اثار بطء عمل لجنتي الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية والتشريع العام بالمجلس الوطني التأسيسي حفيظة رئيس المجلس الوطني التأسيسي. فاعتبر في تصريح صحفي "ان قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال يعد من أخطر مشاريع القوانين التي ينكب المجلس على إعدادها، باعتباره يقتضي تحقيق المعادلة الصعبة المتمثلة في ضمان نجاعة مكافحة الارهاب، مع المحافظة على الحريات الأساسية وتوفير مقومات المحاكمة العادلة، بما يتماشى والمعايير الدولية في هذا الشأن". وانتهى الى تحميل اللجنتين المتعهدتين بنظر المشروع مسؤولية التأخير الحاصل في احالة المشروع للجلسة العامة آملا أن يتم اتمام عملهما قبل عطلة عيد الاضحى.
ودفع نسق عمل اللجنتين التشريعتين ذاته صحيفة المغرب التونسية[1] لتوجيه انتقادات لأعضاء السلطة التأسيسية. فذكرت الصحيفة ان تغيبات النواب المتكررة عن مواكبة اعمال لجانهم تكشف انهم لم يتعاملوا بجدية مع مشروع القانون الذي رأت انه أحد "أخطر مشاريع القوانين التي يمكن بسبب تهاون النواب في أن تضرب منظومة حقوق الإنسان وتمهد لعودة الديكتاتورية من جديد عبر تقنين وسائل واليات تركيع الشعب وسلب البعض من حقوقهم المكفولة في الدستور كما يمكن أن ينتج المتهاونون من النواب مشروع قانون يكون أداة لتغذية آلة الإرهاب ويساهم في تشجيعها على الانتشار".
حاول نواب لجنتي الحقوق والحريات والعلاقات الدولية و التشريع العام ان يردوا التهمة من خلال ابراز حاجة مشروع القانون الذي يتداولون في شأنه للمراجعة لحماية الحريات التي ارساها الدستور. فبعدما استغرقت مداولات اللجنتين اكثر من شهر تخللتها اكثر من ثماني عشرة جلسة وبعدما أتم النواب مناقشة الجزء المخصص لمكافحة الارهاب في مشروع قانونهم وإعلانهم انهم سيشرعون في التداول ودراسة الجزء المخصص لتبييض الأموال، عاد النواب ليطلبوا في مرحلة اولى رأي رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان وعميد المحامين في المقترح الحكومي، وليطلبوا لاحقا من جمعية القضاة الأمر نفسه.
اكد جملة من تولى النواب سماعهم ان مشروع القانون يحتاج لمراجعات تضمن عدم الانحراف به مستقبلا ليتحول الى وسيلة لقمع الحريات. وتوافق من طُلب رأيهم على حاجة المفاهيم التي تضمنها المشروع وعلى رأسها مفهوم الجريمة الارهابية لتعريفات دقيقة تمنع التوسع فيها بما يمس من الحريات العامة .و من جهته عبر عميد المحامين على ضرورة ان يتم احترام السر المهني في علاقة المحامي بحريفه واقترح الا يرفع هذا السر الا بقرار قضائي. فيما اكدت رئيسة جمعية القضاة ان الاجراءات الخاصة التي ارساها مشروع القانون والتي تتعلق بالتنصت والاختراق للمجموعات الارهابية لا يجب ان تكون سلطة الاذن بها من صلاحيات النيابة العمومية كما يقترح المشروع بل من صلاحيات جهة قضائية مستقلة تتولى الرقابة على اعمال الباحث. كما توافق كل من تم الاستماع اليهم على ان الحاجة لقانون ينظم تتبع الجرائم الارهابية اكيدة على اعتبار أن "المجلة الجزائية لا تكفي بمفردها" و(وهذا ما افاد به بشكل خاص رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان)،الا انهم اكدوا في مقابل ذلك على ان الحاجة لهذا القانون لا تنفي انه يجب تحري احترامه لحقوق الانسان وضمان المحاكمات العادلة.
اختار اعضاء المجلس التأسيسي ان يتداول من تمت دعوتهم في مشروع القانون الذي اقترحته الحكومة، ولم تعرض اللجنتان التشريعيتان على مستشاريها نتائج عملها على مشروع القانون وما تم التوافق على تعديله وما تم اقتراحه من مشاريع نصوص معدلة. وكان يمكن ان تسمح شفافية الاستشارة من ابداء الرأي في المشروع بعد تعديله الاولي الذي اثمرته اعمال النواب طيلة الشهر الفائت. وهو امر لو تحقق كان يمكنه ان يطور المقترحات التشريعية التي سترفع للجلسة العامة للمجلس التأسيسي. كما كانت استشارة اللجان التشريعية لممثلي المهن القضائية وللمهتمين بحقوق الانسان متأخرة نسبيا في توقيتها اذ وردت بعد فراغ اللجنتين من التداول في باب الارهاب من مشروع القانون بما يكشف مجددا عن ارتباك في عمل الهيئة التشريعية.
وفي مقابل ذلك كان للاستماع لأراء الحقوقيين حول قانون الارهاب دور في التخفيف من حدة ضغط الذين يطالبون بسرعة تمرير مشروع القانون على الجلسة العامة والقبول به على علاته بدعوى الحاجة الاكيدة اليه. خصوصا في ما يتصل بتجريم المشاركة في العمليات الحربية بالخارج. فقد مكنت الاستشارات الموسعة النواب من تبرير مطالبتهم التريث في دراسة القانون بما يرد ضغط رئيس مجلسهم ويحد من انتقاد المؤسسة الامنية التي باتت بعض الأصوات فيها تحملهم مسؤولية عرقلة مجهودها في التصدي للمجموعات الارهابية. وقد تشكل جلسات السماع التي انعقدت او تلك التي يزمع عقدها حافزا للنواب الذين اهملوا واجبهم في حضور عمل لجانهم ليتبينوا أهمية القانون المقترح وخطورته في آن.
[1]صحيفة المغرب التونسية عدد 07/07/2014 – حسان الفطحلي – " المغرب تنشر جدول تغيبات النواب عن مناقشات مشروع قانون مكافحة الارهاب هؤلاء الاوفياء لدماء الشهداء
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.