بعد مقال أوّل تناولنا فيه حماية الصحافيين من الاعتداءات في إطار مقالات ثلاثة تبحث في نطاق الحماية القانونية للإعلام أثناء الحروب والنزاعات المسلّحة، ننشر هنا المقال الثاني الذي يتّصل بمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم ضد الإعلام ووضع حدّ للإفلات من العقاب أثناء الحروب والنزاعات المسلّحة، على أن يركّز الثالث على توفير بيئة ملائمة للعمل الصحافي.
والمقالات الثلاثة هي جزء من 10 مقالات تدعو إلى مناصرة قضايا الإعلام واستشراف المسؤوليات الأخلاقية والتاريخية الملقاة على عاتقه، فضلًا عن كيفية الموازنة بين التحدّيات الناجمة عن الحرب وتلك الحقوق والمسؤوليات، بعيدًا عن التضليل والتحريض والمسّ بالخصوصية والتعرّض لحقوق الإنسان.
أوّلًا- أهمية المحاسبة ومنع الإفلات من العقاب
يُقصد بالإفلات من العقاب عدم محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الصحافيين، ممّا يسهم في استمرار العنف ضدّهم ويدفع الصحافيين الآخرين إلى التردد في ممارسة عملهم خوفًا من التعرّض للاعتداء أو التهديد. وفق تقرير “اليونيسكو” لسنتي 2022-2023، تبلغ نسبة الجرائم ضدّ الصحافيين غير المعاقب عليها 85%، مع تسجيل انخفاض طفيف في تلك النسبة مقارنة بالسنوات الماضية (89% سنة 2018 و95% سنة 2012)[1]. علمًا أنّ تلك النسبة مرجّحة للارتفاع في التقارير اللاحقة نظرًا للاستهداف الإسرائيلي غير المسبوق للصحافيين في غزة ولبنان سنة 2024. هذا الواقع لا يمسّ حق الضحايا في العدالة فحسب، بل يشكّل أيضًا تهديدًا لحرّية الإعلام، ويعيق قدرة الصحافيين على تغطية الأحداث بحرّية وشفافية، ممّا يؤثر سلبًا على حق الناس في الحصول على المعلومات. وهذا ما جاء في تقرير المقرّرة الخاصة بحرية الرأي والتعبير لجهة أنّ “تقاعس إسرائيل عن التحقيق في الجرائم الخطيرة ضدّ الصحافيين ومقاضاة مرتكبيها ومعاقبتهم لا يحرم عائلات الضحايا من العدالة فحسب، بل يشجع الجناة على الاستمرار في ارتكاب هذه الجرائم، ويمكن أن يكون له أثر مثبط على الصحافيين الآخرين”[2].
تجدر الإشارة أيضًا إلى أنّ ضمان عدم الإفلات من العقاب بالنسبة إلى الاعتداءات ضدّ الصحافيين لا يشكل استثناءً خاصًا بهم أو تمييزًا لهم عن سائر المدنيين، إلّا أنّ ضمان المحاسبة على الجرائم ضد الصحافيين يُعدّ ضروريًا لتمكينهم من ممارسة عملهم دون خوف من العنف أو الانتقام، بخاصّة أنّ حرّية التعبير لا تمثل فقط حقًا من الحقوق الفردية التي لا يجوز أن يقتل أي شخص في العالم بسبب ممارستها، بل هي أيضًا حق جماعي يزّود السكان بالمعلومات التي يحتاجون إليها، لاسيّما أثناء الحروب والنزاعات المسلحة.
ثانيًا- نطاق الالتزام بالمحاسبة وفق المواثيق الدولية:
يمكن حصر مفهوم المحاسبة، وفق النصوص القانونية والاجتهادات القضائية، في أربعة مبادئ أساسية:
1- اتخاذ جميع التدابير المناسبة لمنع وقوع الانتهاكات ضدّ الصحافيين:
تشمل المحاسبة مسؤولية الدولة عن عدم اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية الصحافيين، وذلك لأنّ الدولة ملزمة باتخاذ التدابير اللازمة لحماية الصحافي، بخاصة في الحالات التي كانت تعلم أو يجب عليها أن تعلم أنّه في خطر. نجد أساسًا لهذا الالتزام في المادة 1 من جميع اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأوّل التي شدّدت على التزام الدول الإيجابي باتخاذ التدابير اللازمة لوقف الانتهاكات، وأكثر من ذلك، الحؤول دون وقوعها، وليس فقط الالتزام السلبي بالامتناع عن القيام بأيّ عمل من شأنه أن ينتهك الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقيات المذكورة[3]. كذلك المادة 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي نصّت، ليس فقط على التزام الدول باحترام حقوق الإنسان، بل أيضًا ضمان تمتّع جميع الأفراد بالحقوق الواردة في العهد، أي القيام بالتدابير اللازمة لتمكين الأفراد من التمتّع بحقوقهم[4].
وقد طبّقت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان موجب الدولة الإيجابي في قرارات عدّة تتصل بمحاسبة الدول على عدم القيام بكل ما يلزم لحماية الصحافيين، وتاليًا انتهاك الحق في الحياة.
عن هذا الأمر، يراجع القرار الصادر عنها في دعوى KILIÇ v. TURKEY[5]،
“76. … A wide range of preventive measures were available which would have assisted in minimising the risk to Kemal Kılıç’s life and which would not have involved an impractical diversion of resources. On the contrary however, the authorities denied that there was any risk. There is no evidence that they took any steps in response to Kemal Kılıç’s request for protection either by applying reasonable measures of protection or by investigating the extent of the alleged risk to Özgür Gündem employees in Şanlıurfa with a view to taking appropriate measures of prevention.
77. The Court concludes that in the circumstances of this case the authorities failed to take reasonable measures available to them to prevent a real and immediate risk to the life of Kemal Kılıç. There has, accordingly, been a violation of Article 2 of the Convention.”
“64. … Cette disposition comporte aussi, dans certaines circonstances définies, l’obligation positive pour les Etats de prendre préventivement des mesures d’ordre pratique pour protéger l’individu dont la vie est menacée par les agissements criminels d’autrui…
65. … Pour qu’il y ait obligation positive, il doit être établi que les autorités savaient ou auraient dû savoir sur le moment qu’un individu donné était menacé de manière réelle et immédiate dans sa vie du fait des actes criminels d’un tiers et qu’elles n’ont pas pris, dans le cadre de leurs pouvoirs, les mesures qui, d’un point de vue raisonnable, auraient sans doute pallié ce risque.”
2- مسؤولية الدولة عن الأعمال المرتكبة من قبل أجهزتها أو أي جهة أخرى مفوّضة بالعمل بالنيابة عنها:
تسري هذه المسؤولية حتى في الحالات التي تتصرف فيها تلك الأجهزة خارج السلطة أو التعليمات الممنوحة لها. يرد هذا الموجب في المادة 91 من البروتوكول الإضافي الأوّل، التي تنصّ على أنّ طرف النزاع مسؤول عن كافة الأعمال التي يقترفها الأشخاص الذين يشكلون جزءًا من قوّاته المسلحة.
كما أنّ الدولة مسؤولة أيضًا عن تقصير أجهزتها في عدم التحقيق جدّيًا بالاعتداءات التي تشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان. كذلك يمكن أن تعتبر الدولة مسؤولة أيضًا عن أفعال أشخاص أو مجموعات ليسوا من أجهزتها، إذا ثبت أنّ هؤلاء الأشخاص أو المجموعات يعملون بناء على تعليمات تلك الدولة، أو تحت إشرافها، أو سيطرتها. تكون الدولة مسؤولة أيضًا عن الانتهاكات المرتكبة من قبل أشخاص أو مجموعات خاصّة، والتي تعترف بها الدولة وتتبنّاها كتصرّفات صادرة عنها[7].
3- ملاحقة المعتدين أمام المحاكم:
المقصود بذلك هو تقديم مرتكبي الجرائم إلى القضاء وضمان محاكمتهم وفق القانون بهدف تحقيق العدالة ومعاقبة الجناة وحماية حرية الإعلام وحق الناس في الوصول إلى المعلومات والحدّ من تكرار تلك الجرائم. يشمل هذا البند التدابير المتصلة بإجراءات التحقيق والمحاكمة وتطبيق العقوبات التي تراها المحاكم ملائمة بعد إثبات الجريمة. هذا المبدأ مكرّس في اتفاقية جنيف الرابعة (1949)[8] ونظام روما الأساسي (1998)[9] وقرارات مجلس الأمن الخاصّة بحماية الصحافيين أثناء النزاعات المسلحة (2006 و2015)[10] وخطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب (2012)[11] وقرارات مجلس حقوق الإنسان[12]، فضلًا عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (1966)[13] وبروتوكول مينيسوتا المتعلق بالتحقيق في حالات الوفاة التي يحتمل أن تكون غير مشروعة (2016)[14].
وقد وضعت تلك المواثيق بعض الإجراءات الخاصة بالتحقيقات. فقد نصّت المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي (2005)[15] على التحقيق في الانتهاكات بفعالية وسرعة ودقة ونزاهة. كذلك دعا مجلس الأمن إلى إجراء تحقيقات محايدة ومستقلة وفعالة[16]. نذكر أيضًا قرارات مجلس حقوق الإنسان التي تحثّ الدول على مساءلة مرتكبي الاعتداءات على الصحافيين، من خلال إجراء تحقيقات نزيهة وسريعة وفعالة، ووضع استراتيجيات لمكافحة الإفلات من العقاب، منها إنشاء وحدات أو لجان تحقيق خاصة، وتطوير آليات للتحقيق والادعاء، وتعيين مدّع عامّ متخصص، وتدريب المدعين العامين وموظفي القضاء، وإنشاء قواعد بيانات بشأن التهديدات والاعتداءات التي تستهدف الصحفيين، ووضع آلية للإنذار المبكر والاستجابة السريعة. كذلك تدعو تلك القرارات إلى التحقيق فيما إذا كان الاعتداء ناجمًا عن النشاط الصحافي للضحية، وإلى مراعاة الفوارق بين الجنسين نظرًا للاعتداءات المحدّدة التي تستهدف الصحافيات والعاملات في وسائل الإعلام في سياق عملهنّ، بما في ذلك العنف الجنسي والتهديد والترهيب والتحرّش على شبكة الإنترنت وخارجها. تبرز أهمية قرارات مجلس حقوق الإنسان في سعيها لتوفير إجراءات خاصّة من أجل محاسبة مرتكبي الاعتداءات ضدّ الصحافيين، بخلاف القانون الدولي الإنساني الذي اكتفى بإجراءات المحاسبة العامة التي تنطبق على سائر المدنيين.
عن هذا الأمر، يراجع أيضًا القرار الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في دعوى MAZEPA AND OTHERS V. RUSSIA[17]:
“70. The Court further reiterates that it assesses compliance with the procedural requirement of Article 2 on the basis of several essential parameters: the adequacy of the investigative measures, the promptness and reasonable expedition of the investigation, the involvement of the deceased person’s family and the independence of the investigation. These elements are inter-related and each of them, taken separately, does not amount to an end in itself. They are criteria which, taken jointly, enable the degree of effectiveness of the investigation to be assessed.
73. The Court observes that the pivotal issue in the present case is the respondent State’s compliance with its obligation to carry out an effective investigation into the contract killing of an investigative journalist. The Court would reiterate that, in cases where the victim of a killing is a journalist, it is of utmost importance to check a possible connection of the crime to the journalist’s professional activity. In this connection, the Court would also refer to Recommendation CM/Rec (2016) 4 on the protection of journalism and safety of journalists and other media actors, in which the Committee of Ministers recommended in paragraph 19 that the conclusions of an investigation must be based on a thorough, objective and impartial analysis of all the relevant elements, including the establishment of whether there is a connection between the threats and violence against journalists and other media actors and the exercise of journalistic activities or contributing in similar ways to public debate.”
4- التعويض على الضحايا أو عائلاتهم:
يشمل ذبك الإقرار بحقوق المتضرّرين أو عائلاتهم من الاعتداءات، والتعويض عن الأضرار النفسية أو المادية التي لحقت بهم أو بذويهم، نتيجة تلك الاعتداءات. وقد كُرّس هذا المبدأ في البروتوكول الإضافي الأوّل[18]، ونظام روما الأساسي[19]، والمبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي[20]، فضلًا عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية[21]. علما أنّ أيّ تعويض يجب أن يخضع لمبادئ عدم التمييز والشفافية، وضمان وصول الضحايا للمعلومات المتصلة بآليات التعويض، وأن يكون متناسبًا مع الأضرار الناجمة عن الاعتداءات، ويشكل رادعًا لتكرارها. من أشكال التعويض، الردّ، أي إعادة الأمور إلى ما كانت عليه، مثل استرداد الحرية، أو إعادة الممتلكات، أو العودة إلى مكان الإقامة، والتعويض المادي عن الضرر النفسي أو الجسدي أو المادي أو المعنوي أو النفقات القانونية أو الطبية، وإعادة التأهيل مثل الرعاية الطبية والنفسية، والترضية مثل وقف الانتهاكات أو الكشف عن الحقيقة أو الاعتذار العلني أو معاقبة مرتكبي الاعتداءات أو إحياء ذكرى الضحايا، وضمانات عدم التكرار مثل توفير الحماية الجديّة أو تعديل القوانين أو تعزيز استقلالية القضاء.
ثالثًا- آليات المحاسبة:
بالإضافة إلى آليات المحاسبة العادية أمام المحاكم الوطنية، تتوفّر آليات دولية عدّة للإبلاغ عن الانتهاكات ضدّ الصحافيين لضمان المحاسبة والحدّ من الإفلات من العقاب. إلّا أنّ تلك الآليات، رغم أهمّيتها، لا تزال بعيدة عن تحقيق الأهداف المرجوّة منها لحماية الصحافيين. قد يكون مردّ ذلك مجموعة من العوامل، منها عدم القدرة على تنفيذ القرارات الصادرة عنها، لاسيّما في ظلّ ضعف الإرادة السياسية والتعاون الطوعي من قبل الدول الأطراف، ونقص التمويل وصعوبة جمع الأدلة والمعايير المزدوجة في بعض الحالات.
1- المحكمة الجنائية الدولية:
تختصّ المحكمة بالنظر في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان، بناء على إحالة من دولة طرف في نظام روما الأساسي، أو مجلس الأمن، أو في الحالات التي يباشر فيها المدّعي العام التحقيق من تلقاء نفسه على أساس معلومات ترده بشأن وقوع جرائم تدخل في اختصاص المحكمة. رغم عدم انضمام لبنان إلى نظام روما الأساسي حتى تاريخه، يجوز محاسبة مرتكبي الانتهاكات ضدّ الصحافيين بناء على إعلان لبنان بقبول اختصاص المحكمة، أو من خلال إرسال معلومات من قبل شهود على تلك الانتهاكات (مثل المنظمات غير الحكومية الدولية) بشأن تلك الانتهاكات إلى المدعي العام الذي يحق له أن يبدأ التحقيق في حال توافر بعض الشروط المنصوص عليها في نظام روما الأساسي.
في هذا الإطار، نشير إلى أن مجلس وزراء لبنان أصدر في 26/4/2024 قرارًا بتكليف وزارة الخارجية بتقديم إعلان إلى سجلّ المحكمة الجنائية الدولية في قبول اختصاصها للتحقيق، والملاحقة القضائيّة للجرائم المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ 7/10/2023 التي تدخل ضمن اختصاصها (من ضمنها الجريمة التي طالت مجموعة من الصحافيين في 13/10/2023 وأدّت إلى مقتل المصوّر الصحافي عصام عبد الله وإصابة ستة صحافيين آخرين)[22]. إلّا أنّ مجلس الوزراء تراجع في 29/5/2024 عن قراره السابق. يرجّح أن يكون مردّ هذا التراجع إلى أنّ الإعلان سيؤدّي إلى إعطاء المدّعي العام صلاحية التحقيق ليس فقط في الجرائم المذكورة في قرار مجلس الوزراء، إنّما في مجمل الجرائم التي يعدّها داخلة ضمن مجال اختصاص المحكمة، بما فيها الجرائم المعزوّة للبنانيّين أو المرتكبة انطلاقًا من أراضيه[23].
رغم وجود بعض المخاوف التي قد تكون مشروعة بشأن البطء في الإجراءات أمام المحكمة والعدالة الانتقائية والمعايير المزدوجة لاسيّما بالنظر إلى كيفية تعاملها مع الشكوى التي تقدّمت بها فلسطين إثر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في تمّوز 2014[24]، تبقى المحكمة من الآليات القليلة المتاحة لتحقيق المحاسبة ومنع الإفلات من العقاب. يُذكر أنّ المحكمة أصدرت في 21/11/2024 أوامر بالقبض على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت ومحمد دياب إبراهيم المصري (أحد قادة حماس المعروف بمحمد الضيف) على خلفية توفر أسباب معقولة على للاعتقاد بمسؤوليتهم عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية[25].
2- لجان الأمم المتحدة المعنيّة بتطبيق المعاهدات الدولية:
تنظر اللجنة المعنيّة بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في الشكاوى الفردية والدولية، بخصوص الانتهاكات التي ترتكبها الدول الأطراف للحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. إذا كانت الانتهاكات تتعلق بمعاهدات أو اتفاقيات دولية إضافية، يمكن إذ ذاك مراجعة لجان أخرى، مثل لجنة مناهضة التعذيب للنظر في انتهاكات اتفاقية مناهضة التعذيب، أو اللجنة المعنيّة بالقضاء على التمييز ضدّ المرأة للنظر في انتهاكات اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة أو غيرها. إلّا أنّ هناك عقبات عدّة، منها أن تكون الدولة المعنيّة قد أقرّت الاتفاقية ووافقت على اختصاص اللجنة المحدّدة لقبول الشكاوى وتمّ استنفاذ كلّ الإجراءات المحلية.
3- الإجراءات الخاصّة:
تتألّف الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان من مجموعة من الخبراء المستقلّين في مجال حقوق الإنسان، الذين يتمّ تكليفهم بمهام مختلفة تهدف إلى رفع تقارير وتقديم المشورة سواء في قضية معيّنة أو بلد معيّن. تشمل هذه الإجراءات المقرّرين الخاصين الذين يعالجون قضايا معيّنة مثل حرية التعبير، التعذيب، والاختفاء القسري، أو فرق العمل التي تتناول قضايا حقوق الإنسان في سياقات محدّدة، مثل أوضاع حقوق الإنسان في دولة معيّنة. تتميّز الشكاوى بالمرونة والاستقلالية، إلّا أنّ التوصيات والملاحظات الصادرة عن الإجراءات الخاصّة ليست ملزمة قانونًا، وتعتمد على تعاون الدول في تنفيذها. تجدر الإشارة، في هذا الصدد، إلى الدور الفاعل، الذي قامت به المقرّرة الخاصّة بالحق في حرية الرأي والتعبير والمقرّرة الخاصّة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلّة منذ عام 1967، في فضح وإدانة الانتهاكات ضد الصحافيين التي يمارسها الجيش الإسرائيلي في غزة ولبنان[26].
4- إجراء الشكاوى الخاص بمجلس حقوق الإنسان:
يجوز أيضًا للأفراد أو المنظمات غير الحكومية تقديم شكوى أمام مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، في حال وجود مؤشرات على نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والمثبتة بأدلّة موثقة[27].
5- لجنة تقصّي الحقائق:
يجوز تقديم طلب إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامّة أو الأمين العام لإرسال لجنة لتقصّي الحقائق على غرار ما حدث بعد حرب 2006[28]. علمًا أنّه يجوز لأيّ من تلك الجهات المبادرة إلى إرسال بعثة لتقصّي الحقائق في إطار مسؤوليّاتها عن صون السلم والأمن الدوليين[29].
6- مجلس الأمن:
يجوز لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يتّخذ تدابير بناء على الفصلين السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة، وتحويل الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية[30]. فضلًا عن المخاوف المتّصلة بالسيادة وازدواجية المعايير والعقوبات التي قد تفرض من جرّاء استخدام هذه الآلية، يبقى حق الفيتو الذي تتمتع به الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن عائقًا أمام تنفيذها.
7- محكمة العدل الدولية:
هي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة الذي يختصّ بالنظر في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، ويقدّم آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي قد تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة. الدول فقط هي التي يجوز لها أن تكون أطرافًا في القضايا المعروضة على المحكمة. إلّا أنّه يجوز للمحكمة أن تطلب من المنظمات الدولية العامّة معلومات ذات صلة بالقضايا المعروضة عليها، كما تتلقّى هذه المعلومات التي تقدّمها هذه المنظمات بمبادرة منها. يشمل اختصاص المحكمة جميع القضايا التي يحيلها الأطراف إليها وجميع المسائل المنصوص عليها بشكل خاص في ميثاق الأمم المتحدة أو في المعاهدات والاتفاقيات النافذة[31]. وتكون المحكمة مختصّة: 1. بموجب اتفاق خاص بين دولتين أو أكثر، أو 2. بموجب توقيع الدولة المسبق على بند قبول اختصاص المحكمة في حال نشوب نزاع في المستقبل مع دولة طرف أخرى حول تفسير احدى المعاهدات أو تطبيقها، أو 3. بموجب إعلان منفرد من قبل دولة طرف تقر فيه بالصفة الإلزامية لاختصاص المحكمة في النزاعات مع دولة طرف أخرى موافقة أيضًا على هذا الاختصاص. من نافل القول إنّ هذه الشروط غير متوفّرة، بخاصّة أنّ لبنان لا يعترف بدولة إسرائيل، وعليه، لا يمكن مداعاتها.
يُذكر أنّ دولة جنوب أفريقيا تقدّمت في 29/12/2023 بعريضة لإقامة دعوى أمام المحكمة بشأن الانتهاكات الإسرائيلية بالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فيما يتعلق بالفلسطينيين في قطاع غزة، كما طلبت اتخاذ تدابير تحفّظية للحماية من المزيد من الضرر الشديد الذي لا يمكن إصلاحه لحقوق الشعب الفلسطيني. وقد استندت جنوب أفريقيا إلى توقيع إسرائيل على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وتاليًا اختصاص المحكمة بالنظر في النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية، بما في ذلك النزاعات المتّصلة بمسؤولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أي من الأفعال الأخرى المذكورة في متن الاتفاقية. نستعيد أيضًا في هذا الصدّد العريضة المقدّمة من هولندا وكندا من أجل إقامة دعوى أمام المحكمة ضدّ الجمهورية العربية السورية في 8/6/2023 على خلفية الانتهاكات لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بما في ذلك المعاملة البغيضة للمحتجزين، والظروف اللاإنسانية في أماكن الاحتجاز، والاختفاء القسري، واستخدام العنف الجنسي والجنساني، والعنف ضدّ الأطفال، والأسلحة الكيميائية.
بالرغم من صعوبة تحديد الوسيلة الأنسب للاستفادة من هذه الآلية الدولية في الوقت الحاضر، يبقى البحث ضروريًا في جدوى التقدّم بعريضة مستقلّة أو إعلان التدخّل في القضية الحاضرة أو أي إجراء آخر يعزز احتمال المحاسبة عن الجرائم المرتكبة في لبنان، ومن ضمنها الاعتداءات على الصحافيين.
8- المنظمات غير الحكومية المتخصّصة في حماية حقوق الإنسان وحرية التعبير:
رغم أنّ المنظمات غير الحكومية، مثل مراسلون بلا حدود ولجنة حماية الصحافيين و”هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية والاتحاد الدولي للصحافيين والشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية ومعهد السلامة الإخبارية الدولي وArticle 19 وغيرها، لا تتمتّع بصلاحيات رسمية لضمان المحاسبة، لكنها قد تشكّل وسيلة للضغط الدولي وجذب انتباه الرأي العام الدولي ومصدرًا مهمًّا للمساعدة التقنية والقانونية ودعمًا للشكاوى الدولية، ممّا يعزّز مصداقيتها ويزيد احتمال نجاحها.
رابعًا- التوصيات
1- التوصيات الخاصة بمؤسّسات الدولة:
من الثابت أنّ إسرائيل تتحمّل مسؤولية محاسبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب ضدّ الصحافيين، إلّا أنّ ذلك لا يجرّد لبنان من المسؤولية تجاه الاعتداءات الداخلية التي قد يتعرّض لها الصحافيون أثناء الحروب سواء من أحد أطراف النزاع أو أفراد أو مجموعات أخرى. كما لا يعفيه من موجب القيام بكل التدابير المتوفّرة دوليًا بهدف الضغط على إسرائيل أو المجتمع الدولي للمحاسبة والتعويض على الضحايا. وعليه، نقترح التوصيات الآتية:
التشديد على مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب وتحديد الآليات الوطنية والدولية ضمن خطة الطوارئ الوطنية.
التعامل بسرعة وجدّية مع التهديدات التي تطال الصحافيين أو وسائل الإعلام، والتحقيق في أي أعمال عنف أو انتهاكات ضدّ الصحافيين فور ورودها[32]، وعدم اعتبارها أمرًا عاديًا أو مقبولًا أثناء الحروب والنزاعات المسلّحة. الهدف من تعزيز آليات المحاسبة والتحقيق في الجرائم ضدّ الصحافيين ليس فقط محاسبة مرتكبي الجرائم، بل يتجاوز ذلك إلى منع التهديدات من التصاعد إلى اعتداءات جسيمة. حيث أظهرت الإحصائيات التي أصدرتها اليونسكو أنّ نسبة كبيرة من حالات العنف ضدّ الصحافيين (50%) تبدأ بتهديدات لفظية أو مضايقات بسيطة، ثم تتصاعد تدريجيًا إلى انتهاكات خطيرة.
التعامل مع الاعتداءات الرقمية بمستوى الجدية نفسه الذي تتعامل به مع الاعتداءات الجسدية.
تسهيل إجراءات التبليغ عن أيّ اعتداء ضد صحافي، ونشر تلك الإجراءات عبر وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي لضمان معرفة الصحافيين والرأي العام بها.
رصد الاعتداءات، حتى في الحالات التي لا يتقدم بها الصحافي بشكوى رسمية، وذلك لأنّ عددًا كبيرًا من الجرائم لا يتمّ التبليغ عنها، إمّا خوفًا من الانتقام أو بسبب الوصم الثقافي والمهني المترسخ في المجتمع.
سحب المعلومات الإلكترونية قبل ضياعها وعدم إهمال الوقائع المنشورة على وسائل الاعلام أو صفحات التواصل الاجتماعي أو أي وسيلة نشر أخرى، كالفيديوهات والصور.
الانتقال فورًا إلى مكان وقوع الجريمة لاتخاذ الإجراءات المناسبة، والحصول على الأدلة المادية، والحفاظ عليها وتحديد المؤشّرات على انتهاك القانون الدولي الإنساني، علمًا أنّ الظروف الأمنية قد لا تسمح بذلك، نظرًا إلى صعوبة التنقّل وسهولة فقدان الأدلة بسبب القصف.
إجراء التحقيقات اللازمة، مع مراعاة مبادئ عدم التمييز والشمولية والسرعة والشفافية على النحو المشار إليه أعلاه، دون آراء وتصوّرات مسبقة حول الصحافي.
التحقيق في مدى وجود الرابط بين الجريمة والأنشطة الإعلامية للضحية في الماضي والحاضر[33] أي تقييم ما إذا كان الصحافي قد استهدف بسبب نشاطه المهني.
احترام مصادر الصحافي والبيانات السرّية في كلّ مرحلة من مراحل التحقيق.
التواصل مع الصحافي المعني للاطلاع على الوقائع[34] حتى في الحالات التي لم يقدّم الصحافي فيها شكوى رسميّة.
الكشف فورًا على الصحافي، في الشكاوى المتّصلة بالتعذيب أو المعاملة السيّئة أو الاحتجاز التعسّفي، من قبل طبيب شرعي، وعدم التدخّل في عمل الطبيب وضمان استقلاليته.
ضمان حماية الصحافي مقدّم الشكوى وعائلته والشهود.
تدريب الضابطة العدلية بشأن قواعد التحقيق وإجراءاته المتّصلة بالانتهاكات المرتكبة ضد الصحافيين.
تحديد مبادئ التعامل مع الإعلام، فيما يخصّ إجراءات التحقيق ونتائجه، مع مراعاة أهمية دوره أثناء الحروب وفي توثيق الإعتداءات.
تحديد القواعد التي من شأنها أن تضمن وصول الرأي العام إلى المعلومات الخاصّة بالتحقيق، دون المسّ بسرّية التحقيق وسلامة الصحافي وعائلته. في هذا الصدد، أشارت منظمتا العفو الدولية و”هيومن رايتس ووتش” في تقريريها عن جريمة استهداف الصحافيين في علما الشعب، إلى أنّ الجيش اللبناني رفض التعاون من خلال عدم الرد على أي أسئلة وجهتها المنظمتان لاسيّما بشأن التقييم الفني الذي أجراه في موقع الهجوم.
تحديد القواعد التي من شأنها أن تضمن التواصل مع العائلة في حال وفاة الصحافي ومشاركتهم الفاعلة في إجراءات التحقيق.
الادعاء على المشتبه به أمام القضاء المختص ورفع الشكاوى أمام الجهات الدولية المعنية وفق الآليات المذكورة أعلاه، عند توفّر شروط ذلك، لاسيّما الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية واستنفاد كل الوسائل القانونية المتوفّرة.
النظر في التعويضات الممكنة للتعويض على الضحايا وعائلاتهم.
العمل على تعديل القوانين على النحو الذي يكفل التحقيق في الجرائم المرتكبة في حق الأشخاص لمنعهم من ممارسة حرّية التعبير والمصادقة على اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضدّ الإنسانية[35].
العمل على تعزيز استقلالية القضاء للحدّ من الإفلات من العقاب، وإدخال مواد تدريبية بشأن حماية الإعلام في مناهج معهد الدروس القضائية.
2- التوصيات الخاصة بالنقابات:
محاسبة القيّمين على وضع الخطط في حال التقصير أو الإهمال.
التواصل الدائم مع الصحافيين ووسائل الإعلام لاستشراف التحدّيات التي قد تطرأ أثناء الحروب بشكل يومي وكيفية التصدّي لها.
الحرص على إدانة أي استهداف للصحافيين دون تمييز، لأنّ فعل خلاف ذلك من شأنه تهديد حرية الإعلام بشكل عام والحدّ من الحماية لجميع الصحافيين.
وضع قواعد أخلاقية ومهنية وقانونية بالتنسيق مع وسائل الإعلام والصحافيين بشأن تغطية الاعتداءات وإعطائها الوصف القانوني الصحيح والإجراءات المتخذة بشأنها وعدم التعتيم عليها واستمرار تذكير الرأي العام بها وخطورتها حتى الكشف عن ملابساتها ومحاسبة الفاعلين.
تقييم مدى مسؤولية الدولة عن الاعتداء، بخاصّة في الحالات التي يكون الصحافي قد تعرض سابقًا لتهديد أو اعتداء أقلّ خطورة، أو يكون المعتدي يعمل لدى أحد الأجهزة التابعة للدولة.
توثيق الاعتداءات والأدلة المتوفّرة لديها أو لدى وسائل الإعلام أو المنظمات الدولية، لاسيّما لجهة إثبات أنّ الاستهداف تمّ بسبب العمل الصحافي و/أو أنّ الاستهداف يعكس نمطًا من استهداف الصحافيين، أو أقلّه لجهة عدم توفّر أيّ مؤشّر على قيام الصحافي بأيّ عمل عدائي وأنّ الدولة المعتدية لم تقم بالإجراءات القانونية لحماية الصحافيين بالرغم من علمها بصفتهم الصحافية.
استشراف بعض القواعد لرفع جهوزية الصحافيين في مواجهة الاعتداءات وتوثيقها بشكل آمن وفعّال: الأجهزة والتقنيات والتطبيقات التي تساعد في التوثيق أثناء الحروب والنزاعات المسلحة، فضلًا عن استراتيجيات السلامة والأخلاقيات الواجب مراعاتها أثناء التوثيق في كل الأوقات.
تقديم المعونة القانونية والمعلوماتية للصحافيين.
متابعة التحقيقات وإبداء الرأي بشأنها والتواصل الحثيث مع السلطات العامة لكشف ملابسات الاعتداءات ضدّ الصحافيين.
السعي لتقديم الشكاوى دوليًا بالتنسيق مع الوسائل الإعلامية والمنظمات الدولية[36]، وتوفير كل الجهود الممكنة لدعم الملف بالأدلة والبراهين. يصبح هذا الأمر أكثر إلحاحًا في ظلّ تقاعس الدولة عن استنفاد الوسائل القانونية الدولية لتحقيق المحاسبة.
التدريب على أدوات الصحافة الاستقصائية للإسهام في التحقيق[37].
اقتراح التعديلات القانونية اللازمة لضمان محاسبة الاعتداءات ضد الصحافيين والحث على الأخذ بها.
3- التوصيات الخاصّة بوسائل الإعلام:
إدانة الاعتداءات التي يتعرّض لها الصحافيون، بمعزل عن الانتماء السياسي أو الوسيلة الإعلامية التي ينتمون إليها أو أي اعتبار آخر، والضغط الإعلامي المستمر لمتابعة إجراءات المحاسبة.
الحفاظ على أيّ دليل قد يتوفّر لديهم بشأن الاعتداءات ضدّ الصحافيين.
حثّ الصحافيين، لاسيما العاملين لديها، على الإبلاغ عن أيّ اعتداء يتعرّضون له وتقديم المساعدة القانونية اللازمة لمتابعة القضية ومحاسبة المعتدين.
تعزيز الرأي العام بشأن الانتهاكات التي يتعرّض لها الصحافيون وأهمية المحاسبة في هذا المجال.
الالتزام بإعطاء الوصف القانوني الصحيح للاعتداءات والاستعانة بمحامين متخصّصين بحقوق الإنسان وحرية التعبير لضمان أنّ التغطية الصحافية للأحداث تتضمن وصفًا دقيقًا يتماشى مع المعايير القانونية.
تدريب الصحافيين بشأن توثيق الاعتداءات المحتملة عليهم أو على زملائهم وتوفير الأدوات والتقنيات اللازمة في سبيل ذلك.
4- التوصيات الخاصة بالصحافيين:
توثيق الاعتداء عليه أو على زملائه قدر الإمكان فور وقوعه. لذلك يجب أن يكون الصحافي جاهزًا ومدرّبًا على استعمال الأدوات والتقنيات والتطبيقات الضرورية لذلك.
الابتعاد عن مكان الاعتداء قدر الإمكان للحفاظ على السلامة الشخصية.
إبلاغ الجهات المختصّة في حال تعرّض الصحافي لتهديدات من أي نوع كان، حتى في الحالات التي لا يكون فيها مصدر التهديد أحد أطراف النزاع.
إبلاغ المنظمات الحقوقية والإعلامية المحلية والدولية بتفاصيل الاعتداء، مع مراعاة الوضع الأمني للصحافي وسلامته وسلامة عائلته.
استخدام وسائل الصحافة الاستقصائية للإسهام في التحقيق وكشف الحقيقة، بخاصّة في الحالات التي تكون فيها السلطات غير متعاونة أو غير قادرة على التحقيق بفعالية.
إذا كان الاعتداء مرتبطًا بتهديدات أو انتهاكات رقمية، طلب المساعدة من الجمعيات المعنية بالأمن الرقمي.
طلب المشورة القانونية والمساعدة في تقديم الشكاوى في حال عدم توفيرها من قبل وسيلة الإعلام التي يعمل لديها أو النقابات.
نشر تفاصيل الاعتداء الذي تعرّض له الصحافي، إذا كانت مقتضيات السلامة الشخصية تسمح بذلك.
[8] المادة 146 وتوابعها من اتفاقيةجنيفالرابعة التي تلزم الدول المتعاقدة بملاحقة المتهمين باقتراف أو إعطاء الأمر باقتراف أي من المخالفات الجسيمة (منها القتل العمد والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية) ضد أشخاص أو ممتلكات محمية بموجب الاتفاقية، وإحالتهم إلى المحكمة أيا كانت جنسيتهم، وعدم جواز إعفاء أي طرف متعاقد من المسؤوليات التي تقع عليه أو على طرف متعاقد آخر فيما يتعلق بالمخالفات الجسيمة إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية. رغم أهمية هذا النص، يبقى تطبيقه نظريا طالما أن المباشرة بالتحقيق يتطلب فعليا اتفاق أطراف النزاع، تعليقاتعلىاتفاقياتجنيفلعام 1949، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2016.
[9]نظامروماالأساسيللمحكمةالجنائيةالدولية الذي بموجبه تم إنشاء المحكمة الجنائية الدولية بهدف محاسبة الأشخاص على ارتكاب أشد الجرائم خطورة، ومن ضمنها الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف وهي الانتهاكات التي ارتكبت ضد الأشخاص أو الممتلكات المحمية بموجب تلك الاتفاقيات. وقد أكّد النظام في ديباجته على وجوب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطني وكذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي، من أجل وضع حدّ لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وتاليا، الإسهام في منع وقوع هذه الجرائم، دون المساس بواجب كل دولة بممارسة صلاحياتها القضائية الجنائية على المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية. من أبرز بنوده عدم سقوط الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة بالتقادم.
[10]القراررقم 1738 (2006) والقراررقم 2222 (2015) اللذان يؤكدان على مسؤولية الدول عن وضع حد للإفلات من العقاب وذلك من أجل ضمان عدم الإفلات من العقاب عن الانتهاكات والتجاوزات التي ترتكب ضد الصحفيين في حالات النزاع المسلح الذي يساهم بدوره في تكرار هذه الأفعال.
[11]خطةعملالأممالمتحدةبشأنسلامةالصحفيينومسألةالإفلاتمنالعقاب التي تحثّ على مساعدة الدول الأعضاء في وضع تشريعات وآليات تكفل ممارسة حرية التعبير وحرية الوصول إلى المعلومات، بما في ذلك إلزام الدول بالتحقيق في الجرائم المرتكبة بحق الأشخاص لمنعهم من ممارسة حرية التعبير ومحاكمة مرتكبي هذه الجرائم بفعالية.
[18] نصت المادة 91 منه على مسؤولية الدولة عن تسديد تعويض إذا اقتضت الحال ذلك، على اعتبار أنها مسؤولة عن كافة الأعمال التي يقترفها الأشخاص الذي يشكلون جزءا من قواتها المسلحة.
[19] نصّت المادة 75 منه على جواز إصدار أوامر مباشرة ضد أشخاص مدانين تحدّد فيها أشكالاً ملائمة من أشكال الجبر عن الأضرار التي ألمّت بالمجني عليهم، أو فيما يخصهم، بما في ذلك رد الحقوق والتعويض ورد الاعتبار وللمحكمة أن تأمر، حيثما كان مناسباً، بتنفيذ قرار الجبر عن طريق الصندوق الائتماني المنصوص عليه في المادة 79.
[20] نصّت المادة 15 وتوابعها على الجبر عن الأضرار التي تكبّدها الضحايا. من أشكال الجبر، الـرد والتعويض وإعـادة التأهيـل والترضية وضمانات عدم التكرار، مع وجوب تطبيق تلك القواعد دون أي تمييز من أي نوع أو لأي سبب.
[21] نصت المادة 2 منه على التعويض عن الأفراد الذين انتهكت حقوقهم المشمولة بالعهد مثل الرد وإعادة الاعتبار والاعتذارات العلنية وضمانات عدم التكرار.
[22] حاز هذا القرار على تأييد عدد من المنظمات غير الحكومية الدولية: لبنان: قراروزارييعززالعدالة، هيومن رايتس ووتش، 27/4/2024.
“The Court considered that, in view of the reactions to the articles in question, the security forces could reasonably be considered to have been informed of the intense hostility towards the journalist in extreme nationalist circles. Furthermore, it appeared that two police departments and one gendarmerie department had been informed of the likelihood of an assassination attempt and even of the identity of the alleged instigators. The threat of an assassination could therefore be said to have been real and imminent. However, none of the three authorities concerned had taken action to prevent the crime. Admittedly, the journalist had not requested increased protection; however, he could not have known about the plan to assassinate him, and it had therefore been for the authorities in question to take action. In sum, the latter had not taken the reasonable measures available to them to prevent a real and immediate risk to the journalist’s life. Conclusion: violation of Article 2 (non-compliance with positive obligation)”.
“It considered that a wide range of preventive measures were available which would have assisted in minimising the risk to Mr Kılıç’s life and which would not have involved an impractical diversion of resources. On the contrary however, the authorities denied that there was any risk. There was no evidence that they took any steps in response to Mr Kılıç’s request for protection either by applying reasonable measures of protection or by investigating the extent of the alleged risk to Özgür Gündem employees in with a view to taking appropriate measures of prevention. The Court concluded that in the circumstances of this case the authorities failed to take reasonable measures available to them to prevent a real and immediate risk to the life of Mr. Kılıç.”
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.