خطأ “غير مقصود” كاد يحرم أبناء اللبنانيّات من أجانب من الجامعة اللبنانية


2021-10-08    |   

خطأ “غير مقصود” كاد يحرم أبناء اللبنانيّات من أجانب من الجامعة اللبنانية

“لاحقين أولادنا حتى على التعليم، أولادنا أعطيناهم دمّنا بس مش قادرين نعطيهم كرامة بوطنّا”، علت صرخات الأمّهات اللبنانيات المتزوّجات من أجانب وأولادهنّ بعد القرار الذي صدر أمس الخميس عن رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب ووقّعه وزير التربية والتعليم العالي عباس حلبي والقاضي باستيفاء الرسوم المتوجبة على الطلاب العرب والأجانب في مرحلة الإجازة والدراسات العليا والدكتوراه بالدولار الأميركي مستثنياً الطلاب الفلسطينيين والسوريين ولم يستثن الطلّاب الأجانب المولودين من أمهات لبنانيات.

فقد وجد أيّوب الحل لتجهيز الجامعة وسدّ حاجاتها بإجبار الطلاب الأجانب على دفع رسوم تسجيلهم بالدولار وإلّا فحرمانهم من التعليم. فقد جاء في بنود تعليل القرار الذي يحمل الرقم 2138 ما يلي: “… حيث أنّ الجامعة اللبنانية تحتاج إلى تجهيزات وأدوات ومواد مخبرية لضمان استمرارية التعليم”، وفي بندٍ تعليليٍ آخر: “حيث أنّ مجلس الوزراء متوقّف عن الانعقاد، ما يحول دون الاستجابة لمطالب الجامعة المالية المستعجلة والملحة، ولاعتباراتٍ مستمدّةٍ من هذه الظروف الاقتصادية الطارئة التي لها صفة الظروف الاستثنائية”. لذلك تقرّر استيفاء الرسوم المتوجّبة على الفئة المذكورة سابقاً بالدولار الأميركي وتحوّل إلى حساب الجامعة اللبنانية بالدولار الأميركي في مصرف لبنان.

وفي اتّصال في وقت لاحق اليوم قال أيوب إنّ استثناء أبناء وبنات اللبنانيات المتزوّجات من أجانب كان خطأ غير مقصود. وأكّد أيوب أنّه عدّل القرار وأضاف هذه الفئة إلى الاستثناءات على أن يصدّق عليه وزير التربية الإثنين. 

حملة جنسيّتي في وزارة التربية “لا للظلم”

وتواصلت “المفكرة القانونية” مع منسّقة حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي” كريمة شبو التي أشارت إلى أنّه على إثر صدور القرار، قصدت الحملة ومجموعة من الأمّهات المعنيّات مكتب وزير التربية مباشرةً حيث التقينَ مديرة مكتبه نغم أبو صعب التي استمعت إلى مطالبهنّ، ووضعت الحملة لديها كتاباً يفصّل مجريات القضية وأثرها على الطلاب والطالبات من أمّهات لبنانيات وآباء أجانب، ويفنّد مطالب الحملة الأربعة  فيما يخصّ هذا القرار وهي: 

  • معاملة الطلاب والطالبات الأجانب المولودين من أمّهات لبنانيّات بالمثل مع الطلاب والطالبات المولودين من آباء لبنانيين.
  • استثناء من أحكام القرار رقم 2138 الصادر بتاريخ 7 تشرين الأوّل 2021 الطلّاب والطالبات الأجانب المولودين من أمّهات لبنانيات.
  • إلغاء كل ما يخالف هذا القرار (المنوي إصداره)
  • إبلاغ القرار لكلّ الجهات المعنية ولمن يلزم. 

خرجت شبو والأمهات من الوزارة حاملات وعداً بإعادة النظر في القرار من قبل الوزير نهار الإثنين المقبل. 

“كلّ ما يكون في أزمة بالبلد بدهم الأمهات المتزوجات من أجانب يدفعن الثمن”، تقول شبو  متسائلة عن أسباب التعامل مع هذه الفئة باستهتار ولا مسؤولية ومن دون مراعاة لحقوقهنّ وحقوق أولادهنّ، “بيعملوا قرارات تخصّ الذكور فقط، من دون أي اعتبار للنساء”.

وكانت الحملة قد أصدرت بياناً استنكرت فيه قرار رئيس الجامعة اللبنانية وأدانت استنسابية القرارات التي تأتي من هنا ومن هناك في ظل أي أزمة، لتصبّ جمّ تمييزها على أسر النساء اللبنانيات وتنتهك حق أولادهنّ في كلّ قرار تصدره من دون الأخذ بعين الاعتبار معاملة أولاد النساء اللبنانيات بالمثل مع أولاد الرجال اللبنانيين ولا تشملهم/ن بأي تدابير حماية.

وأكملت الحملة في بيانها: “وكأنّ الإنتهاكات اليومية لا تكفي لتأتي حجج وأسباب تعويض فشل هذه المنظومة السياسية وفسادها التي أوصلت الأزمة الإقتصادية وغيرها إلى حد لا يطاق ولا يحتمل ، لتفرض على النساء والأمهات اللبنانيات دفع الفاتورة أضعاف وأضعاف وبالعملة الأجنبية، وكأن الإحتكار أصبح مادة يومية تنتهجها السلطة بحق أسر النساء اللبنانيات”.

واعتبرت الحملة أنّ “لغة الإتجار بحقوق النساء وحقوق أولادهنّ أصبحت لغة وخبز يوم السلطة التي لا تتخذ ولا تصدر إلاّ تدابير أو إجراءات أو مذكرات ذكورية وللذكور”.

ووصف البيان قانون الجنسية بالبالي والعفن والتمييزي، واعتبر أنّ السلطة تتعامل مع النساء اللبنانيات وأولادهنّ “الأجانب” بحكم أنّهم ينتجون العملة الأجنبية، في حين أنّهم يعيشون في وطن يقطنون فيه منذ الولادة لكنه في المقابل يحرمهم حتى من العملة الوطنية ومن الاستشفاء والعمل والضمان وغيره”.

وطالبت الحملة في بيانها بالكف عن استفزاز واستفحال اللاإنسانية ضد الآخر، “أولاد الأم اللبنانية لبنانيين، وطن الأم لبنان، عملة أسر النساء اللبنانيات لبنانية”. 

أيوب: الاستثناء خطأ غير مقصود

وفي اتّصال قال رئيس الجامعة الدكتور فؤاد أيوب إنّ عدم استثناء هذه الفئة كان خطأ غير مقصود وأنّه عاد اليوم وعدّل القرار ليستثني أيضاً الطلاب أولاد الأمّهات اللبنانيات المتزوّجات من أجانب، على أن يتمّ التصديق عليه نهار الإثنين المقبل من قبل وزير التربية. وبرّر أيّوب قراره باستيفاء رسوم الطلّاب الأجانب المسجّلين في الجامعة اللبنانية بالدولار هو أنّ هناك العديد منهم لديهم منح من بلادهم يستوفونها بالدولار لذلك لا ضير أن تقبض الجامعة مستحقّاتها بالدولار. واعتبر أيوّب أنّ القرار مفيد لجميع الطلاب بحيث ستوفّر أموال الأجانب ميزانية لتزويد الجامعة بالمعدات اللازمة والضرورية لإنجاح العام الدراسي. 

أمّهات الطلاب لماذا كلّ هذه العنصرية؟  

تصف ريتا “اسم مستعار” المتزوجة من أجنبي ولديها ابنتان في المرحلة الجامعية، القرار بأنّه ظالم وجائر بحقها وحق أولادها ، “كل وزير جدّي بيجي بدو يمسح الأرض فينا، لا بيطّلع على قوانين ولا بيعرف شي وبصير يطلّع قرارات تعسّفية بحقنا”. وتعتبر ريتا أنّه في حال البقاء على القرار فإنّها لن تتمكّن من تسجيل ابنتيها في الجامعة هذا العام فهي لن تستطيع تأمين رسوم التسجيل البالغة 800 دولار للطالب الواحد (وهو رسم تسجيل الطالب الأجنبي في الجامعة اللبنانية، في حين يبلغ رسم الطالب اللبناني حوالي 300 ألف ليرة لبنانية)، ما يعني أنّه يتوجّب على ريتا وزوجها تأمين حوالي 24 مليون ليرة لتحولّها إلى دولار ومن ثم دفع الرسوم. من جهةٍ ثانيةٍ تسأل ريتا عن مصير أموالها في المصرف والممنوع عليها سحبها إلّا بالليرة اللبنانية وعلى سعر صرف 3900 ليرة لبنانية، “يرجّعولنا مصرياتنا من البنوك، يعني بيعطونا مصرياتنا لي بالدولار على 3900 منرجع نحن منروح نصرّفهم بالسوق على سعر 18 ألف ليرة لنجيب دولار وندفعهم للجامعة”. غضب ريتا يتحوّل إلى حالة بكاء عندما تتذكر حالة ابنتيها النفسية “أنا بناتي من مبارح منهارين وخايفين إنّو كمان ما بحقّلهم يحلموا ويطمحوا”، تشرح ريتا أنّ حال أولادها كحال معظم الأولاد من الأمهات اللبنانيات والآباء الأجانب يعيشون الخوف والإحباط والقلق على مصيرهم، وأنّ حالة اليأس وصلت بإحدى بناتها إلى التفكير بالزواج من أي رجل لبناني يمنحهنّ الجنسية اللبنانية وتنال بالتالي حقّها كمواطنة أو كإنسانة “اتصوّري بنتي بتقلّي إنّو بدها تتجوّز أيّ حدا تدفعلوا مصاري حتى يعطيها الجنسية وتقدر تسجل بالجامعة وتشتغل”. وتسخر ريتا من قرار وزير التربية الذي استثنى الفلسطينيين والسوريين ولم يستثن الطلاب من أم لبنانية وأب أجنبي، ” بكلّ دول العالم الأجنبي بيقعد 5 سنين بياخذ جنسية، أنا أولادي خلقوا هون وربيوا هون وإمّهم من هالبلد وبيضلّوا أجانب”. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

مؤسسات عامة ، قرارات إدارية ، الحق في التعليم ، فئات مهمشة ، لبنان



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني