/2013 اللجنة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب ضدّ ليبيا (قضية سيف الاسلام القذافي) : https://bit.ly/3DswOhX