مجددًا يفشل القضاء العسكري في حماية ضحايا التعذيب، فيُبدّي سمعة الأجهزة الأمنية على حق الضحايا في العدالة. وقد جاء الإخفاق هذه المرّة في الحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت برئاسة العميد خليل جابر في 1 تشرين الثاني 2024، في قضيةمقتل اللاجئ السوري بشّار السعود تحت التعذيب. وهذه المحاكمة الأولى والوحيدة التي تُجرى أمامها بناء لقانون معاقبة التعذيب منذ صدوره في العام 2017. فبعد أكثر من عامين على مقتله في مركز أمن الدولة في تبنين، جنوب لبنان، وبالرّغم من تعدّد الأدلّة على حصول التعذيب التي أبرزها القرار الاتهامي والمحاكمة العلنية، لم ترَ أغلبية هيئة المحكمة أنّ أفعال المتّهمين من عناصر الأمن الدولة تشكّل جناية التعذيب، بل غيّرت الوصف الجرمي من جناية التعذيب الذي أفضى إلى موت السعود إلى جنحتي التسبّب بالموت عن إهمال ومخالفة التعليمات العسكريّة، فيما أقرّت بارتكاب العناصر جنحة التعذيب الذي لم يفض إلى خلل جسدي أو عقلي بالنسبة لسجناء آخرين. وحكمت المحكمة بحبس المدّعى عليهم لآماد تراوحت بين شهرين، وسنة ونصف السنة، ما يُعادل مدّة توقيفهم الاحتياطي قبل أن تخلي المحكمة سبيلهم سابقًا.
لم يصدر الحكم بإجماع هيئة المحكمة المؤلّفة من خمسة أعضاء. ففيما وافق العميد جابر والمستشاران من ضبّاط أمن الدولة على إزالة تهمة جناية التعذيب، خالف اثنان من المستشارين هذا التوجّه، وهما المستشار المدني القاضي حسن شحرور ومستشار ضابط من الجيش اللبناني. وقد وجد المستشارَان أنّ السعود تعرّض للتعذيب الذي أفضى إلى موته وفقًا لما توصّلت إليه تحقيقات قاضية التحقيق العسكريّة نجاة أبو شقرا في القرار الاتهامي في تاريخ 29 تشرين الثاني 2022. وكان القرار قد قدّم توثيقًا مفصّلًا ودقيقًا لأعمال التعذيب في مركز أمن الدولة في تبنين واتهم النقيب المسؤول عن المركز حمزة إبراهيم وثلاثة عناصر، هم المعاونون يوسف برّي وعباس خزعل وفادي فقيه، بارتكاب جناية التعذيب الذي أفضى إلى وفاة السعود. كما ظنّت بعنصر رابع، هو الرقيب أوّل خضر زين الدين، بارتكاب جنحة التعذيب. ونظرًا إلى منع القضاء العسكري المتضرّر من المشاركة في إجراءات المحاكمة، كما وإسقاط ورثة السعود لحقوقهم الشخصية عن المتّهمين، تتّجه الأنظار اليوم إلى النيابة العامّة العسكرية لمعرفة ما إذا كانت ستطعن في هذا الحكم أمام محكمة التمييز العسكرية كونه جاء مخالفًا لمطالعتها وللقرار الاتهامي.
صدر الحكم في حق العناصر الخمسة بعد جلسة مرافعة انعقدت يوم الجمعة في 1 تشرين الثاني برئاسة العميد جابر وحضور معاونة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضية مايا كنعان. كما مثل المتّهمون الأربعة والظنين من عناصر أمن الدولة برفقة وكلائهم. وقد ذهبت مرافعات وكلاء المتّهمين تارةً في اتجاه تبرير التعذيب بخطورة الجرم الذي تحقّق فيه العناصر الأمنية (أي الإرهاب) أو بتصرّفات الموقوف، وتارةً أخرى في اتجاه إنكار خضوع أعمال التعذيب لقانون التعذيب اللبناني لجهة الفترة الزمنية التي حصلت فيها.
هكذا ختمت المحكمة العسكرية المحاكمة التي امتدّت على نحو عامين، لتؤكّد مرّة جديدة أنّ القضاء العسكري ليس المكان المناسب لمحاسبة جرائم التعذيب. وكان القرار الاتهامي قد أقرّ بصلاحيةالقضاء العسكري للنظر في قضية مقتل السعود خلافًا للمعايير الدولية وللمطالبات الحقوقية بإحالتها إلى القضاء العدلي بهدف ضمان المحاسبة الفعّالة وحقوق الضحايا. كما وجدت دراسة “المفكرة القانونية” الصادرة في آذار 2024 والتي شملت التدقيق في شكاوى تعذيب عُرضت أمام القضاء العسكري، من ضمنها قضايا الممثل زياد عيتاني ومتظاهرين، أنّ القضاء العسكري يُخالف بشكل ممنهَج قانون معاقبة التعذيب رقم 65/2017 والمعايير الدولية بهذا الشأن، ممّا يحول دون محاسبة مرتكبي التعذيب أو جبر ضرر الضحايا. ويساهم هذا النهج كما الحكم في قضية السعود في التطبيع مع ممارسات التعذيب وتعزيز ثقافة العنف والإفلات من العقاب في الأجهزة العسكرية والأمنية.
مرافعات تنكر التعذيب وتبرّره بـ “الإرهاب” و”الاستفزاز”
على وقع استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان، شهدت المحكمة العسكرية في بيروت يومًا استثنائيًا الجمعة 1 تشرين الثاني، خرج عن الروتين المعتاد. فمعظم الجلسات أرجئت لأسباب مختلفة، مثل تعذّر تبليغ المتهمين أو تعذّر سوق الموقوفين أو تواري المتهمين عن الأنظار. ومع ذلك، شهد ذلك اليوم المرافعات الختامية في قضيّة السعود. قاعة المحكمة كانت شبه فارغة، وقلّة من المدّعى عليهم كانوا يجلسون على المقاعد الخلفية، ومن بينهم المعاونون الأربعة لدى مديرية أمن الدولة المتهمين بتعذيب بشّار السعود في مركزهم في تبنين في آب 2022. أمّا آمرهم والمسؤول عن المركز، النقيب حمزة إبراهيم، فجلس كالعادة على المقاعد الأمامية المخصّصة للمحامين بلباسه العسكري ومن دون تعليق إشارة مدّعى عليه على صدره، لتظهر بوضوح المعاملة غير الاعتيادية التي يحظى بها. وقد غابت عن الجلسة المنظمات الدولية والمحلية التي لطالما راقبت هذه المحاكمة وكذلك وسائل الإعلام، لأسباب تتصل بحالة الطوارئ التي فرضها استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان.
بدأت جلسة المرافعة قرابة الساعة الحادية عشرة وأربعين دقيقة. وافتتحها العميد جابر مع القاضية مايا كنعان التي اكتفت بتكرار الادعاء والمطالبة بإدانة المتهمين. تلا ذلك، مرافعات الدفاع التي طغت عليها عبارات “ينتمي لداعش” و”إرهابي” عند ذكر المغدور بشار السعود، وذلك على الرغم من غياب الأدلة التي تدعم هذه الادعاءات. كما أشارت المرافعات إلى أنّه جرى تضخيم قضية مقتل السعود في الإعلام وأنّ لا تعذيب حصل، وأنّ الأمر يقتصر على ردّة فعل عسكري على عدائية موقوف.
وترافع خلال الجلسة وكلاء المتهمين بجناية التعذيب من عناصر أمن الدولة، وهم المحامي صليبا الحاج وكيل النقيب إبراهيم، والمحامي بلال الحسيني وكيل المعاون برّي، والمحامي فادي ضاهر وكيل المعاونين خزعل وفقيه، بالإضافة إلى المحامي مروان زين الدين، وكيل الظنين المعاون زين الدين المدّعى عليه بجنحة التعذيب.
وفيما ذهبت مرافعة وكيلي المتهمين الرئيسيين، النقيب إبراهيم والمعاون بري، باتجاه تبرير التعذيب أو إنكاره، اكتف وكلاء المدّعى عليهم الثلاثة الآخرون، بالتشديد على أنّه لم يكن لهم دور محوري في مقتل السعود بل اقتصر على تنفيذ مهام الحراسة وأوامر النقيب إبراهيم حصرًا.
بدأ المحامي صليبا الحاج وكيل النقيب إبراهيم مرافعته بـ “رحمة الله على بشّار السعود” وأنّه “لا مبرر لهذه العملية” كما أسماها، وانتهى إلى اعتبار السعود “داعشي” و”مدرّب على التحقيق، وحاول استفزاز العناصر بضرب نفسه في محاولة للتهرّب من تبيان هويته”. وبما أنّ السعود بحسب وصف الحاج هو “شخص عدائي”، فإنّ المعاون برّي دافع عن نفسه كردّة فعل “لا علاقة لها بالتحقيق”. وهدفت المرافعة بشكل خاص إلى تصوير أنّ الأفعال التي حصلت في مركز أمن الدولة في تبنين لا ينطبق عليها قانون معاقبة التعذيب من خلال تصويرها على أنّها لم تحصل خلال المراحل التي ينّص عليها القانون وهي “أثناء الاستقصاء والتحقيق الأوّلي والتحقيق القضائي والمحاكمات وتنفيذ العقوبات”. فاعتبر الحاج أنّ العناصر المدّعى عليهم لم يقوموا بأي استجواب للسعود وأنّ القانون حسب تعبيره، لم يشمل مرحلة “تبيان الهوية” (رغم أنّها إحدى مراحل التحقيق الأوّلي)، ولم يتطرّق إلى إشكال “حصل بين عنصر أمني وسجين أثناء عملية التأكد من هوية السجين”. وركّز الحاج في مرافعته على أنّ “النقيب إبراهيم لم يُقدِم على ضرب السعود” ليحصر ما حصل بـ “ردّة فعل قام بها المعاون برّي”.
وخصّص الحاج مرافعته للتصدّي لجميع الأدلة التي ذكرها القرار الاتهامي على حصول واقعة التعذيب التي أدّت إلى موت السعود. فاعترض على مضمون تقارير الطبيبين الشرعيين الّلذين انتهيا إلى أنّ السعود تعرّض للضرب المبرح بآلات حادّة، ووصفهما بـ “ما يُسمّى التقرير الطبّي”. ورأى أنّ استنتاجات التقريرين لا ترتبط بالحقيقة، معتبرًا أنّها “انبنت على غير ما توصّلت إليه نتائج الصور الشعاعية التي أجريت على جثّة بشّار السعود”، والتي بحسب الحاج، لا تدلّ على حصول تعذيب إذ أنّها “لم تُظهر لا كسور ولا تردد بعضلات الصدر أو العمود الفقري أو الحوض، كما لم تُظهر تعرّض السعود للضرب بآلة حادّة” بحسب تعبيره. وعليه، انتهى إلى اعتبار أنّ القرار الاتهامي صدر “تحت تأثير الإعلام”. وطلب الحاج إبطال التعقّبات في حق النقيب إبراهيم بموجب قانون التعذيب رقم 65/2017 لعدم انطباق الوقائْع. وأشار إلى أنّه في حال وجود أي مسؤوليّات للنقيب في هذه القضية، فهي تقتصر على “الإهمال الوظيفي”، وطالب استطرادًا بمنحه أوسع الأسباب التخفيفية.
مرافعة وكيل المعاون برّي المحامي بلال الحسيني أتت لتأييد ما ورد في مرافعة الحاج، والتصدّي للرأي العام الذي صدمته القضية، إذ انتقد المناشدين بتطبيق قانون التعذيب ممّن دعموا قضيّة السعود بالقول إنّ “حكم الإعدام الذي يصدر أكثر رحمة على قلوب المتهمين من أفواه من نطق كفرًا وأقلام من كتب سمًّا”. وعمّن تظاهروا لأجل قضية بشّار قال إنّ هؤلاء “خلفهم أجندة معيّنة”، وذلك يظهر برأيه من “غيابهم عن دعم فلسطين في ظل الجرائم ضدّ الإنسانيّة التي ترتكبها إسرائيل”. ثمّ ذهب أكثر لتبرير التعذيب خلال التحقيق في قضايا إرهاب، سائلًا: “كيف يُريدون منّا التعامل مع داعش، عبر نثرها بالورود؟”.
وأشار الحسيني إلى أنّه خلال المصالحةالتي جرت مع عائلة السعود في سوريا، أكّد أهله أنّ “السعود كان يُعاني من مشاكل صحّية قد تكون هي سبب الوفاة”، علمًا أنّه لم يبرز في المحاكمة العلنية أي دليل على معاناة السعود من مشاكل صحّية. وأشار الحسيني إلى أنّه “لم يكن لدى أي من العناصر نيّة في تعذيب بشّار”، وطلب إبطال التعقّبات في حق المعاون برّي من جناية التعذيب واعتبار أنّ أفعاله تشكّل جنحة التسبّب بالموت بسبب الإهمال الوظيفي عن غير قصد بموجب المادّة 564 من قانون العقوبات، ومنحه الأسباب التخفيفية والاكتفاء بمدّة التوقيف.
أمّا المحامي فادي ضاهر وكيل المتهمين فقيه وخزعل، وكذلك المحامي مروان زين الدين وكيل المعاون زين الدين، فأصرّا على أنّ موكليهم “كانوا ينفذون مهمّة حراسة ويلتزمون بتنفيذ كافة الأوامر العسكرية الصادرة”. وطالبا بإبطال التعقّبات في حقهما من جرائم التعذيب ومن الإهمال الوظيفي، وإعلان براءتهما لعدم كفاية الدليل.
لا إجماع على حكم يقفز فوق كلّ الأدلة
بالاطلاع على قرار المحكمة العسكرية، تبيّن أنّه صدر بأغلبية أعضائها وليس بالإجماع. وأنّه خلص إلى كفّ التعقبات عن جميع المتهمين بجناية التعذيب الذي يفضي إلى موت السعود (البند ب/4 من المادة الأولى من قانون معاقبة التعذيب رقم 65/2017 التي تصل عقوبتها إلى عشرين سنة اعتقال)، فيما أدانت ثلاثة مدعى عليهم بجنحة تعذيب سجناء آخرين (البند ب/1 من المادة الأولى من قانون معاقبة التعذيب الذي يعاقب على التعذيب الذي لا يفضي إلى الموت أو إلى خلل أو عطل جسدي أو عقلي دائم أو مؤقت بالحبس بين سنة و3 سنوات).
كما خلص الحكم إلى إدانة جميع المتهمين بجنحتَي المادة 564 من قانون العقوبات التي تُعاقب على التسبّب بالموت عن إهمال، بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات والمادّة 166 من قانون القضاء العسكري التي تُعاقب على مخالفة التعليمات والأنظمة العسكريّة بالحبس من شهرين إلى سنتين. وقضى الحكم بحبس النقيب إبراهيم لمدّة ستّة أشهر، والمعاون برّي لمدّة سنة ونصف السنة، والمعاونين خضر وفقيه لمدّة ثلاثة أشهر، وشهرين للمعاون زين الدين. وهو ما يؤدّي عمليًا إلى الاكتفاء بمدّة التوقيف الاحتياطي التي قضوها في السجن قبل أن تخلي المحكمة سبيلهم سابقًا.
ولم يتضمن القرار تعليلًا كافيًا أو حيثيات تُبرّر هذه الازدواجية في وصف الأفعال لجهة إنكار التعذيب بحق السعود والتثبت منه لجهة السجناء الآخرين، مع الإشارة إلى أنّ محكمة التمييز الجزائية كانت قد أثبتت حصول التعذيب بحق السجناء الآخرين وأبطلت الإفادات التي أدلوا بها في مركز أمن الدولة. ويظهر من نتيجة القرار أنّه قفز فوق جميع الأدلة على حصول التعذيب بحق السعود التي وردت في القرار الاتهامي وبرزت خلال جلسات المحاكمة العلنية التي راقبتها “المفكّرة” على مدى عامين.
فقد وجدت“المفكّرة” أنّ القرار الاتّهامي كان قد قدّم رواية قضائية مفصّلة حول التعذيب لدى مكتب أمن الدولة في تبنين، تختلف عن الروايات الصادرة قبلها عن القضاء اللبناني، التي إمّا نفت واقعة التعذيب (من خلال حفظ الشكاوى)، أو نفت طابعه الممنهَج في اتّجاه تفسيره على أنّه مجرّد خطأ فردي لبعض العناصر نتج في الغالب من انفعال أو غضب جرّاء استفزاز الضحيّة، كما حصل مثلًا في قضيّة تعذيب مجموعة من السجناء في سجن روميه المركزي في العام 2015.
ولم يكتفِ القرار الاتهامي بالبحث في مدى تعرّض السعود للتعذيب، بل ذهب أبعد من ذلك في اتجاه وصف منهجية التعذيب الحاصلة في ذلك المركز، وإبراز مدى التلازم بين التحقيق والتعذيب. وقد وثّق القرار منهجية التعذيب من خلال توثيقه أدلّة عدّة على ضلوع النقيب المسؤول عن المركز في أعمال التعذيب، واشتراك العناصر فيه بدرجة أو بأخرى. كذلك على تحوّل التعذيب إلى أحد إجراءات الاستجواب، واستخدام وسائل بصورة متكرّرة على ضحايا عدّة، واتّخاذ المدّعى عليهم تدابير للتغطية على أعمال التعذيب بعد وفاة السعود، والاستهتار بأوضاع الموقوفين الذين تعرّضوا للتعذيب.
ولم يكتفِ القرار بالاستناد إلى تقرير الطبيب الشرعي الذي عاين جثّة السعود في تاريخ 31/8/2022، وأكّد وجود آثار عنف متعدّدة على جسده، بل استند أيضًا إلى إفادات العناصر العاملين في المركز والموقوفين الآخرين المحتجزين فيه. وأكّدت إفادات سبعة موقوفين أنّ التعذيب الذي مورس في المركز تدّرج من الضرب والركل إلى التعليق بالعمود، والجلد بواسطة سلك كهربائي وحزام جلدي وقطعة حديد، وإجبار الموقوف على شرب مسحوق غسيل مذوّب بالماء، وصعقه بالكهرباء، وتقاذف الموقوف بين العناصر وركل رأسه بالباب أو بالجدار.
بالإضافة إلى ذلك، أثبتتقاضية التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا تعرّض موقوفَين اثنين آخرَين للتعذيب جرى التحقيق معهم في ملف السعود نفسه، فمنعت المحاكمة عنهما بجرائم تتعلّق بالإرهاب في تاريخ 14 كانون الأوّل 2021. وفيما تقدّمت النيابة العامّة العسكرية بطعن تمييزي ضدّ القرار لتغاضيه عن فداحة جرم الإرهاب، رفضت محكمة التمييز الجزائية هذا الطعن، بعد أن تثبّتت من حصول أعمال التعذيب واستجوبَت المدّعى عليهما الموقوفَين والطبيب الشرعي الذي كشف عليهما. واعتبرت أنّه لا يوجد دليل على ارتكابهما الجرائم المدّعى بها (الإرهاب)، ولا يمكن الاستناد إلى إفادتهما الأوّلية “عملًا بأحكام القانون 2017/65 طالما ثبت أنّها صدرت عن المميّز ضدّهما نتيجة التعذيب”.
ويُشار إلى أنّ المحامي محمد صبلوح، الوكيل السابق لورقة بشّار السعود، كان قد حاول مرارًا تقديمأدلة أمام المحكمة العسكريّة، تتضمن قرار القاضية أبو شقرا الذي صادقت عليه محكمة التمييز الجزائية، لكنّ المحكمة كما النيابة العامّة العسكرية رفضت استلام هذه الأدلة بذريعة عدم اعتراف القضاء العسكري بصفة الضحايا للمثول أمامه.
وخلال المحاكمة العلنية التي جرت أمام المحكمة العسكرية، أكّد المعاون برّي خلال جلسةاستجوابه أنّه ضرب موقوفين عدّة بأمر من النقيب إبراهيم. وإذ أجمعت إفادات المتهمين الخمسة أنّ التعذيب جرى كردّة فعل على أفعال استفزازية قام بها الموقوف السعود وأنّ برّي ضربه بشاحن الهاتف الخليوي، فإنّ تقارير الطب الشرعي أكدّت أنّه جرى استخدام آلات حادّة.
كذلك أكّد الطبيبان الشرعيان غالب حسن صالح وعلي ديب، في تقريرهما وخلال الاستماع إليهما أمام المحكمة، أنّ وفاة السعود ناجمة عن الضرب. وكان قد برز خلال تلك الجلسةتوّجه من قبل رئيس المحكمة ووكلاء الدفاع للبحث عن أسباب أخرى لتبرير الوفاة، وتاليًا للتخفيف من مسؤولية عناصر أمن الدولة في التسبّب بالوفاة تحت التعذيب.
تم تحديث هذه المقالة بتاريخ 2/12/2024 من أجل توضيح المعلومات المتعلقة بمضمون الحكم بعد أن اطلعت عليه “المفكّرة” .
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.