
ضجة كبيرة أحدثها تصريح وزير الداخلية لطفي براهم خلال جلسة استماع في مجلس نواب الشعب التونسي بتاريخ 29 جانفي 2018. فقد تضمنت مداخلته تهديدات صريحة ومباشرة لحرية الصحفيين من خلال ما قاله عن التنصت الذي تم على مكالمات أحد الصحفيين خلال التحقيقات في الاحتجاجات التي وقعت منذ بداية جانفي في تونس. فوراً، عقد المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين اجتماعه، ووجه في ختامه بتاريخ 31 جانفي 2018، رسالة مفتوحة إلى الرؤساء الثلاثة، وهم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة، للتنديد بوزارة الداخلية ونقابة الأمنيين التي ما فئتت تضيّق على الصحفيين بممارسات تعيد لذاكرة التونسي مشاهد من عصور الديكتاتورية في محاولات النظام القديم كم أفواه الصحفيين وهرسلتهم. وقد أعلنت النقابة وقفة في يوم 2 فيفري 2018 أمام مقر النقابة في تونس، كما دعت كل المعنيين برفع الشعار الأحمر وطلبت من كافة وسائل الإعلام تخصيص مساحة تحت شعار "الصحافة التونسية في غضب".
تصريحات "براهم" ليست السبب الوحيد وراء غضب النقابة. فقد نشر وحيد مبروك، وهو الكاتب العام للنقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي بقفصه، بتاريخ 29 جانفي 2018 تدوينات على صفحته الخاصة على الفيسبوك "تضمنت سلسلة من التهديدات بلهجة واضحة وصريحة موجهة ضد الصحفيين" كما صرّح فرع الجنوب الغربي للنقابة الوطنية للصحفيين في بيانه الصادر في اليوم التالي. كما توجه نور الدين الغطاسي، وهو الناطق الرسمي باسم النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي بصفاقس، في اليوم نفسه، في تدوينات على صفحته الشخصية على فيسبوك "بألفاظ نابية وهابطة موجهة ضد الصحفيين"، كما ذُكر في بيان فرع نقابة الصحفيين في صفاقس_سيدي بوزيد.
توافق شبه تام عمَّ أوساط المجتمع المدني التونسي على دعم نقابة الصحفيين في موقفها هذا. نذكر على سبيل المثال لا الحصر صحيفة المغرب التى وضعت الشعار المعتمد في صفحتها الأولى من عددها الصادر في 2 فيفري 2018. حملة "فاش نستناو" الرافضة لقانون المالية المقر في 2018 أصدرت بيان اليوم معبرة عن تضامنها التام مع النقابة، خصوصاً أنَّ مناضليها تعرضوا، ومازالوا، لاعتداءات كبيرة وخطيرة من قبل الأمنيين. حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد والجبهة الشعبية أعلنا في بيانين موقفا مماثلا ل"فاش نستناو"، متضامنين مع نقابة الصحفيين. الجمعية التونسية للمحامين الشبان أيضاً أعلنت تضامنها التام. كما تضامن صحفيون من مختلف وسائل الإعلام، العمومية منها والخاصة، في عدة ولايات، نذكر منها نابل وسوسة والمنستير والقيروان وصفاقس والكاف وباجة وجندوبة وسليانة وتطاوين وتوزر وقابس وقفصة، حاملين الشارة الحمراء استجابة لدعوة النقابة. لوّحت نقابة الصحفيين التونسيين بالتصعيد الذي يمكن أن يصل إلى الإضراب العام في حال تواصل انتهاك الصحفيين والتضييق على عملهم.
في الواقع، الممارسات القمعية التى ما انفكّت أجهزة الدولة تواجه بها مواطنيها تطرح العديد من الأسئلة على مدى تمسك المنظومة الحاكمة بالمسار الديموقراطي والحقوق والحريات التى أقرها دستور 2014. فقد تتالت الاعتداءات وأساليب القمع ليس فقط على الصحفيين بل على كافة المواطنين المعبّرين عن موقفهم الرافض لقانون المالية المقر في 2018، من خلال الإيقافات العشوائية التى وصلت إلى الألف معتقل، منذ بداية حملة "فاش نستناو" في غرة جانفي إلى اليوم.
متوفر من خلال: