منذ الثورة سنة 2011، لم تستقر ليبيا سياسيا ولا أمنيا ولا اقتصاديا بسبب عدة عوامل أبرزها تعدّد المراحل الانتقالية واستمرار حالة الانفلات الأمني وازدواجية المؤسسات وضعفها وتنامي نفوذ وقوة المجموعات المسلحة. وقد انعكس هذا الواقع الصعب بشدة على المؤسسة القضائية في ليبيا والتي صارت في مرمى المواجهة مباشرة مع الإرهاب والخارجين عن القانون، خاصة مم من يملك السلاح والنفوذ منهم. فقد تعرض القضاء في ليبيا في السنوات الماضية لحملة ممنهجة استهدفت تدميره والقضاء عليه. وقد أدت هذه الحملة إلى الاعتداء على عدد من المحاكم والنيابات العامة في مدن بنغازي وطرابلس وسرت ودرنة وغيرها، ووصلت بعض هذه الاعتداءات حدّ الاغتيال.
وعلى الرغم من كل ذلك، استمرّت المحاكم بالعمل رغم الظروف الاستثنائية الصعبة. وفيما انحسرت هذه الاعتداءات بعد الاعتداء الحاصل على مجمع محاكم مصراتة في أكتوبر 2017، أتت الحادثة الحاصلة منذ يومين في محكمة ودان لتعيد إلى الأذهان المخاطر التي ما تزال محدقة في العمل القضائي. فقد قامت عصابة إجرامية مسلحة بتنفيذ اعتداء مسلح، على مقر محكمة ونيابة ودان الجزئية جنوب ليبيا. وكشف مصدر أمنيّ أنّ المسلحين أطلقوا النار على عناصر الأمن المكلفين بتأمين المحكمة وتمكنوا من خطف القاضي عبد السلام السنوسي ووكيل النيابة إسماعيل عبد الرحمن واقتادوهما باتجاه منطقة أبوهادي جنوب سرت.
هذه الحادثة ألقت بظلالها من جديد على مسألة أمن القضاة وأعضاء النيابة العامة وحماية المحاكم والنيابات العامة، والتي تتعرض لاعتداءات متكرّرة تستهدف تقويض السلطة القضائية وتقييد حركتها، خاصّة وأن الاعتداء وقع في مقرّ المحكمة وأثناء الدوام الرسمي بوجود حراسات من الشرطة القضائية والتي ليس لها الإمكانيات الكافية لمواجهة عصابة مسلحة، ورغم تمتّع المؤسسة القضائي الليبية بالكادر البشري القادر على تسيير العمل القضائي. إلا أن استمرار حالات الاعتداء وتكراراها ينعكس سلبا على أداء السلطة القضائية ويشكك في قدرتها ويحبط معنويات أعضائها وتكون مسألة مواجهة هذه التحديات والعمل بدون ضغوط تحديا صعبا للغاية، مما يعني أن استقلال القضاء ونزاهته أصبحا تحديا صعبا جدا للقائمين على العدالة.
وكان المكتب الإعلامي لجهاز الشرطة القضائية أوضح عبر صفحته على «فيسبوك» أن الهدف من وراء الحادث كان تهريب موقوفين متهمين في قضية تهريب وقود من قبل عصابة إجرامية مسلحة.[1] كما أوضح المكتب أن وحدات تابعة لجهاز الشرطة توجّهت إلى جنوب المدينة وأقامت دوريات ثابتة ومتحركة بحثًا عن العصابة. وقد صرح مصدر أمني في وقت لاحق أن سيارات عسكرية تابعة لقوة تأمين وحماية سرت تطوق موقعًا جنوب المدينة يشتبه في أن الخاطفين متواجدون فيه.[2]
من جهتها، أدانت وزارة العدل في حكومة الوفاق الوطني بطرابلس حادثة الخطف معربة عن استنكارها الشديد لكلّ عمل إجرامي يهدف إلى تقويض سلطة القانون، ودعت رجال السلطة العامة كافة من منتسبي الجيش والشرطة إلى العمل السريع للإفراج عن المخطوفين وتأمين حياتهم وتتبع الخاطفين ومن عاونهم وتقديمهم للعدالة.[3]
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.