في 25 كانون الثاني الماضي، جسّدت انتخابات "رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي" المحاصصة الحزبية التي شكّلتها الطبقة السياسية الحاكمة بهدف ضرب العمل النقابي المُدافع عن الحقوق، بشخص رئيس الرابطة السابق حنّا غريب الذي قاد تحرّك "هيئة التنسيق النقابية" المطالب بإقرار سلسلة الرتب والرواتب. فقد أكدت هذه الانتخابات أن نفوذ الطبقة السياسية والأحزاب الحاكمة في لبنان فوق كل اعتبار، حتى في ما يخص الحقوق ولقمة العيش، حيث فازت لائحة"التوافق النقابي" المدعومة من تحالف فريقي 8 و14 آذار و"التيار الوطني الحر" و"الحزب التقدمي الاشتركي" بـ16 مقعداً، في حين خرق حنا غريب وفيصل زيود بمقعدين.
وقد فاز غريب بـ299 صوتاً،وحلّ في المرتبة الثالثة بعد مرشحي "الوطني الحر" عبدو خاطر و"حزب الله" يوسف زلعوط، واستطاع أن يشغل المقعد الشاغر في لائحة "التوافق النقابي" كعضو عادي تحدد مهامه في المستقبل، بعدما كان قد انسحب من اللائحة "التوافقية" التي كان يجري العمل على تشكيلها، حيث تضم ممثلين عن الأحزاب ونقابيين مستقلين، لتجنب المعركة الانتخابية. وكانت الأحزاب التي تقاسمت الرابطة بلائحة تضم 17 مرشحاً، قد تركت مقعداً شاغراً لغريب، ربما بسبب شعورها بأن الأخير يشكل خطاً أحمرَ لقاعدة نقابية واسعة قاد مسيرة طويلة في الدفاع عن حقوقها. وبعد الانتخابات، شكل المستقلون بقيادة غريب "التيار النقابي المستقل" المعارض، و"الحريص على الحقوق" بحسب ما وصفوه في بيانهم.
في هذا الخصوص، أجرت "المفكرة القانونية" مقابلة مع رئيس "رابطة التعليم الثانوي الرسمي" السابق وعضو "هيئة التنسيق النقابية" حنا غريب، الذي قاد بجدارة التحرك النقابي المطالب بسلسلة رتب ورواتب عادلة.
هنا نص المقابلة:
س: ما قولك في أن التحالف في لائحة "التوافق النقابي" كان هدفه إضعاف حنّا غريب شخصياً؟
ج:عملياً، إن اللائحة التي تسمّي نفسها "التوافق النقابي" ليس لها أي علاقة بـ"التوافق النقابي". لأنه في هذه الحالة، يجب أن يكون هناك نوع من الائتلاف بين القوى والمكونات كافة، وهذا ما لم يحصل. ما حصل هو أنه تم تشكيل لائحة للسلطة تغطي عيوبها بما يُسمى "التوافق النقابي"، بينما هي في الحقيقة لائحة للسلطة السياسية مكوّنة من الأحزاب الحاكمة، وبالتالي من أين يأتي هذا التوافق؟ فعندما يكون هناك توافق نقابي، من الطبيعي أن تفوز اللائحة بالتزكية. وعندما تأخذ الانتخابات طابع معركة تفوز فيها لائحة السلطة بنسبة 56 في المئة في مقابل لائحة "الحزب الشيوعي" والمستقلين التي حصلت على 44 في المئة من نسبة الأصوات، لا يمكن وصف أي لائحة بالتوافق النقابي. فهذه المعركة هي معركة القبض على القرار النقابي المستقل والنهج الذي أمثله، ولا اعتبرها ضدّي شخصياً؛ فأنا أمثّل تياراً نقابياً مستقلاً، وهو القوة الانتخابية الأولى، حيث حصل على 44 في المئة من أصوات الرابطة منفرداً. وبمجرد الاطلاع على هذه النتيجة التي تحققت، نعتبرها إنجازاً وانتصاراً كشف السلطة التي لم تتمكن من إزاحة هذا النهج إلا بتحالف كل القوى السياسية ضده، وهذا ما فضحها (أحزاب السلطة) بعدما أكد 44 في المئة من الأساتذة أنهم يريدون نهجنا. مثلاً، إذاً كل الأحزاب المتحالفة ضدنا حصلت على 56 في المئة من الأصوات، أي حوالي 300 صوت، إلا أننا كقوة منفردة كان بمقدورنا الحصول على 44 في المئة من تلك الأصوات. إذاً، فإن اللائحة التي شكلتها أحزاب السلطة هي لائحة "المحاصصة الحزبية" وليست "التوافق النقابي".
س: لماذا، برأيك، عمد تحالف لائحة "التوافق النقابي" إلى ترك مقعدٍ شاغر؟
ج:لقد حاولت أحزاب السلطة تمويه وتحوير موقفها وضعفها عبر ترك مقعدٍ شاغر، لكن الخرق حصل من قِبلنا وبمقعدين. وبناءً على ذلك، تسقط مقولة ترك مقعد شاغرلحنا غريب، خصوصاً بعدما حصلت لائحتنا على 44 في المئة من الأصوات، ما يعني أنه يحق لها نسبياً بثمانية مقاعد من أصل 18. وعندما كنت أطالب أحزاب السلطة بالتحاور مع المستقلين واستيعابهم ضمن لائحة توافقية، كان يُرفض طلبي بحجة أن ليس هناك مستقلون، لكن هذه الانتخابات أكدت حجم وقوة النقابيين المستقلين الذين حصلوا على نسبة 44 في المئة من الأصوات.
س: كيف سيكون دورك كنقابي في الرابطة الجديدة، وكيف ستتعاطى مع تسييس الانتخابات ضدّك؟ وهل تغيرت بعض المفاهيم عن العمل النقابي ودوره؟ وما هو دورك الوطني المنفصل عن دورك النقابي؟
ج:لا شك في أن هذه المعركة أوصلتنا إلى بعض الاستنتاجات والعِبَر، فقد قضت الانتخابات الأخيرة، التي أدت إلى فوز لائحة الأحزاب الطائفية، على الأوهام في إمكانية التغيير من خلال العمل النقابي، لأن تلك الأحزاب ضد مطالب النقابيين الذين ينتمون إليها وحقوقهم. وفي سياق متصل، هناك اعتراف كامل بأن الحراك الذي قمنا به على مدى ثلاثة أعوام أعاد الروح للعمل النقابي. قبل الانتخابات، كنا نطالب أولئك النقابيين بالضغط على أحزابهم، لكنهم عادوا بخفّي حُنين ولم يقدر أحدهم على اتخاذ موقف والانتفاض على مطامع حزبه أو تغيير محصّلتهم السياسية. هنا، ستصطدم هذه الرابطة بمواقف الأحزاب التي تمثلها ومطامعها، فأدعو أعضاء الرابطة الجُدد إلى تحمُّل مسؤولياتهم لأن من الواضح أنه لم يعد هناك أي إمكانية للتغيير نحو الأفضل في ما يخص المطالب والحقوق. على أعضاء الرابطة الجُدد أن يحصّلوا حقوق الأساتذة والمعلمين التي ترفض أحزابهم الاعتراف بها.
من جهتي، كعضو في هذه الرابطة، سأبقى صوتاً ممثلاً للمستقلين الذين حصلوا على نسبة 44 في المئة من الأصوات؛ سأنقل صوت هؤلاء ولن أتركهم، وسأضغط في اتجاه تبني البرنامج الانتخابي الذي طرحناه كلائحة مستقلين. وعلى ضوء أداء الأعضاء الآخرين ومواقفهم من هذه المطالب، سنتخذ الموقف المناسب للرد في "التيار النقابي المستقل" الذي شكّل جبهة معارضة حريصة على الحقوق. فعندما نرى أن هذه الرابطة تفرّط بالحقوق وتعمل تحت السقف المطلوب وتوافق على ما رفضنا سابقاً التنازل عنه، فستتحمل المسؤولية أمام القواعد النقابية والشعبية. وهنا، يمكننا أن نتأكد أنّ سبب إزاحتنا كان لضرورة المجيء برابطة تتنازل عن حقوق الأساتذة والمعلمين وتعمل حسب مصالح أحزاب السلطة.
إذاً، فإن الضغط من أجل تحقيق مطلبنا سيكون من جهتين؛ من داخل الرابطة كعضو فيها، ومن خارجها كـ"تيار نقابي مستقل" معارض. وسنذهب باتجاه العمل على استقطاب نقابي كقطب نقابي مستقل، نوحّده ونرسّخ نهجه الذي مارسناه خلال الأعوام الثلاثة الماضية ونعيد تنظيمه على مستوى القطاع العام ككل، وليس فقط أساتذة التعليم الثانوي، لأن هذه قضية اقتصادية – اجتماعية. ويُمنع على هذه الرابطة التنازل عن حقوق أساتذة التعليم الثانوي، خصوصاً في ما يتعلق بالدرجات الست كفارق مع الأستاذ الجامعي، والحفاظ على الفارق بين الدرجتين الثالثة والرابعة، أي إعطاء نسبة 75 في المئة كزيادة واحدة لكل موظفي الدولة، وشهادة الماجستير للتعليم الثانوي في مادة الاختصاص. وأي تفريط في هذه المطالب ستتحمل مسؤوليته الرابطة الجديدة. كما أن المطلوب هو إلغاء بنود "باريس 3" التي وضعتها الأحزاب والكتل النيابية داخل سلسلة الرتب والرواتب التي لم تعد تمثّل حقوق الأساتذة والمعلمين، بل أصبحت تمثل التزامات "باريس 3" التي تريد أحزاب السلطة تنفيذها من خلال الرابطة.
س: كيف، برأيك، سيكون تعاطي أعضاء الرابطة الجديدة مع السلسلة وضمان حقوق المعلمين؟ هل انتهى زمن المطالبة بالحقوق من خلال الرابطة؟ وهل إمساك فريقي 8 و 14 آذار بالرابطة يقيّد حرية التحرك لتحديد خياراتها؟
ج:بحسب التجربة، تبيّن حتى الآن أن أعضاء النقابة الحزبيين يخضعون لمواقف أحزابهم وكتلهم النيابية بدل اتخاذهم مواقف تحفظ حقوقهم وحقوق زملائهم. وهناك ازدواجية معايير عند هؤلاء الأعضاء الذين يشددون على تأييدهم للتحرك النقابي في الوقت الذي يقف حزبهم ضد هذا التحرك (وضدهم)، وفي النتيجة يضغط على الرابطة وزميله الذي يدافع عن حقوقه ويزيحه بدل أن يضغظ على حزبه ليوافق على مطالبنا المحقّة. إذاً، لا أعتقد أن أعضاء الرابطة الجدد قادرون على التغيير، لأنهم كالرجل الآلي الذي تسيّره أحزاب السلطة، تم انتخابهم من أجل الموافقة على السلسلة التي يريدون تمريرها ووضع اليد على الحركة النقابية ككل.
س: ما هو مدى تأثير الانتخابات على مستقبل الرابطة؟ وما هو مصير الحركة النقابية التعليمية ككل و"هيئة التنسيق النقابية" بعد الانتخابات الأخيرة؟ هل ضربت هذه الانتخابات العمل النقابي؟
ج:أخشى أن تتحول "هيئة التنسيق النقابية" إلى "اتحاد عمالي عام"؛ وهذا ما أحذّر منه. ولذلك، نطالب ببلورة تيار نقابي مستقل، يتخذ موقع المعارضة النقابية الديموقراطية المستقلة، ليضغط باتجاه الإمساك بالحقوق والحفاظ على الحركة النقابية وتوحيدها كحركة عابرة للطوائف والمذاهب. فإن هذا التيار المستقل يشكل بديلاً لأننا أمام خيارين؛ إما خيار الرابطة الملتحقة بالسلطة، أو الخيار الذي نطرحه عبر "التيار النقابي المستقل".
س: كيف ستواجه "هيئة التنسيق النقابية" السلطة السياسية من الآن وصاعداً؟
ج:كتيار معارض، نطالب "هيئة التنسيق" والرابطة بالالتزام بالحقوق والحفاظ عليها، خصوصاً في ما يتعلق بالـ75 في المئة كنسبة زيادة موحدة للموظفين كافة في القطاع العام. ونحن نرفض إلغاء العشر درجات ونصف درجة لأساتذة التعليم الثانوي واحتسابها كجزء من غلاء المعيشة، فقد أصبحنا أمام خيارات على الرابطة أن تتحرك لضمانها. وإذا أكملت هيئة التنسيق بكل مكوناتها في الحفاظ على تلك الدرجات لأساتذة التعليم الثانوي ووافقت عليها كفارق بين الدرجتين الثالثة والرابعة مقابل الزيادة في ساعات العمل، وفارق الدرجات الست بين الأستاذ الجامعي وأستاذ التعليم الثانوي، سندخل في معركة المطالبة بالحقوق كجبهة واحدة. أما في حال لم يتم الاتفاق على هذه المطالب، فأدعو إلى تغليب المطالب الخاصّة بأساتذة التعليم الثانوي حيث تتحرك الرابطة في هذا الشأن، وتتحرك "هيئة التنسيق" بشأن المطالب المشتركة لموظفي القطاع العام. فنحن نريد تحقيق المطالب التي تخص حقوق أساتذة التعليم الثانوي، لأن الصيغة المطروحة في المجلس النيابي تضرب موقعهم الوظيفي، ونحن نرفض هذه الصيغة، ولذلك نطالب بتعديلها للحفاظ على حقوقنا قبل إقرارها، لأن إقرارها من دون تعديل سيؤدي إلى كارثة بحق الأساتذة. إذاً، فإن الأولوية كرابطة هي للمطالبة بتعديل الصيغة المطروحة في مجلس النواب بما يحفظ موقعنا الوظيفي، عبر هيئة تنسيق ضاغطة تدعم مطالبنا أو عبر تحركنا المستقل.
وفي ما يتعلق بالبنود المرتبطة بـ"باريس 3"، على "هيئة التنسيق" خوض معركة لمواجهتها ضمن المطالب المشتركة لموظفي القطاع العام، حيث إنه لا يمكن تحميل أساتذة التعليم الثانوي أكثر من طاقتهم. فعلى سبيل المثال، إن مشروع التعاقد الوظيفي الذي يهدف إلى وقف تثبيت الموظف في القطاع العام والاستمرار في بازار التعاقد هو من المواد المطروحة في مشروع سلسلة الرتب والرواتب على أساس الصيغة التي طرحتها اللجان المشتركة في المجلس النيابي. لكن لا أحد يعلم ما دخل هذه المواد بالتضخّم والسلسلة التي تتعلق بتصحيح الرواتب والأجور. فهناك مواد التعاقد الوظيفي والانقضاض على المعاش التقاعدي وتخفيضه بنسبة 35 في المئة وإعادة النظر بكل أشكال المنح من أجل الإطاحة بها بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء، وإعادة النظر في تقديمات الصناديق الضامنة كتعاونية موظفي الدولة، لجهة التخفيض أو الإلغاء، ما يعني الانقضاض على كل التقديمات الصحية والاستشفائية التي هي أساساً ضعيفة. كما أن هناك مادة أخرى تتعلق بالضغظ من أجل الإمساك بتقييم الأداء عن طريق الرئيس المباشر بمعزل عن أجهزة الرقابة، ما يعني إعطاء الحق للرئيس المباشر بفرض العقوبة على الموظف من دون إعطاء الأخير حقه بالاعتراض أمام مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي، ما يؤدي إلى الإمساك برقاب الناس وحرياتهم من خلال رؤسائهم المباشرين بمعزل عن أجهزة الرقابة التي يريدون تهميشها. كل هذه البنود ليس لها أي علاقة بسلسلة تضمن تصحيح الرواتب والأجور، بل تهدف إلى ضرب كل ما يتعلق بدولة الرعاية الاجتماعية.
وفي سياق متصل، عندما أردنا وضع بند إصلاحي لرفع مستوى التعليم الثانوي، قاموا بإلغاء وجوب حيازة أستاذ التعليم الثانوي شهادة الماجستير في مادة الاختصاص، على الرغم من أن نظام التعليم العالمي يشدد على وجوب حيازة أستاذ التعليم الأساسي إجازة تعليمية، حيازة أستاذ التعليم الثانوي شهادة ماجستير والأستاذ الجامعي شهادة الدكتوراه. إن دمج الشهادة المطلوبة لأساتذة التعليم الأساسي والثانوي ستؤدي إلى ضرب مستوى التعليم ورواتب الأساتذة.
من جهة أخرى، عندما طالبنا بوقف التوظيف وإجراء مباراة مفتوحة على أساس الكفاءة والجدارة، فإنهم رفضوا من أجل التعاقد والمحسوبيات. وقد أدى هذا الأمر إلى ارتفاع عدد المتعاقدين إلى حوالي 4 آلاف متعاقد تُوزَّع ساعات التدريس عليهم. فقد تم استخدام هذه الحجّة لضرب حقوقنا، علماً أن عدد الأساتذة في ملاك وزارة التربية والتعليم العالي هو حوالي 53 ألفاً، ما يعني أن عددهم يكفي لتوزيع ساعات التدريس من دون توظيف متعاقدين جدد.
وخلفية هذا الطرح تهدف إلى القضاء على نظام الوظيفة العامّة من ناحية الاستقرار الوظيفي والملاك والتثبيت، وتحويل التوظيف في القطاع العام إلى تعاقد، ما سيؤدي إلى ضرب الموظفين في ملاك القطاع العام وعدم إعطائهم حقوقهم في ما يتعلق بسلسلة الرتب والرواتب.إن السلطة السياسية تريد تغليب نظام التعاقد الوظيفي والقضاء على ما تبقى من دولة الرعاية الاجتماعية وديمومة العمل في القطاع العام اللبناني، ما يعني الخصخصة في شروط العمل، ولذلك فإن تدمير السلسلة ينبع من تدمير نظام الوظيفة العامّة. وعندما يصبح الفرق بين الأستاذ الجامعي وأستاذ التعليم الثانوي حوالي 54 درجة عوضاً عن ست درجات وعدم ربط الفئات بنسب متقاربة، فإنهم يهدفون إلى القضاء على السلسلة والانتقال إلى نظام الأجر في القطاع الخاص.
س: يقول البعض، معللاً تحالف القوى السياسية، إن النقابيين في الرابطة بحاجة إلى أحزابهم لتحصيل حقوقهم من الطبقة السياسية؛ فما ردّكم؟ (وهذا ما صرح به عضو الرابطة حيدر خليفة – عن "حركة أمل" – بقوله أن ممثلي الأحزاب داخل الرابطة لن يكونوا مرتهنين لأحزابهم لأن مصلحتهم ولقمة عيشهم أبدى.. والحشود لم تكن تلبي دعوات "هيئة التنسيق" لولا عمل الأحزاب ومكاتبها التربوية – صحيفة "الأخبار"عدد 25/01/2015).
ج:لا أحد ينفي دور القوى النقابية الحزبية في هذا الموضوع، ولكن نحن نطالبهم أيضاً بعدم إلغاء دور المستقلين، لأننا اعترفنا بدورهم، وعندما نحصل على نسب متقاربة في الانتخابات (56 % و44 %)، يكون ضرورياً أن نقوم بتشكيل لائحة متوازنة، كما طالبنا سابقاً، حيث تعتمد على المناصفة بين النقابيين الحزبيين والمستقلين. طبعاً، نحن في حاجة إلى النقابيين الحزبيين لأنهم موجودون وحصلوا على نسبة 56 في المئة في الانتخابات. وأيضاً، لا يمكنهم إلغاؤنا لأن قاعدة الأساتذة تضم نسبة كبيرة من غير الحزبيين. وعندما تتشكل الرابطة فقط من الحزبيين ستصبح كالمكاتب التربوية التابعة لهذه الأحزاب، ما يُدخل كل الانقسامات السياسية إلى الرابطة.
إن المشكلة أساساً تتعلق بالأحزاب التي تقف ضد مطالب النقابيين. ونذكّر بأن اللجان النيابية المشتركة والكتل النيابية ولجنة الإدارة والعدل برئاسة النائب روبير غانم عمدت إلى صياغة مشروع قانون لا يعطينا كامل حقوقنا ويضرب موقعنا الوظيفي. فعلى هؤلاء النقابيين تغيير مواقف أحزابهم والضغط عليها كخطوة أوليّة، لكن المشكلة هي أنهم غير قادرين على اتخاذ مواقف من أحزابهم، وهم يعلمون أنّ وجعنا سببه موقف أحزابهم التي ترفض الحفاظ على حقنا المكرّس في قوانين عمرها أكثر من 50 عاماً. الطابة أصبحت في ملعب النقابيين الحزبيين وعليهم تحمّل المسؤولية.
ويختم حنا غريب "نحن كنهج نقابي مستقل كان موجوداً في قيادة الرابطة السابقة، أصبح في موقع المعارضة الحريصة على الحقوق"، مشدداً على أن أي تراجع عن سقف المطالب والحقوق "لن نسكت عنه وسنواصل الضغط والمطالبة بحقوقنا دفاعاً عن صوت الـ44 في المئة وحقوق الأساتذة من دون استثناء". ويوضح "نحن أمام صراع بين مصالح السلطة السياسية وقوى نقابية تريد توحيد البلد على أساس لقمة العيش والحقوق والمصالح المشتركة، كما فعلنا في التحرك النقابي الذي أخاف الطبقة السياسية التي أرادت إزاحتنا، ولم تقدر إلا بعدما اجتمعت الأحزاب كافة لمواجهتنا"، مضيفاً "هذا شرف لنا وانتصار كبير يجب أن نكمل فيه من دون أي تراجع".
تخرج من المقابلة مع حنا غريب مقتنعاً أنّك كنت أمام نقابي مميّز، يمتلك المؤهلات القيادية التي جعلت الكثيرين يراهنون على نهضة نقابية بقيادته في البلد ككل، بعد تدجين النقابات من قبل حيتان السياسة، وأنّ ما حصل في الانتخابات الأخيرة ما هو إلّا إجهاض لهذه الإمكانية.