عند الساعة العاشرة من صباح الاثنين 21/9/2015 حضر الصحافي ورئيس قسم المجتمع والاقتصاد في جريدة "الأخبار"، محمد زبيب، الى قصر العدل في بيروت للمثول أمام النيابة العامة التمييزية بعد استدعائه على خلفية نشره شيك مصرفي صادر من بنك المدينة الى وزير الداخلية والبلديات الحالي نهاد المشنوق.
وكان زبيب قد نشر بتاريخ 16/9/2015،صورة لهذا الشيك على صفحته على موقع "فايسبوك" وهو عبارة عن مبلغ قدره مليار و436 مليون و400 ألف ليرة صادر عن بنك المدينة في العام 2002 إلى الوزير نهاد المشنوق. سارع هذا الأخير الى الرد من خلال صفحته على فايسبوك فلم ينفِ حصوله على الشيك ولكن لقاء بيعه لمنزل كان يملكه في منطقة ضهور الشوير. وتوعد بإتخاذ الاجراءات والتدابير القضائية اللازمة، لملاحقة من قام بخرق السرية المصرفية المصانة حسب الدستور.
ومع انتشار خبر استدعاء زبيب امام النيابة العامة التمييزية، قام عدد من الصحافيين والناشطين بالدعوة الى وقفة تضامنية معه أمام قصر العدل. وبناء عليه، بدأ ناشطون وصحافيون بالتجمع منذ الساعة التاسعة صباحاً، يتقدمهم صحافيو قسم المجتمع والاقتصاد في جريدة الأخبار حاملين بأيديهم صور الشيك الشهير وذلك للتعبير عن تضامنهم الكامل مع زميلهم. واعتبروا ان زبيب كان يمارس مهنته كصحافي ملزم بنشر الحقائق التي يدخل من ضمنها حق التشهير بالفاسدين وفضحهم تحت راية السلطة الرابعة وحرية التعبير المصانة في الدستور.
وفي حوالي الساعة العاشرة والنصف دخل زبيب الى المحكمة يرافقه وكيله المحامي نزار صاغية. وبعد انتظار دام قرابة الساعة والنصف خرج وسط تصفيق حار من الناشطين الذين لم يملوا الانتظار خارجاً لمعرفة ما ستؤول إليه القضية.
وعما جرى في الداخل تحدث وكيل زبيب المحامي صاغية متوجهاً بالشكر الى جميع الاعلاميين الذين حضروا لأن ذلك هو "أكبر ضمانة لحرية الصحافة". وقال:"لقد تم استدعاؤنا على أساس كتاب يتضمن معلومات بعبارات مطاطة، ولكن اكتشفنا ان هناك شكوى تقدمت اليوم من قبل وزير الداخلية نفسه، وبالتالي اطلعنا على الشكوى ومن الطبيعي ان يكون لدينا مهلة للرد عليها. وقد أعطينا مهلة لما بعد الأعياد حيث سنقوم بتقديم الجواب الصحيح في 1/10/2015. طبعا القضية مبدئية بالنسبة لنا بالدرجة الأولى خاصة في الفترة التي تشهد حراكاً واسعاً في البلد".
تابع:" لقد تم تأجيل الإستجواب على اعتبار ان الشكوى تقدمت اليوم وبالتالي الدعوى للاستجواب صارت قبل ان تتقدم الشكوى بناء على كتاب معلومات"، لافتاً الى ان" الشكوى مقدمة على أساس القدح والذم والتحقير بالوزير". وأكد صاغية أنه لن يكون هناك أي توقيف لزبيب.
بدوره، اشار زبيب الى انه لم يتم استجوابه ورداً على سؤال ان كان يملك شيك آخر لم يقم بعرضه أجاب: "أعتقد أننا أصبحنا بمرحلة المحافظة على سرية التحقيقات وبالتالي سنطلع الرأي العام بالتأكيد بالحصيلة التي ستصل إليها هذه التحقيقات".
وقد توجه زبيب برسالة الى الصحافيين والاعلاميين بشكل عام قائلاً: "إن وقفتنا اليوم هنا، هي تعبير عن إصرارنا وتمسكنا بحريتنا كصحافيين. وحرية التعبير عن الرأي المصانة بالدستور وبالتالي فإن دعوتي هي الى عدم التفريط بهذا الأمر إطلاقاً، فهذا حق لنا وسندافع عنه بكل ما أوتينا من قوة ومهما كانت التحديات وحملات التخويف والتهويل".
اذاً لا تزال السلطة السياسية مستمرة بممارسة قمعها الممنهج لحرية التعبير. فتارة تصب هجومها على المتظاهرين السلميين من خلال ضربهم وتوقيفهم لترهيبهم وتارة أخرى تتوجه نحو الإعلام فلا تتردد في إستغلال كامل أدواتها ونفوذها لمنعه عن القيام بواجبه. من هنا, نسأل ان كانت حرية التعبير في هذا البلد حقاً أساسياً من حقوق المواطن اللبناني أم انها باتت مجرد وجهة نظر؟
متوفر من خلال: