حكومة لبنان تتراجع عن اللّجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية


2024-05-29    |   

حكومة لبنان تتراجع عن اللّجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية

أصدر مجلس الوزراء في جلسته أمس قرارًا بالرجوع عن قراره السابق الصادر في تاريخ 26 نيسان 2024 بتكليف وزارة الخارجية بتقديم إعلان إلى سجلّ المحكمة الجنائية الدولية سندًا للفقرة 3 من المادة 12 من نظامها الأساسي في قبول اختصاصها للتحقيق والملاحقة القضائيّة لكلّ الجرائم المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ 7 تشرين الأول 2023 والتي تدخل في نطاق ولايتها القضائية.

وكان القرار المذكور صدر بعدما قدم وزير الإعلام إلى مجلس الوزراء التقرير الذي أعدّته المنظمة الهولندية للبحث العلمي التطبيقي بناء على طلب وكالة رويترز والمتعلّق باستشهاد المصوّر عصام عبدالله مقترحًا تقديم الإعلان المذكور لتفعيل المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية وبكلمة أخرى “لتسهيل الوصول إلى العدالة” في هذه القضية. وقد جاء القرار في 26 نيسان مفاجئًا للرأي العام، ليس فقط لأنه حصل من دون أي نقاش مسبق في الفضاء العام بل حتى من دون أي اعتراض أو تحفّظ من أيّ من الوزراء الحاضرين عليه. إلّا أنّه سرعان ما تبيّن للمفكرة القانونية بنتيجة متابعتها واتصالاتها أنّ بعض القوى السياسية الوازنة في مجلس الوزراء وبشكل خاص حزب الله لم تكن راضية تماما عن القرار، وهو الأمر الذي تُرجم في تباطؤ وزارة الخارجية في تقديم الإعلان. كما تُرجم أمس في قرار الرجوع عن تكليفها بذلك، بعد انقضاء شهر ويومين منذ صدوره. وقد تمّ تحديدًا استبدال تكليف وزارة الخارجية بتقديم الإعلان بتكليفها ضمّ التقرير الذي أثبت جريمة إسرائيل المتعمدة في قتل الشهيد عبدالله إلى الشكوى التي سبق لها تقديمها أمام الأمم المتحدة فضلًا عن تكليفها بتقديم ما تراه من شكاوى أمام الهيئات والمنظمات الدولية أو الجمعية العمومية للأمم المتحدة او مجلس الأمن أو مجلس حقوق الإنسان. 

وعليه، تكون الدولة اللبنانية قد تراجعت عن القبول باختصاص المحكمة الجنائية الدولية للنظر في الجرائم المرتكبة على أراضيها ابتداء من 7 تشرين الأول 2023، والمشمولة في نظامها (وهي تحديدًا جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب والعدوان). ورغم كثرة المنظمات والهيئات المذكورة في القرار، فإنّها كلّها تبقى قاصرة عن تحقيق العدالة في قضية عبدالله أو في أي جريمة أخرى ارتكبتها إسرائيل في لبنان ابتداء من 7 تشرين الأول. 

ومن المهمّ التّذكير هنا أنّ أحداثًا بالغة الأهمية فيما يعنينا حصلت خلال الفترة الفاصلة بين قرار اللجوء إلى المحكمة وقرار التراجع عنه، وهو إعلان المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية كريم خان تقدمه بطلب بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه على خلفية الجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب مرتكبة في حرب إسرائيل ضدّ غزة ولكن أيضًا بحق عدد من قادة حماس على خلفية جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب مرتكبة في 7 أكتوبر واحتجاز رهائن. كما يأتي في ظل تصاعد حدّة التهديدات الموجهة إلى كريم خان والمحكمة الجنائية الدولية بشكل عامّ من قبل مسؤولين سياسيين في إسرائيل وأعضاء في الكونغرس الأميركي، بل بعد يوم واحد من نشر صحيفة الغارديان مقالًا تناول السلوكيات الإسرائيلية في الضغط على المحكمة الجنائية الدولية وإخضاعها لرقابة استخباراتها.

وبذلك، تكون الهواجس من احتمال استخدام المحكمة الدولية بفعل الضغط أو الترهيب ضدّ قادة حزب الله أو مسؤولين في الدولة اللبنانية قد غلبت في ميزان الحكومة اللبنانية على أي أمل بقدرة هذه المحكمة في إنصاف الضحايا.     

يذكر أخيرًا أنّ الدول العربية التي انضمّت إلى نظام روما هي تونس والأردن وفلسطين وجيبوتي حصرًا. 

انشر المقال



متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، محاكمة عادلة ، المحكمة الجنائية الدولية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني