مثل الناشط والصحافي في موقع "درج" الإلكتروني شربل خوري أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة، صباح الإثنين في 24 شباط، بعد استدعائه على خلفيّة شكوى قدح وذمّ مقدّمة ضدّه من قبل شربل قرداحي المستشار الاقتصاديّ لرئيس التيّار الوطنيّ الحرّ جبران باسيل. استند قرداحي في شكواه إلى تغريدة لشربل خوري على "تويتر" ينتقد فيها تغريدة كتبها قرداحي وطالب فيها بخطّة إنقاذ للأزمة الماليّة والاقتصاديّة تكون على حساب القطاع العام والمتقاعدين.
لم يخرج خوري بعد انتهاء التحقيق معه، بل تمّ توقيفه بقرار صدر عن النائبة العامّة الاستنئافيّة في جبل لبنان، القاضية غادة عون، من دون أي سند قانوني، بحسب وكيلة خوري المحاميّة نرمين السباعيّ. وقبيل تنفيذ وقفة أمام منزل القاضية غادة عون استنكاراً لقرارها، أفرج عن خوري عند الساعة الخامسة والنصف من بعد ظهر الإثنين، بعدما أسقط قرداحي الشكوى بحق خوري، تحت ضغط الشارع.
وكان عدد من المتضامنين مع خوري في انتظاره أمام ثكنة العقيد الشهيد جوزف ضاهر حيث مقر مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية. وصرّح خوري أنّه لم يكن ليخرج من التوقيف لولا الانتفاضة: "لو ما في انتفاضة، أنا كنت تبهدلت"، مؤكّداً أنّ ضغط الناس في الشارع وأمام مكان التوقيف هو أمر له ثقله في داخل الثكنة. ودعا إلى "عدم إفساح المجال للقضاء أو العهد أو أحزاب السلطة للاستفراد بأي شخص من المنتفضين"، مؤكّداً أنّ "ضغوطات سياسيّة" كانت وراء استدعائه. ورأى شربل أنّ "الشتيمة هي وسيلة لا غاية"، ولا تعدّ مخالفة للقانون في حين أنّ القضاة هم من يخالفون القانون، قاصداً بذلك القرار غير القانوني بتوقيفه. وأضاء خوري على الوضع المزري للسجون والزنزانات، طالباً من "الانتفاضة" ألّا تتجاهله، لأنّ ما يحصل فيها هو "انتقام" وليس "عدالة".
وكانت مجموعة من لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين ومن بينهم المحاميين نرمين سباعي وجاد طعمة اللذين تابعا ملفّ خوري، قد وضعت ملفّه في عهدة عويدات. كما يلحظ أن تراجع قرداحي عن شكواه يسقط الحقّ العامّ في الشكوى كونها شكوى قدح وذمّ، وبالتالي يكون الملفّ قد أغلق" ويقتضي تاليا الإفراج عنه.
وعند توقيف خوري صباحاً، رأت سباعي أن القرار فضيحة كون استدعاء شربل جاء بناء على جرم قدح وذمّ لا تتخطّى عقوبته ثلاثة أشهر في السجن، ممّا يعني أنّه لا يمكن أن يتم توقيفه احتياطيّاً. فالتوقيف الاحتياطيّ، بحسب المادّة 107 من أصول المحاكمات الجزائيّة، يحصل في حال كان الجرم المسند إلى المستدعى عليه يعاقب عليه بالحبس أكثر من سنة وفي حال كان "قد حكم عليه من قبل بعقوبة جنائية أو بالحبس لأكثر من ثلاثة أشهر دون وقف التنفيذ".
وقالت وكيلة خوري إنّه أصرّ خلال التحقيق معه على موقفه الذي عبّر عنه في التغريدة، معتبراً أنّ ما كتبه هو تعبير عن رأيه، ولم يقصد منه الشتم، إنّما هو مجرّد نقد لفكر قرداحي الاقتصاديّ والاجتماعيّ. ولا يعدو ما كتبه الخوري أكثر من إيصال رسالة والتعبير عن وجع. ورفض شربل تعديل التغريدة أو حذفها ورفض كذلك التوقيع على تعهّد باحترام القوانين، لأنّ هذا التعهّد "باطل ولزوم ما لا يلزم" وفقاً لسباعي. وعلى إثر ذلك، اتخذت القاضية عون قرارها بتوقيف خوري، في حين أنّ أقصى ما يمكن فعله هو الادّعاء عليه. لذلك، ترى وكيلته أنّ القضاء أمام امتحان كبير لتصويب الخطأ الذي اقترفته عون أو الرجوع عنه.
وكان تجمّع نقابة الصحافة البديلة دعا على أثر توقيف خوري، إلى تجمّع أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة حيث تم توقيفه. وكذلك تجمّع عدد من المتضامنين أمام قصر العدل. وتشير ديانا مقلّد، الصحافيّة في موقع "درج" حيث يعمل خوري، إلى أنّ عدد الاستدعاءات المتزايد كثيراً هذه الفترة يوضح أنّ العهد الحالي "قرّر إسكات الناس بالقوّة" خاصّة وأنّ المستهدفين هم من الأفراد "غير المدعومين". لم تتوقّع مقلّد أن يتمّ توقيف خوري ولكنها لا تعتبر قرار القاضية عون غريباً "كونها تابعة لتيّار سياسيّ معيّن يقوم بحملة ضدّ الناشطين والناقدين". وتابعت أنّ ما حصل مع خوري اليوم هو "استفراد وقح بحقّه" بحسب تعبير مقلّد، خاصّة أنّ استدعاءه هو الثالث من نوعه خلال سنة واحدة. وشدّدت على حقّه وحق أي شخص بالنقد والنقد اللاذع والجارح.
ولا تعتقد مايا العمّار، زميلة خوري في موقع "درج"، أنّ التوقيف جاء نتيجة تغريدته، بل ترى أنّ السلطة السياسيّة بدأت تقوم بممارسات انتقاميّة كيديّة فتستدعي كلّ من ينتقد ويشتم ويعبّر عن رأيه وتترك أصحاب السلطة الفاسدين والناهبين. لم تتوقّع مايا والمتضامنون الآخرون، الذين تجمّعوا صباحاً أمام مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتيّة، أن يخرج شربل بسرعة لأنّه كان قد أخذ قراره بعدم حذف التغريدة أو التوقيع على أيّ تعهّد، مشدّداً على حقّه في التعبير وفي شتم أصحاب السلطة.
ومن أمام قصر العدل حيث تجمّع عدد من المحامين استنكارا لقرار القاضية عون، اعتبر المحامي جاد طعمة أنّ هذا القرار لن يمرّ كونه غير قانونيّ، وهو يستهدف الثائرين بدل أن يستهدف الطغمة السياسيّة الحاكمة والفاسدة. ورفض طعمة مخالفة القانون عن أيّ كائن تصدر عنه هذه المخالفة ورفض أيضاً فرض العقوبات على الشعب وترك الفاسدين نت دون عقاب. وكانت وقفة المحامين تزامنت مع وقفة أخرى للمطالبة بتشكيلات قضائيّة نزيهة عن التدّخلات السياسيّة واستقلاليّة القضاء.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.