جنايات بيروت تختتم محاكمة مقتل حاموش: أصدقاء الضحية ينشؤون جمعية لمكافحة ثقافة العنف


2018-10-17    |   

جنايات بيروت تختتم محاكمة مقتل حاموش: أصدقاء الضحية ينشؤون جمعية لمكافحة ثقافة العنف

حدد رئيس محكمة الجنايات في بيروت تاريخ 29 تشرين الثاني موعداً لإصدار الحكم في قضية مقتل الشاب روي حاموش ومحاولة قتل صديقه جوني نصار. وكان حاموش قد قتل في حزيران عام 2017 بعدما حصل حادث تصادم طفيف بين السيارة التي يستقلها روي وجوني وسيارة أخرى يستقلها أربعة أشخاص، ومن بينهم المتهم الرئيسي محمد الأحمر، فجرى مطاردة الشابين وتمكن نصار من النجاة، فيما قتل روي.

إذن، انعقدت الأمس بتاريخ 16 تشرين الأول 2018 آخر جلسات محاكمة المتهمين الأربعة، وهي جلسة خصصت لاستكمال المرافعة. على خلاف الجلسات السابقة التي كان غالباً ما يثير فيها الأحمر الفوضى، فكان هذه المرة هادئاً. وكان لافتاً تصريحه أمام هيئة محكمة الجنايات برئاسة القاضي طارق بيطار حين أعطي له الحق بالكلام، إذ قال: “أنا نادم على ما فعلته عن غير وعي”. وبرر الأحمر ذلك بأنه “حدث بسبب فورة الغضب أصابته”. ثم طلب الأحمر الصفح من عائلة روي، مشيراً إلى أنه مستعد أن يقدم ابنه لهم. كذا وطلب الأحمر الرأفة والرحمة من المحكمة، فيما طلب المتهمون الثلاثة الآخرين البراءة.

 وقد كانت الجلسة السابقة في 25 أيلول 2018 قد ترافع فيها أطراف الدعوى، إلا وكيل الأحمر المحامي عماد المصري الذي امتنع عن الترافع وطلب إمهاله. وحصل ذلك بعدما طلب المصري من المحكمة إعادة تعيين لجنة طبية متخصصة بالأمراض العصبية للكشف على موكله، فرفضت المحكمة طلبه. وكانت المحكمة في وقت سابق، قد عينت طبيبين، أحدهما متخصص بالصحة النفسية والآخر مستشار نفسي محلف لدى المحاكم. وقد تلاقى تقريرا الطبيبين في بعض النقاط، منها أن الأحمر ليس مريضاً نفسياً وانما يتمتع بشخصية معادية للمجتمع، وأن لديه اضطراب سلوكي، وهي بالتالي حالات غير مَرَضية. التقريران شكلا محل اعتراض لدى المصري الذي كرر لأكثر من مرة الطلب إلى المحكمة بإعادة تعيين أطباء متخصصين بالأمراض العصبية، وليس بالصحة النفسية. وقد كانت المحكمة في كل مرة ترفض طلب المصري وتضمه إلى أساس الدعوى.

المرافعة

خلال مرافعته، تناول المصري مسألة ما يعتبره “أسباباً مرضية” دفعت الأحمر لارتكاب جريمة القتل. فاعتبر أن أحكام المادة رقم 549 عقوبات، التي تعاقب بالإعدام من ارتكب جرم القتل عمدا، لا تنطبق على أفعال موكله. ومن هذا المنطلق، سعى المصري لبيان الشروط التي توجب توافرها لتطبيق نص هذه المادة على الأحمر. فرأى المصري بأن “القتل العمد هو التفكير الهادئ في الجريمة قبل التصميم عليها وتنفيذها”. وشرح المصري بأن “القتل المتعمد يوجب وجود عنصرين هامين، وهما: العنصر الزمني المتصل بالتخطيط للجريمة قبل ارتكابها. كذا، والعنصر النفسي أي حالة الهدوء والسيطرة على النفس للتفكير في الجريمة، وتجذرها في نفس القاتل”.  لذا اعتبر المصري، بأنه في الدعوى الحاضرة، إن فكرة القتل لم تكن متجذرة في نفس موكله خلال فترة مقبولة من الزمن، وذلك ليتمكن من عقد العزم على تنفيذ فكرته”. بالتالي، شدد المصري على أن “موكله أقدم على إطلاق النار عشوائياً في مكان الحادث، وهو في ثورة غضب كبيرة ناتجة عن مرض عصبي مزمن”.

لذا، أعاد المصري طلب تعيين لجنة طبية جديدة لوضع تقرير مفصل عن حالة موكله العصبية والنفسية، معتبراً أن الطبيبين اللذين عاينا الأحمر مسبقاً غير مؤهلين لإعطاء رأي طبي مدروس. كذا، وطلب كفّ التعقبات عن الأحمر بالنسبة للمادتين 549 و201/549 من قانون العقوبات. فضلاً عن ذلك، طلب المصري اعتبار ما فعله الأحمر منطبقاً على ما نصت عليه المادة 550 من قانون العقوبات المتعلقة بالقتل غير المتعمد، وإلا منحه أوسع الأسباب التخفيفية سنداً للمادة 253 وما يتبعها.

جمعية “أنا خيك” لنشر ثقافة التواصل اللاعنفي

على هامش كل ما يحصل في قاعة المحكمة، وبعيداً عن المسار القضائي لهذه القضية، عمد بعض أصدقاء روي، بعد الحادثة الأليمة التي تعرض لها، إلى إنشاء جمعية “أنا خيك-روي حاموش”. وهي تهدف إلى نشر التوعية على ثقافة اللاعنف في المجتمع اللبناني، من أجل الحدّ من استخدام العنف منعاً لسقوط ضحايا آخرين مثل روي. تستخدم الجمعية في الوقت الحالي صفحة أنشئت على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك ِتحت اسم Ana khayak – roy hammouche لأجل التواصل مع الرأي العام.

من جهته،  يشدد عضو الهيئة التنفيذية في الجمعية جوني نصار، على أن “الجمعية تعمل بشكل منفصل تماماً عما يحصل في المحكمة، وقد أنشئت كردة فعل على خسارتنا لصديقنا روي”. ويضيف نصار، “الهدف هو نشر ثقافة اللاعنف بعدما اتسعت حدة استخدام العنف في المجتمع اللبناني”. “وتسعى الجمعية التي لا تزال قيد الإنشاء، إلى إخضاع أعضائها للتدريب على ثقافة اللاعنف، ليقوموا بدورهم في وقت لاحق بتدريب آخرين على الموضوع نفسه”. يقول نصار، “نهدف لأن نوجه رسالتنا لكافة اللبنانيين، ونطمح أن نصنع بذلك تغييراً عند أشخاص لديهم جنوح على استخدام العنف”. ومن ضمن أولويات الجمعية، يشرح نصار بأن “سجن الأحداث والمراكز التي تأوي أطفالا عاشوا في بيئة عنيفة، وأيضاً الجامعات هي من الأماكن التي سوف تأخذ الجمعية على نفسها نشر رسالتها فيها”. ويعطي نصار مثالاً على نشاطاتهم: “زيارة أعضاء الجمعية لبيت الرجاء الإنجيلي (وهو مركز مخصص لإيواء أطفال تعرضوا للخطر)، وهناك، وعن طريق نشاطات ترفيهية، أوصلوا للأطفال كيفية التعامل بمحبة مع بعضهم البعض دون اللجوء لاستخدام العنف”.

ويؤكد نصار، بأن التفاعل إيجابي، خاصة وأنها جمعية علمانية عابرة للطوائف، وقد لاقت ردود فعل إيجابية. وقد اعتبر داعمو نشاطات الجمعية بحسب نصار أنها “جمعية لم تواجه الشر بالشر، بل استبدلته بالخير”.

والجدير ذكره أن حادثة مقتل روي حاموش في حزيران 2017 كان لها تأثير كبير على الرأي العام اللبناني. إذ تداعى ناشطون كثيرون لرفض القتل المجاني وإطلاق النار العشوائي في لبنان. وقد قام ناشطون من قبل بتنسيق حملة حينها تدعى “ما تنسونا” سعت لضم ضحايا جرائم القتل تحت سقف واحد، بهدف “المطالبة بضبط السلاح المتفلت وتحقيق العدالة لذوي الضحايا”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان ، مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني