جاءنا الرد الآتي من المحامي فادي عون بوكالته عن الدكتور أسعد سيف تبعاً للمقال “محكمة التمييز اللبنانية أمام استحقاق وطنيّ: هل نعاقب الذي يدافع عن ذاكرتنا الجماعية؟” المنشور على موقع المفكرة للكاتبة إلهام برجس. وإذ ننشره أدناه، فإننا نذكر بالآتي:

1- أن للمفكرة كامل الحق في كتابة مقالات عن دعاوى قيد المحاكمة، طالما أنها تتصل بالشأن العام، وذلك مع كامل الاحترام للقضاء وقرينة البراءة. فتماما كما يترافع المحامون أمام المحاكم عن قضية معينة، من حق القوى الاجتماعية والجمعيات المهتمة بقضية معينة أن تترافع عنها في الإعلام بهدف إنضاج التفكير والتخاطب العام في هذه المسألة. وهي ممارسة تعبر عن مستوى عالٍ من الديمقراطية، وهي ممارسة باتت سائدة في لبنان في مجموعة من القضايا الهامة، سواء ما اتصل بحماية البيئة أو حماية الآثار أو حقوق النساء أو قضايا الفساد الخ..

2- أن المفكرة أشادت بالدكتور ناجي كرم الذي أقيمت دعويان ضده على خلفية دفاعه عن آثار لبنان. واحدة من الوزير ليون وقد انتهت بحكم نهائي بات مبرما أعلنت فيه محكمة المطبوعات في حيثية معبرة جدا أنه “لا يستقيم عدالة وقانونا إدانة من يُصوّب على الفساد والخلل بشكل موضوعي”. وهي عبارة بليغة جدا وتقول الكثير عن السياسات التي كان اتبعها الوزير ليون وأيضا عن الجهد الكبير الذي بذله د. كرم ضد هذه السياسات. أما الدعوى الثانية، فهي الدعوى التي صدر فيها حكم ابتدائي عن محكمة مطبوعات بيروت برئاسة القاضي روكز رزق الذي أعرض عن التحقق من صحة انتقادات د. كرم مكتفيا بإدانة الإساءة الكلامية وفق اجتهاد راسخ للقاضي روكز كثيرا ما كان موضع انتقاد على صفحات المفكرة نفسها. وإذ استأنف د. كرم الحكم المذكور في قضية باتت معروضة على محكمة التمييز، اكتفينا بالتذكير بدوره طارحين في نهاية ذلك تساؤلا أوحد بشأن المنحى الذي ستتخذه المحكمة. هو الآتي: “أي اعتبارات عساها تغلّب (محكمة التمييز)؟ هل تتصرف كحارس أصول الأدب فتعاقب هذه الكلمة أو تلك أو أي خروج عنها بمعزل عن أي اعتبار آخر، أم أنها على العكس من ذلك تماما، ستذهب على غرار ما فعلته الهيئة الجديدة لمحكمة المطبوعات في اتجاه الاعتراف بأهمية حرية التعبير في الدفاع عن المصالح الاجتماعية تمهيدا للموازنة بين حق المدّعي (سيف) بالسمعة والكرامة وواجب كرم في الدفاع عن هذه المصالح؟ هذه هي أبرز الأسئلة التي ستجيب عليها محكمة التمييز صراحة أو ضمنا….” هذا هو السؤال الذي طرحناه، وهو سؤال مشروع يتصل بالتوجه الذي تتخذه محكمة التمييز في قضايا القد والذم، يتعدى ظروف هذه القضية وملابساتها. وهو سؤال نعيد سؤاله منذ سنوات وسنبقى كذلك، إيمانا منا أن حرية التعبير دفاع عن قضايا المجتمع تبرر في حالات كثيرة (قد تكون أو لا تكون قضية د. سيف أحدها) التضحية بسمعة أشخاص معينين تورطوا في المس بالصالح العام. وهو تساؤل نعيد طرحه هنا بمعزل عما إذا كان ينطبق في هذه القضية أو قضية أخرى. بكلمة أخرى، نحن لم نتخذ أي قرار مسبق في القضية، وإن دعونا محكمة التمييز إعمال الموازنة المذكورة تيمنا بما فعلته محكمة المطبوعات في هيئتها الجديدة، على أن تقرر هي وفق ظروف القضية، وعلى ضوء الإثباتات، مآل هذه الموازنة. ونحن نقول هذا الأمر من باب التوضيح.

3- أن المفكرة تمكنت من مراجعة الملف القضائي برمته. وهي بذلك اطلعت على آراء د. سيف ووكيله في الدعوى كاملة.

4- أن الرد تضمن إساءات كثيرة للدكتور كرم، يشكل الكثير منها قدحا وذما بحقه. وعليه، وعملا بالاجتهادات الراسخة في مجال حق الرد، نضطر آسفين لشطبها من الرد. وهذا حق لنا وله. أما ما ورد من تقييم لعمل المفكرة (وهو أمر يخرج بدوره عما يجيزه حق الرد)، فننشره بكل رحابة صدر تمكينا للقارئ من تكوين رأيه في هذا المجال. (المحرر)

 

الرد:

السادة موقع المفكرة القانونية المحترمين:

ورد على موقعكم بتاريخ 10 شباط 2019 مقال لكاتبته السيدة “إلهام برجس” ويحمل عنواناً خاطئاً في ظاهره وملتبساً في مضمونه، ومن منطلق حق الرد المكرّس لجميع من يعنيه ما نشر، نوضح لكم وللرأي العام ما يلي:

1- الخطأ الاول الذي وقعت فيه كاتبة المقال أنها استمعت إلى أحد طرفي دعوى أو نزاع دون الطرف الآخر وأبدت رأياً فيه ، جآء مغلوطاً ومستفزاً.

2- الخطأ الثاني والذي يطال موقعكم مثلما أو حتى أكثر مما يطال كاتبة المقال هو أنها استبقت حكماً قضآئياً ونشرت مقالاً تحريضياُ في موضوع ما يزال قيد التحقيق القضآئي ولا يجوز تناوله إعلامياً ولا المزايدة فيه من باب واحد.

3- الخطأ الثالث الذي ارتكبه هذا المقال هو الانحياز إلى جانب طرف،

4- الخطأ الرابع الفادح الذي يطال كاتبة المقال والوسيلة الاعلامية التي نشرته على السواء هو محاولة التأثير على حكم المحكمة العليا من خلال المزايدة عليها بالمواطنة واعلان الاستحقاقات الفارغة ومحاولة التأثير على حكمها بالاتجاه الذي تريده كاتبة المقال أو الوسيلة الإعلامية تحت طآئلة إعلانها محكمة غير وطنية، ألخ …

5- أخطأ المقال في نشر أقاويل ومتفرّقات غير علمية ولا تمت إلى الآثار المزعوم الدفاع عنها بصلة فمن جهة:

  • إن الصورة المنشورة مع المقال لا تعود إلى السور المحكى عنه.
  • تكلم المقال عن أمور حصلت في تسعينات القرن العشرون لا تمت الى الدكتور اسعد سيف بصلة، بحيث أنه في تسعينات القرن العشرين كان الدكتور سيف لا يزال طالباً في الآثار. كما ذكر أموراً أخرى حصلت عام 2017 و 2018 لم يتعاطَ بها الدكتور سيف لا من قريب ولا من بعيد. وهذا امر خطير بحيث أن كاتبة المقال وناشره والدكتور كرم يودون لصق اتهامات باطلة جزافاً بالدكتور سيف.
  • إن الدكتور أسعد سيف لم يكن المدير العام السابق لمديرية الآثار بل كان رئيساً للوحدات الفنية بموجب قرار وزاري؛ مع العلم بأن عمله كان بمثابة عمل المدير العام من النواحي التقنية لشغور المنصب مع احتفاظ وزير الثقافة بالقرار الاداري. أي أن رأي الدكتور سيف كان علمياً يستأنس به وزير الثقافة وليس رأياً ملزماً للوزير.
  • عندما هدم بيت الكاتب أمين معلوف تم ذلك بقرار وزاري لا صلة للدكتور أسعد سيف به، ناهيك عن أن الموضوع حسم في مجلس شورى الدولة بصدور القرار رقم 536 / 2013-2014 تاريخ 10/4/2014 الذي أعطى الحق للوزارة والوزير بالهدم. فليس من المفترض أن يتم تضليل الرأي العام بهذا الموضوع خصوصاً من قبل وسيلة إعلامية تعتبر نفسها ملمة بالامور القضائية كالمفكرة القانونية.
  • أشار المقال إلى الدكتور ناجي كرم بصفة “أستاذ محاضر في مادة الآثار في الجامعة اللبنانية” وكان الحري به أن يقول الأستاذ “المتقاعد” توخياً للدقة.
  • بالإشارة إلى محكمة المطبوعات جآء في المقال أنها “قبلت … دعوى سيف من دون التحقيق في صحة الانتقادات”  كذا. أي نصّبت كاتبة المقال ومن نشره لها نفسهما بديلاً عن المحكمة دون معرفة أي من ملابسات الملف وأصدرا حكمهما مستبقين حكم محكمة التمييز.
  • لو ان كاتبة المقال اتخذت على نفسها عناء التحقق من صحة الانتقادات لما كانت كتبت هذا المقال في الأساس ولكانت ادركت أن د. أسعد سيف الذي هاجمه ناجي كرم دون مبرر، صدف أنه أستاذ مساعد ومحاضر في الآثار في الجامعة اللبنانية في نفس قسم الآثار الذي درًس فيه الدكتور كرم.
  • ولو تحرت، لعلم من كتب المقال ومن نشره، إن جميع القضايا التي أثارها ناجي كرم في دفاعه صدرت فيها أحكام قضآئية أو صدرت فيها قرارات عن السلطة التنفيذية لا علاقة فيها للدكتور أسعد سيف.
  • كان المفترض قبل كتابة المقال تاريخ 10/2/2019 أو نشره التحقق من أن رأي محكمة المطبوعات بهيئتها الجديدة أو القديمة لا يلزم محكمة التمييز، لا بل لا يفترض أن يؤثّر حتى بحكمها بل بالعكس فإن حكم هذه الاخيرة هو ما يشكل الاجتهاد الذي على محكمة المطبوعات اعتماده.
  •  حقيقة أخرى أخطأ فيها المقال موضوع هذا الرد، حين حاول الايحآء بأن المدّعي هو فاسد وصاحب نفوذ يسخّر القضآء لمصلحته. الواقع هو غير ذلك تماماً فبمراجعة بسيطة داخل الإدارة يتبيّن ان الدكتور سيف عمل لأكثر من 15 عاماً على محاولة ترشيد التعاطي الرسمي مع الآثار دون أن يتجاوز وضعه الرسمي وضع الأثري المتعاقد، وأن جميع التقارير التي كتبها هي ما ساهم خلال تلك السنوات كلها على المحافظة على البعض من الآثار المهمة في البلاد.

 

مقالات ذات صلة:

محكمة التمييز اللبنانية أمام استحقاق وطنيّ: هل نعاقب الذي يدافع عن ذاكرتنا الجماعية؟

قرار رائد لمطبوعات بيروت في قضية حماية الآثار: “لا يستقيم عدالة وقانونا إدانة من يصوّب على الفساد والخلل بشكل موضوعي”