قررت الهيئة الوطنية للمحامين في تونس اعلان أسبوع احتجاجي ينطلق يوم 09-03-2015 يكون يومه الاول اضراباعن العمل بمختلف المحاكم على أن يتمّ خلاله تنظيم مسيرات احتجاجية بمختلف الجهات، وذلك احتجاجا على ما ذكرت انه اعتداء امني على محامية وتعاط غير مسؤول للوكيل العام لمحكمة الاستئناف في صفاقس مع الحادثة.
ودعت من جهتها نقابات الأمن بصفاقس الأمنيين لوقفة احتجاجية ضد المحامين بعد ان اتهمت هؤلاء "بنعتالامنيين بنعوت وعبارات نابية وإقتحام المأوى الخاص بسيارات الامن والاعتداء بالبصق على رجال الامن المتواجدين بالمكان"[1]، وذلك خلال المسيرة التي نظموها يوم 05-03-2015. كما احتج رجال الامن على محاولة المحامين الضغط على القضاء لاجباره على ايقاف زميلهم الذي يتهم بالاعتداء بالعنف على المحامية حال انه يدعي بدوره انه كان ضحية لاعتداء بالعنف من المحامية وشقيقها.
كان القضاء في البداية خارج اطار الصراع بين هياكل المحامين وأعوان الامن. لكن، ما أن تعهد الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بملف الشكاية، حتى تجمهر المحامون امام مكتبه لغاية الضغط عليه واعتدوا لاحقا باقوال نابية عليه وهشموا مكتبه بما أدى لاصابته بأزمة صحية نقل في اثرها الى المشفى حسبما ذكر القضاة. وتوجّه الوكيل العام بقول نابٍ تجاه المحامين حسبما يدعي هؤلاء، أدى لتحول الازمة الى مواجهة بين الهيئة الوطنية للمحامين وهياكل القضاة.
فتولى أعضاء الهيئة الادارية بجمعية القضاة التونسيين بمحاكم الاستئناف بصفاقس[2] دعوة القضاة الى وقفة احتجاجية امام محكمة الاستئناف في صفاقس صبيحة يوم 06-03-2015 حضرها 150 قاضيا من العاملين بتلك المحاكم. ومن جهتها، أعلنت "نقابة القضاة التونسيين" مساندتها لتحركات القضاة بصفاقس بعد ان عبرت عن ادانتها لما ذكرت أنه تصرفات غير مسؤولة من المحامين الذين اعتدوا على الوكيل العام وأضروا بمحتويات مكتبه. فيما قررت الوكالة العامة لدى محكمة الاستئناف بصفاقس فتح بحث تحقيقي ضد 38 محاميا من أجل الإضرار عمدا بملك الغير وهضم جانب موظف عمومي بالقول والتهديد حال مباشرته لوظيفه والتحيير والتشويش لسير العدالة ببهو المحكمة طبق الفصول 304 ، 125 و315 ثالثا من المجلة الجزائية.
أدى الاجراء القضائي الى تصعيد في موقف الهيئة الوطنية للمحامين. فبعد أن كانت تشترط في مرحلة أولى لايقاف تحركاتها الاحتجاجية "ردّ الاعتبار للمحامية والمحاماة التونسية وإصدار البطاقات القضائية اللازمة ضد المعتدين"، باتت تعلق انهاء تصعيدها بالغاء قرار الوكالة العامة بصفاقس فتح بحث تحقيقي ضد المحامين المتهمين. وهذا هو الموقف الذي عبرت عنه أيضا الرابطة التونسية لحقوق الانسان في بلاغ صدر عنها بتاريخ 08-03-2015 ودعت صلبه "السلطات القضائية لحفظ جميع التهم الموجهة للمحاميات والمحامين بعدما اعتبرت أن احالتهم على التحقيق يعد استهدافا لهياكل مهنة المحاماة وتعطيلا لها عن القيام بدورها الطلائعى ازاء الوطن وفى حماية الحقوق والحريات". ولم تفوّت الرابطة التونسية لحقوق الانسان فرصة الاعلان عن تضامنها المطلق مع المحامين وهياكلهم وتنديدها الشديد بالاعتداءات التى طالتهم، وكذلك رفضها المطلق لتكريس مبدأ الافلات من العقاب تجاه المعتدين من أعوان الامن.
كما أكدت الرابطة التونسية لحقوق الانسان بذات بلاغها "مساندتها للهيئة الوطنية للمحامين في مطالبتها بان يكون المحامون المكون الوحيد للثلث من غير القضاة بالمجلس الاعلى للقضاء، بعد ان ذكرت "أن المحاماة مؤسسة دستورية شريكة مع القضاء فى اقامة العدل وأن من بين مهامها الرئيسية تحقيق مطالب الشعب التونسى الهادفة الى اقامة مجلس أعلى للقضاء تكون فيه المحاماة ممثلة تمثيلا حقيقيا وفعليا باعتبارها الجهة الوحيدة المخولة قانونيا للدفاع عن المواطنين والمتقاضين أمام المحاكم".
يبدو تطور الحدث من مجرد اشكال فردي كان يمكن للتحقيق القضائي أن يكشف بهدوء عن حقيقة المسؤوليات فيها، الى صراع مركّب عنوانه الأبرز تحديد من يتحكم في المؤسسة القضائية ومن يحق له ان يكون ممثلا بالمجلس الاعلى للقضاء. وهذا الأمر انما يؤشر الى فشل سعي "القضاة لتغييب المحامين من تركيبة المجلس الاعلى للقضاء من جهة وعلى استعداد المحامين للتصعيد غير المحسوب لغاية فرض استئثارهم بالثلث المعطل في تركيبة المجلس الاعلى للقضاء".
وتؤكد الأزمة التي جدّت عن خطورة ظاهرة الاصطفاف القطاعي على مرفق العدالة وعن الحاجة لحلول لهذه الاشكالية. وقد يكون بدء تحقيق برلماني لا يشارك فيه الموالون لاطراف الازمة، يشخص حقيقة اسباب الازمات الدورية التي يشهدها مرفق العدالة ويطرح حلولا جذرية للمشاكل التي تطرأ من فترة لاخرى صلبه من التصورات التي يمكن اعتمادها. كما قد يكون من المتعيّن اليوم العمل على تحقيق شفافية اكبر في عمل المحاكم تضمن انهاء مفاعيل الاصطفافات القطاعية التي تغيب الحقائق وذلك من خلال تجهيز المحاكم ومكاتب القضاة بكاميرهات وادوات تصوير توثق الجلسات وتمنع الخروج عن الأصول، من اي جهة أتى.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.