هنا لبنان، بلد الموت بامتياز، نعيش فيه “نحن وحظّنا” في ظلّ سلطة سياسيّة لا تنفكّ تمدّنا بمختلف أسباب التروما، بحيث أصبح اضطراب ما بعد الصدمة ملازماً للشخصيّة اللبنانيّة. فنحن، ومنذ اللحظة التي نولد فيها، نعيش في سياقٍ من الصدمات المتلاحقة، التي غالباً ما تجد طريقها إلى أجسامنا؛ في بلدٍ لا نعيش فيه، بل نحاول طوال الوقت أن ننجو منه.

هنا نظام لا يحمي سوى مصالح البرجوازيّات الحاكمة، والذي يشنّ علينا – نحن الشعب – كافة أنواع الحروب منذ العام 1975. هنا هجرة قسريّة يفرضها علينا النظام ورحلة تشرّد نبدأها مذ تُغلق في وجوهنا كلّ نافذة أمل، فيتملّكنا الخوف من موتٍ محتّم على أرضنا، لنوضّب خيباتنا وأحلامنا ونلجأ إلى أرضٍ أخرى علّها تمنحنا بعض الأمان. هنا أصوات الرصاص والقذائف تشكّل وعينا. ذاكرة تحفظ رائحة الدمّ والصواريخ. هنا فراغ يسببه النظام في دواخلنا، يتّسع ويبتلعنا مع أحلامنا. هنا بيروت، مقبرتنا الجماعيّة.

في الرّابع من آب، هزّ بيروت تفجيرٌ هائل أحدث حفرةً بعمق 43 متراً في الأرض، وأخرى أعمق بكثير في أرواحنا. زجاج منازلنا ومطارحنا المدمّرة غُرز في أجسادنا المنهكة أساساً. جروحٌ ستلتئم عاجلاً أم آجلاً، لكن من يرمّم دمارنا الداخلي؟ وكيف نُتابع حياتنا التي لم تكن يوماً طبيعيّة، بعد تفجيرٍ لم نشهد له مثيلاً ذهب ضحيّته 220 شخصاً على الأقلّ وأكثر من 7 آلاف جريحٍ ولا يزال العشرات في عداد المفقودين، في حين أصبح نحو 300 ألف شخص بلا مسكن؟ كيف نتخطّى تلك الصدمة، وما سبقها من صدمات ورثناها من جيلٍ إلى آخر؟ هل يمكن، على الصعيد النفسي، أن نتعايش مع الخطر الذي شعرنا به يوم التفجير؟ أن ننسى صور الجثث والجرحى، أصوات الزجاج المكسور والناس التي ترتجف من الخوف؟ النظرات الفارغة في وجوه كلّ من صودف وجودهم على الطريق، صراخ الأمّهات اللواتي فقدن أولادهنّ، العيون التي لا تدمع وهي تتفرّج على منزلها بعد الدمار، والرعب الذي عشناه قبل أن تردّ حبيبة أو قريبة وتطمئننا أنها نجت من الموت؟

“لا يمكن معرفة الأبعاد النفسيّة للتفجير قبل فترةٍ تمتدّ بين شهرٍ وثلاثة أشهر، يقول الدكتور في علم الأعصاب والطبيب في علم النفس العيادي ألبير مخيبر الذي يؤكّد في حديث إلى “المفكّرة القانونيّة” أنّه من الطبيعي أن نكون اليوم جميعاً تحت تأثير الصدمة، ولو اختلف تعاملنا معها بين شخصٍ وآخر. فبعضنا لا يستطيع النوم أو التركيز في عمله، والبعض الآخر يبكي، وهناك من يُشغل نفسه في تنظيف آثار التدمير. هذه جميعها ردّات فعل طبيعيّة، بحيث لا يمكن الحديث عن تشخيصٍ فعليّ لاضطراب ما بعد الصدمة (Post-Traumatic Stress Disorder) كما يعرّف عنه علم النفس. فالـ PTSD تبدأ عوارضه بالظهور بعد مرور أشهر على الحدث – الصدمة، وغالباً ما يترك تأثيراً على صحّتنا الجسديّة أيضاً. عندها يمكن القول إن فلاناً يعاني من “تروما”.

صدمات متلاحقة

يرى مخيبر أنّنا “إذا فصلنا التفجير عن موقعه الجغرافي (أي لبنان)، فإن كثيرين يتخطّون تفجيراً مماثلاً مع مرور الوقت بحيث تتفاوت المدّة بين شخصٍ وآخر حتى من دون مساعدة نفسيّة. لكن في حالة لبنان، فإننا كمواطنين نعيش تروما دائمة، أو ما يُسمّى Complex Post-Traumatic Stress Disorder لأن الخطر الجسدي نختبره يومياً وبشكل مباشر. فنحن كمن يعيش علاقة عاطفيّة مسيئة له (Abusive) مع النظام السياسي الذي يستغلّنا، ويُسيء إلينا بشكلٍ يومي”.

الطبيبة النفسية والأستاذة المحاضرة في كليّة الطبّ في جامعة القديس يوسف في بيروت، هلا كرباج، تجزم في حديثٍ إلى “المفكرة” بأنّ تأثير تفجير 4 آب كبير جداً على المواطنين، ولعلّه الأقوى في تاريخ لبنان الحديث، لأنهم شعروا أنهم قُتلوا واستُهدفوا داخل منازلهم التي لزموها جرّاء فقدانهم لوظائفهم بسبب الأزمة الاقتصاديّة، أو للحفاظ على صحّتهم بسبب كورونا. وتضيف كرباج :“لا بدّ هنا من الإشارة إلى أنّ التفجير وقع بعد سلسلة أزمات كانت أنهكت اللبنانيين كثيراً، لا سيما الأزمة الاقتصاديّة التي حجزت أموالهم وأفقدتهم وظائفهم، ثم القمع الذي مارسه النظام السياسي بحقّ المواطنين خلال انتفاضة 17 تشرين. أعرف جيداً، من خلال مشاهداتي على الأرض، الأذى النفسي الذي لحق بالمواطنين جرّاء الانتفاضة التي بنوا آمالاً كثيراً عليها، قبل أن يتمّ قمعهم بشتّى الوسائل، إن كان من خلال الاعتداء بالضرب أو بإطلاق الرصاص أو من خلال التوقيفات التي حصلت. ثم جاء التفجير ليقضي على كلّ بصيص أمل.

علي دلّول (مولّف وصانع أفلام) خسر وعائلته أحد أقربائهم كان مصاباً بفيروس كورونا، وكانت حالته دقيقة. تفجير 4 آب أصاب المستشفى التي أُدخل إليها، واستمرّت عملية انتشاله من تحت الركام لساعات، فتدهورت حالته وتوفّي. يقول علي إنّ قريبه هذا سبق وخسر ابنه قبل عامين خلال إشكالٍ بسبب السلاح المتفلّت في زحلة. وسبق أن خسر شقيقته وعائلتها خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في تمّوز 2006. والمفارقة – يضيف علي – أنّهما كانا، قبل ساعات، في عزاء شقيقة زوجها وزوجها اللذين قُتلا بسبب القصف الذي طال الغازيّة في الجنوب”. “هذه سلسلة صدمات رافقتني منذ المراهقة، يقول علي لـِالمفكّرة” – “وجاء تفجير المرفأ اليوم ليقضي عليّ. فنحن نعيش أزماتٍ حياتيّة مستمرّة منذ فترة في لبنان، بالكاد نلتقط أنفاسنا. تمكّنا من جمع مبلغٍ مالي صغير في البنك، سرقوه. تمرّدنا، فضربونا وأطلقوا النار علينا. أجبرونا على التزام منازلنا بسبب كورونا، ثم دمّروها في تفجيرٍ قضى على آخر ما بقي لنا. على المساحة الأكثر أماناً بالنسبة إلينا. ماذا بقي لنا اليوم؟

فقدنا كلّ شيء. منازلنا، آمالنا، أحلامنا، مطارحنا، واحتمالاتنا. نحن محاصرون في هذه البلاد. وهذه الفكرة تقتلني في كلّ لحظة وكلّ يوم. الأفكار جميعها سوداء في رأسي، تقول دُجى داود، وهي صحافية تضرّر منزلها الكائن في الجمّيزة بسبب تفجير 4 آب الماضي، وعايشت – حالها حال معظم أبناء جيلها من اللبنانيّين – حروباً واغتيالات واحتلالات وأزمات ومجازر وتفجيرات.

ترى دُجى في حديث مع “المفكرة” أنّ” التفجير قتلّي بيروت. كلّ الشوارع التي طالها التفجير كانت شوارعنا، نحن الذين لم يبقَ لنا متنفّسٌ آخر في هذه المدينة في الفترة الأخيرة سوى هذه المساحات الصغيرة الآمنة. هذه الشوارع كانت الداعم الأكبر لنا، خلال الحجر الصحّي الذي فرضته جائحة كورونا، وقبله خلال انتفاضة 17 تشرين والأزمة الاقتصادية. توطّدت علاقتنا فيها كثيراً، ثم جاء التفجير وخطفها. هذه الخسارة لن تعوّض”.

تُشير دُجى إلى أنها بمجرّد كونها مواطنة لبنانية لديها السبب الكافي لأن تعاني من “التروما”. “فبالإضافة إلى العنف المنزلي، عشتُ معظم الحروب. كنتُ الأكبر في العائلة، وكان ذلك يرتّب عليّ مسؤوليّات إضافيّة، مثل توضيب الملابس والوثائق التي قد نحتاجها، بالإضافة إلى تجهيز شقيقاتي كي نتمكنّ من الهرب قبل القصف. هذه عوامل لطالما كانت حاضرة في حياتي. لذلك عشتُ، ولا أزال، لحظات مزعجة ما بعد تفجير المرفأ لأنه كان يترتّب عليّ أن أكون داعمة لعائلتي وأصدقائي، في الوقت الذي كنتُ فيه مكسورة وأحتاج إلى دعم. هو دورٌ بات يؤذيني على الصعيد النفسي والجسدي. فأنا اليوم أعاني من أوجاع في كلّ أنحاء جسمي، لا سيما كتفيّ وظهري. من الصعب أن أبقى متماسكة، في الوقت الذي أحتاج فيه إلى أن أنهار”.

علي يشعر أيضاً بعجز عن القيام بدور السند ويقول “تفجير بيروت وقعه سيّئ علينا جميعاً. كلّنا متعبون ولا يمكننا أن نساند بعضنا. أعاني حالياً من عدم التركيز ومن خدرٍ كبير في أنحاء جسمي. وحين أتمكّن من النوم، بصعوبة، أستيقظ لاحقاً بسبب الكوابيس. أشعر بذعرٍ كبير بمجرّد سماعي لأيّ صوت عالٍ، وتعاودني لحظات التفجير كلّ يوم حين تقترب الساعة من السادسة مساءً. ويضيف علي “غضبي كبير جداً إلى درجة أنّي أتخيّل أبشع طرق الموت للسياسيّين الذين يحكموننا”.

توضح كرباج أنّ الاضطراب النفسي هو نتيجة تفاعل بين استعداديّة موجودة لدى الفرد (سواء كانت وراثية أو بيولوجية أو نتيجة التنشئة الأسرية) وبين ضغوط تفرضها البيئة. وبهذا المعنى، تؤدّي البيئة دوراً حاسماً وأساسياً في ظهور الاضطراب النفسي إذ يمكن للشخص أن يُصاب بأزمات نفسيّة حتى لو لم تكن لديه استعداديّة وراثيّة لأنه موجود ضمن بيئة لا تمنحه الشعور بالأمان والأمن والعدالة ولا توفّر له حقوقه الأساسيّة. فالصحة النفسيّة مرتبطة بالعوامل الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة، حتى لو لم يظهر الفرد استعداديّة وراثيّة.

تروما” “المهجَّرين

ديمة صابر (لبنانية مقيمة في إنكلترا) تقول إنّ عقلها توقّف عن العمل بعد التفجير، لدرجة أنها حاولت إقناع زوجها أن يترك عمله والبلد والانتقال إلى بيروت. “كان ينظر إليّ ولا يصدّق ما الذي أقوله، والآن فقط أدركتُ أني كنتُ تحت تأثير الصدمة. فكرة واحدة كانت تدور في رأسي وأنا أقترح تلك المشروع: لماذا على أطفال أصدقائي أن يعيشوا ما عاشوه، وابنتي لا؟

يرى مخيبر أنّ تأثير التفجير هو نفسه على المقيمين في لبنان والمهجَّرين منه، وهو نفسه على الأشخاص الذين كانوا في محيط المرفأ، والبعيدين منه. فـلكلّ فرد تاريخه النفسي الخاص والمختلف عن الآخر. لذلك قد نجد مهجَّراً متأثراً بالتفجير أكثر من مقيمٍ ليس لديه ‘باع طويلمن الصدمات النفسيّة“. ويُشير مخيبر إلى أنّ المهجَّر، وفي لحظاتٍ مماثلة، يعلو إحساسه بالذنب والعجر والخيانة.

وهكذا أمضت ديمة (وهي باحثة في الدراسات الإعلاميّة) الأسبوع الأوّل بعد التفجير وهي تبكي بشكلٍ مستمرّ، ثم انتقلت إلى مرحلة البحث عن الضحايا وأسمائهم “شاهدتُ مآتم الجميع، وتابعتُ قصص الضحايا والناجين. أعتقد أنها طريقتي في تخطّي هذه الصدمة، هو نوع من العلاج. وجدتُ السلام الداخلي في الحزن. بكيتُ كثيراً حتى شربت كلّ الزعل وأعطيته مساحته. تعاملتُ مع الزعل لكن الشعور الوحيد الذي لا أعرف كيف أتعامل معه هو الظلم. الظلم الذي تمارسه السلطة بحقّ اللبنانيّين، والذي نتفرّج عليه. الأسئلة كثيرة في رأسي: كيف ذلك؟ ما هذه الوقاحة؟ كيف يناقشون تشكيل حكومةٍ ودماء الضحايا لم تجفّ بعد؟

تروما” جماعيّة

عن علاقتها ببيروت، تقول دُجى “أحببتُها رغماً عن النظام السياسي الذي يمنعنا من أن نحبّها، ويمنعها من أن تكون جميلة، ويمنعنا أن نعيش لحظات فرحٍ فيها. لكني رغماً عنه، عشتها. وكان بإمكانها أن تمنحني لحظات فرح إضافيّة لولا هذا التفجير. أنا مدمّرة ولا أرى أيّ بصيص أملٍ في الأفق، لكني لا أملك رفاهية الانهيار التام”.

بدورها، تشدّد ديمة على أنّها لا تشعر بالذنب تجاه بيروت والبلد “لبنان دفّشني ولبّطني. أعاني معه منذ العام  2003، حين قرّرتُ تركه للمرّة الأولى وحين كنتُ أعود إليه مراراً وتكراراً، معتقدةً أنه بإمكاني بناء حياةٍ فيه، حتى غرقتُ في تفاصيله وما عدتُ أرى الصورة الأوسع، الأفق. لم يعد يعني لي. الأهل والأصدقاء هم صلتي الوحيدة به”.

يقول علي إنه لم يشعر يوماً بانتمائه لبيروت “هي مدمّرة. نظامها مدمّر. ونحن مدمّرون. جميعنا كشباب، نشعر أننا في حالة تأسيسٍ دائمة في هذا البلد. عمري 28 عاماً، ولقد أسَّستُ حياتي نحو 4 أو 5 مرّات في هذا البلد، ودايماً بيردّونا للصفر”.

تعلّق كرباج على هذه النقطة بالقول إنّ الأزمات اللبنانيّة السابقة توالت على مراحل، حاول خلالها المواطن أن يتكيّف معها تدريجياً ويُعيد ترتيب حياته؛ لذلك يختلف تأثيرها عن التفجير الذي عرّض الناس لخطر الموت وأفقدهم منازلهم، وشهدوا من خلاله على دمار مدينتهم. هنا يمكن الحديث عن “تروما جماعيّة”.

وتشير إلى أنّه في حالة التروما الجماعيّة، فإن الصحة النفسيّة مرتبطة بالتعويض المادي والمعنوي للضحايا وبتحقيق العدالة الاجتماعيّة ومحاسبة المذنبين. لذلك، وفي حال لجأ الفرد إلى العلاج النفسي من دون أيّ تغيير في المحيط والبيئة اللذين يعيش فيهما، فسيبقى معرّضاً لأن يعاني من أزمات نفسيّة. وتضيف كرباج “نحن، كأطبّاء ومعالجين نفسيّين، نساعد الفرد على تخفيف أزمته النفسيّة ومواجهة عوارضها، لكن لا يمكننا تأمين وظيفةٍ له أو إعطاءه حقوقه كمواطن أو مساعدته على العيش بكرامة في وطنه. الطب النفسي لا يملك حلولاً جماعية، للمواطنين ككلّ. من المهمّ للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسيّة سابقة أن يواصلوا علاجهم، ومن المهمّ أيضاً أن يطلب الأشخاص الذين يعانون الآن من اضطراب نفسيّة مساعدة أخصّائيين عند الضرورة. ولكن يجب التأكيد على أنّ الحلّ في لبنان ليس نفسياً فقط، إنما هو سياسي واقتصادي واجتماعي أيضاً”. وتشدد على أنّ “الحلّ الجماعي على المدى الطويل يكمن في تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين”.

وتذكّر كرباج بدراسة لبنانيّة أُجريت في العام 2002 وأظهرت بأنّ 16% من اللبنانيّين يعانون من اضطرابٍ نفسيّ. وقد تبيّن أنّ نسبةً عالية منهم تعاني من “التروما” وهم من الذين عايشوا الحرب الأهليّة. لكنها ترى أنّ النسبة من الممكن أن تكون أعلى بكثير اليوم بعد الأحداث الكثيرة والأزمات الحياتيّة التي عايشها اللبناني منذ العام 2002 وحتى تفجير 4 آب.

في الخلاصة، تعيش اللبنانية واللبناني في ظلّ تهديد مستمرّ لحياتهم بسبب مجموعة أزمات وصدمات يتوارثونها جيلاً بعد جيل، تولّد لديهم اضطرابات نفسيّة. حروب أهليّة، احتلال واجتياحات ومجازر إسرائيلية، تفجيرات واغتيالات. وفي أقلّ من عامٍ واحد، انهيارٌ اقتصاديّ، وحجز لأموالهم في المصارف، مع ارتفاعٍ جنونيّ للأسعار، ترافق مع فقدان ثلث المواطنين أعمالهم وتراجع قدرتهم الشرائيّة، في ظلِّ جائحة عالميّة أجبرت من لم يزل في عمله على التزام المنزل، وبالتالي خسارة وظيفته. كلّ ذلك، قبل أن يوجّه نظام المحاصصة الطائفيّة الذي يحكم البلاد منذ التسعينيّات ويحمي الفشلة )الذين يعيّنهم – هو نفسه – في مواقع المسؤوليّة) ضربته القاضية حين ترك 2750 طنّاً من نيترات الأمونيوم لسنوات تنام بالقرب من منازل اللبنانيين التي كانت آخر مساحة أمان لهم، لتنفجر وتدمّر بيروت وتقتل العشرات من أهلها.