مساء الإثنين 13/10/2014، أطل النائب في كتلة القوات اللبنانية فادي كرم عبر برنامج 'حكي جالس' مع الزميل جو معلوف، متمسكاً بموقف كتلته من الناشطين اللذين رفعا شعار 'حرامية ونص' مؤكداً بأن حزبه لن يتراجع عن دعوى القدح والذم المقامة ضد الناشطين الا ان قام "الحراك المدني للمحاسبة" بالإعتذار.
وإزاء ذلك، جاء رد الحراك المدني للمحاسبة بالدعوة لأوسع مشاركة في الإعتصام في ساحة رياض الصلح عند الساعة السابعة والنصف من مساء الاربعاء 15/10/2013، وذلك من اجل التأكيد على رفض التمديد الذي بات أكثر حضورا، والاصرار على استخدام تعبير 'حرامية' تجاه كل من يغتصب حقوق المواطن اللبناني لا سيما حقه في اختيار ممثلين عنه.
تجمع عدد من الناشطين في الساحة التي تحولت الى ما يشبه الثكنة العسكرية حيث كادت أعداد عناصر القوى الامنية ان تتخطى اعداد المعتصمين. وكان لافتاً حضور الدفاع المدني وسيارات الاطفاء التي دخلت ضمن التدابير الاحترازية المسبقة والتي أوحت بأن كارثة ستقع لا محال.
حضر الناشطون يتقدمهم الاعلام اللبنانية وقد حمل بعضهم مكانس كتب عليها '128 حرامي'، 'صار بدكن تكنيس' وكل التعابير اللازمة لتبرهن بان 'لا للاعتذار' وان هذا المجلس الممدد لنفسه مرة والذي يسعى الى التمديد مرة ثانية ناسفاً حق المواطن اللبناني بإختيار ممثليه، هو مجلس غير شرعي ولا يحظى بقبول المواطنين لذا بات من الضروري للنواب فيه ان يرحلوا ويحفظوا ما بقي لهم من ماء الوجه بعد الاخفاقات الملمة بهم منذ التمديد الاول و ربما منذ انتخابهم.
أمام المدخل الى ساحة النجمة ،كانت الأسلاك الشائكة ترتفع بالأعالي وكأنها ستحاكي السماء، فيما العناصر الامنية مسلحة بالأوقية والأسلحة الحربية والعصي وكل ما يلزم لإثبات بأن اي خطوة فيها بعض الحماسة من قبل احد المتظاهرين ستؤدي الى أمر لا يحمد عقباه.
ولكن جميع مظاهر القمع السائدة في المكان، لم تمنع زخم واندفاع المعتصمين الذين صرخوا بأعلى أصواتهم 'فلوا' و'حرامية ونص'، فيما غطت الأغاني الوطنية لزياد الرحباني وهبة طوجي فترة اراحة حناجر المعتصمين.
ومن بين هؤلاء، يظهر فادي الصايغ من اتحاد المقعدين اللبنانيين محاولاً تحدي من رفع دعوى على الناشطين، حيث رفع مكنسة كتب عليه اسمه ورقم السجل والمنطقة وعن السبب في مشاركته قال: 'التحرك اليوم ياتي ضمن سلسلة التحركات التي يقوم بها الحراك المدني للمحاسبة والذي يهدف الى رفض التمديد الثاني الذي يسعى اليه من هم في السلطة والممددون لانفسهم منذ 31 ايار 2013. فقد اثبتت السبعة عشر شهراً فشل النواب الذين عجزوا حتى عن الاتيان بقانون انتخابات. ليس ذلك فحسب وانما مشاركتي هي للتصدي لدعوى القوات من خلال حمل مكنسة عليها 128 حرامي، الذين سرقوا منا حقنا في الانتخاب الذي هو اساس الديمقراطية. وقد تجرأ احد الممددين لانفسهم بالنيابة عن مجموعة من النواب على رفع دعوى على ناشطين وذلك لانهم اهانوا كرامتهم وكأن المواطن اللبناني لا كرامة لديه. ونحن اردنا المشاركة لنؤكد انهم مغتصبو سلطة ومنتحلو صفة وحتى لو ان القوات استمرت في دعواها فاننا جاهزون للذهاب الى المحاكم لاننا نؤمن بمصداقية القضاء'.
للمحامي والناشط الاجتماعي باسل عبدالله ثلاثة اسباب دفعته ليكون في ساحة الاعتصام وعن ذلك قال: ' انا هنا ردا على تعطيل مؤسسات الدولة الذي يحدث، ولأقول انني ضد الشكوى المقدمة ضد حرية التعبير عن الرأي، لذا يجب ان أدعم حق الناس بالتعبير عن رأيهم بحرية فلا يجوز لاي كان سواء اكان نائبا ام لا ان يقوم بقمع حريتهم. كذلك من المفروض ان هذه التحركات التي هي خارج الاصطفافات الطائفية والسياسية الموجودة في البلد والتي أرى انه من الضروري ان تكبر اكثر فاكثر، لذا يجب العمل دائما على ايجاد حراك سياسي لا طائفي يعمل في البلد ويتطور اكثر فأكثر حتى يشكل للناس متنفساً يعبر عن رأيهم'.
أما الناشط الإجتماعي سامر دبليز فقد حضر وزوجته من مدينة طرابلس محاولاً ايصال وجعها وبأنها ترفض ان يمثلها من خذلها وتخلى عنها وتركها تغرق في شلال الدماء وعن مشاركته قال: 'شاركت لأنني ارفض ما يقوم به النواب من إغتصاب لحقي الديمقراطي اولا فالوكلة الممنوحة لهم انتهت مدتها وهم اثبتوا فشلهم، ناهيك عن ممارسة بعضهم الضغط لكم الأفواه المطالبة بحقها'.
بعد ان سمع الشاب طارق ملاح بدعوى القوات اللبنانية ضد ناشطين ذنبهم الوحيد انهم عبروا عن رأيهم بحرية وعلى الملأ أراد ان يشارك في الاعتصام وعن ذلك قال :'جئت لأعلن تضامني مع الحراك المدني ولمحاسبة ضد النواب المغتصبين للسلطة. وانا اتوجه للنواب الذين ازعجتهم كلمة "حرامية" بالقول انه ان كانت لديكم كرامة ولا تعتبرون انفسكم حرامية اذا ارحلوا عن المجلس'.
وفي ختام الاعتصام كانت هناك كلمة بإسم الحراك تلتها غنى عبدو اكدت فيها انه "على كل من يرفض التمديد أن يستقيل من المجلس النيابي فورا، احتراما لمرجعية المواطنين وحقهم في انتخابه، واحتراما للدستور وحماية للمؤسسات وللنظام الديمقراطي، وحتى تحقيق ذلك، انتم في قفص الاتهام وليس نحن".
اضافت:'المعطلون والممددون والفاسدون والساكتون عن الفساد، كلهم في نفس الموقع، حتى تسترد الشرعية، الحريات والحقوق، وحتى تعود إلى المواطنين ثقتهم بأن الدولة ومؤسساتها وجدت لتضمن أمنهم وعيشهم الكريم ولتحمي حقهم في التعبير ومستقبل أولادهم'.
تابعت: 'أنتم تدينون لشعبكم بالإعتذار على فشل المؤسسات وقمع الحريات وقضم حقوق المواطن وتفاقم الوضع المعيشي العام وعلى هجرة الشباب وعلى التحريض الطائفي والمناكفات السياسية بحجج داخلية وإقليمية، ولسنا نحن أبدا من ندين بالإعتذار لكم، فاوقفوا عادتكم بتحوير الحقائق'.
وفي الختام اكد 'الحراك' على الاستمرار في المواجهة، إحقاقا للحق، عبر التحركات الميدانية وبجميع الوسائل الديمقراطية واللاعنفية الممكنة حتى يعود الحق لأصحاب وتعود المؤسسات الدستورية الى العمل.
ربما لن تستطيع الاعتصامات المتكررة ان تعرقل ولادة تمديد ثانٍ ان دخل في مرحلة المخاض، وربما لن تردع بأي حال كتلة القوات اللبنانية عن دعواها، ولكن من المؤكد ان هذه التحركات التي يخوضها المجتمع المدني بشكل عام والحراك المدني بشكر خاص هي بمثابة الدرع الحامي لحقوق المواطن اللبناني لا سيما حقه بحرية التعبير عن رأيه وممارسة حقوقه كمواطن في بلد ديمقراطية قائم على شعارات الحرية والسيادة والاستقلال. يؤمل أن تكون رسالة المواطنة بلغت مسامع القضاء.
الصورة من ارشيف المفكرة القانونية