في تاريخ 6 شباط 2024، أصدر مجلس شورى الدولة قرارًا مهمًا يقضي بوقف تنفيذ وإبطال أحد بنود استراتيجية التعافي والنهوض الاقتصادي التي أقرّتها الحكومة والتي نصّت على شطب جزء كبير من التزامات مصرف لبنان تجاه المصارف. وهو قرار وإن كان مُثيرًا للاهتمام على المستوى النظريّ إذ أنّه يعتمد اجتهاد “جيستي” GISTI لعام 2020 بشأن الرقابة على وثائق الدولة ذات الطابع العامّ في النظام القانوني اللبناني، إلّا أنه محلّ انتقاد كبير من حيث الأساس إذ أنّه يقدّم مصلحة المصارف على المصلحة العامة في الدولة وذلك على حساب تشويه المفاهيم القانونية.
يواجه لبنان منذ العام 2019 أزمة اقتصادية لم يسبق لها مثيل في تاريخه، حتى خلال الحرب الأهلية. ويعود أصل هذه الأزمة إلى عدم قدرة الدولة على تحقيق التوازن في المالية العامة: ضرائب غير كافية، بخاصة تلك المباشرة، ومشاكل في تحصيلها من جهة، ونفقات من غير ضوابط وموزعة تبعًا لحسابات طائفية وزبائنية[1] من جهة أخرى. وما يزيد الطين بلّة الفساد المستشري في البلاد وتعذّر التصويت على الموازنة سنويًا، الأمر الذي يحول دون أيّ عملية تنبؤ أو تحقق من التزامات الموازنة. يضاف إلى ذلك التوترات الحاصلة مع الدول النفطية في الشرق الأوسط، مما دفع هذه الأخيرة إلى تقليص أو حتى إلغاء الدعم المالي الذي كانت تقدّمه إلى لبنان. وقد اعتبر انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 في هذا السياق بمثابة رمز لانهيار لبنان. في الواقع، ومن أجل تمويل العجز في الموازنة وإخفائه في العقد الماضي، عمدتْ الدولة إلى الاستدانة من المصرف المركزي الذي عمد بدوره، من أجل تأمين هذا التمويل، إلى تنفيذ ما كان يُسمّى بفخر آنذاك بـ”الهندسة المالية”، التي كانت تتمثّل في الواقع في إصدار سندات أو توقيع اتفاقيات إعادة شراء بمعدل فائدة متزايد باستمرار (بلغت الفائدة حوالي 15% في العام 2019، في حين كانت أسعار الفائدة الدولية أقل من 5%). وقد استثمرت المصارف اللبنانية أموال المودعين بشكل كبير في هذه المنتجات المالية المربحة[2]، محقّقة أرباحًا كبيرة تمّ توزيعها على المساهمين فيها، إلى أن انهار النظام المالي في العام 2019. وتسبّب عجز المصرف المركزيّ في منعه من الاستمرار في إقراض الدولة من ناحية، مما أدّى إلى تخلّف هذه الأخيرة عن سداد الدين العام، وعن الوفاء بالتزاماتها من ناحية أخرى تجاه المصارف التجارية. وبنتيجة هذه العوامل، ذهبت هذه الأخيرة، بحجّة النقص في السيولة وعلى أساس “تعاميم” صادرة عن المصرف المركزي، إلى الحؤول دون وصول المودعين إلى حساباتهم. وقد أدّى ذلك إلى انخفاض حادّ في قيمة الليرة اللبنانية بنسبة فاقت 98%، وتضخّم متسارع وصل إلى عدة مئات في المائة سنويًا، وإفقار رهيب لشريحة من السكان الذين لا يستفيدون من مداخيل أو تحويلات أموال من الخارج. أما اليوم، فتبلغ التزامات مصرف لبنان تجاه المصارف التجارية 50 مليار دولار أميركي، في بلد قُدّر ناتجه المحلي الإجمالي بـ23 مليار دولار في العام 2022.
إزاء حجم الكارثة، ظلّت السلطات العامّة اللبنانية مكتوفة الأيدي: فالنظام السياسيّ، الذي تنخره مصالح الطوائف والجماعات والتوّاق للصفقات، لم يتّخذ أي قرار على الإطلاق، باستثناء قرار مواصلة منع المودعين من الوصول إلى حساباتهم بواسطة المصرف المركزي، على أمل أن تتمكّن حالة البلاد من إثارة شفقة الجهات المانحة الدولية. غير أنّ ذلك لم يحصل: فإنّ صندوق النقد الدولي ومجموعة الدول التي تساعد لبنان، المعروفة باسم مؤتمر “سيدر”، قد جعلت مساعداتها (باستثناء المساعدات الطارئة) مشروطة بتقديم وتنفيذ خطة موثوقة ومتماسكة للنهوض بالقطاع المالي في البلاد. وهذا ما دفع الحكومة إلى إقرار “استراتيجية النهوض بالقطاع المالي”[3] في مجلس الوزراء في 22 أيار 2022، وهي تقوم على “ركائز” عدة تهدف بشكل خاصّ إلى وقف تمويل الدولة من قبل المصرف المركزي وشطب جزء كبير من التزامات هذا الأخير تجاه المصارف التجارية و”تنظيف” النظام المصرفي من خلال حلّ المصارف الأكثر تضرّرًا وإعادة هيكلة ورسملة المصارف الأخرى، وتحديد طريقة مساهمة المودعين في تحمّل جزءٍ من الجهد المالي لتحقيق التعافي.
اعترض القطاع المصرفيّ بشدّة على مشروع شطب التزامات المصرف المركزي إذ أنّ ذلك من شأنه تحميل القطاع خسارة تبلغ حوالي 50 مليار دولار. لهذا السبب، تقدّمت جمعية المصارف، وهي الاتحاد المهني النافذ في هذا القطاع، بمراجعة لدى مجلس شورى الدولة تطالب فيها بإبطال هذه “الركيزة” من الاستراتيجية التي تمّ إقرارها. ووفقًا لما دأب عليه في القضايا المهمة، قضى مجلس شورى الدولة، في قرار أول صادر في تاريخ 18 أيار 2023،[4] بقبول هذه المراجعة شكلًا، ثم قضى في قرار صادر في تاريخ 6 شباط 2024[5] بقبول المراجعة أساسًا وإبطال الشق الذي اعترضت عليه جمعية مصارف لبنان من الاستراتيجية المالية.
قد يكون لهذا القرار أهمية كبرى في ما يتّصل بمستقبل الاقتصاد اللبناني، ومستقبل لبنان بشكل عامّ: فإذا ما أوجزْنا العواقب المترتّبة على هذا القرار في هذه المرحلة، فذلك يعني أنّ الدولة اللبنانية تتحمّل وحدها عبء هذه الديون البالغة 50 مليار دولار، والتي كان من الممكن أن تساهم في تمويل عجز موازنتها. لكن حتى في حال توفّر المساعدات الدولية، فلن تتمكّن الدولة من ذلك، وبالتالي فإنّ الحلّ الوحيد المُتاح أمامها، فضلًا عن الزيادات الضريبية الهائلة، هو بيع آخر الأصول العامة التي تملكها. بالإضافة إلى ذلك، سيتمّ تعويض القطاع المصرفي عن جميع التزامات المصرف المركزي تجاهه، وبالتالي لن يتحمّل هذا القطاع أي عبء مرتبط بإعادة الهيكلة المالية. ونظرًا إلى التحدّيات التي يطرحها قرار مجلس شورى الدولة ونطاقه، لا بدّ من تحليله بعمق، مما يسمح بتسليط الضوء على النقاط العديدة القابلة للانتقاد والتي ينبغي أن تؤدي إلى تهميشه، وذلك في ظلّ الظروف التي سيتمّ عرضها في المراحل المقبلة من مشاريع النهوض بالقطاع المالي في البلاد.
قبل الشروع في هذا التحليل، لا بدّ لنا من تذكير القارئ الذي ليس على دراية بالرقابة القضائية على الأعمال الإدارية في لبنان بأنّ مجلس شورى الدولة قد أنشأته سلطات الانتداب الفرنسي على لبنان، في العام 1924، وأنّه يحمل جزءًا كبيرًا من ملامح تنظيم مجلس الدولة الفرنسي. ونظرًا إلى العلاقات الوثيقة القائمة بين القانون الإداري اللبناني، المادي والإجرائي، والقانون الإداري الفرنسي، خلال المائة عام هذه، اعتمد القضاء اللبنانيّ على بنية القانون الفرنسي: إذ أنّ تنظيم التسلسل الهرمي للمعايير، والفئات القانونية الرئيسية، ونوع الأفعال الخاضعة للرقابة وطبيعة الرقابة، ووضعية القاضي، كلها مسائل تخضع للمنطق نفسه الذي يقوم عليه النظام الفرنسي. غير أنّ ذلك لا يعني عدم وجود استقلالية في اجتهادات مجلس شورى الدولة، وإنّما يتمّ التعبير عنها في إطار هذا الهيكل الأولي. على سبيل المثال، يعترف مجلس شورى الدولة بالمؤسسات العامة الصناعية والتجارية بسهولة أكبر مما هو الحال في القانون الفرنسي[6]. كما أنّه قد رفض الانتقال من الرقابة على الخطأ الساطع في التقدير إلى الرقابة على مدى تناسب العقوبات المفروضة على الموظفين العامين[7]، ولديه تقييم أكثر تقييدًا بكثير لصفة الجمعيات ومصلحتها في إقامة الدعوى[8]، كما أنّه يرفض وقف تنفيذ القرارات السلبية إذ لا يعتبر من حقه إصدار أوامر وقرارات إلى الإدارة[9]. ولكن يمكننا أن نستدلّ بوضوح من هذه الأمثلة أنّه على الرغم من امتلاكه اجتهاداته الخاصّة، فإنّه يتم التعبير عنها ضمن إطار قانوني مشترك مع القانون الفرنسي. ولا بدّ من الإشارة ختامًا إلى أنّ صياغة قرارات مجلس شورى الدولة تتمّ وفق بناء منطقي قريب جدًا من البناء المعتمد من قبل مجلس الدولة الفرنسي، علمًا أنّ الفارق الأكثر إثارة للانتباه هو عدم التردد في الاستشهاد بمصادر فقهية لبنانية أو فرنسية، وهذا ما سنبيّنه في معرض هذه الدراسة عند الإشارة إلى استشهاده في القرارات موضوع التعليق ولعدة مرات بالقانون الإداري العام وقانون المنازعات الإدارية لرينيه تشابو.
ولا بدّ من دراسة المسائل المتعلّقة بقبول المراجعة التي تمّ التقدم بها إلى مجلس شورى الدولة (أولًا)، ثم تلك المتعلقة بطريقته في حلّ النزاع (ثانيًا).
I. المسائل المعقّدة المرتبطة بقبول المراجعة
تمثّلت المسألة الأولى التي تعيّن على مجلس شورى الدولة حلّها، بمدى قبول أو عدم قبول المراجعة، لا سيّما بالنظر إلى الطبيعة المتميّزة للوثيقة المطعون فيها أمامه. فهي لم تأخذ شكل وثيقة ذات طبيعة تنظيمية، وإنّما وثيقة تحدّد التدابير التي قد يقتضي اتّخاذها للنهوض بالقطاع المالي. بالنسبة إلى بعض هذه التدابير، أشارتْ الوثيقة إلى أنّها تستوجب إقرارها بموجب قوانين، في حين اكتفتْ بالنسبة إلى بعض التدابير الأخرى باستشراف مقاربات عامّة خلتْ من أي مفعول قانونيّ. وبالنسبة إلى البنود المعترض عليها في المراجعة، فقد نصّت الوثيقة على ما يلي: “بناءً على نتائج هذا التدقيق الخاص، سوف نلغي بدايةً، جزءًا كبيرًا من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تجاه المصارف”.
كان من الصّعب اعتبار هذه البنود ذات طابع تنظيميّ نظرًا إلى طبيعتها غير المحدّدة بصورة كافية وإلى ربط ضرورة اتخاذها بضرورة إجراء تدقيق مالي مسبق. ففي أقصى الأحوال، كان من الممكن اعتبار أنّها تندرج ضمن فئة الأعمال التحضيرية للقرارات التي قد يتمّ اتخاذها في نهاية المطاف. وقد وافق مجلس شورى الدولة على هذا التحليل إذ لم يعتمد توصيفها على أنها نصّ تنظيمي. إلا أنه اعتبر أن هذه البنود قابلة للمراجعة رغم ذلك من خلال الاعتماد على أساس آخر. إذ بطريقة غير مسبوقة في الفقه اللبناني، عزم مجلس شورى الدولة على تطبيق مفهوم “الوثائق ذات الطابع العام الصادرة عن السلطات العامّة” الذي حدّده مجلس الدولة الفرنسي في قراره في قضية مجموعة إعلام ودعم المهاجرين “جيستي” GISTI الصادر في تاريخ 12 حزيران 2020[10]. وقد اعتبر المجلس في هذا الصدد أنه، سواء من حيث موضوع هذه الوثيقة أو من خلال الصياغة المستخدمة فيها، “من المرجح أن يكون لها تأثيرات كبيرة على حقوق أو أوضاع الأشخاص الآخرين”، لا سيما المصارف والمودعين لإدارة أموالهم.
يجدر أن نرحب بهذا التطوّر في الاجتهاد المتمثل في دمج قرار مجموعة إعلام ودعم المهاجرين “جيستي” في اجتهادات مجلس شورى الدولة. فقد أسفرت الأزمة السياسية، التي تضاف إلى الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد وتؤدّي إلى تفاقمها، عن عدم انتخاب أي مرشح لرئاسة الجمهورية منذ عام ونصف، وعن عدم قيام الحكومة المستقيلة منذ العام 2022، إلّا بتصريف الأعمال. ونتيجة لذلك، فإن جزءًا كبيرًا من التدابير التي تقع ضمن اختصاص الدولة إنّما يتم اتخاذها خارج الأطر القانونية الاعتيادية. إنّ فتح باب القضاء للاعتراض على الوثائق ذات الطابع الرسمي والملزمة إلى حدّ ما سيصبح أسهل من خلال استخدام مفهوم “الوثيقة ذات الطابع العام” ويمكن أن يشكل حماية مهمة للمواطنين.
لكن، في هذه الحالة بالذات، فإنّ التوصيف المعطى لاستراتيجية الحكومة يطرح إشكالات خطيرة. إذ تقتضي بنود هذه الاستراتيجية في معظمها سنّ إجراءات تشريعية، أو حتى تشير إلى الاتفاقية المزمع إبرامها مع صندوق النقد الدولي والمقرضين الدوليين. بالتالي فإنّ القرارات النهائية لن تقع ضمن اختصاص السلطة التنفيذية. فهذه السلطة ستتمكّن، على الأكثر، من إعداد مشاريع قوانين أو ضمان إجراء مفاوضات دولية تكون رهن الإقرار أو المصادقة من قبل مجلس النواب. بالتالي، فإن تصنيف مثل هذه الوثائق ضمن نطاق قرار مجموعة “جيستي” غير مناسب لأنّ القاضي الإداري لا يستطيع الحكم على محتوى مشروع قانون مستقبلي من شأنه أن يكون نوعًا من الرقابة المسبقة لدستوريّة القانون. وقد أكد مجلس الدولة الفرنسي على ذلك في قرار صدر مؤخرًا: “الإعلان السياسي الذي يصدره الوزير لا يمكن أن يندرج ضمن نطاق اجتهادات مجموعة “جيستي” إلّا إذا كان إعلانًا عن اعتماد “صك تنظيمي”[11].
لا شكّ أنّ القاضي الإداري الذي يودّ ممارسة رقابة فعلية على عمل الإدارة في السياق اللبناني، ونظرًا إلى جمود المؤسسات السياسية الذي يؤدي، كما سبق وأشرنا، إلى اعتماد أساليب ومسارات لاتخاذ القرارات تخرج عن التنظيم الذي حدّده الدستور، إنّما يجب أن يتّسم بالحذر والفطنة. في هذا الصّدد، لا شكّ أنّ الطريقة الفُضلى للقيام بذلك تتمّ من خلال تفسير تحييديّ للعمل المطعون فيه، والذي لا يمكن اعتباره قرارا ولا حتى بداية قرار طالما أنّه لا يقع أصلا ضمن اختصاص السلطة التنفيذية. ومن خلال معاملة هذا العمل على أنّه قابل للمراجعة أمامه، يكون مجلس شورى الدولة، كما سيتبيّن لنا عند تحليل كيفية ممارسة رقابته في الأساس، قد دخل في مأزق أدى به إلى ممارسة رقابة دستورية ليست من اختصاصه.
لقد طرحت عملية النظر في المراجعة صعوبة ثانية، في رأينا، كان ينبغي أن تؤدي إلى رفضها، وهي تتعلق بمسألة عدم تجزئة استراتيجية الحكومة. فوفقًا للسوابق القضائية المتّسقة، المطبّقة أيضًا من قبل مجلس الشورى اللبناني، لا يمكن القبول بمراجعة موجّهة ضدّ جزء من وثيقة غير قابلة للتجزئة إذ أنّه لا يجوز للقاضي تحريف الوثيقة التي يكمن اتّساقها في مجمل أحكامها. يتمّ تطبيق هذا الحل بشكل خاص عندما يُطلب من القاضي إبطال بعض بنود الاتفاقيات، مثل الاتفاقيات الجماعية أو الاتفاقيات الطبية[12]. وفي المراجعة المقامة أمام مجلس شورى الدولة، فإنّ الجمعية المستدعية حصرت طعنها في إبطال بند الاستراتيجية المتعلّق بشطب التزامات مصرف لبنان. بالمقابل، حرصت على عدم انتقاد الفقرات الأخرى، خاصة تلك المتعلقة بالحسم القسري على أموال المودعين. غير أن هذه الاستراتيجية، حتى لو لم تشكل “اتفاقية” بالمعنى الوارد في الاجتهادات التي ذكرناها، إلّا أنّها تشكّل كلًّا متماسكًا: فإذا شطبنا منها بند شطب التزامات المصرف المركزي تجاه المصارف التجارية، الأمر الذي يشكل جزءًا مهمًّا من التصوّر المالي للخطة، فسينهار الصرح بأكمله. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ قرار قبول المراجعة يعترف بهذه الطبيعة غير القابلة للتجزئة للاستراتيجية[13] ولكنه لا يستخلص منها الاستنتاجات اللازمة ولا يرفض المراجعة المقدّمة من جمعية المصارف على خلفية عدم مقبوليّتها.
بعد قبول المراجعة شكلًا، تعيّن على مجلس شورى الدولة البت في الأساس في قراره الثاني الصادر في 6 شباط 2024. وإذا كانت الانتقادات التي يمكن توجيهها لقرار العام 2023 تندرج في الأساس في الجانب القانوني وتوصيف الوثائق الإدارية وأسلوب الرقابة القضائية، فإنّ الأمور أخطر بكثير في ما يتعلق بقرار العام 2024، ويمكننا القول إنّ مجلس شورى الدولة قد انخرط في كثير من النواحي في شكل من أشكال قلب القيم. وللتمكّن من إلقاء عبء التزامات مصرف لبنان على كاهل الدولة، وليس على كاهل المصارف التجارية، سيتعيّن عليه فرض مفاهيم قانونية أساسية، سواء في القانون العام أو القانون الخاص الناظم للمصارف أو حتى على صعيد دور القاضي الإداري.
II. فرض مفاهيم قانونية لإعفاء النظام المصرفي من أي عبء في مشاريع النهوض بالقطاع المالي في لبنان
من أجل إبطال البند المطعون فيه من استراتيجية الحكومة، ارتكز قرار مجلس الشورى على ثلاثة أسس. الأول أنّ من شأن هذه الاستراتيجية أن تشكّل حرمانًا غير دستوري من الملكية، والثاني أنّه، مع مراعاة الأحكام المتعلّقة بالعلاقات بين الدولة والمصرف المركزي، فيجب على الأخير وحده تحمّل الأعباء، والثالث يستند إلى أنّ مؤدّى شطب التزامات المصرف المركزي تجاه المصارف تحميله للمودعين، ضرب مبدأ المساواة في تحمّل الأعباء العامة بالنسبة للسكان الذين لا يمتلكون ودائع مصرفية.
ولا بدّ من الإشارة هنا بكل بساطة إلى أن هذه الأسباب الثلاثة مبنية على ترتيبات قانونية معيبة بشكل خطير، ونشعر أن هدفها الوحيد هو حماية المصارف من كل تبعات الأزمة.
1. في ما يتعلق بعدم الدستورية المزعومة المرتبطة بالحرمان من حقوق الملكية
لتبرير فكرة أنّ شطب التزامات المصرف المركزي يشكّل حرمانًا غير قانوني من حقوق الملكيّة[14]، يستند القرار إلى العديد من المصادر القانونيّة الوطنيّة والدوليّة، سواء كانت مطبّقة في لبنان أم لا، والتي تضمن احترام حق الملكية. حتى أنّه يستشهد بالمادتين 2 و17 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789، والمادة الأولى من البروتوكول الإضافي الأوّل للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية بشأن احترام الملكية! وقد خلص القرار إلى أنّ استراتيجية الحكومة تتجاهل هذه المعايير لجهة أنّها تشكّل حرمانًا من الملكية من دون “تعويض عادل ومسبق” كما ورد في معظم هذه النصوص. ويختتم القرار هذا القياس المنطقي الظاهر بالتأكيد على أنّه المسؤول عن مراقبة التزام الإدارة بالمعايير الدستورية أو الدولية التي أعطتْها الفقرة (ب) من مقدمة الدستور اللبناني قيمة قانونية. ويضيف القرار إحالة إلى البروفيسور تشابوس Chapus بشأن الرقابة القضائية للامتثال للمعايير الدستورية من قبل الإدارات العامة[15]. ويبدو أنّ هذا الفائض من الاستشهادات، من دون أيّ بعدٍ قانونيّ حقيقيّ إذ لا أحد يعترض على الوضع القانوني لحق الملكية، إنّما يهدف إلى إغراق النصّ الدقيق للمادة 15 من الدستور اللبناني في هذا الطوفان من المراجع علمًا أنّ هذه المادة تكفل هذه الحماية على المستوى الوطني، بخاصّة في جزئها الذي ينصّ على أنّ: “الملكية في حمى القانون”.
غير أنّ ذلك قد شكّل المفتاح المنطقي والضروري للقرار. إذ منذ اللحظة التي اعترف فيها مجلس شورى الدولة بمقبولية المراجعة، واعتبر استراتيجية الحكومة وثيقة إدارية قابلة للتقاضي، بات هو المسؤول عن النظر، فيما يشكل في القانون اللبناني كما في القانون الفرنسي، وسيلة للنظام العام: البتّ في اختصاص واضع الوثيقة، وبالتالي اعتبار أنّ هذا النص الدستوري يمنع الحكومة من التدخّل في مجال مخصّص للقانون. في المقابل، بمجرّد ملاحظة عدم الاختصاص هذا، يصبح المجلس غير مخوّل النظر في مشروعية التدابير المتوخّاة. إذ أن المجلس الدستوري يصبح في هذه الحالة الهيئة القضائية الوحيدة المختصّة طالما أن هذه التدابير تندرج ماديًا ضمن خانة الأحكام التشريعية وفقًا للمادة 18 من القانون رقم 250 تاريخ 14/07/1993 التي تنص على إنشاء المجلس الدستوري (اللبناني) وعمله[16].
وهذا بلا شكّ أخطر انتقاد يمكن توجيهه لقرار مجلس شورى الدولة: إذ هو سعى تحت غطاء إبطال وثيقة إدارية، إلى الانخراط في الرقابة على دستورية التدابير التشريعية المتعلّقة بالتعافي المالي، وحاول هنا التأكيد على أنّ أي إجراءات، حتى تلك المتّخذة من قبل السلطة التشريعية[17]، من شأنها تحميل المصارف جزءًا من عبء هذا التعافي، إنّما هي غير دستورية. غير أنّ هذا الموقف مما يمكن أو لا يمكن أن يكون عليه محتوى القانون بشأن توزيع تكاليف النهوض بالقطاع المالي، لا ينطوي في الواقع على أيّ بعد قانوني. فإذا تمّ إقرار مثل هذا القانون، فسيكون من اختصاص المجلس الدستوري وحده تحديد ما إذا كان يتوافق مع المادة 15 من الدستور اللبناني.
2. في ما يتعلق بالمخالفات المزعومة لأحكام قانون الموجبات والعقود وقانون النقد والتسليف
يستمدّ قرار مجلس شورى الدولة أساسًا ثانيًا لإبطال البند المطعون فيه، من أحكام المواد 690 وما يليها من قانون الموجبات والعقود والمواد 85 وما يليها من قانون النقد والتسليف. ويرتكز هذا الأساس إلى المنطق التالي: تتمتّع المصارف التجارية بصفة المودعين لدى المصرف المركزي في ما يتعلّق بالسندات التي استحصلت عليها أو الأموال التي أودعتها هناك. لكن، وبموجب أحكام قانون الموجبات والعقود، يجب على الوديع إعادة الأموال أو ما يعادلها وفقًا للشروط المنصوص عليها في عقد الإيداع ولا يمكنه إعفاء نفسه من هذا الالتزام حتى في حالة القوة القاهرة.
بناءً عليه، يحقّ للمصارف التجارية المطالبة بإعادة أموالها. بالإضافة إلى ذلك، وبموجب أحكام قانون النقد والتسليف، باستثناء الحالات المنصوص عليها بشكل حصري، لا يمكن للمصرف المركزي منح قروض للدولة. وعلى أيّ حال، تنصّ المادة 113 من هذا القانون[18] على أنّه “إذا كانت نتيجة سنة من السنين عجزًا، تغطّى الخسارة من الاحتياط العام. وعند عدم وجود هذا الاحتياط أو عدم كفايته تغطّى الخسارة بدفعة موازية من الخزينة”.وبالتالي، يلمّح القرار إلى أنّه من واجب الدولة توفير الأموال اللازمة للمصرف المركزي حتى يتمكّن هذا الأخير من ضمان سداد الأموال للمصارف التجارية وفقًا لعقود الإيداع.
إنّ هذا المنطق الذي يمكن تصوّره في سيناريو عادي يتعارض مع الواقع: فالدولة متعثّرة، وهي غير قادرة على سداد ما تدين به للمصرف المركزي أو للمقرضين الآخرين. نجد أنفسنا هنا في إطار قانوني يختلف اختلافًا عميقًا عن إطار القانون العام للموجبات. وكما يشير ماتياس أوديت: “إذا بدا أنّ عجز الدولة عن السداد قد تحوّل، على الأقلّ في البداية، إلى نزاع تافه حول مسألة عدم الامتثال للالتزامات التعاقدية، فسرعان ما نلاحظ ظهور آليات لحماية سيادة الدولة المدينة”[19]. وبعد الأزمة الاقتصادية والمالية والعالمية في العام 2008 على وجه الخصوص، عمدت الدول الأكثر هشاشة التي وجدت نفسها في حالة تعثّر إلى إقرار تشريعات تهدف إلى إعادة هيكلتها من خلال توزيع العبء على مختلف الدائنين. فعلى سبيل المثال، اعترفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في حكمها الصادر في العام 2016، في قضية ماماتاس ضدّ الدولة اليونانية[20]، بصلاحية القانون اليوناني الذي يفرض عمليات كبيرة لإجراء حسومات قسرية “قص شعر” على سندات الدين الصادرة عن الدولة أو تأجيلا لتواريخ استحقاقها. كما اعترفت المحكمة الأوروبية بصوابيّة قرار مجلس الدولة اليوناني الذي أقرّ بدستورية هذا القانون على الرغم من الحماية الممنوحة لحقوق الملكية، نظرًا إلى الوضع الاقتصادي والمالي السائد في البلاد. الأهم من ذلك هو أنّ فكرة الاستناد إلى قانون الموجبات هنا هي فكرة خاطئة. فكما أشارت محكمة العدل الأوروبية[21]، يستمدّ هذا القانون اليوناني أصله من مظاهر السلطة العامة وهو ناتج عن تدابير للدولة اليونانية في ممارسة هذه السلطة العامة”، وبالتالي فهو لا يندرج في خانة “المسائل المدنية والتجارية”.
3. في ما يتعلّق بالخرق المفترض لمبدأ المساواة في تحمّل الأعباء العامة
ختامًا، وفي ما يتعلّق بالسبب الأخير، يستعين مجلس الشورى بمبدأ المساواة في تحمّل الأعباء العامة فيخلص إلى أنّ استراتيجية الحكومة تخرق هذا المبدأ إذ هي “تحمّل هذه الأعباء إلى فئة من المواطنين هم المودعين دون سواهم من المواطنين الذين استفادوا جميعهم من الدعم وتثبيت سعر الصرف”، علمًا أنّ هذا الدعم والتثبيت لسعر الصرف لم يكن ممكنًا لولا استدانة الدولة ومصرف لبنان من المصارف التي كانت تسحب من أموال المودعين. نلاحظ هنا مرة أخرى تنفيذًا خاطئًا لمبدأ قانوني. يمكننا في هذه المسألة أيضًا استخلاص حلّ قانوني أصحّ من الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية ماماتاس ضدّ الدولة اليونانية في العام 2016: إذ أنه في إطار عملية إعادة الهيكلة المالية للدين العام، لا تشكل الاختلافات في المعاملة بين الدائنين المختلفين تمييزًا غير قانوني ما دام الهدف هو ضمان نجاح العملية واحترام مبدأ التناسب[22].
على وجه التحديد، إذا ما رأينا الصورة الأشمل وراقبنا التدفقات المالية بين المصرف المركزي والمصارف التجارية، نلاحظ أنّها كانت لمصلحة المصارف التجارية إلى حدّ كبير. إذ يظهر التدقيق الجنائي الذي أجرته شركة ألفاريز ومارسال[23] في ملف المصرف المركزي أنّ عمليات “الهندسة المالية” التي قام بها مصرف لبنان، أي سعر الفائدة المرتفع للغاية المستخدم لجمع الأموال، قد تمّت بتكلفة تراكمية قدرها 60 مليار دولار، وذلك فقط خلال الفترة الممتدة من 2015 إلى 2020. ومن أصل هذه التكلفة البالغة 60 مليار دولار، جمعت المصارف التجارية ما لا يقل عن 30 مليارًا، عاد 25 مليارًا منها إلى المساهمين في هذه المصارف[24]. بعبارة أخرى، في ما يتعلق بالمودعين وموظفي الدولة الذين يتقاضون أجورهم بالليرة اللبنانية التي انخفضت قيمتها وبالخاضعين لصندوق الضمان الاجتماعي أو الذين يتقاضون معاشات تقاعدية، الذين عانوا هم أيضًا من تراجع قيمة العملة، فإذا كان هناك من خرق لمبدأ المساواة، فهو قد تمّ على حساب هؤلاء وليس على حساب المصارف التجارية.
وعليه، في أي عملية نهوض بالقطاع المالي، فإن مبدأ التناسب نفسه هو الذي يبرر تحميلها عبءًا كبيرًا.
بشكل عامّ، نرى أنّ قرار مجلس شورى الدولة هذا يرتكز على “فرض” عدد من المفاهيم القانونية. كما لا بدّ من الإشارة إلى أنّ البيانات الماليّة الوحيدة التي يستشهد بها تأتي لسبب من الأسباب من مصادر مشبوهة إلى حدّ كبير، لا سيما في ما يتعلق بتصريحات حاكم مصرف لبنان السابق الذي كان من الأطراف الأساسيين، إن لم يكن أحد المسؤولين، عن هذه الأزمة. وذلك يوحي لنا للأسف بأنّ هذا القرار بذل كل ما في وسعه لمحاولة إعفاء المصارف التجارية من مسؤوليّتها. غير أنّ هذه المصارف، بصفتها جهات محترفة ومطّلعة، لا تستطيع ادّعاء جهلها بأنّه إذا كان مصرف لبنان يقدّم لها سعر فائدة يقارب 15% بينما كانت المعدلات الدولية أقل بثلاث مرات، فذلك يعني أنّ الاستثمار محفوف بخطر كبير.
على الرغم من الحلّ الجذري الذي يطرحه هذا القرار والطابع الحاسم الذي يوحي به، فهو يظلّ من دون أيّة مفاعيل قانونية. إذ بالنسبة إلى السلطة التنفيذية، فإنه يكفيها استعادة البند الذي تمّ إبطاله من الاستراتيجية المالية مع الإشارة إلى أنّ جميع التدابير المتعلّقة بتخفيض الديون ستخضع لتدابير تشريعية. وبالنسبة إلى المجلس الدستوري، في حال اعتماد هذه التدابير التشريعية، فإنه يكفيه الإشارة إلى أنّ المسائل التي يحكم بها مجلس شورى الدولة في ما يتعلق بالوثائق الإدارية غير ملزمة له عند الفصل في دستورية القوانين.
وحقيقة أنّه بمعزل عما انتهى إليه مجلس شورى الدولة ليس على الدولة تحمّل مجمل التبعات المالية للأزمة، من دون أن تكون معفية من أي مسؤولية في هذا المجال. فلا شكّ أنّها مسؤولة إلى حد كبير عن حدوث الأزمة، لكنها اليوم مسؤولة بشكل خاصّ عن إيجاد الحلول للتصدّي لهذه الأزمة. لقد شدد حكم ماماتاس الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في هذا الصدد على أنّ الاضطلاع بهذه المهمة هو واجب على الدولة[25] وأنّه يتعيّن عليها التصرّف “بسرعة”[26]. في لبنان، بعد مضي خمس سنوات على بداية الأزمة، وبعد عامين من طرح استراتيجية النهوض بالقطاع المالي، لم يتمّ اتخاذ أيّ تدبير، ولم يتمّ إصدار أيّ قانون. لذا، فبدلًا من الحديث عن أيّ مسؤولية تجاه المصارف، يجب التحدّث اليوم عن مسؤولية الدولة تجاه الشعب اللبناني ككلّ، بخاصة تجاه فئات السكان الغارقين في الفقر وعدم الاستقرار.
تمّ نشر النسخة الفرنسية الأصلية لهذا المقال في مجلة القانون العام الفرنسية في آذار 2024. وقد تم تعريبه من قبل غادة حيدر.
[1] للمزيد عن نظام التوزيع هذا المبني على الحسابات الطائفية والزبائنية وعواقبه على المالية العامة، يُرجى مراجعة R. Leenders، Spoils of Truce : Corruption and State-Building in Postwar Lebanon (غنائم الهدنة: الفساد وبناء الدولة في لبنان ما بعد الحرب)، 2012، دار نشر جامعة كورنيل.
[2] تشير التقديرات إلى أن 75% من أموال المودعين قد استثمرت من قبل المصارف في منتجات المصرف المركزي؛ يُرجى مراجعة T. Gaspard، Banque du Liban : a forensic analysis (مصرف لبنان: تحليل جنائي)، 2024، الجامعة الأميركية في بيروت، معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية، ص. 11: https://lext.so/WqnEtG.
[3] تم إقرار هذه الاستراتيجية بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 3، في تاريخ 20 أيار 2022.
[4] مجلس شورى الدولة، 18 أيار 2023، رقم 179/2023.
[5] مجلس شورى الدولة، 6 شباط 2024، رقم 209/2024.
[6] مجلس شورى الدولة، 5 آذار 2002، رقم 287/2002.
[7] مجلس شورى الدولة، 7 تشرين الثاني 2018، رقم 147/2018.
[8] مجلس شورى الدولة، 14 تموز 2021، رقم 771/2021.
[9] مجلس شورى الدولة، 4 نيسان 2022، رقم 156/2022.
[10] C E, sect., 12 juin 2020, n° 418142 : Lebon, p. 192, concl. G. Odinet ; AJDA 2020, note F. Melleray, chron. C. Malverti et C. Beaufils.
[11] CE, 25 mai 2022, n° 451866, Assoc. Territoire de musique. V. également, dans le même sens, S. Hoyinck, concl. sur CE, 9 août 2023, n° 462777, Greenpeace, Ariane web.
[12] C E, 4 mars 1987, Syndicat Presse parisienne : Lebon T, p. 864 – CE, 10 juill. 1992 Confédération Syndicats Médicaux français : Lebon, p. 294.
[13]مجلس شورى الدولة، 18 أيار 2023، رقم 179/2023، ص. 15.
[14] للمزيد حول اعتبار حقوق المودعين في السياق اللبناني، عناصر من حقوق الملكية، يُرجى مراجعة ن. صاغية، “قرار شورى الدولة في قضية خطة التعافي المالي: تقديس ودائع المصارف مقابل تدنيس الدولة”، المفكرة القانونية، 21 شباط/فبراير 2024 (متوفر باللغة العربية على https://lext.so/hLYov5).
[15] القرار، ص. 20.
[16] وهذا الحل مطبق أيضًا من قبل مجلس الدولة الفرنسي الذي، عندما يلاحظ اندراج وثيقة معينة محالة إليه في نطاق القانون، يمتنع عن النظر فيها لعدم الاختصاص. يمكن مراجعة CE، 9 شباط 2000، رقم 192271، خاصة في ما يتعلق بحماية الملكية والديون.
[17] السلطة التشريعية المحددة صراحة في الصفحة 20 من القرار.
[18] للمزيد حول المناقشات المحيطة بهذه المادة، يُرجى مراجعة ك. ضاهر، “المادة 113 من قانون النقد والتسليف: موضوع نقاش طويل وخلاف عميق!”، نداء الوطن، 19 شباط 2024، العدد 1342، ص. 13.
[19] M. Audit, « Le “défaut souverain” l’est-il vraiment ? Analyse rétrospective du non-remboursement des dettes publiques », RFDA 2019, p. 243, n° 36.
[20] CEDH, 21 juill. 2016, nos 63066/14, 64297/14 et 66106/14, Mamatas et a. c/ Grèce : C. Kleiner, « Recours collectif des “petits porteurs” de dette grecque : quel rôle pour la CEDH dans la gestion de la crise de la dette ? », BJB déc. 2016, n° BJB116k2.
[21] CJUE, 11 juin 2015, nos C-226/13, C-245/13, C-247/13 et C-578/13, Fahnenbrock c/ Hellenische Republik, § 60 : D. 2016, p. 1045, note H. Gaudemet-Tallon et F. Jault-Seseke.
[22] Arrêt, § 130 et s.
[23] يُرجى مراجعة T. Gaspard، Banque du Liban : a forensic analysis (مصرف لبنان: تحليل جنائي)، 2024، الجامعة الأميركية في بيروت، معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية، ص. 11: https://lext.so/WqnEtG.
[24] T. Gaspard، Banque du Liban : a forensic analysis (مصرف لبنان: تحليل جنائي)، 2024، الجامعة الأميركية في بيروت، معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية، ص. 11: https://lext.so/WqnEtG.
[25] Arrêt, § 103.
[26] Arrêt, § 139.