من صفحة الحرية لماهينور - Free Mahienour
عبر فيسبوك
في هذه المقابلة مع الناشطة اليسارية والمحامية الحقوقية ماهينور المصري، “واحدة من ملايين المصريين الذين قاموا بثورة يناير” كما تعرف نفسها، نتناول أوضاع المعتقلات والمعتقلين في مصر و”مبادرة أسر سجناءمصر السياسيين” والحراك المساند لفلسطين.
المفكرة القانونية: أطلقت في الأيام الأخيرة “مبادرة أسر سجناء مصر السياسيين” يطالب فيها أهالي المعتقلين بعد 2013 بالإفراج عنهم. هل لك أن تقدّمي لنا هذه المبادرة؟ من هم المعتقلون السياسيّون اليوم مصر؟ وما هي الأوضاع التي يعيشونها هم وعائلاتهم؟
ماهينور المصري: هذه المبادرة هي نتاج الظلم الذي يواجهه آلاف المعتقلين السياسيين في مصر بسبب طول فترة سجنهم، والتي وصلت في بعض الحالات الى 11 سنة، وقلة إجراءات الإخلاء والعفو. ورغم غياب الأرقام الرسمية إلا أننا كمحامين نلاحظ تزايدا في أعداد المعتقلين خصوصا منذ بداية السنة الجارية لكثرة الذين يحقّق معهم يوميا في نيابة أمن الدولة في القاهرة وعدد القضايا التي تخطت هذا العام (إلى موفى شهر يوليو) 3400 قضية. ففي جلسة غرفة مشورة واحدة تصل في بعض الأحيان أعداد المتهمين المعروضين إلى الألف.
في البداية كان هناك إحساس واسع لدى الأهالي أنه سيتم اعادة النظر في ملفات ذويهم حين تستتب الأمور للسيسي. لكن ذلك لم يحدث. فحتى لجنة العفو التي تم بعثها وعملت لفترة قصيرة توقفت اليوم.
بالإضافة إلى ذلك، هناك الوضع الاقتصادي الصعب جدا لأهالي المساجين والذي يفاقمه نقل السجون إلى مناطق بعيدة. كما أن السجن مكلف جدا للعائلات حيث تباع فيه احتياجات المعتقلين بأسعار مضاعفة وهو ما يدرّ الأرباح على الدولة. كل هذه العوامل دفعت الأهالي الى إطلاق هذه المبادرة في محاولة لإعادة ملف المعتقلين السياسيين إلى الواجهة.
كما أن ظروف الاعتقال صعبة اليوم. وحتى إضرابات الجوع الجماعية في سجن بدر 1 التي يخوضها مئات من المحتجزين منذ شهر يونيو احتجاجا على الانتهاكات ضدهم أدت إلى نقل عدد منهم إلى سجون بعيدة. كما أن انعدام الأمل أثّر بشدة على نفسية المساجين فتعددت محاولات الانتحار بينهم. حالات الوفيات في ازدياد نتيجة ضعف الرعاية الطبية في أغلب السجون. كما لا زال هناك تضييق على زيارات الأهالي رغم انتهاء وباء الكورونا.
ينضاف إلى ذلك تعميم عرض المتهمين السياسيين في أماكن احتجازهم عن بعد عبر الفيديو كونفرانس في كل التجديدات للحبس الاحتياطي، حيث يتحكم القضاة في التواصل بين المحامي ووكيله بالإضافة إلى منع الداخلية من حضور بعض المعتقلين بحجة العطل الإلكتروني.
المصري: النساء سواء المحالات في قضايا جنائية او سياسية يدفعن الثمن مرتين. فهن يحرمن من أبنائهن وهو ما يشكل عبءا نفسيا قويا عليهن، بالإضافة إلى حرمانهن من الرعاية الصحية الحقيقية خصوصا في حالة الحمل والولادة. هناك عدد كبير من السجينات، خاصة المتهمات بالانضمام لداعش، هن زوجات لأعضاء من التنظيم أو منحدرات من مناطق كانت تحت سيطرة ولاية سيناء وأغلبهن فقيرات جدا وأميات.
ملف النساء السجينات منسي في أغلب الوقت حيث لا وجود لقوائم إسمية معروفة لهن باستثناء عدد قليل جدا مثل عائشة الشاطر وهدى عبد المنعم ونرمين حسين ومروة عرفة وحسيبة محسوب. في حين أن هناك مئات من النساء وهن الغابية العظمى لا يتم ذكرهن لأن ليس لهن أية علاقة بالسياسة.
عدد كبير من السجينات السياسيات اشتكين من خلطهن مع الجنائيات مما يعرّضهن للعنف الذي تقوم به إدارة السجن عبرهن. شخصيا ومن خلال تجربتي السجنية، كان الاختلاط مع سجينات الحق العام أمرا جيدا.
هدى عبدالمنعممروة عرفةنرمين حسين
المفكرة القانونية: أنت عرفت السجون المصرية تحت حكم مبارك في 2008 في أعقاب الاحتجاجات التي نظمتها حركة شباب 6 أبريل ثم تحت حكم السيسي في أكثر من مرة. ماذا تغير في أوضاع السجون بحسب تجربتك؟ هل تغيرت استراتيجيات تجريم النشاط السياسي والحراك الاجتماعي بعد 2013؟
المصري: بعد 2013 ارتفعت أعداد السجناء بشكل مطّرد سواء في القضايا الجنائية أو السياسية. خوف السيسي من تحرك الشعب وعلمه بتدنّي شعبيته إلى حدّ الكره أفضى إلى توسع كبير في عدد الإيقافات. فالمساجين السياسيون اليوم ليسوا فقط نشطاء كما كانت عليه الحال سابقا، بل هم كذلك مواطنون شاءت الأقدار أن يقعوا تحت يد الداخلية وأمن الدولة.
زمن مبارك كان الاعتقال موجها بالخصوص للجماعة الإسلامية ولم تكن مدة الحبس في حالات النشطاء الإسلاميين واليساريين طويلة كما هي الحال اليوم. بالإضافة إلى ذلك ارتفع عدد الإعدامات. كما نشهد اليوم توسعا في صلاحية نيابة أمن الدولة في حبس المواطنين، وانتشارا لقرارات التدوير، أي إعادة الحبس بعد إخلاء السبيل، والإخفاء القسري. وهي ممارسات بمجملها جديدة نسبيا ربما فاقت ما كان يقع في سجون عبد الناصر.
المفكرة القانونية: على غرار بلدان عربية أخرى، جرم الحراك المساند للقضية الفلسطينية والمناهض لحرب الإبادة على غزة في مصر. هل توجد اليوم مبادرات شعبية عفوية أو منظمة مساندة للفلسطينيين؟
المصري: النظام المصري ليس فقط نظاما قمعيا، بل هو كذلك متواطئ وشريك في حرب الإبادة في غزة وهو ما يجعله أكثر عنفا تجاه أيّ تحرك. كما أنه يخشى من تحول أي تحرك داعم لفلسطين إلى احتجاج مناهض له وهو ما يفسر الأعداد الكبيرة للموقوفين في صفوف المتظاهرين بمن فيهم من خرج في مظاهرات سمح بها السيسي كما هي الحال في 20 أكتوبر 2023.
في بداية الحرب، كانت هناك محاولات لتنظيم قافلة “ضمير العالم” في أعقاب النداء الذي أطلقه نقيب الصحفيين خالد البلشي. لكن الدولة تصدّت لها وقبضت على النشطاء الأجانب الذين كانوا ينوون تقديم طلب بالتظاهر أمام وزارة الخارجية المصرية.
كما تم إيقاف طلاب حاولوا تنظيم تحرك بعنوان “طلاب من أجل فلسطين” وأيضا القبض على عدد من الناشطات اللاتي حاولن الاحتجاج على ممارسات مجلس الأمن في الأمم المتحدة وتمّ إخلاء سبيلهن لاحقا. هناك بعض المبادرات التضامنية التي تقوم بها اللجنة الشعبية للتضامن مع فلسطين، ولكن أغلبها يخص المساعدات العينية. وحتى محاولات زيارة الجرحى الفلسطينيين الذين يتلقون العلاج في مصر يتم التضييق عليها. وبالرغم من كل هذا لا زالت هناك مساعٍ لتنظيم الدعم والتضامن وإيجاد أفكار جديدة لتحقيق ذلك.
المفكرة القانونية: ماذا بقي من حراك الثورة وجيل الثورة في مصر اليوم؟ وكيف الخروج من حالة الإحباط؟
المصري: تقييم ما بقي من الثورة اليوم أمر فردي. شخصيا أرى أن أهم ما اكتسبناه هو درس لقنته لنا الثورة: في أحلك الفترات ورغم انسداد المجال العام يمكن لمحاولات التحرك والتنظيم ان تسفر عن تغيير.
ربما يزداد إحساسي بالاحباط اليوم بسبب عدم قدرتنا الجماعية على القيام بعمل حقيقي لدعم أشقائنا في فلسطين. ولكن سرعان ما أعود وأتذكر أن هذا الإحساس هو انتصار للثورة المضادة يجب مقاومته عبر استنباط أفكار جديدة للنهوض.
ويبقى الأمل في أن من يصنع الحراك الحقيقي ليسوا السياسيين ولا النشطاء، بل الشعب نفسه.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.