عقدت يوم 19 اكتوبر 2013 جمعية القضاة التونسيين مجلسها الوطني. ورغم ان جدول اعمال الاجتماع المقرر سلفا كان مخصصا للتداول في نشاط الجمعية والاستعداد لمؤتمرها الانتخابي فان صراع هيئة القضاة مع وزير العدل على خلفية محاولته يوم 14 اكتوبر الاستيلاء على صلاحياتها استغرق حيزا هاما من تدخلات المجتمعين. كان الاجتماع مناسبة لإبراز احتفاء القضاة بنجاح اول هيئة منتخبة من قبلهم في فرض استقلاليتها عن السلطة التنفيذية. وكان بالتالي اجتماع الهيئة الادارية لجمعية القضاة مناسبة لإبراز حرص القضاة من خلال هيكلهم المهني على دعم مجهودات هيئة القضاء العدلي لحماية استقلالها. وكشف تفاعل ناشطي جمعية القضاة التونسيين مع هيئة القضاء العدلي عن بداية التأسيس لمقاربة تحرص على بناء استقلال القضاء من خلال بناء مؤسساته وتؤكد ان هياكل القضاة المهنية تمثل سندا فعليا يحمي المؤسسات ويضمن تطور ادائها.
سجل اعضاء الهيئة الادارية ابتهاجهم بانتصار هيئة القضاء العدلي في التصدي لمحاولة وزير العدل السطو على اختصاصها في نقل القضاة وترقيتهم. خصوصا بعد ان بلغتهم معلومات تؤكد ان القضاة الذين شملتهم قرارات التنحية من الخطط الوظيفية واولئك الذين تمت ترقيتهم التزم جميعهم بقرارات هيئة القضاء العدلي وعادوا لمباشرة اعمالهم بعد ان طلبت منهم هيئة القضاء ذلك وعدت قرارات الوزير في حكم القرارات المعدومة. عد القضاة نجاح هيئة القضاء العدلي بكامل تركيبتها من قضاة معينين وقضاة منتخبين واساتذة جامعيين في التصدي لمحاولة ممثل السلطة التنفيذية التدخل في عمل القضاء انتصارا لأطروحاتهم السابقة التي كانت تعتبر ان بناء القضاء المستقل يرتهن لبناء مؤسسات قضائية تضمن شروط الاستقلالية. وأكد في هذا السياق اعضاء الهيئة الادارية على ان بناء مؤسسات تضمن استقلال القضاء يتعارض مع سعي الطبقة السياسية لتغييب هياكلهم عن الحوار الوطني في جانبه الذي يتعلق بالتوافقات الدستورية والتي ستتناول باب السلطة القضائية. ودعت بناء على ذلك جمعية القضاة المشاركين في هذا الحوار لتأكيد التزامهم بحماية استقلال القضاء من خلال القبول بدور القضاة في صياغة تصورات النصوص الدستورية التي تتعلق بالقضاء خصوصا وان ما تولاه وزير العدل من خرق لقانون هيئة القضاء العدلي وتصريحاته بالمجلس التأسيسي التي سبقتها تكشف عن وجود رغبة في استهداف القضاء وتحقيق تواصل تبعيته للسلطة التنفيذية.
كشفت مساندة جمعية القضاة التونسيين لهيئة القضاء العدلي في صراعها مع وزير العدل وتلويحها في بيانها الذي صدر عن مجلسها الوطني باتخاذ كافة الاشكال النضالية بما في ذلك الاضراب في مواجهة أي محاولة مستقبلية قد يقوم بها الوزير لتجاوز الهيئة في صلاحياتها وقراراتها عن تكامل بين مؤسسات القضاء وهياكل القضاة. فهياكل القضاة التي اختارت ان تلتزم بقرارات هيئة القضاء العدلي وتترك لها مسؤولية ادارة الصراع عادت لتجد لها موقعا في حماية قرارات الهيئة من خلال استعمال آليات النضال النقابي. كما تولت بشكل متزامن ممارسة ضغط على الهيئة بان طلبت منها المضي قدما في التأسيس لاستقلال قرارها ودعتها للإشراف على افتتاح السنة القضائية في تحرك رمزي يؤكد انها المسؤولة الاولى عن سير مرفق القضاء.
مكنت ازمة تعيينات 14 اكتوبر هيئة القضاء العدلي من ان تخطو خطوة عملاقة نحو تأسيس استقلالية القضاء التونسي. وأدى الالتحام بين مؤسسات القضاء وهياكل القضاة للتأسيس لمقاربة جديدة في معركة استقلال القضاء تقوم على دعم المؤسسات المستقلة دون الاستغناء عن الروح المطلبية التي تطور المؤسسات وتضمن اجراء رقابة عليها تدفعها نحو مزيد التطور
يكشف بيان المجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين في بعده العام عن اهمية دور جمعيات القضاة ونواديهم ونقاباتهم في حماية استقلال القضاء كداعم لمؤسساتهم في مواجهة محاولات السلطة الاستيلاء عليها وكمحفز لهذه المؤسسات لتمضي قدما في بناء ذاتها بالتوازي مع سعي الهياكل لإيجاد وعي عام بأهمية استقلال القضاء. وهو دور ينفي ما ذهب في ذهن البعض من ان تأسيس مجالس قضاء منتخبة ينهي الدور المفترض لهياكل القضاة في الدفاع عن استقلال القضاء. واعتبارا لأهمية الوثيقة، تتولى المفكرة القانونية نشر لائحة المجلس الوطني لجمعية القضاة في إطار متابعتها لتحركات قضاة تونس من اجل تحقيق استقلاليتهم في مواجهة سعي السلطة السياسية للسطو على مؤسساته.
لائحة المجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين
سكرة في 19 اكتوبر 2013
إنّ أعضاء المجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين المجتمعين بنادي القضاة بسكرة يوم السبت 19 أكتوبر 2013 بدعوة من المكتب التنفيذي للتداول بشأن النقاط المدرجة بجدول الأعمال.
وإذ يستحضرون في يوم حداد وطني التضحيات الجسام التي ما انفكت تقدمها قوات الأمن والحرس والجيش الوطني في سبيل الذود عن حرمة البلاد والتصدي للارهاب ويترحمون على الأرواح الزكية لشهداء الوطن فإنهم:
أولا: يعبرون عن عميق انشغالهم لتعطل المسار التأسيسي وغموض الأفق السياسي بالبلاد بما آل إلى تعطيل مسار الإصلاح القضائي والحد من دور القضاء كحامي للحقوق والحريات العامة والخاصة في هذه المرحلة الانتقالية بما سمح للسلطة التنفيذية بالتوجه لاستعادة أدوارها في السيطرة على القضاء من خلال ما أقدم عليه وزير العدل بتاريخ 14 أكتوبر 2013 من استعمال مذكرات عمل استهدفت نقلة قضاة من مراكز عملهم بعد تركيز الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي في تعد خطير على صلاحيات الهيئة وعلى تركيبتها وخرق صارخ للقانون عـ13ـدد المؤرخ في 02 ماي 2013 .
ثانيا: يعبّرون عن استغرابهم لتغييب القضاة عن مسار الحوار الوطني فيما يتعلق بمناقشة الوضع الدستوري للسلطة القضائية ويطالبون كل الأطراف السياسية بالرجوع إلى القضاة ممثلين في جمعيتهم في بلورة الوضع النهائي للسلطة القضائية في الدستور المرتقب.
ثالثا: يستنكرون بشدّة رجوع السلطة التنفيذية إلى الممارسات الماسة باستقلال السلطة القضائية والرامية إلى تطويع القضاء بإغراءات المناصب والترقيات ومنح الامتيازات.
رابعا: ينوهون بقرار الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي القاضي باعتبار مذكرات العمل الصادرة عن وزير العدل في حكم المعدوم ويعبّرون عن ارتياحهم لالتزام القضاة المعنيين بقرار الهيئة، ويدعون عموم القضاة إلى مساندتها باعتبارها المؤسسة الضامنة لاستقلالهم ويحذرون وزير العدل من اتخاذ قرارات أو إجراءات مضادة للقرار الصادر عنها بتاريخ 17/10/2013 كما يطالبون المكتب التنفيذي بمتابعة هذه المسألة عن كثب ويفوضونه اتخاذ القرارات بشأن جميع أشكال التحرك والاحتجاج الضرورية للتصدي إلى الممارسات الماسّة باستقلالية الهيئة بما في ذلك الاضراب.
خامسا: يحثون الهيئة الوقتية للقضاء العدلي على تثبيت موقعها كمؤسسة دستورية مستقلة ضامنة لاستقلال السلطة القضائية ومدافعة عن استقلال أعضائها ويدعونها إلى ممارسة صلاحياتها التامة بخصوص تسمية وتعيين ونقلة وترقية القضاة بكل الوظائف والمؤسسات القضائية.
سادسا: يدعون الهيئة إلى استبعاد العمل بمقتضيات الأمر عـ436ـدد لسنة 1973 المؤرخ في 21 سبتمبر 1973 المتعلق بضبط الوظائف التي يمارسها القضاة من الصنف العدلي لتعارضها مع القانون عـ13ـدد المؤرخ في 02 ماي 2013 المحدث للهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي.
سابعا: يطالبون السلطة التنفيذية بالكف عن ارباك عمل الهيئة الوقتية للقضاء العدلي واحترام وجودها كمؤسسة دستورية مستقلة تسهر على ضمانات استقلال القضاء والقضاة وبالتعجيل بتمكينها من مقومات وجودها القانوني والفعلي بتخصيصها بمقر لائق ورصد اعتماداتها المالية وتوفير وسائل عملها الضرورية تكريسا لاستقلالها الاداري والمالي.
ثامنا: ينبهون من التفاف السلطة التنفيذية على قرارات الهيئة الوقتية باستعمال آلية التمديد للقضاة ويذكرون رئيس الحكومة بتعهّده بالتوقف عن اللجوء إلى تلك الآلية الماسة باستقلال القضاء.
تاسعا: يطالبون رئيس الحكومة بالتعجيل بإصدار الأمر المتعلق بالحركة القضائية لتمكين القضاة من ممارسة حقهم في الاعتراض ويستغربون من التأخير الكبير في اصدار الأمر المذكور ويدعونه للوفاء بما تعهد به للمكتب التنفيذي بخصوص النظر في مطالب القضاة المعفيين كما يدعونه إلى البتّ في الملفات المتعلقة بهم في أقرب الآجال.
عاشرا: يستنكرون حجب وزارة العدل منحة الدعم المخصّصة للجمعية في نطاق المنح المرصودة للجمعيات في ميزانية الدولة ويعتبرون ذلك الحجب يندرج في سياق التضييق على نشاط الجمعية كهيكل مستقل مناضل من أجل استقلال القضاء.
أحد عشر: يرفضون حيف الإجراءات المتخذة ضدّ القضاة بخصم أيام عطل المرض المبررة من مدة اجازاتهم السنوية، كما يسجلون ببالغ الامتعاض تسويف وزارة العدل في تسوية وضعيات عدد من قضاة المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد بتمكينهم من استرجاع مستحقاتهم المالية المقتطعة من رواتبهم بدون وجه حق وبناء على تقارير سرية كيدية.
أثني عشر: يسجلون باستياء شديد غياب الشفافية في ادارة وزارة العدل للدورات التكوينية للقضاة بالخارج وتمكينها لبعضهم من المشاركة في تلك الدورات دون سائر القضاة بناء على اعتبارات الولاء والعلاقات الشخصية ويطالبون وزير العدل بفتح هذا الملف وإحداث لجنة للإشراف على هذه الدورات تكون جمعية القضاة ممثلة فيها في إطار الشفافية والمساواة بين كافة القضاة.
ثلاثة عشر: يعلنون يومي 07 و08 ديسمبر 2013 تاريخا لانعقاد المؤتمر الانتخابي الحادي عشر لجمعية القضاة التونسيين ويفوضون المكتب التنفيذي تحديد شعاره ومكان انعقاده وترتيبات أشغاله ويصادقون على تكوين كل من لجنة الإعداد المادي ولجنة إعداد مشاريع لوائح المؤتمر ولجنة تطوير هيكلة الجمعية كما يصادقون على إحداث لجنة صلب الجمعية تعنى بمتابعة تنفيذ أحكام وقرارات المحكمة الادارية.
أربعة عاشر: يطالبون الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي بتنظيم مراسم افتتاح السنة القضائية 2013/2014 تأسيسا لتقاليد احتفال القضاة تحت اشراف هياكلهم المستقلة.
خمسة عشر: يصادقون على البيانات الصادرة عن المكتب التنفيذي في الفترة السابقة.
عن المجلس الوطني
رئيسة الجمعية
كلثوم كنّو