بتاريخ 22/9/2016، ادّعى عدد من المحامين والناشطين المتضررين من مكب برج حمود للنفايات، على شركتيّ "جهاد العرب للتجارة والمقاولات"، وشركة "خوري للمقاولات"، وطالبوا بالتحقيق "بمجمل أعمال هاتين الشركتين المكلفة العمل في هذا المكب، والكشف على جبل النفايات والتأكد من إمكانية احتوائه على مواد سامة ومشعة وإنارة المحكمة بالمعلومات لجهة الأعمال والمواد الكيميائية التي تضر بصحة الإنسان والسلامة العامة".
وكانت محكمة الأمور المستعجلة في جديدة المتن، برئاسة القاضي رالف كركبي قد حددت تاريخ 1/12/2016 موعداً لاستجواب ممثلي الشركتين، على خلفية مخالفتهما للمعايير البيئية في تنفيذ أعمال إنشاء مطمر برج حمود ومعالجة جبل النفايات في الموقع ونقل النفايات إلى المكب المؤقت. ولكن بعد صدور تقرير الخبير جهاد عبّود، المكلف من القضاء الكشف على مواقع مطمر برج حمود والذي أظهر نتائج كارثية على صعيد البيئة والصحة العامة، عمد القاضي كركبي إلى تقديم موعد الجلسة إلى 10/11/2016.
وقد أشار الخبير في تقريره إلى "وجود خلل في العمل وعدم مراعاة المعايير البيئية والصحية في مطمر برج حمود".
وحرصاً على المواطنين ودرئاً للخطر، ومنعاً لتلوّث مياه البحر والبرّ في منطقة برج حمود والجديدة وانطلياس، اقترح الخبير التالي:
- وقف العمل مؤقتاً بالحفر في جبل النفايات وعدم ردم المطمر الصحي المُستحدث والبحر من أتربة هذا الجبل لحين التأكد من خلوّ هذه الأتربة من البراميل المُشعة أو السامة وبعد فرزها.
- تكليف المجلس الوطني للبحوث العلمية والهيئة اللبنانية للطاقة الذرية التي تعمل في حقل الوقاية من الإشعاع، من أجل الكشف على موقع جبل النفايات في برج حمود والمساعدة في إمكانية تحديد مكان وجود هذه المواد المُشعّة إذا وجدت. وفي حال وجدت المُساعدة، في كيفية نقلها وابلاغ السلطات المعنية بالموضوع.
- الطلب من مُديرية المخابرات في الجيش اللبناني أو أي جهة أمنية لتزويد الخبراء عن إمكانية معرفة موقع هذه المواد من قبلها ليتسنى للخبراء تبليغ الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية عن موقعها بسبب حجم الجبل الكبير والذي يتطلب وقت كبير ولربح الوقت.
- إدخال الشركات المُشغّلة في المطمر وفرز جبل النفايات بالمساعدة في إحضار معدات لكشف التلوّث النووي لعدم تعريض العمال للتماس مع المواد المُشعة.
- فرض على الشركة الموضبة للنفايات في الكرنتينا بفرز النفايات قبل توضيبها، حسب الأصول والمعايير، وفي حال لا يوجد طرق لتحسين توضيبها ما فائدة شبه التوضيب طالما ستتمزق عند وصوله إلى المطمر.
- الاستعجال في إنشاء معامل الفرز، في كلا الشركتين الموضبة للنفايات في الكرنتينا وشركة خوري التي تحفر في جبل النفايات في برج حمود ولا يجوز ردم البحر من النفايات الموجودة في جبل النفايات دون فرزها".
وانتهى إلى "ان الأعمال التي تقام حالياً في المطمر، هي غير صحية وتسبب تلوّث بيئي وتضرّ بالصحة العامة والثروة السمكية. وفي حال احتواء جبل النفايات على نفايات مشعة وعدم استدراك خطورتها، فهي تؤدي إلى أمراض مميتة وخطيرة يمكن أن تطال شريحة كبيرة من المواطنين القاطنين في هذه المنطقة".
وبالعودة إلى مجريات جلسة 10/11/2016، تجدر الإشارة إلى أنه كان من المفروض أن تكون جلسة قضية مكب برج حمود علنية ويحق لأي مواطن أن يطلع على مجرياتها. وفي هذا النهار، كان هناك نحو 29 قضية تنظر فيها محكمة العجلة قبل الدعوى ضد شركتي "جهاد العرب" و"الخوري"، وكانت جميعها تناقش بصورة علنية إلى حين الوصول إلى هذه القضية. فقد اعترض وكيل احدى الشركتين على وجود صحافية تدوّن مجريات الجلسة. وقد أثنى الخبير على اعتراض المحامي لأنه أراد ان يذكر معلومات عن جهات سيلجأ إليها خلال كشف جديد سيقوم به على المكب، ليعرض تقريراً آخر في الجلسة المقبلة امام المحكمة. فوافق القاضي كركبي على الاعتراض وأخرج جميع الحاضرين في قاعة المحكمة.
ومع خروج أطراف الدعوى من المحكمة بعد حوالي الساعة، توجهت "المفكرة القانونية" بسؤال إلى المحامي هاني الأحمدية عن السبب في جعل الجلسة مغلقة. فشرح "أن الطرف الآخر يخشى ما ينشر على وسائل الإعلام، ناهيك عن أن الخبير تحدّث عن وجود براميل نفايات اصطناعية ونفايات سامة خطيرة جداً وتحوي مواداً مشعة مدفونة في المكبّ تم نقلها من الخارج خلال الحرب الأهلية بالاتفاق مع أحد الأحزاب اللبنانية. ورأى أن هذا الأمر ينكأ في جراح الحرب التي نحاول تخطيها".
وفي اتصال مع المحامي حسن بزي (أحد المدعين في القضية) لسؤاله عن مجريات الجلسة، قال بأنه" تمّ الاستماع إلى الخبير الذي أكدّ أنّ كل الاعمال التي تجري هي مخالفة للقوانين. وأنه يتم رمي النفايات بلا فرز، وأن جبل النفايات القديم يحوي على نفايات نووية سامة. وقد طلب الخبير وقف العمل في المطمر إلى حين انجاز مهمته بالكشف على المكان. ومن المفترض أن يبتّ القاضي بالموضوع خلال ساعات قليلة. كما طلب القاضي من شركة "الخوري" إبراز نسخة عن العقد الموّقع مع الدولة اللبنانية خلال مهلة 24 ساعة، سيبت من بعدها بموضوع وقف الأعمال وذلك خلال مهلة أقصاها نهار الثلاثاء".
ولفت بزي إلى أنه "حصل نزاع داخل القاعة حول موضوع نشر مضمون الجلسة، لأن الجهة المدعية تشوّه صورتهم عبر الإعلام. لكن القاضي رفض الطلب لأن في ذلك تعدّ على الحرية فيما القضية شأن عام"، وأن "القاضي قبل أن تكون الجلسة مغلقة لمرة واحدة فقط واستثنائية".
وفي معلومات عما يحتوي مكب برج حمود، قال بزيّ: "سنة الـ1987، قامت القوات اللبنانية باستيراد هذه البراميل من الخارج، وأوصلتهم باخرة تشيكية وقامت بتوزيعهم على المناطق. مبدئياً، هناك 5000 برميل من النفايات السامة المدفونة في مكب برج حمود. وهناك حكم قضائي سابق لدى محكمة الجنايات يؤكد هذا الأمر، وهناك تقارير جانبية قام بتأمينها اشخاص مهتمين بالموضوع. كما أنّ مخابرات الجيش لديها ملف عن ذلك. ولكن إلى الآن، لا يعرف أحد مكان وجود هذه البراميل، لأنها عندما دفنت كانت مساحة المطمر غير المساحة اليوم، التي باتت نحو 50 ألف متر مربع. بالتالي هناك استحالة أن يعرف اين توجد بالتحديد".
وأكد أن "الخبير سيقدّم تقريراً جديداً في الجلسة المقبلة، بعد أن قام نهار الخميس 10/11/2016 بإرسال مذكرة إلى معهد البحوث الصناعية ليكلّف الدولة بأن تقوم بمسح كيميائي. وتمّت الموافقة على ذلك ومن هنا إلى اسبوع ستظهر النتيجة".
في سياق آخر، قام الناشط فراس بو حاطوم خلال الجلسة بعزل المحاميين حسن بزي وعباس سرور الذين بطبيعة الحال سيستمران بالدعوى كونهما طرفين في الادعاء أيضاً، واستمهل لتوكيل محامي جديد. ولم يوضح بو حاطوم أسبابه ولكنه اكتفى بالقول "ان جلّ ما أريده هو إقفال المطمر الذي يجلب الضرر لي ولأسرتي. كذلك أنا أحمل المسؤولية في هذه الدعوى للدولة اللبنانية بالدرجة الاولى ومن يظهره التحقيق متورطاً". ولفت إلى ان شركة "جهاد العرب" مسؤولة عن مطمر الكوستا برافا حصراً انما الشك يكمن بأن شركة "داني الخوري" تستخدمة معدات من شركة جهاد العرب في أعمالها. وبالنهاية أن صحتنا هي مسؤولية الدولة".
على الرغم من أن الجلسة كانت مخصصة لاستجواب ممثلي شركتي جهاد العرب وداني خوري، ولكن أحداً منهما لم يحضر. وعليه تمّ تأجيل الجلسة إلى الخميس 17/11/2016 والتي ستكون مخصصة لاستجوابهما تحت طائلة ترتيب نتائج قانونية عليهما في حال لم يحضرا. كذلك ستكون الجلسة مخصصة لمناقشة العقد الذي ستبرزه "شركة الخوري" وسيعرض الخبير جهاد عبود نتائج الكشف الجديد على مكب برج حمود.