حرب استقلالية القضاء العسكري تفجرها ندوة علمية


2012-05-14    |   

حرب استقلالية القضاء العسكري تفجرها ندوة علمية

نظمت جمعية القضاة التونسيين يوم  11 مايو 2012  ندوة علمية تحت عنوان القضاء العسكري في تونس: أي مستقبل؟ وقد شكلت هذه الندوة حدثا مميزا تابعته وسائل الاعلام المحلية على اعتبار ان المحاكم العسكرية تتعهد الآن بأكثر من 275 قضية من قضايا شهداء وجرحى الثورة التونسية وهي قضايا ذات اهمية وتشغل الرأي العام المحلي والدولي. ولم يشارك أي من القضاة العسكريين في اشغال الندوة لكون قانونهم الاساسي يمنعهم من الانتماء للجمعيات المهنية وبالتالي فهم غير ممثلين في هياكل جمعية القضاة ولا يواكبون نشاطاتها. وفي مقابل ذلك، كان اغلب الحاضرين من القضاة كما ان المحاضرتين اللتين كانا منطلق النقاشات اعدهما قاضيان.
وقد استدعى البحث في مستقبل هذا القضاء التعرض لمسألتين: المسألة الاولى دراسة تاريخ القضاء العسكري من خلال شواهد تاريخية، والمسألة الثانية البحث في خلفيات تطوير الحكومة الانتقالية الاولى لصلاحيات القضاء العسكري. وقد تولى المتدخلون كشف ارتباط المحاكمات العسكرية الكبرى بمنظومة الاستبداد على اعتبار ان السلطة السياسية منذ استقلال تونس الى حد تاريخ قيام الثورة عولت على المحاكمات العسكرية في تصفية خصومها السياسيين. كما ابرز المتدخلون موقفا سلبيا من المرسومين عدد 69 و 70  لسنة 2011 المؤرخين في 29 / 07 / 2011 والمتعلقين بتنقيح وإتمام مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية وبتنظيم القضاء العسكري وضبط النظام الأساسي للقضاء العسكري اذ عدوه تغولا للقضاء العسكري ومحاولة لإقصاء القضاء العدلي من نظر قضايا الثورة. كما بين المشاركون ان القضاء العسكري لم يعرف اصلاحات على مستوى ادارته بما يمنعه من الاستقلالية الفعلية. وكان البحث في اداء القضاء العسكري جريئا الى درجة حولته الى ما يشبه محاكمة يجريها قضاة عدليون لقضاء العسكر ولبعض السياسيين.
ومن اول اصداء هذه الندوة، الاستياء الذي عبرت عنه المؤسسة العسكرية فاعتبرها الناطق باسم القضاء العسكري عملا سياسيا يستهدف مكانة المؤسسة العسكرية والاحترام الذي اكتسبته لدى الرأي العام خلال الثورة وانتهى الى ان القضاء العسكري يمثل العين الساهرة لفرض قواعد الانضباط.كما استاءت ادارة القضاء العسكري مما اعتبرته تعريضا بسمعة قضاتها وهددت بتتبع من تجرأ على طرح ملف الفساد في هياكلها من دون دليل.
والواقع ان جمعية القضاة قد نجحت من خلال هذه الندوة في اختراق جدار الصمت الذي فرض على عمل المحاكم العسكرية. فقبل الندوة، كان الحديث عن استقلالية القضاء العسكري يستند الى تنقيحات قانونية جعلت احكام المحاكم العسكرية تقبل الاستئناف بعد ان كانت نهائية الدرجة، بعد الندوة اصبح القضاء العسكري موضوع سؤال يتجاوز النصوص القانونية الى واقع العمل القضائي. وهي بذلك أطلقت معركة موضوعها الاصلاح الفعلي للقضاء العسكري سيكون ظاهرها صراع بين القضاء العسكري وجمعية القضاة التونسيين.

م. ع. ج
.
 

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني