تتَقاطع الأمومة كمسألة طبيعيّة بمُحدّدات أخرى نفسيّة ومجتمعيّة، تجعل النّساء-الأمّهات تحت ضغط الصّور النمطيّة والأفكار السائدة المبنيّة على الحبّ والعطاء غير المشروطَين، مُقابل إغفال معادلات أخرى تتعلّق بالحقّ في النفاذ إلى الخدمات الصحيّة وتحقيق حدّ أدنى مُشترك يُحقّق العدالة وتكافؤ الفُرَص بين مختلف الأمّهات في التوعية والتثقيف الصحّي، إلى جانب إعادة التفكير في ترتيب العلاقات بشكل يؤسّس لبيئة إيجابية تدعم الأمومة والأبوة الصحية، باتّجاه ترسيخ مصطلح الوالديّة، وما تفترضه من توزيع عادل للمسؤوليّات بين طَرَفَيْ العلاقة.
في هذا السياق، حاورت المفكّرة القانونية مروة الشّريف، منسّقة جمعية دار الأمومة التي تأسّست سنة 2020، للحديث عن الإشكاليات التي تعترض النّساء في فترة الحمل وخلال الولادة وبعدها، والعنف الّذي يُمارَس في بعض المؤسسات الصحيّة، وتأثير غياب التثقيف الصحّي على وضع الأمّ والرضيع، مع تسليط الضوء على دور المُحيط الصحّي والأُسَري في تخفيف الأعباء عن الأمّ.
المفكرة القانونية: ما هي دوافع تأسيس جمعية دار الأمومة؟
مروة الشريف: تأسست جمعية دار الأمومة سنة 2020 بمبادرة من ثلاث أمهات، وهن تيسير بن نصر وآمنة النيفر ودرة العجمي، ما يجمع بينهنّ هو الغضب إزاء وضع الأمومة، خاصّة عندما خُضن تجربة الولادة في تونس. كانت التجربة صعبة ليس فقط على المستوى الشخصي وإنما بسبب ما عايشنه من ظلم وغياب أدنى ضمانات حقوق الأمهات، وأصلا لا يوجد تعريف لحقوق الأمهات خصوصا في موضوع العنف في المؤسسات الصحية والعنف التوليدي. وحتى الجمعيات النسوية العريقة في تونس لا تشتغل على الأمومة إلا من خلال بعض التفاصيل التي لا تُغطّي كلّ جوانب الموضوع.
المفكرة: عادةً ما يُحمّل المجتمع مسؤولية التربية والإحاطة بالأبناء للأم دون سواها. كيف تعمل الجمعية على تشريك الأب وغيره من الفاعلين والفاعلات في المحيط العائلي في عملية التّربية والإحاطة بالطفل؟
الشريف: الجمعية في تعريفها تُعنى بالأمومة والأبوّة والوالديّة، ونريد ترسيخ عبارة الوالديّة la parentalité لأنّها ليست متداولة بشكل جيّد في مجتمعنا. في البداية، وعندما كُنّا نُقدّم الورشات المجانية، كنا ندعو الأمهات والآباء للحضور معنا وكنّا نُعدّ ورشات مُخصَّصة للأُبوّة ولكنّ التجربة توقّفت مع الأسف. طلبنا أيضًا من الأمهات والآباء أن يُكاتبونا ويتقاسموا تجربتهم، ولكنّ الآباء في بعض الأحيان يرفضون نشر رسائلهم، وهو ما يعكس نوعًا من الهشاشة، حين يرفض بعض الآباء التعبير عن أبوّتهم أو الصعوبات التي تعترضهم، ويختلف الأمر باختلاف الطبقة الاجتماعية المُستهدَفة، حيث يكون من الأصعب تشريك الآباء الّذين ينتمون إلى فئات اجتماعية أقل من متوسطة.
لاحظنا أيضًا اهتمام الآباء عندما يتعلّق الموضوع بالطفل مباشرة، فخلال تنظيم أنشطة تعبير ورسم للأطفال حول المقاطعة والقضيّة الفلسطينية، لاحظنا حضور الآباء ونجحنا في دعوتهم لحضور ورشة حول الأبوّة.
كجمعية نادينا أيضا تمديد عطلة الأبوة إلى ثلاثة أشهر، ولكن لاحظنا صعوبة في تقبّل هذه الفكرة، في حين أنّ بعض الدّول مثل كندا أو الدول الاسكندنافية تخصّص سنة كاملة كعطلة للوالدَيْن، يتقاسمها الأب والأم فيما بينهما. كان هذا من بين المطالب التي حاولنا إيجاد مناصرين لها من قطاعات مختلفة، ولكن وجدنا أنفسنا وكأننا نتحدّث بلغة أخرى تمامًا.
المفكرة: الأمومة تجربة فردية حسب كلّ امرأة وخلفيّتها الفكرية وتنشئتها الاجتماعية ومحيطها الأسري. كيف يمكن الاشتغال على مُشترك يوحّد تجربة النساء في الأمومة، بشكل يرسّخ قيم التشاركية مع العائلة والحلقات الأخرى المرتبطة بعملية التربية؟ (الحضانة، المدرسة، المحيط العائلي الموسّع…)
الشريف: تجربة الأمومة هي تجربة فرديّة، ولكن عند سماع تجارب الأمهات نجد أنّ هناك قاسمًا مشتركًا بينهنّ، وهو المعاناة. هناك صعوبة تعترضهنّ، خصوصًا في الفترة الأولى بعد الولادة، متعلقة بالولوج إلى الخدمات إن وُجدت أساسًا. فمن الصعب الحصول على خدمات في متناول مختلف الفئات الاجتماعية وتحفظ الكرامة الإنسانية للأمّهات. هناك مطالب مشتركة بينهنّ، مثل مطالب الاستثمار في الصحة العمومية والخدمات و تفعيل عطلة الأمومة. ما لاحظناه أيضًا هو تفكّك النسيج الاجتماعي الّذي كان يوفّر نوعا من الإحاطة والدّعم للأم بسبب الرأسمالية والحداثة المُسقَطة التي أدت إلى تفكيك الأسرة حتى في بُعدِها المُوسَّع. هذه الرعاية لم تُعوَّض بخدمات أخرى، وهو ما يمكن أن يكون من بين القواسم المشتركة لدى الأمهات.
المفكرة: كثير من المقاربات النسوية لا ترى الأمومة كمعطى طبيعي بل بوصفها بناء اجتماعيّا تُحدّده وتنظّمه النواميس الاجتماعيّة السائدة وعلاقات الهيمنة الذكورية والطّبقية داخل العائلة وخارجها. كيف ترون ذلك؟
الشريف: نحن لا نرى تعارضا بين المعطى الطبيعي والبناء الاجتماعي. هذا يُذكرّني بسؤال ما إذا كانت الأمومة قائمة على الغريزة أم على العلم. نحن نشتغل على النسوية الأمومية matricentric feminism، وهو أن لا يُنظَر للأمومة على أنّها عائق يجب إلغاؤه لتعزيز حقوق النساء، لأنّ هناك مدارس نسويّة تعتبر أنّ الأمومة من عوائق حقوق النساء لما لها من تبعات على صحّة المرأة، بحيث تصبح عاملًا ظالمًا للنساء.
المفكرة: ما هي أبرز التجاوزات التي عاينتنّها فيما يتعلّق بحقّ النساء في النفاذ إلى الصحة العمومية؟ وهل أنّ الرعاية الصحيّة، انطلاقًا من تجربتكنّ، في القطاع الخاصّ أفضل من القطاع العامّ؟
الشريف: هناك تجاوزات عديدة، وهناك عنف يحصل في المؤسسات الصحية العمومية والخاصة بأشكال متباينة. في بعض المستشفيات تتعرّض النساء إلى الضرب والشتم والصفع أحيانًا والتنمّرعلى أجسادهنّ، وفي بعض الأحيان يتمّ قصّ العجان دون استشارة المرأة المعنيّة، وفي المرافق العمومية تُجرى هذه العملية دون تبنيج. في بعض المصحّات الخاصّة تُدفع النّساء إلى التخدير النُّخاعي وإلى الولادة القيصريّة دون توضيح أسباب ذلك، ودون طرح الخيارات الممكنة بدلا عن اللجوء إلى العملية الجراحية. في بعض الأحيان لا يوجد طبيب مختصّ ولا توجد أجهزة أشعّة في المؤسسات الصحيّة. أمّا إذا كانت الأمّ عزباء وأنجبت رضيعا خارج إطار الزواج، فكلّ الأبواب توصد أمامَها. هناك تجاوزات عديدة أيضا في الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري خاصّة في موضوع الإجهاض، حيث يتمّ في بعض الأحيان رفض طلبات الإجهاض، وأحيانا أخرى تُفرَض على النساء وسائل منع حمل إمّا بالإكراه أو حتّى دون علمهنّ، عبر منح بعض الأقراص.
ليس صحيحا أنّ القطاع الخاص أفضل من القطاع العامّ، عمومًا لم نُسجّل شكاوى أنّ هناك نساءً تمّ تعنيفهنّ في أقسام الولادة في القطاع الخاص، لكن في المقابل لا تُحترم إرادة الأمّ ويتمّ منح الرضيع زجاجة الرضاعة وينسفون مسار الرضاعة الطبيعية منذ البداية. لا يمكن التعميم ويجب التعامل مع هذه المسألة حالةً بحالة.
المفكرة: هل تكشف تجربة الأمومة جانبًا من التفاوت الطّبقي، من ناحية تكافؤ فرص مختلف الفئات الاجتماعية في النفاذ إلى الخدمات الصحية الجيّدة، وأيضا الحقّ في التثقيف الصحّي حول مسألة الأمومة بكلّ جوانبها؟
الشريف: الأمومة كاشفة جدّا للتفاوت الطّبقي وغياب العدالة الاجتماعية في تونس. هناك فرق كبير بين من لديها إمكانية النفاذ لأخصائية رضاعة مثلا، وبين من يُمكنها أن تقرأ وتطّلع وتفهم وتستبق وتلجأ إلى حصص العلاج النفساني مثلا، وبين النساء اللاتي لا يعلمن أصلا بوجود مثل هذه الفُرص. على سبيل المثال، هناك فرق بين فتاة تشتغل في مصنع وتتغيّب عن رضيعها لمدّة ثماني ساعات ولا تملك مضخّة صدر لسحب الحليب وتضطرّ إلى اللجوء إلى الحليب المُعلَّب، وبين من تشتغل أعمالا حرّة لا تستوجب منها الخروج من البيت، أو من لها الإمكانيات المادّية للاستعانة بمُربّية. طبعا هذا لا اختلاف فيه.
المفكرة: كيف تتعرّض النساء إلى انتهاك حرمتهنّ الجسديّة عند الولادة أو في أيّ مرحلة من مراحل الحمل في بعض المؤسسات الصحيّة؟
الشريف: هناك الفحص المهبلي اليدوي الذي تستعمله القابلة لمعرفة مستوى المخاض. لن ندخل في نقاش حول ضرورة هذه العملية من عدمها، ولكن لنفترض أنه أمر ضروري. يتمّ في المستشفيات بطريقة سيئة للغاية، لا تخلو من العنف والإهانة، وتكون المرأة مجرّدة من ملابسها وتُنتهَك حرمتها الجسدية وأبواب الغرفة مفتوحة وتسمع كلاما فيه عبارات مُسيئة. هذه التجربة مؤلمة، تصل في بعض الأحيان إلى اتخاذ قرار عدم الإنجاب مرة أخرى مخافة تكرّر الأحداث ذاتها والمعاملة نفسها. في مراحل الحمل ليس هناك احترام للحرمة الجسدية للمرأة، وتظلّ بعض الأحيان دون لحاف ودون ملابس.
وبعيدا عن العنف الجسدي، هناك حالة أيضا لإنكار الآلام، حيث تُجابه المرأة الحامل بكلمات من قبيل “أنت تبالغين”، “هذه مجرّد وحم وسيمرّ”، والحال أنّ الألم حقيقي ولا يجب الاستخفاف به.
المفكرة: عادةً ما تتعرّض بعض الأمّهات حديثات الولادة إلى ضغوطات بسبب عدم قدرتهنّ على الإرضاع طبيعيًّا. كيف تشتغل الجمعيّة على رفع الوعي بأهمية الرضاعة الطبيعية من ناحية، وعلى توضيح أسباب عدم قدرة الأم على الإرضاع من ناحية أخرى؟
الشريف: نسبة الرضاعة الطبيعية منخفضة جدّا في تونس وتصل إلى نسبة 13%. يكاد يصبح اللجوء إلى الحليب الاصطناعي المجفّف أمرًا بديهيًّا، بدعوى أنّ حليب الأمّ ضعيف وتنقصه بعض الفيتامينات والأملاح، ولكن علميًّا أُثبِتَ أنّ حليب الأمّ يوفّر غذاءً كاملًا ومتوازنًا للرضيع. في بعض المصحّات يصف الأطباء مباشرة أصنافا من الحليب المُعلَّب، وحتّى مجتمعيًّا أصبح من النادر اعتماد الرضاعة الطبيعية. في بعض المجموعات في فايسبوك تُنظّم الحملات لمساعدة النساء على تحمّل نفقات الولادة وما بعدها، فيُسارع البعض إلى جمع التبرعات لشراء زجاجة الرضاعة والحليب المجفّف. لا يمكن إنكار وجود بعض الصعوبات في الإرضاع، من ذلك مثلا عدم معرفة الوضعية المناسبة لحمل الرضيع، أو حدوث بعض الخدوش في صدر الأمّ، ولكنّ الحل لا يكمن في التخلّي عن الرضاعة الطبيعية تماما.
قُمنا سابقًا بتنظيم ورشات التحضير للرضاعة الطبيعيّة، ونحن كعضوات في الجمعيّة موجودات في وسائل التواصل الاجتماعي وحاضرات في عديد المجموعات للأمهات والنساء ونسعى إلى النصح والدعم ونوجّه النساء إلى الجمعيات التي تُعنى بالرضاعة الطبيعية مثل “جمعية حنان”، إلى جانب أخصائيات الرضاعة لتوفير الإحاطة التي من المفروض أن تتوفّر في المؤسسات الصحيّة.
الأمر لا يتعلق بعدم قدرة على الإرضاع، ولكن لا بدّ من معرفة كيفية الإرضاع طبيعيًّا. صحيح أنّ الأمر طبيعي وغريزي، ولكن لا بدّ من تعليم الأمّ كيفيّة التقام الرضيع للثدي، وتنبيهها إلى علامات جوع الرضيع واكتفائه وشبعه، إلى غير ذلك. هذا هو مسار التعلّم وهذا هو الفارق الرئيسي في موضوع الرضاعة. هناك دراسة نسعى إلى تداولها بشكل أكبر، تتحدث عن أهمية دور القابلة في مسار الرضاعة بالنسبة إلى الأم. وتبيّن هذه الدراسة أنّ دعم القابلة المختصّة التي رعت وشجّعت الأمّ حديثة الولادة وشرحت لها وضعية الإرضاع المثالية وكيفيّة التعامل مع الجروح والتشققات التي قد تحدث لها، يُساعد الأمّ على الإحاطة برضيعها، إلى جانب دور العائلة والمحيط الأسري.
المفكرة: هل أن رَفع الوعي حول موضوع الأمومة مسألة جوهريّة، أم هي تَرف يهمّ فقط بعض الفئات الّتي تتوفّر لديها الإمكانيات المادّية؟
الشريف: هي ليست ترفًا البتّة، ولكنه جوهر عملنا وهو ضرورة للنساء والأمّهات خصوصا اللاتي يفتقرن للإمكانيات الماديّة، حيث تلجأ بعض الأمهات بضغط من المجتمع إلى الحليب المُعلَّب، وعندما تتزايد نفقات شراء هذا الحليب الاصطناعي تلجأ إلى الحليب العادي الّذي يستهلكه الكبار، وتخلطه بقليل من الماء، وهو ما يؤدّي إلى سوء التغذية وإضعاف مناعة الرضيع بحيث يُصبح عُرضةً لأمراض مثل التهاب القُصَيبات، وغير ذلك.
المفكرة: هل تلاحظنَ اعتماد سياسات عامّة في اتّجاه دعم الإحاطة النفسية والجسديّة للأمّ؟
الشريف: هناك تغيير طفيف في هذا الاتجاه، حيث أصبحت إجازة الأمومة ثلاثة أشهر في القطاعَين العام والخاص. هناك مجهود ولكنه غير كاف. ولا يمكن أن يكون هناك سياسات عامة لدعم الإحاطة النفسية والجسدية للأمّ والأب والأبناء في ظل تواصل اعتماد سياسة التقشّف، ونحن ندعو دائما إلى القطع مع هذه السياسة، لأنّ الجانب الاقتصادي ينعكس على الوضع الصحي والمادّي للأم والأب والرضيع، وكلّها حلقات مترابطة ومرتهنة للخيارات السياسية.
المفكرة: ما تقييمكنّ لوضع الأمّهات المهاجرات، وبخاصّة مهاجرات أفريقيا جنوب الصحراء، من حيث تعامل السلطة معهنّ؟ هل يتمتّعن بالحدّ الأدنى من حقوق الرعاية والنفاذ إلى الصحة؟
الشريف: إذا كانت درجة معاناة الأمهات في تونس تتزايد مع تدنّي مستوى المعيشة فكيف يمكن تخيّل وضعية المهاجرة في الوضع الحالي؟ هي قطعًا وضعية كارثية. نحن لم نتعامل معهنّ مباشرة ولكننا نرى الوضع ونتابع الوضعية كارثية والدولة هي الكيان الوحيد القادر على التعامل مع هذه الأزمة بمقاربة حقوقية.
الحدّ الأدنى للصحة غير معلوم، التعامل مع المهاجرات يتمّ حالة بحالة، حسب المكان الّذي ولدت فيه الأمّ والمستشفى والإطار الطبي وشبه الطبي. ولكن نظرا للوضع الحالي، عديد النساء المهاجرات يتجنّبن التوجه إلى المؤسسات الصحية.
المفكرة: كيف أثّرت حرب الإبادة على نظرتكنّ للأمومة بشكل عامّ؟
الشريف: فلسطين أثرت فينا بشكل كبير جدا، أنا شخصيًّا غيّرت هذه الحرب نظرتي لابني ولأمومتي ولكل شيء، عندما نقول “حطي قلبك على قلبي يمّا”، نحن نعني ذلك ونعيش ذلك الألم حقًّا، كلّ الأطفال هم أبناؤنا. عندما نصبح أمهات، لا شعوريًّا نتوقّف في الشارع ونلتفت عندما نسمع كلمة “ماما” أو “مّا”، لأنّ الأمومة تصبح جزءًا من هويّتنا بشكل ما، فعندما نرى الفلسطينيات ونرى ألمهنّ ومشهد أمّ يوسف “اللي شعره كيرلي وأبيضاني وحلو” أو الأم التي قالت “الله وكيلك الأولاد ماتوا بدون ما ياكلوا”، كلّها مشاهد تهزّ الكيان وتجعلنا نتساءل عن معنى ما نقوم به، ليس فقط من باب التعاطف، ولكن ما يحدث يجعلنا في حالة غضب واشمئزاز وتساؤل عن القيم التي تروّج لها الأمومة البيضاء التي تتدخّل في تفاصيل حياتنا لنمنح أطفالنا حياة جميلة بمعاييرها هي. قوى الهيمنة هذه نفسها تواطأت ضدَّنا مع الإبادة وتبنَّتْ سرديّة الاحتلال.
من بين الأنشطة التي قمنا بها هي التوجّه إلى الرابطات والجمعيات التي تُعنى بالأمومة في العالم التي سكتت وتواطأت مع جرائم الإبادة في الوقت الّذي ندّدت فيه بأكذوبة ذبح أربعين رضيعًا.