عقد النائبان إبراهيم منيمنة وحليمة القعقور والمفكرة القانونية مؤتمراً صحافياً اليوم الخميس في 21 تموز في مركز الأخيرة، للإعلان عن تقديم طعن أمام مجلس شورى الدولة ضدّ التعميم رقم 17/2022 الصادر عن رئيس مجلس الوزراء المستقيل نجيب ميقاتي في 21/7/2022 والمتعلّق بآلية تصريف الأعمال بعد استقالة الحكومة.
يكرّس التعميم آلية الموافقات الاستثنائية أي الموافقات التي يتولّى شخصان هما رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة اتخاذها من دون الرجوع إلى الحكومة المستقيلة ومع الوزير المختص أو من دونه حسب الحالات. وقد ابتدع هذه الآلية رئيس الحكومة نفسه نجيب ميقاتي بعد استقالة حكومته الثانية في 2013 من دون أن يكون لها أي سند دستوري، بل بصورة منافية تماماً للدستور الذي ينيط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء مجتمعا (مادة 65). وتُبنى هذه البدعة على بدعة أخرى تتمثل في التوقف عن دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، وهو ما يخالف المادة 65 مرة أخرى، مقابل منح صلاحيات خارقة لشخصين هما رئيسي الحكومة والجمهورية.
صاغية
ما يزيد من خطورة هذه الممارسة، بحسب المدير التنفيذي لـ “المفكرة القانونية” المحامي نزار صاغية في كلمته في المؤتمر، “هو امتداد حكومات تصريف الأعمال لفترات زمنية ما فتئتْ تتمدد منذ ابتداع آلية الموافقات المسبقة. فقد بلغ عمر هذه الحكومات منذ صدور أول تعميم (نيسان 2013) 1178 يوما أي ما يزيد عن ثلث المدة الزمنية المنقضية منذ ذلك التاريخ، علماً أنّ عمر حكومات تصريف الأعمال تجاوز 841 يوما في العهد الحالي أي ما يزيد على 40% من مدته وبلغ 541 يوما منذ بدء الانهيار في تشرين الأول 2019 أي ما نسبته 54% من مجموع المدة الزمنية المنقضية منذ ذلك الحين”.
وأوضح صاغية أنه “منذ الانهيار باتت الفترة التي تطبق فيها الحكومات المتعاقبة نظام الموافقات الاستثنائية أطول من الفترة التي تعمل فيها هذه الحكومات وفق أحكام الدستور”.
وعن كيفية التصدّي لهذه الظاهرة، شرح صاغية عن أهمية الطعن في تعميم رئاسة الحكومة مباشرة والذي سجّلته “المفكرة” بمعية النائبين حليمة القعقور وإبراهيم منيمنة في 19 تموز 2022 تحت رقم 2025/2022. وأكّد على “ارتباط هذا الطعن بأسس الديمقراطية وما تفرضه من توازن للسلطات واحترام للضوابط القانونية والدستورية. فلا يحتكر الشأن العام عدد قليل من الناس بمعزل عن أي مشروعية أو مساءلة”، آملاً “أن يتصدّى مجلس شورى الدولة هذه المرّة من دون إبطاء لهذه المسألة، من خلال قبول الطلب بوقف تنفيذ التعميم، صونا للشرعيّة وتحسّبا لما قد ينشأ عن مخالفتها من مخاطر خاصة مع اقتراب ولاية رئيس الجمهورية على الانتهاء مما يفرض إعادة الأمور إلى نصابها قبل ذلك”.
القعقور
وفي كلمتها أكّدت النائبة حليمة القعقور أنّ “تصريف الأعمال بات هو القاعدة في لبنان، بينما الاستثناء هو حكومة مسؤولة أمام المجلس النيابي خاضعة للمساءلة والمراقبة وهو ما يضعنا كنواب أمام مسؤولية المساهمة في تنظيم هذه المرحلة ووضعها في إطارها الدستوري والسياسي الصحيح خدمة للمصلحة العامة”.
وعن الطعن، أعلنت القعقور أنّ الهدف منه هو “وقف الموافقات الاستثنائية غير الدستورية وتصحيح المعايير المتبّعة في آلية تصريف الأعمال” مُطالبة الحكومة بالاجتماع وتحمّل مسؤولياتها في إطار التعريف الضيق لتصريف الأعمال وبوقف الاستنسابية المتبعة في الحكومات السابقة التي اتخذت قرارات وأصدرت مراسيم وأبرمت اتفاقات دولية خارج المعنى الضيق لتصريف الأعمال، بطريقة مخالفة للدستور ولانتظام الحياة السياسية العامة”.
وعن خطورة القرارات الاسثنائية، قدّمت القعقور مثالاً عن إعطاء حركة الاتصالات كاملة للأجهزة الأمنية والعسكرية وتمديدها لأكثر من مرة وهو ما لا يجب أن يصدر عن حكومة تصريف أعمال بل عن حكومة خاضعة لرقابة ومحاسبة مجلس النواب.
منيمنة
أما النائب إبراهيم منيمنة فقد اعتبر أن “عدم انعقاد حكومات تصريف الأعمال، مما يشكل استنكافاً لمجلس الوزراء عن أداء مهامه وتسيير شؤون البلاد والعباد في هذه الفترة، بالإضافة إلى الموافقات الاستثنائية وقوامها اختصار السلطة التنفيذية بشخصي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وتمرير قرارات سياسية أثبتت الممارسة بأنها استنسابية وظرفية هي بدع سياسية تضاف إلى لائحة العار للمارسات التشويهية للمنظومة”.
وعن مشاركته في الطعن إلى جانب “المفكرة” أمام مجلس شورى الدولة، تمنّى منيمنة أن “يقوم هذا المجلس بدوره الدستوري والرقابي لجهة استقامة العمل الإداري ووضع حدّ للمخالفة الواردة في التعميم الصادر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. فوحدها السلطة تحدّ السلطة، والقضاء سلطة دستورية لا زلنا نعوّل عليها، وان لم تزل سطوتها منقوصة بسبب عدم اقرار المنظومة لقانون استقلالية القضاء، ولكن لا يحدّ ذلك من تعويلنا عليها كسلطة دستورية كاملة، وحجر الأساس في الإصلاح والمحاسبة في البلد”.