حلّ عيد الفطر على مدينة الهرمل وأهلها حزينًا وبفاجعتين: وفاة الطفلين علي (5 سنوات) وعباس (7 سنوات) مرتضى احتراقًا إثر اندلاع حريق هائل تسبّب به تسرّب للبنزين في محطة الأيتام في الساحة الرئيسية في الهرمل قبل ظهر الثلاثاء 25 آذار 2025. وعشيّة العيد، وتحديدًا قبل انتصاف ليل الأحد بقليل، انتشرت نعوة إعلان انضمام الشاب عبدالله نعمة إلى علي وعباس، هو الذي خاطر بحياته وحاول سحبهما من سيارة جدّهما فنال منه الحريق ليبقى في مستشفى الجعيتاوي أربعة أيام قبل أن يفارق الحياة. وليل أمس الخميس، قضى الجد بدري مرتضى متأثرًا بحروقه من الدرجة الثالثة، ليلتحق بحفيديه “مهجة” روحه، كما كان يناديهما، هو الذي أصرّ على تزويج ابنه عبدو، والد علي وعباس، مبكرًا ليرى أحفاده. مع الضحايا الأربعة للحريق، خرج ثلاثة مصابين عولجوا في مستشفيات المنطقة من حروق موجعة ولكنها لم تستدع نقلهم إلى بيروت.
وفيما ووري الطفلان الثرى بعد الحادث، مشت الهرمل نهار إثنين العيد وراء نعش عبدالله “فقيد الشهامة والتضحية”، كما وصفه الناس، الذي لم يبال بالخطر وسارع محاولًا إنقاذ الطفلين، فالتهمت النيران جسده. وكان عبدالله قد خسر ولده الوحيد ابن السبع سنوات قبل نحو أربع سنوات إثر إطلاق نار في إشكال فردي ممّا أدى إلى إصابة ابنه ومقتله. يقول الناس في الهرمل إنّ عبدالله لم يرد أن يموت الطفلان علي وعباس وهما في عمر ابنه كما حصل مع الأخير، لكنه لم ينجح في محاولته إنقاذهما، وفقد حياته. والهرمل اليوم على موعد مع نعش جديد، نعش الجد بدري الذي مات بعدما تجرّع فقد حفيديه وألم الحروق لتسعة أيام في مستشفى الجعيتاوي.
الطفلان الضحيتان علي وعباس مرتضى
والهرمل اعتادت التشييع إذ مشت وراء 66 من أبنائها وبناتها، هم حصّتها من العدوان الإسرائيلي الأخير المستمر على لبنان رغم إعلان وقف إطلاق النار، قبل أن يسقط لها شهيدان إضافيان بعد سريانه. والهرمل شيّعت 18 من أبنائها أيضًا نتيجة الاشتباكات على حدودها الشرقية، فيما استقبلت نحو 100 ألف لاجئ سوري ومهجّر لبناني من سورية إثر سقوط نظام الأسد في منازلها ودور العبادة وحتى في الطرقات.
اعتاد القضاء دفع حصته من المآسي من دون أن ينال حصته من الإنماء، وهنا تكمن الفاجعة الثانية المزمنة في الهرمل. فالمنطقة وناسها تستفيق على حجمها ووجعها مع كلّ أزمة وحادثة مأساوية، وهي الإهمال التاريخي في الخدمات وحضور مؤسسات الدولة التي تمثلت في هذه الحادثة بمركز الدفاع المدني في المدينة وتجهيزاته. لا يبعد المركز عن مكان الحريق أكثر من 50 مترًا إلّا أنّ تعطّل سيارة الإطفاء الوحيدة فيه أدت إلى انتظار ناس الهرمل، ومعهم أولئك الذين تأكل النيران أجسادهم، وكذلك أصحاب المنشآت من محلات ودكاكين ومكاتب وشقق سكنية، ونحو 15 سيارة التهمتها النيران، حوالي نصف ساعة ريثما تصل سيارات الإطفاء من مراكز القصر ورأس بعلبك واللبوة وعرسال، فيما وصلت صرخات الاستغاثة في الهرمل وألسنة اللهب ترتفع لأكثر من 150مترًا ومعها الأدخنة السوداء التي ملأت سماء المنطقة، إلى يونين ودير الأحمر وبعلبك التي سارع عناصر مراكزها بسياراتهم إلى القدوم لنجدة المستغيثين. واليوم بعد تسعة أيام على الحريق المأساوي، ما زالت سيارة مركز الدفاع المدني فيها معطّلة، حيث اندلع حريق آخر أمس الخميس قرب المدرسة الرسمية في الهرمل وأخمدت نيرانه فرق الدفاع المدني التابع للهيئة الصحية الإسلامية حيث يملك مركزها سيارة إطفاء صغيرة بقي تدخّلها في حريق المحطة ثانويًا أمام حجم النيران.
الضحية عبدالله نعمة
ومع الفاجعة التي ما زالت حديث الساعة بعد أيام من اندلاع الحريق، عادت الأسئلة المشروعة حول من يراقب عمل محطات الوقود ويضمن إجراءات السلامة المتخذة؟ ومعها معايير العمل على المحطات حيث يجب أن تُفرغ المحطة صهاريج الوقود من بنزين ومازوت في ساعات متأخرة من الليل، أو فجرًا، بعد إقفال مداخل المحطة لمنع أي آليات سيارة من دخولها تجنّبًا لأي حريق، فيما كانت المحطة، وقت حدوث تسرّب البنزين، تملأ خزاناتها من الصهريج بين العاشرة والـ 11 صباحًا، في وقت ذروة الحركة والازدحام في الهرمل، ومن دون أن تُقفل مداخلها.
وطرح الحادث أيضًا مزيدًا من الأسئلة حول معايير تخزين الوقود وقواعده، ومعهما إجراءات الحماية والاستجابة في حال حصول حادث مشابه، خصوصًا أنّ حريق الهرمل هو الحادث الثالث في لبنان الذي تسبب بوفاة أطفال احتراقًا خلال أقل من شهر، بعد وفاة 4 أطفال من اللاجئين السوريين مع والدتهم في انفجار خزان غاز في الدوسة في عكار، و5 أطفال أيضًا من اللاجئين السوريين في الميناء في طرابلس إثر ماس كهربائي امتد إلى ستوك خردة من البلاستيك في محل يسكنونه، إذ يعمل والدهم في جمع الخردة.
لحظة وصول النيران إلى المحطة
وأعادت المأساة أيضًا الحديث على غياب مستشفيات متخصّصة بالحروق في كلّ البقاع، إذ نقلت طوّافة للجيش اللبناني المصاب عبدالله كونه عسكريًا في الجيش بمرافقة مسعفين اثنين من المستشفى الحكومي في الهرمل إلى مستشفى الجعيتاوي، فيما نقلت سيارة إسعاف ومسعفين من الصليب الأحمر الجد بدري مرتضى إلى الجعيتاوي أيضًا، وعولجت ثلاثة إصابات بحروق سطحية في مستشفيات المنطقة. ويفتقد لبنان الشمالي أيضًا كما البقاع إلى مستشفى متخصّص بالحروق، وهو ما أدّى، في حادث حريق الغاز في الدوسة عكار، إلى نقل أحد الأطفال المصابين بالحريق من مستشفى القبيات إلى سورية، حيث فارق الحياة متأثرًا بإصابته وتأخر إسعافه، لينضمّ إلى أخوته الثلاثة مع أمّهم ويدفنوا جميعهم في بلدتهم العامرية السورية.
وبعدما عبّر الوكيل القانوني لمحطة الأيتام المحامي أشرف الموسوي عن أسف إدارة محطات الأيتام لسقوط ضحايا، أكّد أنّ المحطة مستوفية إجراءات الأمان والحماية من إطفائيات وكاميرات، معتبرًا أنّ تسرّبًا حصل نتيجة خطأ غير مقصود من قبل أحد الموظفين، وتمّت “معالجته وفق الأصول الفنية”.
وبينما تحرّك القضاء بإشراف المحامي العام الاستئنافي في بعلبك الهرمل القاضي كمال المقداد، إثر شكاوى قضائية تقدّم بها بعض المتضرّرين أمام فصيلة الهرمل، تمّ عصر السبت الإعلان عن “تسليم الأمر إلى (ما سُمي بـ) لجنة الإصلاح في الهرمل التي ستتولّى المتابعة على أن تتحمّل الجهة المعنيّة الواجبات والحقوق المترتبة عليها معنويًا وقضائيًا وماديًا”. ولدى استفسار “المفكرة” من المحامي الموسوي عن دور القضاء في الأمر، وماهية مهام لجنة الإصلاح ودورها، أكّد أنّ “المسار القضائي مستمر، ولا أحد يريد التأثير على دوره، وأنّ إدارة المحطة ملتزمة بكلّ الموجبات المفروضة ماليًا وإداريًا”.
لا أحد يشكّ في جدّية إعلان إدارة محطات الأيتام التي تنتشر في مناطق كثيرة أخرى، على دفع تعويضات الأهالي هنا، والالتزام بذلك، بغض النظر عن وجود تأمين فعّال على المحطة أم مجرّد تأمين وهمي كما يتم التداول. ولكن السؤال هنا هو حول تولّي لجنة الإصلاح في الهرمل والمكوّنة من وجهاء من عشائر القضاء وعائلاته وأخرى حزبية، فهل دفع التعويضات المادية لأهالي الضحايا والمتضرّرين الكثر ماديًا، حيث نُكب المكان بأكمله، سيحول دون المضي بالمحاسبة والمساءلة عن مدى توافر معايير السلامة وشروط إنشاء محطات الوقود؟ والأهم منع حصول كوارث مماثلة في المستقبل؟ إذ تنطوي الأعراف العشائرية للجان الصلح عادة في المنطقة وغيرها في لبنان، على إسقاط الحق الشخصي والدعاوى القضائية بعد قبض التعويضات. وهناك أكثر من جهة متضررة من الحريق تقدّمت بشكاوى قضائية ضدّ المسؤولين عن الحادث من بينها عائلة الطفلين والجد بدري مرتضى، ومتضررين آخرين.
الحريق كما بدا من أحد أحياء الهرمل
وقد أجرت لجنة الإصلاح يوم الإثنين 31 آذار وبرفقة وفد يمثل شركة “الأيتام” قدِم من بيروت، زيارة إلى عائلة الطفلين الضحيّتين لتقديم واجب العزاء وإبلاغ العائلة عن تحمّل الشركة كامل المسؤولية. وقال عضو اللجنة ياسر ناصر الدين لـ “المفكرة” إنّ “اللجنة معنيّة بمتابعة القضية حتى النهاية لتحصيل حقوق جميع المتضرّرين ومحاسبة كلّ متسبّب بهذه الكارثة الأليمة، مع اعتبار ما حصل قضاء وقدر وليس مقصودًا بطبيعة الحال”.
وانتقد العديد من فعاليات الهرمل وأبنائها، إضافة إلى ذوي الضحايا تلميح البيان الأوّلي الذي صدر عن الوكيل القانوني للمحطة، إلى مسؤولية المواطن الذي حاول قيادة الصهريج لتحييده عن خزانات المحطة، في مفاقمة الحريق، مشيرين إلى أنّ هذا الشاب حاول إبعاد الصهريج عن النيران والمحطة لكي لا ينفجر فيها ممّا يؤدي إلى انفجار خزاناتها وحدوث كارثة أكبر بكثير من التي حصلت. وأكّدوا أنّ هذا الشاب قفز من الصهريج بعدما صرخ به المواطنون المتواجدون في المكان بأنّ النيران تكاد أن تصل إليه، وطالبوه بالنزول لكي لا ينفجر الصهريج به. واحترق ما تبقى من بنزين في الصهريج إثر اندلاع النيران في ثلاث (عينات) مخازن في داخله كانت ما زالت معبأة بالبنزين بعد تفريغ ثلاث عيّنات قبل حصول التسرّب ومن ثم الحريق.
الحريق من زاوية أخرى
وعاد المحامي الموسوي وأصدر بيانًا ثانيًا بعد مرور أسبوع على حصول الكارثة قال فيه إنّ الشركة تؤكد تحمّلها المسؤولية الكاملة عن كلّ ما حصل وإنّها تثق في لجنة الإصلاح التي تدخّلت للتفاوض بين الشركة والمتضرّرين وأهالي الضحايا وإنّ البيان الذي صدر عنه في الساعات الأولى كان أوّليًا وتقييميًا ولم يكن الهدف منه التنصّل من أيّة مسؤولية قانونية ومادية.
وعلى مدى أكثر من ثلاث ساعات من لحظة اندلاع الحريق ولغاية إخماد النيران، عاش أهالي الهرمل لحظات رعب حقيقي حيث ارتفعت ألسنة اللهب لأكثر من 150مترًا، بينما لم يكن بالإمكان إخمادها بانتظار وصول سيارات إطفاء من مراكز في بلدات القصر ورأس بعلبك واللبوة، والتي استغرقت نحو 22 دقيقة إلى نصف ساعة. وحاول عناصر الدفاع المدني التابع للهيئة الصحية إخماد النيران عبر سيارة إطفاء صغيرة مزوّدة بخزان مياه صغير، فيما سارع غالبية أصحاب صهاريج نقل المياه إلى التطوّع لنقل المياه من نبع “رأس المال” الرئيسي في الهرمل إلى مكان الحريق، ولكنّ جهودهم كانت ضئيلة نسبة إلى حجم الحريق والنيران، وفق ما أكد أحد هؤلاء لـ “المفكرة”: “أنا لحالي جبت 13 نقلة مي، بس الحريق كان هائل، كانت النار شي من الأرض شي من السماء”.
اندلاع الحريق
تسرّبت مادة البنزين في محطة الأيتام بكمية كبيرة على الطريق العام المزدحم بالسيارات والمارة والأبنية والمحلات التجارية. وحسب شهادة العديد من المواطنين والعديد من جيران المحطة، لم تكن تلك المرة الأولى التي يحصل فيها تسرّب وقود البنزين في المكان أثناء تفريغ صهريج حمولته في خزانات المحطة.
وعند تسرّب البنزين، قام عمال المحطة، وفق ما أفاد شهود “المفكرة”، بمد خرطوم من المياه لغسل البنزين عن أرض المحطة وعن الطريق المحاذي لها، مما أدى إلى انتشاره على مساحة أكبر. وما أن وصلت أول سيارة إلى مكان انتشار البنزين حتى التقط الوقود شرارة نار واشتعل البنزين في أسفل الطريق وامتدت النيران بسرعة باتجاه المحطة والصهريج، وبدأت السيارات العابرة أو المركونة على الطريق بالاحتراق والانفجار. تقول جورجينا التي احترقت سيارتها: “لا أعرف كيف وصلت النار إلى سيارتي ومن حسن الحظ أنّني استطعت الخروج منها بسرعة، في البداية اعتقدت بأنّ هناك استهدافًا من طائرة اسرائيلية”. وهنا صعد أحد المارة على متن الصهريج محاولًا إبعاده عن خزانات المحطة، ولكنه سرعان ما قفز منه خوفًا من انفجاره، فانزلق الصهريج باتجاه المبنى المقابل واحترق بعد انفجار ثلاث مخازن بنزين كانت ما زالت مليئة بالبنزين داخله.
وعلى مدى نحو نصف ساعة من انتظار وصول سيارات الإطفاء من البلدات المجاورة للهرمل، نتيجة تعطّل السيارة الوحيدة في مركز المدينة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وإرسال المركز برقيات إلى المديرية العامة للدفاع المدني لإصلاحها من دون جدوى، استمرّت النيران بالتهام الأجسام والممتلكات والمركبات. بعدها وصلت، على التوالي، سيارات الدفاع المدني من القصر واللبوة ورأس بعلبك وعرسال وبدنايل وبعلبك ودير الأحمر ويونين. أما حال سيارة مركز القاع فمن حال سيارة مركز الهرمل، إذ انفجرت عجلاتها خلال أحداث حوش السيّد علي الأخيرة على الحدود السورية منذ فترة ولم يتمّ تصليحها بعد. وفي انتظار وصول سيارات الإطفاء حاول أبناء الهرمل، ومعهم أصحاب صهاريج المياه، حصر الحريق بكلّ ما تيسّر لديهم من إمكانيات فأحضروا الجرافات والصهاريج والاغطية والأتربة، حتى أنّ معظمهم بالإضافة إلى عناصر الدفاع المدني والعناصر الذين أتوا من مناطق أخرى وعناصر الصليب الأحمر اللبناني أصيبوا بحروق خفيفة وأذىً جسدي أثناء إطفائهم الحريق العملاق. كما تعرّض رئيس مركز الدفاع المدني لمنطقة اللبوة علي نديم أمهز لكسور في قدميه. حتى أنّ سائق سيارة مركز اللبوة خاطر بحياته َوحياة مرافقيه عندما قاد بسرعة فائقة ليتمكّن من الوصول إلى الهرمل لعلمه بالخطر الكبير الذي حصل، والتخوّف من توسّعه في المدينة أو وصوله إلى خزانات المحطة نفسها، فتمكّن من الوصول خلال 22 دقيقة فقط.
خلال محاولات إخماد الحريق
وتخضع محطات الوقود للشروط التنظيمية العامّة لمحطات توزيع المحروقات السائلة الواردة في المرسوم رقم 5509 الصادر في تاريخ 11/8/1994، وينصّ في أحد مواده أنّه “يمنع إنشاء محطة توزيع محروقات سائلة على مسافة تقل عن 50 مترًا من الأبنية العامّة والمدارس والمستشفيات والملاھي ودور العبادة والمطاعم ودور السينما”، بينما المحطة ملاصقة أو قريبة جدًا من مبان سكنية وتجارية. ويقول الأهالي إنّ المحطة، وهي محطة البنزين الأولى والوحيدة في الهرمل على مدى أكثر من أربعين عامًا، بنيت قبل الأبنية الملاصقة والقريبة وآخرها مبنى السراي، وهو ما يطرح أسئلة حول دور بلدية الهرمل والتنظيم المدني في السماح بذلك.
بعد جمع المعطيات ومعاينة موقع المحطة والمحيط والصور والفيديوهات التي تمّ تصويرها أو نقلها عن كاميرات المراقبة أثناء الحريق وقبيل اندلاعه، يمكن الاشتباه بمخالفة أخرى هي لشروط عزل المحطة ومنطقة تفريغ الصهريج عن الآليات السيارة، حيث جاء في النص أنّه: “تعزل منطقة التفريغ بواسطة حواجز نقالة تبعد مترين عنها وتعتبر منطقة خطرة طيلة عملية التفريغ”، وهو لم يتمّ معاينته لا في الفيديوهات ولا في شهادات الشهود.
ينصّ المرسوم أيضًا على أن “تجهّز كلّ محطة من الفئة الثانية بمطفأة كيمائية على عربة عدد 1 سعة 50 كلغ”، وبمتر مكعب من الرمول موزعة على حصص صغيرة تسهيلًا لنقلها بسرعة حيث يغطى بها البنزين ويمكن أيضًا استخدامها في إخماد النيران في بداية اندلاعها، وأن “يتواجد طيلة ھذه العملية السائق مع عامل من المحطة بالقرب من الصھريج لمراقبة عملية التفريغ وتأمين السلامة العامة في الجوار والتدخل السريع في الحالات الطارئة”.
ولم نلحظ في أيّ من الفيديوهات استعمال مطفأة كبيرة كيميائية بل فقط مطفأتين صغيرتين جدًا يدويتين، حيث أظهر أحد الفيديوهات الملتقط للحظة وصول الحريق من الطريق إلى المحطة عدم استخدامهما. كما أظهر الفيديو نفسه وفيديوهات أخرى غياب موظّفي المحطة وسائق الصهريج بشكل كامل عن الموقع.
قبل استعار الحريق قرب المحطة الملاصقة للأبنية السكنية والتجارية
المبنى المقابل للمحطة مدمّرًا جراء الحريق
عدد من السيارات المحترقة نتيجة الحريق
دعوى قضائية من أسرة عباس وعلي ضدّ المحطة
شاءت الصدفة أن يكون يوم الحريق يوم عطلة (عيد البشارة) ليرافق الطفلان عباس وعلي جدهما بدري إلى السوق للتسلية وشاءت الصدفة أن يشتري الجدّ أغراض الإفطار من محلّ في موقع الحادث. وبعد أن حلقا شعرهما عند “أبو علي دريد” في المحلّة استعدادًا للعيد وركبا السيارة مع جدهما للمغادرة حصل تسرّب البنزين تحتهما واشتعلت النيران. ذاب جسداهما الصغيران داخل سيارة الجد، وجُمعت أشلاؤهما في كيس واحد ودُفنا في حفرة واحدة متعانقين حتى الموت.
لعلي وعباس حق على الجهات المعنية في الدولة أن تحاسب المسؤولين عن موتهما. وللوالدة زينب المصدومة التي تواسي نفسها بأمير، ابنها الوحيد المتبقي لها والذي منعته من مرافقة جده، وللوالد عبدو الذي يؤكد أنّه لن يهدأ له بال قبل محاسبة كل من له علاقة بما حصل، أيضًا حق على المسؤولين أن يحققوا العدالة لهما علّ قلبيها يبردان قليلًا. وأيضًا لعبدالله نعمة وأمه الثكلى الحق في تحديد المسؤوليات، ودائمًا عبر القضاء واستكمال التحقيقات إلى خواتيمها، حتى لو أسقطت الدعاوى الشخصية نتيجة تدخل لجنة الإصلاح ودفع التعويضات. والأهم الحرص والمراقبة الفعالة والدائمة على عمل المحطات لكي لا يقع المزيد من الضحايا.
عائلة علي وعباس رفعت دعوى قضائية ضدّ محطة الأيتام وضدّ كلّ مسبّب لهذه الفاجعة، ومعها تنتظر الهرمل كلّها تحديد المسؤوليات سواء في الحادث أو الإهمال في تجهيز مركز الدفاع المدني لناحية تعطّل سيارته الوحيدة وعدم إصلاحها حيث كان لتدخّلها وهي تبعد 50 مترًا فقط عن مكان الحريق أن يخفّض الخسائر بشكل كبير، أو حتى غياب دور القوى الأمنية التي لم يَبن لها أثر خلال الحادث سوى تسطير عنصرين من الدرك تقارير بالإصابات التي نُقلت إلى المستشفيات.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.