بتاريخ 14/4/2016 نفذت “هيئة متابعة توصيات الاستعراض الدوري الشامل للائتلاف المدني حول لبنان” وبالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان، ورشة عمل حول “توصيات الاستعراض الدوري الشامل وآلية التنفيذ والمتابعة”، في اوتيل الرمادا بيروت، شاركت فيها مجموعة كبيرة من المنظمات والجمعيات الحقوقية اللبنانية والفلسطينية.
وتأتي هذه الورشة بعد ان انعقد مجلس حقوق الانسان في دورته الـ31 والتي اعتمد خلالها على تقرير لبنان الوطني. فوافقت الحكومة اللبنانية أمام المجلس على 130 توصية وتحفظت على 89 ورفضت توصيتان. أما أهداف هذه الورشة فتتمثل بالسعي الى:
• “إطلاق ورشة وطنية للتعريف بالاستعراض الدوري الشامل”.
• جدولة التوصيات وأولوياتها.
• وضع خطة وآلية محددة للمناصرة والمتابعة.
• تنظيم حوار مع الحكومة والبرلمان على أساس خطة المجتمع المدني والأوليات المحددة.
• مراقبة التنفيذ عبر تقارير دورية.
• عقد لقاء موسع لهيئات المجتمع المدني كل خمسة أشهر للمتابعة”.
يذكر انه في العام 2010 قدم لبنان التقرير الوطني الأول الى الفريق العامل في الاستعراض الدوري الشامل UPR في مجلس حقوق الانسان في جنيف وتعهدت الحكومة بتنفيذ 65 توصية قدمتها الدول الأعضاء والمراقبة في المجلس.
لكن عملياً، لم تبذل الحكومة المجهود اللازم لتنفيذ التوصيات التي تعهدت بها بين العام 2010 و2015، كما انها لم تنظم حواراً مع هيئات المجتمع المدني. وفي تشرين الثاني 2015 قدمت الحكومة اللبنانية تقريرها الثاني الى الفريق العامل حول الاستعراض في مجلس حقوق الإنسان وحمّلت النزوح السوري وغياب الاستقرار السياسي مسؤولية عدم تنفيذ لبنان لكافة تعهداته. بناء على ذلك وحتى لا تتكرر تجربة الاستعراض الدوري الأول، بادرت مجموعة واسعة من جمعيات المجتمع المدني الى عقد لقاء حواري اول حول تقرير لبنان بتاريخ 3/12/2015. وعلى إثره، تشكلت هيئة متابعة لتوصيات الاستعراض، قررت تنظيم هذه الورشة.
وفي بداية ورشة العمل، كانت كلمة للأمين العام لـ “مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب” محمد صفا اعتبر فيها ان “التوصيات التي وافق عليها لبنان بشكل عام لم تلحظ أولويات المجتمع المدني والحقوق الاقتصادية والاجتماعية”. ولفت الى ان “غياب الاستقرار السياسي في لبنان مرده وبالدرجة الاولى الى خلافات الحكام وصراعاتهم على النفوذ والمحاصصة الطائفية”.
وطالب الحكومة بتنفيذ النقاط التالية:
• “وضع جدول زمني لعملية التنفيذ والمتابعة حتى لا نذهب الى جنيف في العام 2020 وتعلن الحكومة الموافقة على توصيات مكررة ثلاث مرات.
• القيام بحوار جدي مع هيئات المجتمع المدني لأنه أحد العناصر الاساسية للاستعراض الدوري الشامل.
• تشكيل آلية تنظيمية او لجنة رسمية لمتابعة تنفيذ التوصيات واعداد المشاريع المطلوبة حتى لا تتكرر تجربة الاستعراض الدوري الاول عام 2010″.
كما أشار الى ان التوصيات الـ 89 التي تحفظ عليها لبنان “تشكل المطالب الاساسية للمجتمع المدني اللبناني والفلسطيني وتتمحور حول المرأة والعنف والأسري والجنسية. وقد رفضت لأنها تمس بالنظام الطائفي”.
وفي ختام كلمته اقترح مجموعة من التوصيات من أبرزها “الدعوة الى اعتصام أمام السراي الحكومي نهار الخميس 21 نيسان عند الساعة الحادية عشرة ق. ظ. وتسليم رئيس الحكومة مذكرة بالتوصيات المحددة. وتقرر نصب خيمة “خيمة الاستعراض الدوري الشامل” خلال الاعتصام.
منح من الاتحاد الاوروبي لدعم الجمعيات المدنية في عملها
وقد ألقت الدكتورة ندى دروزي كلمة “المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الانسان” اعتبرت خلالها “ان دور المجتمع المدني أساسي وهو أحد الاجراءات التي شكلت فارقاً في مجال العمل الحقوقي على المستوى الدولي”.
ورأت أنه “على الرغم من الظرف الدقيق الذي يمر به لبنان وقد يشكل صعوبة في تنفيذ التوصيات التي تم اقتراحها في الدورة الأولى، الا ان أملنا كبير في ان تكون هناك ارادة سياسية حقيقية وعمل مجتمع مدني دؤوب يسمح بأن يتم تنفيذ هذه التوصيات والالتزام بها”.
وأكدت دروزي أن “دور المجتمع المدني يذهب ابعد من المناصرة والترويج، ليتضمن مجموعة من النشاطات والاهداف، منها:
• ان يتم نشر هذه التوصيات بشكل واسع بين كافة أطياف المجتمع اللبناني.
• ان يقوم المجتمع المدني بوضع معايير توضح مدى تنفيذ التوصيات المقبولة بما ينسجم وروح هذه التوصيات.
• تحديد آليات للرصد والمعلومات الواجب توافرها.
• تقديم تقارير دورية لمجلس حقوق الانسان.
• قيام المجتمع المدني بالعمل على إدماج هذه التوصيات ببرامج وخطط خاصة به لتكون ناظمة لآليات عمله في مجال حقوق الانسان.
• تشجيع الحكومة على القبول بالتوصيات التي لم تقبل بها والعمل على دعمها”.
ولفتت الى أنه “في تشرين الاول 2015، وقع مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان في بيروت على اتفاقية مع الاتحاد الاوروبي، قام بموجبها الاتحاد بتقديم الدعم لمكتب المفوض السامي لمساعدة لبنان على تنفيذ التزاماته”. وانه من ضمن خطط العمل “برنامج خاص لمنظمات المجتمع المدني يتضمن تقديم منح صغيرة الى متوسطة الحجم لتنفيذ هذه التوصيات التي صدرت عن الاستعراض الدوري الشامل. وسنقوم خلال الشهر القادم بإعلان كل الآليات اللازمة لتقديم طلب الحصول على منحة”.
مخيبر يرفض الاعتصام ويشدد على ضرورة اقرار قانون الهيئة الوطنية لحقوق الانسان
بدوره، أبدى مقرر لجنة حقوق الانسان النيابية النائب غسان مخيبر، مجموعة من الملاحظات والمقترحات العملية التي فاعتبر ان” الاستعراض الدوري الشامل هو آلية جديدة نسبياً يكون تطبيقها من قبل الدولة اللبنانية فيه بعض الايجابيات انما يشوبه بعض الشوائب. أولى الشوائب هو عدم التعاون الكافي للسلطات اللبنانية الاجرائية في مرحلة صياغة التقرير الدولي”. فأشار الى أنه: “كان هناك تراجع من قبل السلطات اللبنانية عن موقف ايجابي بالتعاون والتنسيق مع هيئات المجتمع المدني ومع مجلس النواب في مرحلة تسبق اعداد هذا التقرير”. واقترح ان يكون هناك تشاور مسبق خلال اعداد هذا التقرير ومختلف التقارير الدولية.
كما سجل ملاحظة للأمم المتحدة فأشار الى: “ان الاستعراض الدوري ترك مجالاً واسعاً لمشاركة السلطة الاجرائية ممثلة بالحكومة والوزارات وايضاً للمجتمع المدني. ولكن في المقابل لم يعطِ اي وزن أو دور لمجلس النواب الذي يفترض ان يكون كسلطة ليس فقط تشريعية وانما ايضاً سلطة رقابية. في حين ان الاستعراض الدوري الشامل هو آلية مراقبة ومساءلة للدول في أداءها”.
مخيبر انطلق من هدف اساسي هو “تحسين واقع حقوق الانسان” ليذكر بوجود “خطة وطنية شارك فيها المجتمع المدني وسلطات حكومية موجهة لجميع السلطات والمجتمع المدني وهي أكثر تفصيلاً من التوصيات التي وردت في الاستعراض الدوري الشامل”.
وتتضمن هذه الخطة “خطوات عملية استراتيجية وخطة عمل، وفيها أدوات تنفيذية لكل مطلب من المطالب وفيها جدولة زمنية لها”. وعليه دعا المشاركين “الى وضع جدول للمقارنة ما بين توصيات الاستعراض الدوري الشامل والتزامات الدولة في الخطة الوطنية لحقوق الانسان للموائمة فيما بينها”.
وطلب من المجموعة المشاركة الا يقتصر عملها على ان تكون “هيئة تنسيق ومتابعة لتوصيات الامم المتحدة انما لتوصيات تطوير استراتيجيات حقوق الانسان في لبنان”.
وشدد على “عدم نسيان الدور الرقابي لمجلس النواب ولهيئة حقوق الانسان في تنفيذ وتطوير الخطة الوطنية لحقوق الانسان”، مشيراً الى ان “لجنة حقوق الانسان وضعت بصلب جدول أعمالها مسألة المتابعة الدائمة لمرجعية الخطة الوطنية ولمرجعية الاستعراض الدوري الشامل”. ولرمزية الامر، قامت لجنة حقوق الانسان النيابية بإعداد “ملصق poster)) للمجتمع المدني بتوصيات الامم المتحدة”. وأمل مخيبر “أن يصار الى تطوير الملصق لمجموعة من خلاصات التوصيات وليس للتوصيات بعددها لأن فيها ازدواجية. وان يكون في هذا الملصق تزاوج ما بين الخطة الوطنية لحقوق الانسان والتوصيات الدورية الشاملة”.
ونوّه مخيبر بأهمية “الهيئة الوطنية المستقلة لحقوق الانسان”. وقال: “لقد جرى تحضير اقتراح قانون بالتعاون مع عدد من الهيئات الحاضرة هنا. نوقش في لجنة حقوق الانسان النيابية وأقرّ، ونوقش في لجنة الادارة والعدل وأقر. وبات الآن أمام الهيئة العامة لمجلس النواب”.
ورفض مخيبر فكرة الدعوة الى “الاعتصام في ساحة رياض الصلح ونصب خيمة للمطالبة بتطبيق توصيات الاستعراض الدوري الشامل” معتبراً أنه يجب في المرحلة الحالية “ان يقتصر مطلبنا على شيء واحد وهو اقرار مجلس النواب قانون الهيئة الوطنية لحقوق الانسان واعتباره تشريع الضرورة لأنه يفعّل كل ما نحن بصدده”. وشدد على أهمية “ان ترفع الجمعيات المدنية من مستوى المطالبة بهذا القانون والا سوف ينسى ويبقى فقط قانون الانتخابات كأولوية تشريعية”.
وخلال ورشة العمل، قُسّمت التوصيات التي تمت الموافقة عليها الى أربع مجموعات هي:
• مجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتشمل ايضا التعليم والصحة.
• مجموعة حقوق المرأة.
• مجموعة اللاجئون والمهاجرون.
• مجموعة الحقوق المدنية والسياسية وتشمل التعذيب داخل السجون والاختفاء القسري.
وكان على الجمعيات والمنظمات الحقوقية المشاركة في ورشة العمل ان تختار المجموعة التي ستنضم اليها وفقاً لدائرة اهتماماتها. ومن ثم وبناء على عنوان كل مجموعة، تم الاختيار من لائحة الـ130 توصية التي وافق عليها لبنان، تلك التي تهم الجمعيات المشاركة ضمن كل مجموعة والتي ستسعى للعمل عليها. وتمّ جمع التوصيات التي اختيرت من أجل تضمينها بخطة العمل المستقبلية.
وفي الختام، تمّ التأكيد على الدعوة الى الاعتصام الذي تنظمه “هيئة المتابعة لتوصيات الاستعراض الدوري الشامل” نهار الخميس 21/4/2016 وذلك من اجل اعلان توصيات هيئات المجتمع المدني ومطالبة الحكومة بتنفيذ “التوصيات الـ 219 التي اعتمدها مجلس حقوق الانسان وانشاء آلية رسمية ووطنية لعملية التنفيذ والمتابعة”.
للاطلاع على التقرير، انقر/ي على الرابط ادناه