يقف حسن علوه، أبو علي، أمام كرم تفاح لا يقل عدد شجيراته عن خمسة آلاف كعب مثمر في مرجحين في جرود الهرمل، ليقول متأسفاً أنه قطع هذا العام ألف كعب تفاح مثمر نتيجة تراكم الخسائر والكلفة المرتفعة لزراعة التفاح في الجرد مقارنة مع المردود.
الطريق التي تصل الهرمل بجرودها لا تصلح لسير غير الآليات ذات الدفع الرباعي. هناك يطلب سائق الشاحنة ثلاثة أضعاف الأجر العادي لنقل المحاصيل الزراعية.هناك تحكم الطبيعة الجغرافية للسهل الممتد بين الجبال نوعية الزراعات المناسبة نتيجة "الصقيع" والندى اللذين يضربان المواسم فيقتلانها في أوقات معينة من السنة. والأهم أن أياً من المزارعين لا يعرف الأنواع المناسبة للزراعة، فيما لم تكلف نفسها أي جهة رسمية في الدولة إبلاغهم عما يناسب تربة أراضيهم ومناخها.
وفي الجرود لا أسمدة مدعومة ولا أدوية ولا وزارة زراعة ولا مشروع أخضر ولا من يحزنون: "حتى التفاح ما نجح كتير يمكن كان لازم إزرع نوعية محددة من التفاح تناسب أرض مرجحين وطقسها ولكن أحدا من الدولة لم يخبرنا بذلك"، يضيف أبو علي، ليؤكد أن خسائره السنوية من زراعة التفاح لا تقلّ عن 20 ألف دولار سنوياً.
على الكتف الأخر من جرد الهرمل وتحديدا في أحد جيوب جباب الحمر، يجلس حسين دندش، أبو سامر تحت لزابة معمرة وظهره إلى مشروع السياحة البيئية الذي أطلقه مع شريكه بومدين الساحلي قبل 15 عاماً كسبيل لعدم الإنخراط في زراعة الحشيشة الممنوعة قانونيا، وكسبيل للبقاء ب "سجل عدلي نظيف". المعطى الأخير(الحفاظ على سجل عدلي نظيف) هو عمل جهادي وشاق في منطقة يعاني أبناؤها من وجود 48 ألف ألف مذكرة توقيف وبلاغ بحث وتحري بحقهم، عدا عن آلاف القابعين من بينهم في السجون.
نتحدث عن جرود منطقة بعلبك الهرمل، التي أعلنت "محافظة" قبل أكثر من 15 سنة على الورق فقط، اللهم إلا بناء سرايا إدارية في الهرمل. محافظة على مدى ثلاثين عاماً لم تشهد إفتتاح مصنع واحد يوجد فرص عمل أمام أهلها الغارقين في تاريخ من إدارة الظهر الرسمية، بينما بنيت غالبية ملفات الموقوفين والمحكومين والمطلوبين، على تهمة زراعة الحشيشة بالدرجة الأولى ثم بعض الأفيون. منطقة تعود معظم مدارسها خصوصا في أوديتها مع بعض شبكات المياه والإدارات إلى مرحلة الشهابية التي خصت الأطراف ببعض حقها من الإنماء. في هذه المنطقة، تتوالى خسائر حسين دندش في مشروع السياحة البيئية بسبب الأمن بالدرجة الأولى "المنطقة من أفضل مناطق لبنان للسياحة البيئية وقاصدوها يحبونها كثيرا، ولكنها مقتولة بالصيت الأمني الذي يخيف البعض. ع الأقل لازم يعطونا الأمن كأحد أسس الإنماء"،وفق دندش.
تسأل حسين أبو سامر عن تشريع الحشيشة، فيرد بالسؤال عن الطريقة التي يمكنه فيها إرسال ابنته في العام المقبل إلى الجامعة "آخر همي تشريع الحشيشة، عنا لائحة أولويات جوهرية قبل هذا الموضوع".
يضحك أحد المزارعين في محيط مدينة بعلبك من الوضع السائد في إثر انتشار خبر "تشريع الحشيشة" ليقول "اعتبر معظم المزارعين أنه صار بإمكانهم زراعتها قانونيا". وعليه بدأ كثر ببذر أراضيهم ب"القنبز" وهو بذار الحشيشة المتعارف عليها في المنطقة. كل هذا وسط غياب أي معلومات رسمية عما قرره مجلس النواب في جلسته الأخيرة. لا أحد يعرف في المنطقة أي نوع من القنب شرّع البرلمان وسط فيديو انتشر عبر مناصري الرئيس نبيه بري يعد فيه أهل المنقطة "ببدء دورهم في الإنماء". ترتسم على محيّا أحد أبناء المنطقة أبتسامة مرّة وهو يشاهد الفيديو المصوّر للرئيس بري منشوراً في أيلول 2019، ويعاد بثه اليوم تحت عنوان "إلى البقاع در" ويعد فيه بالفرز والضم والعفو العام وتشريع الحشيشة لأغراض طبية وصناعية، في إشارة إلى تنفيذ رئيس المجلس النيابي وحركة أمل وعدهما. الحركة التي تتقاسم مع حليفها في الثنائي الشيعي حزب الله تمثيل المنقطة منذ أول انتخابات نيابية في 1992 ولغاية الدورة الأخيرة في أيار 2018. يقول الرجل "بكير يا شباب ع مهلكم ناموا 30 سنة تانية بعد الطائف وارجعوا اوعدونا بالإنماء".
مزارع آخر يصف زراعة الحشيشة سواء شرعية أم مخالفة للقانون ب"شغلة لما عنده شغلة"، ليؤكد أن سعر "هقة الحشيشة" (1260 غرام) لا يتجاوز 450 ألف ليرة في أفضل الأحوال "بيستاهل هيدا المبلغ نصير مطلوبين من أجل تحصيله؟". يسأل وهو يشرد في السهل الواسع أمامه "بس شو جبرك ع المر؟ الأمّر منه". ليضيف "مدارس رسمية منهارة والمدارس الخاصة مكلفة علينا وأقرب جامعة بتبعد مئة كيلومتر عن ولادنا ونموت على الطرقات حيث علينا أن نقطع مئة كيلومتر أيضاً للوصول إلى مستشفى مقبول يطببنا، وطبعا نحن منعمل تمثال لأي شاب تقبل به الدولة ضابطا في صفوف القوى الأمنية والعسكرية، حتى العسكري العادي ما منشوفه إذا ما بيتبناه أحد الفرقاء السياسيين المشاركين في السلطة، وبيرجعوا بيقولولنا رح نعملكم إنماء بتشريع الحشيشة".
من منزله في جوار الحشيش المتركنة على كتف القبيات في الجرد الفاصل بين شمال لبنان وبقاعه، يسخر مدير مدرسة البلدة علي مهدي جعفر من تشريع الحشيشة "عنا أولويات أهم وأكثر إلحاحا". آل جعفر بالأساس لا يمكنهم زراعة الحشيشة كون أراضيهم جبلية غير قابلة للزراعة وتحتاج إلى تجليل واستصلاح. "ولم نرَ يوما المشروع الأخضر أو وزارة الزراعة أو أي جهة داعمة". يريد جعفر "استعادة المال المنهوب على مستوى لبنان وتخصيص جزء منه لإنماء الأطراف الغائب منذ الإستقلال". ولولا موقع أراضي بيت جعفر المفتوحة على الشمال وسوريا، حيث تقع إحدى بلداتهم داخل الحدود السورية وانخراطهم في أنشطة التجارة الحدودية (التهريب) قبل الأحداث السورية لانقرض الناس من العوز والفقر". تبعد الجامعة اللبنانية 150 كيلومترا عن أراضي آل جعفر البالغ عديدهم نحو 7 آلاف نسمة يعيشون في جرود الهرمل، وكذلك المستشفى المقبول للإستشفاء، فيما على أبنائهم أن يقطعوا 17 كيلومتر للوصول إلى أقرب مدرسة ثانوية. "نحن عايشين ع الهامش وخارج الدولة ولما فكروا فينا لم يجدوا غير تشريع الحشيشة"، يقول.
من سمع ويسمع أفرقاء السلطة وهم يحتفلون بما يعتبرونه "إنجاز تشريع زراعة القنب" يظنّ للحظة أن خيبة اللبنانيين من المعلومات التي تواترت عن الخزان النفطي في البلوك 4 سوف تتكفل الحشيشة برتقها. هذا التفاؤل المتعمّد قابله تصريحات لنواب في حزب الله، الممثل الرئيسي لمنطقة بعلبك الهرمل في السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومعه منشورات وردت على صفحات آخرين ينتمون للفريق السياسي نفسه، تدافع عن عدم تصويت الحزب على إقرار قانون تشريع الحشيشة تحت تبرير "عدم جدواه الاقتصادية". تبرير لا يخرج إلى المقارعة العلمية، حيث يبدو أن حزب الله، لا يريد الذهاب إلى معركة "كسر عظم" مع حليفه الرئيس نبيه بري ومن ورائه حركة أمل، الممثل الثاني للمنطقة في السلطة، وبالتالي تبيان عدم جدوى التشريع ومردوده على المزارعين وبعلبك الهرمل ككل. تأطر الرفض في عدم التصويت على القانون من دون أن ينحو نحو الطعن به، ولا حتى تشريحه أمام الرأي العام، طالما أن الحزب معني بحاجات المنطقة التي يمثلها وبوضع خطة إنمائية بديلة.
في المقابل، اكتفى نائب الهرمل في حزب الله الدكتور إيهاب حمادة بالقول للمفكرة "لم نجد جدوى إقتصادية من تشريع زراعة القنب الصناعي والطبي ولذا لسنا معه". بالمقابل، أعلن النائب والوزير السابق حسين الحاج حسن في إثر إقرار القانون "عدم جدواه أيضاً"، قبل أن يستطرد "أصلا هن عم يشرعوا غير الحشيشة المعروفة في المنطقة".
محافظة الفقراء والمهمشين
بين الإحتفاء والتشكيك بجدوى القانون، يجد مزارعو المنطقة أنفسهم خارج النقاش وطبعا معرفة ما جرى ويجري. يجهل هؤلاء عن أي "حشيشة" يتحدث القانون، ولا يعرفون أن السلطة حمت نفسها تلقائيا من أي تبعات ومسؤوليات مالية تجاههم كونها لن تستلم المحاصيل على غرار ما يحصل في زراعة التبغ والقمح، وهم غير مدركين أن زراعة القنب ليست حكرا على منطقتهم بل سُمح بها في المناطق اللبنانية كافة.
نحن نتحدث عن بعلبك الهرمل التي تلامس فيها نسبة الفقراء 65 إلى 70% "بكل ضمير مرتاح"،كما يقول المستشار في التنمية ومكافحة الفقر أديب نعمة للمفكرة. تعني هذه النسبة أن هناك نحو 170 ألف فقيراً في المنطقة من أصل 245 ألف و100 نسمة يعيشون فيها، ويشكلون 5.1% من عديد سكان لبنان. يستند نعمة في التعداد إلى الأرقام الصادرة عن دراسة إدارة الإحصاء المركزي 2018-2019. يحصل هذا في مجتمع فتي نسبيّا حيث يبلغ عدد من هم في سن العمل (15-64 عاما) 158 ألف نسمة، لا يشتغل من بينهم سوى 40%، وفق نعمة نفسه.
وكان 41% من سكان بعلبك صنّفوا أنفسهم فقراء وكذلك 47% من سكان الهرمل وفق ما وثقته إدارة الإحصاء المركزي في دراسة سابقة، بينما لا يتمتع 49% من بين المقيمين في المحافظة بأي تأمينات صحية. وهذا يدلّ على أن نصف من هم في عداد القوى العاملة غير منتظمين في وظائف ثابتة. وترتفع هذه النسبة في الهرمل إلى 61%، وفق نعمة.
مع هذه المعدلات، يصبح مفهوما لماذا ينزح من قضاء الهرمل مثلاً نحو أحزمة البؤس المدينية 48% ممن هم مسجلون في قيودها ومن المفترض أن يقيموا فيها. كيف لا ينزحون فيما 26% من أسر المحافظة لا يصل دخلها الشهري إلى 650 ألف ليرة، أي نحو 150 دولارا وفقا لسعر الصرف في السوق؟ وفي عزّ إنتاجها الإقتصادي، نجد أن 83% من أسر بعلبك الهرمل تنتج أقل من مليونين و400 ألف ليرة في الشهر، أي 600 دولار شهريا على سعر صرف اليوم.
وبعدما يؤكد نعمة أن 48% من التلامذة المقيمين في بعلبك الهرمل يلتحقون بمدارس رسمية وأخرى خاصة مجانية (أي تابعة لمؤسسات خيرية) يرى أن الأرقام تؤشر إلى احتياجات المنطقة وأولوياتها، مشككاً بتأثير تشريع زراعة القنب في مؤشرات الإنماء الخاصة بها. ويرى نعمة أن التشريع المربوط بتصنيع الدواء من القنب الهندي المسموح به سينعكس على مستويين: المزارعين ثم التصنيع الجزئي لتحويل القنب من نبتة إلى مادة أولية للتصنيع (وهذا قد يحصل محلياً) ومن ثم تصنيع الأدوية من قبل شركات أجنبية، وهنا بيت القصيد.
وعليه، وفق نعمة سيكون الإستيراد حصريا لشركة أو شركتين محتكرتين للإستيراد ضمن تبعية كاملة لهما ووفق شروط ستراقبها هذه الشركات مع المعايير المرتبطة بنوعية التربة والأدوية والأسمدة المستعملة وكذلك نوعية المياه. وستراقب حتى تكوين النبتة ونوعيتها، عبر إشراف أجنبي "يعني أكيد ما فينا نسقي بمياه الليطاني أو غيره من الأنهار والينابيع الملوثة في لبنان"، يؤكد. وهنا يسأل نعمة عن عدد المزارعين القادرين فعليا الإلتزام بمواصفات الشركات الأجنبية "سيكون هناك نخبة من المزارعين المتمكنين فقط، هذا إذا افترضنا أنه لن تفسد التراخيص التدخلات لتحديد المسموح لهم بالزراعة والمساحات المرخصة".
حمادة: كيف بتشريع الحشيشة من دون دراسة عن الأثر الاجتماعي؟
بعدما ينقل عن تقديرات لقطاع زراعة الحشيشة المخالف للقانون اليوم بنحو 700 إلى 800 مليون دولار، يرى نائب بعلبك الهرمل في كتلة الوفاء للمقاومة (حزب الله) إيهاب حمادة أن تشريع زراعة القنب "لن تأتي بمردود صافي للدونم أكثر من 150 دولاراً ، ونرى أن الوسطاء هم الذين سيستفيدون منه". وأشار إلى أن المردود يكون أفضل إذا تمت زراعة نحو 60 ألف هكتار، هي مجمل الأراضي الزراعية في البقاع بزراعات أخرى مختلفة، وكذلك تستجيب لحاجة السوق الإستهلاكية كما التصدير إلى الخارج". وكشف أن زراعة القنب "تأتي في المرتبة 15 من حيث الجدوى الاقتصادية".
وأشار إلى وجود كوتا عالمية للتصنيع الطبي و"حتما ستكون حصة لبنان منها صغيرة جداً في ظل التضييق المفروض على لبنان اليوم". وسأل حمادة عن "من يضمن كوتا مربحة وجيدة للبنان، في ظل وجود مافيات عالمية تتحكم بالسوق؟".
وتوقف عندما ورد في الأسباب الموجبة للقانون من ضرورة توعية الدولة للمجتمع على مخاطر الحشيشة، ليسأل "كيف نوعّي على مخاطرها ونشرّعها في الوقت عينه؟"، واصفاً الأمر بالمهزلة كما النص الذي يقول ب "تمكين الدولة من الرقابة على الآثار العقلية والنفسية. فهل التمكين هو عبر تشريعها؟ كيف؟ وهذه مهزلة أخرى"، وفق حمادة.
واستشهد بتجارب أخرى عالمية حيث "استفادت الدولة ب10% من الإنتاج فيما ذهب 90% لصناعة المخدرات". وأسف إيهاب حمادة لعدم وضع دراسة جدوى إقتصادية وأخرى عن الأثر الاجتماعي والبيئي والإجتماعي "اليوم إذا شبكة مجارير لازم ينعملها دراسة أثر، فكيف بتشريع الحشيشة؟"
ونفى حمادة أن يكون حزب الله قد انطلق في معارضته للقانون من أسباب دينية وشرعية "حيث أن استخدام المخدّر في الطبابة هو مشرّع في الدين".
ياسين: "بلشوا ازرعوا من بكرا، شو ناطرين"
يقول النائب في كتلة التنمية والتحرير (تكتل حركة أمل) ياسين جابر الذي ترأس اللجنة الفرعية التي كلفت دراسة اقتراحات القوانين المقدمة من كتلة الرئيس نبيه بري ومن القوات اللبنانية ومن التيار الوطني الحر بتشريع زراعة القنب، أن الفكرة بدأت "مع زيارة دكتور ألماني للرئيس نبيه بري قدم له خلالها عينات عن صناعات طبية ونسيجية من القنب". كما أن مقترح خطة ماكنزي تحدّث عن جدوى الزراعة وميزتي المناخ والأرض، وانخفاض كلفة الإنتاج مقارنة مع دول أخرى بما لا يقل عن 20%.
ويضيف ياسين إلى هذين السببين ردود أفعال الخارج: "سارعوا إلى التواصل مع لبنان، حاملين عينات من صناعة النسيج والأقمشة والمناشف، وقالوا لنا إبدأوا بالزراعة من الغد شو ناطرين؟" ويؤكد ياسين أنه تم وضع قانون إطار يتولى القطاع الخاص فيه القيام بكل شيء، وسيكون هناك هيئة ناظمة"، مشيراً إلى أن البطاطا مثلا تخسر وكل شوي بيكبوها ع الطرقات". ولفت إلى أنه لم يتم تشريع زراعة حشيشة المخدر الموجودة حالياً في لبنان والتي يبلغ معدل المخدر فيها 23%، وإنما "أختها المعدلة حيث لا يتجاوز المخدر فيها 1 الى 1.5 (THC). ويبلغ طول شتلة القنب الصناعي 6 أمتار وتزرع عبر البذار وهي غنية بالألياف، فيما قنب المخدر يزرع بالشتول. ورأى أن القانون "ينقذ المزارع العادي من براثن تاجر المخدرات الذي يجني الأرباح ولا يعود للمزارعين إلا القليل".
ووصف الأمر بأنه سيولّد فرص عمل ضمن "حلقة متكاملة تبدأ من مستورد الشتول والبذور، ومن يعمل مختبراً ويشغله، والمراقبين لبصمة كل شتلة للتأكد أنها ليست مخدرات، وهناك المزارع، ومُستخلص المواد الأولية ومصانع النسيج مع عماله، ومخزنو البضائع". وأكد أن القانون لم يحمّل الدولة أي التزامات لناحية تسلم الإنتاج أو تسويقه، وهي فقط سترخّص وتراقب "وكل ما هو غير ذلك يقع على عاتق القطاع الخاص ويخضع للعرض والطلب". ونقل عن أحد الخبراء الصينيين العاملين في المجال أن "هذا القطاع سيأتي بمليارات الدولارات".
حبشي: تحرير المزارع والمجتمع ومدخول للدولة
من جهته، يحدد نائب بعلبك الهرمل وعضو تكتل "الجمهورية القوية" (القوات اللبنانية) طوني حبشي أربعة معنيين بقطاع زراعة الحشيشة في لبنان حاليا: المزارع والتاجر والدولة والمجتمع ككل.
يقول أن الجميع يعتقد أن المزارع مستفيد من الواقع الحالي "وهذا غير صحيح، حيث أن دونم الأرض ينتج قنطاري حشيشة إلى ثلاثة كحد أقصى، ويباع القنطار ب 250 إلى 300 $ مكسيموم، وعليه فإن الربح لا يتجاوز بالدونم 500 إلى 600 دولار، وهذا يعني أن المزارع لا يربح ما يكفيه".
ويعتبر حبشي أن المستفيد هو التاجر في حال نسج شبكة توزيع وترويج بالداخل أو التصدير إلى الخارج. وبما أن قانون المخدرات الحالي يمنع نشاطه (نشاط التاجر) فهو مضطر إلى حبك شبكة تؤمن له الغطاء، وهذا ليس من شأني الحديث عنه.
وتحدث حبشي عن مساحات مزروعة خلافاً للقانون حاليا بينما يوجد بالقرب منها حواجز للقوى الأمنية "وهذا يعني أن القانون غير مطبق، خاصة أن فيللا تاجر المخدرات معروفة ولديه مسلحين ولا أحد يداهمه". ويستنتج أن الدولة وهي الطرف الثالث في المعادلة "غير مستفيدة من القطاع نهائياً".
أما المجتمع فيدفع الثمن الكبير لأن التجار "لديهم شبكات كبيرة بالمدارس والجامعات". وعليه، يضيف حبشي: "جينا بالقانون لتشريع القنب الصناعي والطبي، لنقول من مية سنة بيوعدوا بزراعة بديلة فيما المزارع يعيش قلقاً وهو عاجز أيضاً عن إطعام أولاده".
ويرى حبشي أن تشريع زراعة القنب لأغراض صناعية وطبية يحرر المزارع من التاجر في وجود هيئة ناظمة للقطاع الذي سيكون قطاعا منتجا وليس ريعيا، ويؤسس لاقتصاد معرفي، مؤكدا انخفاض كلفة ألإنتاج في لبنان عنها في الخارج "كما أن النوعية اللبنانية ممتازة".
ويرد على من يشككون بمحدودية التسويق بالقول أنّ هناك بلداناً كثيرة تستهلك أقل مما تنتج، وأن التصنيع لأغراض طبية ما زال في بداياته "عنا اليوم دواءين أو ثلاثة بينما هناك عشرات الأدوية قيد التجربة مما يعني أن القطاع واعد مستقبلاً. وكشف عن اتصالات من شركات أوروبية وكندية وأميركية مهتمة بالموضوع.
وختاماً، اعتبر حبشي أن التحدي اليوم يكمن في وضع مراسيم تطبيقية سريعاً مع جدول زمني لتطبيق القانون، واستدراج الإستثمارات الأجنبية، ووضع الأطر التي تنظم هذا الإستثمار. وقال "لنحتفل بتحرير المجتمع والمزارع من سلطة التاجر ومروجيه".
"المفكرة" تخشى المحاصصة والإحتكار والحيَل على حساب المزارعين
وكانت "المفكرة" أبدت عددا من الملاحظات على الإقتراح في صيغته المعدّلة في اللجان المشتركة، وهو الذي تم إقراره من دون تعديل. وهي إذ تستغرب من التطنيب بهذا القانون من دون أن يكون هنالك دراسة جدوى، فهي تتخوف في الوقت نفسه من أمرين: الأول، أن يستخدم كأداة للإحتكار والمحاصصة بفعل منح التراخيص أو حجبها، والثاني، أن يحرم منه المزارعون بفعل منح التراخيص للأشخاص الذين تكون سجلاتهم العدلية نظيفة حصرا، والثالث، أن يستخدم كأداة للتحايل على القانون تحت غطاء الترخيص القانوني في ظل ضعف أجهزة الرقابة والقضاء في مكافحة أي مخالفة للقانون.