بتاريخ 7/7/2017، أرجأت محكمة الجنايات في بعبدا برئاسة القاضي فيصل حيدر جلستها في قضية "الشي موريس" للمرة الثالثة على التوالي وذلك إلى موعد آخر حدد بتاريخ 16/11/2017.
وتعود هذه القضية إلى أكثر من عام: فبتاريخ 27/3/2016، قامت مفرزة استقصاء جبل لبنان بالكشف عن شبكة إتجار بالبشر قامت باحتجاز نحو 75 فتاة من الجنسيتين السورية والعراقية في أقبية فندقي "شي موريس" و"سلفير"، وأرغمتهن من خلال الضرب والتعذيب والترهيب على العمل في الدعارة.
وكانت جلسة الجمعة التي انعقدت قرابة الساعة الواحدة، مخصصة أيضاً لاستجواب المتهمين لكن تغيب بعضهم، ناهيك عن طلب بعضهم الآخر للمعونة من أجل تعيين محام من قبل نقابة المحامين أدى إلى تأجيل الجلسة مجدداً. ومن أبرز المتغيبين عن الحضور كان فواز الحسن المسؤول الأكبر عن شبكة الإتجار والذي لا يزال متوارياً عن الأنظار حتى اللحظة. كذلك غاب عن الجلسة كل من مدين علي الحسن الذي تم إطلاق سراحه سابقاً. كذلك غاب إلياس أبو رجيلي الذي لا يزال موقوفاً لكن لم يتم سوقه من السجن إلى قاعة المحكمة لحضور الجلسة.
منذ الساعة الحادية عشرة، كان أفراد "الشبكة" المخلى سبيلهم ممن يُعرفن بـ"الحارسات" والحراس حاضرين في قاعة المحكمة بانتظار أن يبدأ القاضي حيدر جلساته. أما عماد الريحاوي الذي كان من المنتظر حضوره للمرة الأولى حراً طليقاً بعد أن تم إخلاء سبيله، فقد حضر قرابة الساعة الثانية عشر. وكعادته كان في كامل أناقته مسرحاً شعره ومنسقاً هندامه دخل إلى القاعة مرتاحاً. أما طبيب الإجهاض رياض العلم فلم يدخل القاعة هذه المرة إلاّ عندما نادى القاضي على أسماء المتهمين بالقضية. أما التغيير الإيجابي الذي طرأ هذه المرة والذي سبق أن انتقدناه في الجلسة السابقة أنه تمّ تصحيح نوع القضية على جدول أعمال الجلسة من دعارة إلى دعارة واتجار بالبشر.
عند الساعة الحادية عشر والنصف، بدأ القاضي فيصل حيدر جلساته. والمزعج في قاعة الجنايات في بعبدا أنه يغيب عنها مكبر الصوت "الميكروفون". ومع انخفاض صوت القاضي يشعر المرء أن الجلسات هي علنية مع وقف التنفيذ إذ لا يسمع منها شيئا، مما يجبرك على طلب الإذن واستخدام "امتياز انك صحافي" للسماح لك بالإقتراب قليلاً لتسمع ما يقال. وكان من الطريف أن أحد الموقوفين في قضية أخرى داخل قفص الاتهام راح يصرخ "لم أسمع شيئا ولم أفهم شيئا…معن حق شو بيحكو عليكن بالتلفزيون"، الأمر الذي دفع بالقاضي إلى طلب إخراجه من القاعة بعد انتهاء النظر بقضيته.
الجديد في هذه المرة حضور عدد من الناشطين في المجتمع المدني لمتابعة جلسة قضية الشي موريس، ومن بينهم المخرجة سحر عساف التي سبق أن قدمت مسرحية "لا طلب لا عرض" بالتعاون مع جمعية "كفى" والتي تناولت فيها قضية ضحايا هذه الشبكة في عرض مسرحية قدم ثلاث مرات آخرها كان على مسرح ميترو المدينة نهار الثلاثاء 4/7/2018. وقد التبس الأمر على المخرجة عساف فظنت أن "الحارسات" هن من ضحايا الشبكة فاقتربت منهن وطلبت الاستماع إلى قضيتهن، لتفاجأ بدفاع مستميت عن عماد الريحاوي وأنه هو الضحية. فيما بعد اقتربت منها المحامية غنى زعيتر وقالت لها أن كل ما روي من إجرام بحق الفتيات وعمليات إجهاض هي محض أكاذيب، وعرضت عليها أن تقدم لها مستندات وأدلة تبرز الحقيقة التي يجهلها الرأي العام.
وعندما بدأت الجلسة في القضية، وعرض الأسماء واستبيان من حضر ولم يحضر، طلب عدد من المتهمين بتعيين محامٍ لهم، وهم في السابق أنفسهم رفضوا تعيين محامٍ الأمر الذي دفع بالقاضي حيدر لينبههم أنه "من حضر اليوم ولم يطلب محاميا لن يحق له في الجلسة المقبلة طلب تعيين واحدٍ" ربما في محاولة للحد من المماطلة في القضية. وقبل أن يختم القاضي جلسته ويحدد تاريخ 16/11/2017 موعداً لجلسة أخرى، صرخ غياث الضفدع من قفص الإتهام طالباً توكيل محامٍ له لأن "أحداً لا يزوره ولا يطلب له طلب الإسترحام". ويشار أن الضفدع هو أول من سقط من أفراد الشبكة الذكور وأقرّ واعترف بالتعذيب الممارس من قبلها بحق الفتيات.
إذاً أجلت الجلسة مرة أخرى وربما لن تكون الأخيرة. وفي حديث مع المحامية "موهانا اسحق" وكيلة عدد من الفتيات من ضحايا الشبكة بشأن إمكانية تسريع الجلسات، لم يكن جوابها مطمئناً بل توقعت أن تأخذ المحاكمة سنوات طويلة قبل أن ينال الضحايا العدالة التي يستحقونها. وعن سؤالنا أجابت: "أن التأجيل الذي يحصل طبيعي جداً. فهذا ما يحصل في ملفات الجنايات عادة، اذ يجب ان يحضر جميع أطراف الدعوى ومحاميهم وإلا لا يتم السير بالجلسة". وأكدت أن "أصول المحاكمات واضحة في هذا السياق وهذا ما يدفع بالقضايا في محكمة الجنايات ان تستمر إلى أربع سنوات وربما أكثر" وأنه "لا مخرج قانوني في هذا السياق ولا يمكن بالتالي الاعتراض أمام القاضي على هذا الموضوع". وتوقعت اسحق "أن يتم تأجيل عدة جلسات بنفس الطريقة قبل البدء في المحاكمة الفعلية، كما أنه في حال نقابة المحامين في بيروت لم ترسل محامي وفقاً لكتابة المحكمة سيتم تأجيل الجلسة لارسال كتاب مرة أخرى". وأوضحت أنه أمام الجهة المدعى عليها طرق عدة للمماطلة منها في حال حضور الجميع أن يتقدم أحد محامي الدفاع عنهم بطلب استمهال ليتقدم بدفوع شكلية وعندها لن يتم السير بالجلسة، وحتى إن تم السير بالجلسة، سيتم طلب المحققين والشهود وغيرها من الأمور وبالتالي فإن القضية قد تأخذ من سنتين الى نحو الثلاث سنوات في أسرع الاحتمالات.
متوفر من خلال: