في 31 تشرين الأوّل 2023، وبعد أسبوعين من بدء العدوان الإسرائيلي الوحشيّ على غزّة وخطر توسع العدوان إلى لبنان، وضعت الحكومة اللبنانية خطة طوارئ في حال حصول الحرب. وعند مراجعة هذه الخطة، يظهر بوضوح أنها لا تعدو كونها هيكلا عظميّا فارغا لخطة لم توضع أو رؤوس أقلام مستمدة من مرادفات الأمم المتحدة لخطّة لم تفصّل، فضلا عن كونها وضعت من دون أن ترصد أي أموال لها. وما أن وقعت الكارثة في 23/8/2024، حتى تجلّى بوضوح ضعف التخطيط على جميع الأصعدة وتخبّط الجهات المخوّلة تنفيذ الخطة أو تحديثها وبالأخصّ فيما يخصّ إيواء النازحين وتأمين حقوقهم الأساسية. وتزداد المخاوف من فراغ الخطة إزاء مخاوف إلقاء حصار على موانئ لبنان ومطاره. وفيما تكرّر الأوساط الحكومية من باب إبراء المسؤولية عدم توقّع وصول الكارثة إلى ما وصلتْ إليه، فهي ما تزال حتى اللحظة تراهن على ربط أي تطوير لها بالمساعدات الدولية التي قد يتلقاها لبنان، من دون أن تخصص أيّ أموال عامة لحاجات تنفيذها.
وبدل أن تطالب القوى السياسية الدولة في تحمّل مسؤوليتها، فإن غالبها اهتمّ بالصورة التي يريد الترويج لها عن ذاته، سواء كقوّة حاضنة للنازحين أو كقوّة تضع خطوطا جغرافية وسياسية حمراء أمامهم. وقد ألمحت بعض هذه القوى أنّ المخاطر التي وُضعت الخطّة من أجل مواجهتها يتحمّل مسؤوليتها حزب الله الأمر الذي يوجب على هذا الأخير دون الدولة تحمّل نتائجها. وبالطبع، وبمعزل عن مسؤولية حزب الله، فإن هذه الحجة لا تستقيم قط إذ أنّ الدولة تبقى مسؤولة تجاه مواطنيها حيال المخاطر التي قد تواجههم على أن تطالب أيّا من الفرقاء الذين تسبّبوا بحصولها أو بالأضرار الناجمة عنها بتعويضها لاحقا.
وعليه، وبهدف إجراء تقييم للخطة الحكومية، سنبرز بداية التوجّهات العامّة والممارسات الفضلى المعتمدة عالميا في هذا المجال. وقبل المضي في ذلك، يجدر التذكير بمصادر التزام الدولة في إسعاف مواطنيها إزاء المخاطر التي قد يتعرضون لها والتخطيط من أجل ذلك، والتي يستشف منها أن مسؤولية الحكومة في هذا الخصوص ليس منّة بل مسؤولية دستوريّة وقانونية ودولية.
1-الدولة ملزمة بالتخطيط إزاء المخاطر التي قد يتعرض لها المواطنون
في هذا الصدد، سنبيّن الأسناد الدستورية والدولية والقانونية لمسؤولية الدولة في التهيّؤ والتخطيط لمواجهة الكوارث ضمانا لحقوق مواطنيها. فخلافًا لما قد يصوّره البعض، هذا التهيؤ والتخطيط لمواجهة الكوارث لا يدخل في منطق الصدقة أو الإحسان أو المساعدات الاجتماعية، إنما ضمن منطق الحقوق وتحديدا واجب حماية المواطنين من المخاطر العامة والظروف التي قد تفقدهم وسائل العيش.
ولعل السند الأول لهذه المسؤولية هو أن الدولة تتحمل مسؤولية إضافية في ضمان الحقوق الأساسية لمواطنيها في حالات “فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادتهم”، وهو تحديدا ما قد يحصل في حال الحروب والكوارث الطبيعية. وهذا ما نستشفه بشكل خاصّ من المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ضمن لكلّ فرد حق التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية في حالات فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته، علما أن الإعلان العالمي يعدّ بموجب الفقرة “ب” من مقدمة الدستور جزءاً لا يتجزأ من المنظومة القانونية في لبنان وفقاً للاجتهاد المستقرّ للمجلس الدستوري ومجلس شورى الدولة وسائر المحاكم. وما يعزّز هذا الموجب هي الغاية لهذا الإعلان الذي وضع غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقوامها الالتزام بتحرير الأفراد من الخوف والعوز حفظا لحريتهم وكرامتهم الإنسانية وتعزيز التعامل فيما بينهم من منطلق الإخاء.
المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمُّل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه.
وهذا ما أعاد العهدان الدوليّان للحقوق المدنيّة والسياسيّة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التأكيد عليه، وتحديدا على وجوب الحفاظ على الكرامة الإنسانية والمساواة من دون تمييز وضمان تحرّر الأفراد من الخوف والعوز. كما تعهّدت الدول الموقعة على هذا العهد الأخير بأن تقوم منفردة ومن خلال المساعدة والتعاون الدوليين باتخاذ الخطوات، بخاصّة الاقتصادية والفنية، ولأقصى ما تسمح به مواردُها المتوافرة من أجل التوصّل تدريجيّا للتحقيق الكامل للحقوق المعترف بها في العهد الحالي بكافّة الطرق المناسبة. وقد تعززت مسؤولية الدولة في هذا الإطار من خلال تأكيد مقدمة الدستور على التزامها بالعدالة الاجتماعية والإنماء المتوازن وكلاهما يتّصلان بشكل وثيق بأهميّة ضمان الجهوزيّة لمواجهة المخاطر وضمنًا المخاطر التي قد تصيب فئة من فئات المجتمع.
وعليه، ووصولا إلى هذه الغاية، انضمّ لبنان إلى عدد من الاتفاقيّات الدولية. ولعل أهمها “دستور المنظمة الدوليّة للحماية المدنيّة” الذي يرمي إلى تقوية التنسيق والتكامل بين الدول في التنظيم والمناهج والوسائل التقنيّة التي تتيح اتّقاء عواقب الكوارث الطبيعية أو الأعمال الحربية، أو التخفيف منها. كما عاد وانضمّ إلى “الاتفاقيّة الإطاريّة للمساعدة في مجال الحماية المدنيّة” والتي أكّدت على أهميّة الهياكل الوطنيّة للحماية المدنيّة أو الدفاع المدنيّ أو الأمن المدنيّ أو إدارة أوضاع للطوارئ في هذا الخصوص سواء من حيث الوقاية والتأهّب أو من حيث التّدخل. يضاف إلى ذلك عدد من الاتفاقيات الدولية المتصلة بحماية قيم أو ممتلكات معينة في زمن النزاعات المسلحة، وفي مقدمتها حماية الممتلكات الثقافية إلخ.
فضلا عن ذلك، شهدت العقود الماضية نشاطا ملحوظا في هذا الخصوص على صعيد الجمعية العامّة للأمم المتحدة، بهدف اتّقاء الكوارث والتأهّب لها، وإن ركّز بعضها على الكوارث الطبيعية، مثل إعلان التسعينات عقدا دوليا للحدّ من الكوارث وتسمية يوم الأربعاء الثاني من تشرين الأول اليوم الدولي للحدّ من الكوارث الطبيعية[1] واستراتيجية يوكوهاما من أجل عالم أكثر أمنا: المبادئ التوجيهية لاتّقاء الكوارث الطبيعية والتأهّب لها وتخفيف حدتها“ والمخطّط الدولي المرفق بها في ميدان الحدّ من الكوارث الصادرين في أيار 1994 عن المؤتمر العالمي للحدّ من الكوارث الطبيعية؛ والاستراتيجيّة من أجل عالم أكثر أمنا في القرن الواحد والعشرين الصادرة عن منتدى العقد الدولي للحد من الكوارث الطبيعية في تموز 1999؛ وإعلان جوهانسبرغ بشأن التنمية المستدامة وخطة التنفيذ لمؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة الصادرين في أيلول 2002؛ وإعلان هيوغو من أجل بناء قدرة الأمم واﻟﻤﺠتمعات على مواجهة الكوارث وإطار العمل المرفق به لفترة 2005-2015[2].
كما اتّخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة مجموعة من القرارات للتأكيد على هذه المبادئ وتعزيز الدور المركزي للأمم المتحدة في مجال تنسيق الجهود الدولية للاستجابة في حالات الطوارئ[3] ولحثّ الدول على تعزيز التعاون الدولي ولا سيّما على مستوى توزيع الأعمال والتنسيق التكنولوجي في تطوير أدوات الإنذار المسبق أو لحثّها على تطوير طاقاتها الذاتيّة وتفعيلها عن طريق إشراك واسع للمجتمع في أعمال الجهوزيّة كجزء لا يتجزّأ من خطط التنمية الوطنية وتحصين المناعة المجتمعيّة وخصوصا في المناطق الأكثر فقرا. وهذا ما تجلى بشكل خاصّ في دعوتها إلى إنشاء منتديّات وطنيّة للحدّ من الكوارث[4] ومن ثمّ في وضع مبادئ توجيهية لهذه المنتديّات الوطنية في العام 2007.
وإلى جانب هذه النصوص والتوصيات الدولية، نجد عددا من التّنظيمات القانونيّة الآيلة إلى تحميل الحكومة مسؤولية إعداد البلاد لأحوال الطوارئ في حال حصولها، وأبرزها المراسيم التنظيميّة للدفاع المدني[5]، وأيضا قرار إنشاء الهيئة العليا للإغاثة[6]فضلا عن القوانين المتصلة بحماية البيئة[7].
وفي هذا المجال، يبرز بشكل خاص الدور المحوري للدفاع المدني في الكوارث. إذ ينصّ المرسوم 50/67 “نظام وتنظيم الدفاع المدني” على أن “الدفاع المدني عنصر من عناصر الدفاع الوطني ومهمّته إعداد الوسائل الكفيلة بتدارك الخسائر في الأشخاص والممتلكات والحدّ منها في حالة الحرب والنكبات الطبيعية؛ وضمان استمرار الحياة العامة بصورة طبيعية في الحالات المشار إليها” (المادة 1). هذا وقد أُولى هذا الجهاز حقّ فرض التكاليف والموجبات التي تستدعيها مقتضيات الدفاع المدني على الأهلين؛ وإجلاء السكان وإيوائهم وتوفير معيشتهم؛ وإخلاء الأماكن الخطرة أو المعرضة للخطر، عدا عن حقّ القيام في كل وقت بتدريب المدنيين على أعمال الدفاع المدني وإخضاعهم للتمارين اللازمة (المادة 2). إضافة إلى كلّ ما تقدم، يتولي الدفاع المدني بحسب المادة 3 مهامّ في السلم، ومهامّ تلقائيّة في حالة الحرب أو في حالة خطر الحرب وفي حالة الطوارئ، وفي حالة القصف بالقنابل أو تعرض الأراضي اللبنانية لأخطار الأسلحة النووية او حلول نكبة طبيعية. هذا ويتضمن هذا المرسوم فصلا يتعلّق ببناء الملاجئ وتجهيزها من قبل الدفاع المدني، ووضع جميع الباحات والأرصفة والحدائق العامة والخاصة التي يراها الجهاز المركزي للدفاع المدني ضرورية بتصرفه ليبني فيها ملاجئ عامة.
من جهة ثانية، يتبيّن أن للهيئة العليا للإغاثة العديد من المهام المتعلّقة بإدارة الأزمات والكوارث، تمتدّ من تلافي وقوع الكوارث، إلى ادارة شؤون الكوارث على مختلف أنواعها، وجميع الأمور التي لها طابع الإغاثة.
وعليه، يستخلص من هذه الالتزامات القانونية مسؤولية الدولة في وضع خطة فعّالة لمجابهة الكوارث، كما يتبين أن هذه المعطيات يقتضي أن تبقى ماثلة في الأذهان عند تحديد خصائص هذه الخطة وربما دقائقها، على نحو يؤمّن تلاؤم الخطة مع أهدافها.
-التوجّهات العامّة في مجال “الدفاع المدني”
مما تقدّم، يسوغ استخراج توجّهات التشريع الأكثر ملاءمة في مجال الدّفاع المدنيّ. وهي الآتيّة:
التوجّه الأول: إلزاميّة التّخطيط وشموليّته:
إنّ التوجّه الأوّل لأيّ سيّاسة في مجال الدّفاع المدنيّ يكمن في إلزامية التخطيط وشموليته، بمعنى التخطيط لدرء الكوارث أو التخفيف منها وإدارتها مما يجعلها جزءا لا يتجزّأ من مسؤوليّات السّلطات العامّة. فأي نقص في التخطيط يجرّد الدولة من وسائل اجتناب الكارثة أو التخفيف من الكمّ الأكبر منها وينعكس دون ريب سلبا على أعمال الحماية والإنقاذ والإغاثة والتي تصطدم غالبا بنقص الإمكانات وتبقى بأيّة حال محلّ استنساب وتشكيك. والواقع أن هذا التوجه تكرّس في عدد من الاتفاقيات الدولية وتوصيات وإعلانات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وهو مؤكدا شرط أساسي لإشعار المواطن بالأمان وتاليا شرط ذات قيمة دستوريّة طالما يفترض وجوده في أيّ عقد جماعيّ.
والواقع أنّ لهذا التوجّه أهميّة سياسيّة خاصّة طالما أنّ الحكومات غالبا ما تضع سيّاساتها على ضوء الحاجات الآنيّة الأكثر إلحاحا وذلك تعزيزا لشعبيّتها لدى الناس فيما تبدو قليلة الاهتمام في مهام التخطيط، وخصوصًا إذا تناول أحداثا ثمة احتمال أن لا تحصل. وهذا الميل يزداد بالطبع كلما قلت موارد الدولة أو مستوى العدالة الاجتماعية أو قلّ مستوى الاستقرار الحكومي، كما هي حال لبنان بحيث يقلّ احتمال حصول الطارئ خلال عمر حكومة معينة. كما يزداد إذا كان النّظام السياسيّ ميّالا إلى حرمان المواطن من أيّ حق مكتسب بهدف إبقائه تحت سطوة الزبونية. وعليه، يبدو الحافز السياسيّ إلى وضع خطة لمواجهة الكوارث دون مستوى الحاجة الاجتماعية إليها، مما يفرض إذا التشدّد في إبراز طابعها الإلزاميّ. وهذا يفسّر إلى حدّ كبير الأهميّة الكبرى التي أولتْها الأمم المتّحدة للتحسّب إزاء الكوارث، إلى درجة القول بأنها هدفيّة التّسعينات مع ما استتبع ذلك من إعلانات واستراتيجيّات وتوصيّات.
والواقع أن هذا التوجه يفترض ملء شروط عدّة. فإلى جانب وضع نصوص تفصيلية وملزمة للأجهزة المسؤولة عن التخطيط للقيام بمهامها، يفترض هذا التوجه شمولية في التخطيط بدءا من تدابير تفادي الكارثة إلى تدابير التّخفيف من وقعها أو إدارتها، وعلى نحو يشمل تنظيم آليّات التعاون وأصوله محليا ووطنيا وإقليميا ودوليا على حدّ سواء ويفترض تاليا مستوى عاليا من التنسيق.
التوجّه الثاني: اعتماد معيار الكرامة الإنسانيّة كمحور للدفاع المدنيّ:
في هذا المضمار، يسجّل أنّ الخطاب الدوليّ يتّجه بشكل متزايد إلى عدّ أعمال الإنقاذ والإغاثة جزءا أساسيّا من حقوق الإنسان (الجيل الثالث من حقوق الإنسان)، بالأخصّ في اتفاقيات جنيف والبروتوكولين الإضافيين الملحقين بها فيما يتعلّق بالحق في الإغاثة، بما يرتّب من التزامات إنسانية دولية ووطنية على حد سواء.
وبالطّبع، لهذا التوجّه انعكاسات مباشرة أبرزها الآتية:
1-أن لا جواز للتمييز في أعمال الدفاع المدنيّ. فالناس في حال الخطر جميعهم سواسية بمعزل عن الاختلافات المنصوص عليها في المواثيق الدوليّة لهذه الجهة وأبرزها فيما يخصّ لبنان (الطبقيّة والأصل الاثنيّ والطائفيّة والجنسيّة والجنس). وبالطبع، يفترض هذا الأمر ليس فقط تكريس المساواة شكلا إنما أيضا وضع آليات من شأنها ضمان التمتّع بهذه المساواة فعليا.
وعليه، فمن المهمّ أن تحدّد وسائل التنبيه والإنذار على نحو يضمن وصول الرسالة إلى الناس كافة، بمعزل عن الوسائل المادية المتاحة لهم. كما نسجل في هذا الصدد تجربة كوبا التي توجب، ليس فقط الوصول إلى الأشخاص المعنيين وإقناعهم بوجوب انتقالهم إلى ملاجئ إنما أيضا اتّخاذ إجراءات عملية لتعزيز حظوظ الإقناع عبر تخفيض الأضرار التي قد تنجم عن ترك ديارهم، كأن تؤمّن مستودعات للأشياء الثمينة التي يملكونها أو للمواشي ألخ.. أو توضع آليات لضمان التمتع بالنقل العام وتوزيع المساعدات الطبية والغذائية ألخ بشكل متساوٍ من دون تمييز. ومن هنا، لا بدّ أيضا أن يشمل التّخطيط اللاجئين والأجانب المقيمين في لبنان بما فيهم السوريين والفلسطينيين من دون أيّ تمييز. وبالطبع، إن التقيّد بمبدأ عدم التمييز لا يحول دون اعتماد بعض أشكال التمييز الإيجابي كأن تتخذ إجراءات معينة حماية للفئات الأكثر هشاشة على أساس الجنس أو العمر إلخ…
2-إن الحماية المطلوبة لا تعني فقط حماية أرواح الناس وإغاثتهم من المخاطر، بل أيضا ضمان تمتعهم قدر الممكن بمجمل الحقوق الضروريّة للتمتّع بالكرامة الإنسانيّة والعيش بمنأى عن الخوف أو العوز. وهذا ما تؤكّده مجموعة التوجيهات الأساسيّة الصادرة عن المنظمات الدوليّة خلال العقدين الماضيين[8]، حينما اعتبرت من أهم هذه الحقوق احترام المساواة بين الأشخاص موضوع الإغاثة واحترام حقهم بمأكل ومسكن وملبس يليق بهم[9].
3-إيلاء الإنسان في حال الطوارئ المقام الأوّل مع ما قد يستتبع ذلك من تدابير استثنائيّة كالاستملاك أو المصادرة. كما يعني السعي إلى إيلاء سائر الأشياء حماية تتراوح من حيث الأهمية وفقا لقيمتها الإنسانية والإمكانات المتوفرة. من هنا أهمية المعاهدات الآيلة إلى حماية التراث الانسانيّ. وفي هذا المجال نلفت إلى حقّ الدولة بمصادرة الأبنية والأماكن الخاصّة في حالات الطوارئ لتأمين المسكن.
4-تعميم المسؤولية على أساس أنها واجب انساني. فبقدر ما يكون الحقّ الجدير بالحماية حقا ملازما للإنسان، بقدر ما يكون الالتزام به التزاما بالكرامة الإنسانيّة بحيث يظهر موجب إغاثة الأشخاص المتضررين من الكوارث بمثابة تطبيق نادر للمادة 29 من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان التي تنصّ أن “على كلِّ فرد واجباتٌ إزاء الجماعة، التي فيها وحدها يمكن أن تنمو شخصيته النمو الحر الكامل. لا يُخضع أيُّ فرد، في ممارسة حقوقه وحرِّياته، إلاَّ للقيود التي يقرِّرها القانونُ مستهدفًا منها، حصرًا، ضمانَ الاعتراف الواجب بحقوق وحرِّيات الآخرين واحترامها، والوفاءَ بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي. لا يجوز في أيِّ حال أن تُمارَس هذه الحقوقُ على نحو يناقض مقاصدَ الأمم المتحدة ومبادئها.”
وهذا ما يفسّر أحد أبرز بنود شرعة سلوكيّات المنظمات العاملة في مجال الإغاثة[10] لجهة وجوب الالتزام بهدفية حماية الناس بمعزل عن أيّ مطلب سياسي أو إيديولوجي وتاليا في وجوب الامتناع عن أي استثمار سياسي لهذه الأعمال.
وانطلاقا مما سبق، يقتضي الخروج من منطق الإحسان في تقديم المساعدات لاعتماد منطق الواجب، مع ما يفترض ذلك من احترام لمتلقّي المساعدة ومن التزام باحترام المعايير الأساسية في نوعية المساعدة وكميتها. كما يقتضي في المجال نفسه إشراك متلقّي المساعدة في القرارات المتصلة بالإغاثة وتسهيل حصوله على المعلومات بشأن المساعدات فضلا عن تسهيل المعاملات للحصول عليها.
التوجه الثالث: تعزيز ثقافة الدّفاع المدنيّ:
هنا أيضا تتراكم النصوص الآيلة إلى تعزيز الوعي والمعرفة الاجتماعيين في مجال الدفاع المدني، وهذا ما نقرؤه مثلا في التوجّهات المرفقة بالقانون الفرنسيّ لتنظيم الدفاع المدني. ولهذا التوجه انعكاسات عدة أبرزها:
– تعزيز الشعور بالمسؤولية. إذ لكل إنسان دور في الدفاع المدني وفقا لموقعه. وهي تبدأ في موجب الإنسان تجاه نفسه لتنتهي في موجبه في إغاثة أيّ إنسان آخر مرورا بواجبه في إسعاف أهل بيته وجيرانه وأبناء بلدته ووطنه. ومن هنا، فإن الدفاع المدنيّ يتجاوز كونه مجموعة إجراءات وخطط ليرتقي إلى مستوى “ثقافة” قوامها التعاضد الاجتماعي والإنساني رأفة بكل إنسان في حال الخطر أو في حال النّزوح الاضطراريّ.
-تعزيز المعرفة بأدوات الدفاع المدني. ومن هنا، تتجه المجتمعات إلى تعميم هذه الثقافة ليس فقط في مضمونها الإنساني إنّما أيضا في مضامينها العمليّة (التّدريب على إجراءات الإسعاف الأوليّ، اتّخاذ احتياطات معيّنة في بيوت السّكن …).
-مقاربة “الدّفاع المدنيّ” والتحسّب إزاء الطوارئ على أنها مسار مجتمعيّ قابل كأيّ ثقافة للتطوّر سواء في مضمونها أو في مدى رسوخها اجتماعيّا. ومن هنا، تصحّ المراهنة مثلا على المفعول التراكمي للتدريب على الخطة أو حتى لأعمال الدفاع المدني تصدّيا للطوارئ المتتالية.
وفي هذا الإطار، يسجل أنّ أنجح التجارب في مجال الدفاع المدني- وبوجه خاص تجربة كوبا – هي تلك التي اعتمدت بشكل خاص على تعميم ثقافة الدفاع المدني وتفعيل المسؤولية والتضامن داخل المجموعات الصغرى كالعائلة أو الحي أو القرية أو المؤسسة[11]، وفقا لما يؤكّده خبراء الأمم المتحدة الذين عدّوا كوبا تجربة رائدة. لا بل أن الاعتماد على الثقافة العامة هو أحيانا الطريق الأوحد للإنقاذ: وهذا ما نلمحه في القضايا العائلية إذ وحدهم الأشخاص القيمون على العائلة قادرون على تأمين أدوات الوقاية، وهذا أيضا ما نلمحه في القضايا التي تقتضي عجلة فائقة كما قد يحصل في حال التسونامي.
التوجّه الرابع: ارتباط الدّفاع المدنيّ بسيّاسات التنميّة البشريّة:
فضلا عما تقدم، نلمح توجّها متزايدا في أعمال الأمم المتحدة ولا سيما في سياق تحديد أهداف الألفية نحو عدّ أعمال الدّفاع المدنيّ جزءا لا يتجزّأ من سيّاسات التنميّة البشريّة كما سبق بيانه. والسّبب الرّئيس لذلك هو أنّ الفئات الأكثر فقرا هي عموما الأكثر عرضة للكوارث والأقل منعةً وجهوزيةً إزاءها، ليس فقط بسبب نقص الموارد إنما أيضا بسبب نقص المعارف لديها.
والواقع أنّ الترابط بين الأمرين ثابت بأكثر من معنى: فكما أنّ للتّنمية تأثيرات إيجابيّة على الجهوزية إزاء الكوارث، يكون لهذه الجهوزية دور إيجابيّ في تحقيق التّنمية[12]. وبالمقابل، فإن الفقر يؤدي إلى نقص في المناعة إزاء الكوارث التي تؤدي بدورها إلى مزيد من الفقر وخصوصًا إذا زادت احتمالات حصول الكوارث.
ولهذا التوجّه، انعكاسات عدّة أبرزها:
-تضمين مجمل برامج التنميّة بنودا نحو تعزيز أدوات التحسب إزاء الكوارث والدفاع المدني.
-تضمين مجمل الخطط الوطنية والمحلية للدفاع المدني بنودا أوعلى الأقل توصيات لتنمية المناطق الأكثر فقرا أو حرمانا بما يعزز منعتها[13]. كما لا بأس في هذا المجال من اعتماد سياسة تمييز إيجابي لصالح هذه المناطق، كأن تتّخذ بشأنها إجراءات إضافية لاتّقاء الكوارث أو إدارتها، سواء في تأمين ملاجئ عامة أو في تأمين وسائل نقل عام أو أيضا في تخزين موارد مخصصة لها في حال الطوارئ. كما يقتضي ربما في السياق نفسه تنظيم عدد أكبر من دورات التوعية أو التدريب على تنفيذ الخطط في هذه المناطق.
التوجّه الرابع: تفعيل الطاقات الوطنية في مجال الدفاع المدني:
وهذا التوجّه إنما هو مكمّل (وربما نتيجة طبيعيّة) للتوجّهات المبيّنة أعلاه، لجهة تعميم المسؤوليّة وتعميم ثقافة الدفاع المدني وارتباطه ببرامج التنميّة. وهو شرط لتعزيز السيادة الوطنية والقيام بالمسؤولية العامة إزاء الكوارث. ولهذا التوجّه انعكاسات عدّة، أبرزها الآتية:
-إشراك الإدارات العامّة ذات الطاقات أو الاختصاص في أعمال التّخطيط والتّنفيذ في مجال الدّفاع المدنيّ، مع توسيع حالات انتداب الموظّفين للقيام بمهامّ ضمن اختصاصهم في هذا المجال.
-تعزيز اللامركزية في مجال الدفاع المدني، وتاليا إشراك السلطات المحلية ليس فقط في التنفيذ إنما أيضا في التخطيط والتدريب على تنفيذ الخطط والتنسيق. فالدّفاع المدني المنظّم محليّا (وخصوصا في الدول التي يتخالط فيها الجيران اجتماعيّا ومنها لبنان) يتمتّع دون ريب بمستوى عالٍ من التضامن واللحمة والثقة المتبادلة، فضلا عن أنّه الوسيلة الأقدر لتقويم الحاجات. وبالطبع، يزداد هذا العامل تأثيرا في الدول التي تظهر الروابط الاجتماعية فيها أكثر عمقا من المواطنة أو الروابط بمؤسسات الدولة، حيث تشهد أعمال الإغاثة مستوى عاليّا من التّضامن
-تعزيز دور الجمعيات الشبابيّة في هذا المضمار سواء لجهة التوعيّة أو اجتذاب المتطوعين أو التدريب أو تأمين التواصل مع الناس، وأيضا تعزيز دور المنظمات غير الحكومية، ولا سيما المختصة منها.
-تعدّد أطر التطوّع وتنوّعها على نحو يسمح للجميع المشاركة في المجهود الوطني للدفاع المدني ضمن أطر يكون له هامش واسع في اختيارها.
التوجّه الخامس: وجوب تعزيز الثّقة بالقيّمين على أعمال الدّفاع المدنيّ كشرطٍ أساسيّ لإنجاحها:
هذا التوجّه شرط أساسيّ لإنتاج المفاعيل المطلوبة للخطّة على صعيد الشّعور بالأمان ولكن أيضا لضمان نجاحها في حال حدوث حالة الطّوارئ، وخصوصا في دول مركّبة كلبنان. فكلا الأمرين (الشّعور بالأمان أو ضمان النّجاح) يتزايد منسوبه بقدر الوثوق بالخطّة وخصوصا بمن يضعها أو يتولّى تنفيذها[14].
ومن هنا أهميّة اعتماد الأصول والقواعد الآتيّة:
-إيجاد هيئة وطنية للتخطيط والتنسيق تتوفر فيها إلى حدّ معيّن شروط الاستقلالية.
-الأصول والقواعد التي من شأنها توسيع دائرة الشفافية والمشاركة قدر الإمكان سواء في التخطيط أو في التنفيذ وأيضا المراقبة المتبادلة، ولا سيما أن تنفيذ الخطة يتمّ في ظروف تغلب فيها المرونة على البيروقراطية مما يوجب تعزيز المصداقية كعوضٍ عن التخلّي كليا أو جزئيا عن وسائل الرقابة المسبقة أو التسلسل الإداري أو الوصاية وما شابه.
-ضمان المحاسبة والمساءلة في حال حدوث خلل في التخطيط أو التنفيذ كأن توضع عقوبات متناسبة مع الأضرار الناجمة عن خلل مماثل.
-تضمين الخطّة قواعد من شأنها ضمان الجهوزية والقيام بأعمال الإغاثة وفقا لشروط متوافقة مع الثقافة المجتمعيّة، ودون التعرض لأي معتقد سياسي أو ديني أو اجتماعي.
هذه هي أبرز المبادئ والتوجهات العامة في مجال التحسب من المخاطر الاجتماعية. بقي أن نقيّم خطة الطوارئ التي وضعتها الحكومة في تشرين الأول 2023 على ضوئها والأهم أن نستكشف واجباتها للفترة القادمة.
[1] القرار رقم 44/236 الصادر في 22-12-1989 ويتضمن إطار العمل المرفق به التدابير في مجال السياسة العامة التي تتخذ على الصعيد الوطني، أبرزها: وضع برامج وطنية للتخفيف من آثار الكوارث. وكذلك سياسات لمنع الكوارث تتعلق بالاقتصاد واستخدام الأرض والتأمين، خصوصا في البلدان النامية، من أجل دمجها بصورة كاملة في برامجها الإنمائية الوطنية؛ اتخاذ حسبما يكون مناسبا التدابير اللازمة لزيادة وعي الجمهور باحتمالات حدوث الأضرار وبأهمية التأهب والوقاية والإغاثة وأنشطة الإنعاش القصيرة الأجل فيما يتعلق بالكوارث الطبيعية ولتعزيز تأهب المجتمعات المحلية؛ إيلاء ما يجب من اهتمام لأثر الكوارث الطبيعية على الرعاية الصحية لا سيما الأنشطة الرامية الى تخفيف ما تعانيه المستشفيات والمراكز الصحية من ضعف وأثرها على مرافق خزن الأغذية ومأوى الإنسان وغير ذلك من الهياكل الأساسية الاجتماعية والاقتصادية؛ تحسين في ضمان سرعة توفر إمدادات الاغاثة الدولية عن طريق تخزين هذه الإمدادات في المناطق المعرضة للكوارث أو تخصيصها لهذه المناطق. للاطلاع على النص الكامل لهذا القرار، يراجع الموقع الالكتروني الآتي: www.un.org/documents/ga/res/44/a44r236.htm .
[2]يدعو إطار عمل هيوغو الدول إلى تطوير أنظمة إنذار مبكر؛ تأسيس أجهزة إدارية لضمان تكامل أنظمة الإنذار مع السياسة الحكومية وعمليات اتخاذ القرارات وأنظمة إدارة الأزمات على المستويات الوطنية والمحلية؛ تأسيس أو تقوية التعليمات الوطنية المتعددة القطاعات لتخفيف آثار الكوارث؛ تبني تشريعات لدعم عملية تخفيف آثار الكوارث وإدارتها أو تعديلها.
لمزيد من المعلومات، يراجع النص الكامل لاستراتيجية وخطة عمل هيوغو على الموقع الالكتروني الخاص بالاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث (International Strategy For Disaster Reduction):
http://www.unisdr.org/eng/hfa/hfa.htm
[3] وأبرزها القرار رقم 46/182 الصادر في 19-12-1991 الذي سعى لتعزيز موقع الأمم المتحدة المركزي في تنسيق الجهود الدولية الرامية إلى إغاثة الدول المنكوبة. وفي هذا الإطار، أقرّ القرار عددا من الترتيبات الضامنة لاستجابة سريعة في حالات الطوارئ وأبرزها: 1) استبدال منسق الإغاثة في حالات الكوارث (Disaster Relief Coordinator) بموظف رفيع المستوى يعمل بصفة منسقا للإغاثة الطارئة (Emergency Relief Coordinator) و2) إنشاء صندوق مركزي لحالات الطوارئ تحت إشراف الأمين العام و3) وضع سجل مركزي لجميع الموظفين والاخصائيين والامدادات والمعدات المتاحة داخل المنظومة وكذلك المنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية التي يمكن أن تطلب إليها الأمم المتحدة القيام بذلك في غضون مهلة قصيرة. وأيضا القرار 54/219 الصادر في 22-12-1999 الذي أقرّ نظام الاستراتيجية الدولية للحدّ من الكوارث.
للاطلاع على نص القرار كاملا، يراجع الموقع الالكتروني الآتي: www.un.org/documents/ga/res/46/a46r182.htm
[4] القرار رقم 56/195 الصادر بتاريخ 21 -12-2001. المصدر نفسه.
[5]مرسوم اشتراعي رقم 50 بشأن نظام وتنظيم الدفاع المدني الصادر في 5-8-1967 معطوفا على مرسوم تنظيم الدفاع المدني الصادر في 8-9-1961 (وهو النص الأكثر توسعا في هذا الإطار).
[6] مرسوم اشتراعي رقم 22/77 تاريخ 18 آذار 1977 الآيل الى تصديق القرار رقم 1/35 الصادر في 17 كانون الأول 1976 والمعدل بالقرارات رقم 30 تاريخ 2/8/1993 ورقم 39 تاريخ 24/9/1993 ورقم 4 تاريخ 8/1/1997.
[7]نصت المادة 50 من قانون حماية البيئة وملحقاته الصادر في 29-7-2002: توضع خطة وطنية لإدارة الكوارث والمخاطر الطبيعية لكل منطقة من لبنان وتشمل خطة إدارة بيئية تحضرها وزارة البيئة بالتعاون مع الوزارات المختصة. وتحدد التدابير الوقائية التي يجب إتخاذها لمواجهة كل تلوث بيئي خطير ينجم عن كوارث طبيعية او بفعل الحروب أو خلافه، وصلاحيات الإدارات والسلطات المختصة في تنفيذ هذه التدابير بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير البيئة والوزراء المختصين.
[8] أبرزها “التوجيهات في مجال حقوق الإنسان والكوارث الطبيعية: حماية الأفراد المتضررين من الكوارث الطبيعية”
[9] نجد التوجيهات الأساسية الصادرة عن اللجنة الدائمة المشتركة بين وكالات الأمم المتحدة عام 2006 وهي تقسم هذه الحقوق إلى أربعة: 1) حماية الحق في الحياة والأمان ووحدة الجسد والكرامة و2) حماية الحقوق المستمدة من الحاجات الأساسية و3) حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأخرى و4) حماية الحقوق المدنية والسياسية الأخرى. ويمكن إنزال هذه التوجيهات عن الموقع الالكتروني الآتي:
www.humanitarianinfo.org/iasc/content/documents/working/OtherDocs/2006_IASC_NaturalDisasterGuidelines.pdf
[10] هي شرعة بادرت الى وضعها ستّ جمعيات عالمية كبرى مع الصليب الأحمر والهلال الأحمر ووافقت عليها تلقائيا مئات المنظمات الدولية، لضمان حسن مشاركتها في أعمال الإغاثة، يمكن الاطلاع على نصّ الشرعة كاملا على الموقع الالكتروني التابع للجنة الصليب الأحمر الدولية: http://www.icrc.org/web/eng/siteeng0.nsf/htmlall/code-of-conduct-290296
[11] وهذا ما تؤكده الدراسات بشأن كوبا التي خصصت امكانات ضخمة لتعزيز الثقافة العامة في مجال الجهوزية. وقد جاء في تقرير صادر عن جمعية أوكسفام الأميركية تحت عنوان: دروس في الحدّ من المخاطر من كوبا Lessons in Risk Reduction from Cuba، أن تعميم الثقافة العامة في مجال الكوارث يتحقق في كوبا من خلال المناهج التربوية والتعليم الالزامي لغاية الصف التاسع والمواد التعليمية والاعلام والأطباء وتجريب الخطط وتحديثها سنويا.
[12] عن الربط بين التنمية والحد من الكوارث، يراجع إعلان الألفية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 18-9-2000. وأيضا الدراسة الصادرة عن الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث تحت عنوان: “الحد من الكوارث وتحديات التنمية”.
[13] وهذا تحديدا ما أشار إليه التقرير الصادر عن جمعية أوكسفام الأميركية عندما رأى أنّ كوبا نجحت في الحدّ من آثار الكوارث الطبيعية بسبب الجهود الهائلة التي بذلت طوال أربعين عاما في سبيل تحقيق التنمية البشرية وتطوير البنية التحتية وتعزيز ثقافة التضامن الاجتماعي. والأمثلة على ذلك كثيرة منها أن 95،9% من السكان متعلمون أي أنهم قادرون على الاطلاع بسهولة على المواد التثقيفية المتصلة بالكوارث، وأن التعليم إلزامي حتى الصف التاسع مما يجعل الأولاد ملّمون حكما بالمواد التربوية المتصلة بالكوارث وأن خدمة التيار الكهربائي مؤمنة لحوالي 95% من المنازل لى مما يسهل اطلاعهم على المعلومات المتصلة بالكوارث من خلال الوسائل المرئية أو المسموعة. التقرير الصادر عن جمعية أوكسفام الأميركية، مصدر مذكور أعلاه.
[14] وهذا ما تؤكده الدراسات بشأن كوبا حيث أن الثقة بين الحكومة والمجتمع المدني تشكل قاعدة ذهبية في مجال الحدّ من الخسائر البشرية في حالات الطوارئ. وهذا ما يعبّر عنه في التقرير الصادر عن جمعية أوكسفام الأميركية تحت عنوان: دروس في الحدّ من المخاطر من كوبا Lessons in Risk Reduction from Cuba، مصدر مذكور أعلاه. كما أن التجربة اللبنانية كشفت أثناء حرب تموز 2006 أن بعض النازحين كانوا يرفضون المساعدات المقدمة من هيئات رسمية لانعدام الثقة.