خلف البيان المشترك الصادر عن كل من وزارة الداخلية ووزارة العدل والحريات فى المغرب بتعقب المؤيدين والمشيدين بجريمة إغتيال السفير الروسي فى تركيا موجة من الجدل فى الأوساط الحقوقية ما بين مؤيد للقرار ومعارض له.[1]
فعقب إغتيال السفير الروسي، أصدرت الوزارتان بيانا مشتركا أكدتا فيه أن الإشادة بالأفعال الإرهابية جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي، وأنه قد تم فتح تحقيق لتعقب المؤيدين. وقال البيان إنه على إثر اغتيال السفير الروسي بتركيا، قامت مجموعة من الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي بالتعبير صراحة عن تمجيدهم وإشادتهم بهذا الفعل الإرهابي. وأكد البيان المشترك أن الإشادة بالأفعال الإرهابية تعد جريمة يعاقب عليها القانون، طبقا للفصل 2-218 من القانون الجنائي، مُعلناً أنه تم فتح بحث بمعرفة السلطات المختصة، تحت إشراف النيابة العامة، لتحديد هويات الأشخاص المتورطين واتّخاذ الجزاءات القانونية في حقهم.
وبعد يومين من صدور البلاغ، تمّ توقيف مجموعة من الأشخاص غالبيتهم من شباب المدونين عبر مواقع التواصل الإجتماعي بلغ عددهم 22 من نشطاء الفيسبوك أحيلوا على النيابة العامة. وقد أحالتهم هذه الأخيرة على قاضي التحقيق بمحكمة الإرهاب الذي أصدر أمرا بإيداعهم في السجن حيث ستنطلق أول فصول محاكمتهم خلال شهر كانون الثاني 2017.
الإشادة بالأفعال الإرهابية في قانون الإرهاب بموجب تعديل 2015 تعدّ الإشادة بالأفعال الإرهابية من بين الجرائم المستحدثة في القانون المغربي بموجب التعديل الجديد الذي طرأ على قانون مكافحة الإرهاب سنة 2015[2] .
وينص الفصل 218 فقرة 2 بند 1 من القانون الجنائي على أنه: "يعاقب بالحبس من سنتين الى ست سنوات و بغرامة تتراوح ما بين 10000 و200000 درهم كل من أشاد بأفعال تكون جريمة ارهابية بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الإجتماعات العمومية أو بواسطة الملصقات المعروضة على العموم بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية والبصرية".
كما ورد في البند الثاني من نفس الفقرة الثانية من المادة 218 على أنه: "يعاقب بنفس العقوبة كل من قام بالدعاية أو الإشادة أو الترويج لفائدة شخص أو كيان أو تنظيم أو عصابة إرهابية بإحدى الوسائل المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة".
هذا البند هو الذي اعتمدت عليه النيابة العامة لمتابعة المدوّنين المتهمين بالإشادة بالإرهاب. لكن ثمة قانون آخر ينطبق على هذه الأفعال كان بالإمكان إعتماده وهو قانون الصحافة والذي يعاقب بعقوبات مالية فقط على جريمة الإشادة بالإرهاب.
الإشادة بالإرهاب في قانون الصحافة بموجب التعديل الأخير الذي طرأ على قانون الصحافة والنشر[3] بتاريخ 10/08/2016، تم إضافة الفصل 72 منه يعاقب على أفعال الإشادة بالجرائم الإرهابية بغرامة من 100000 درهم إلى 500000 درهم.
الترجيح بين قانوني الصحافة ومكافحة الارهاب ثنائية الردع العام أم القانون الأصلح للمتهم؟ أثار قرار النيابة العامة بمحكمة الإستئناف بالرباط بتطبيق قانون مكافحة الإرهاب على تدوينات شباب الفيسبوك المشيدين باغتيال السفير الروسي بتركيا، جدلا واسعا حول مبررات القرار. ففي الوقت الذي اعتبر فيه البعض موقف النيابة العامة ينم عن الحزم وعدم التساهل مع الجرائم الارهابية بالنظر إلى خطورتها، وهو ما يفسر سبب اللجوء لتطبيق القانون الأشد على النازلة تحقيقا للردع العام، استنكرت فيه أصوات حقوقية أخرى هذا الموقف لكون قانون الصحافة كان الأولى بالتطبيق باعتباره القانون الأصلح للمتهمين. فمن المعلوم أنه في حالة تعارض القوانين في الميدان الجنائي فإنه يطبق القانون الأصلح للمتهم، وهو في نازلة الحال قانون الصحافة لكونه يعاقب بعقوبة مالية فقط على جريمة الاشادة بالأفعال الارهابية. كما أنه في حال تعارض مقتضيات قانونية مع مقتضيات قانونية أخرى سابقة لها من حيث الزمن، فإن المقتضيات اللاحقة تعتبر ناسخة للمقتضيات السابقة. وهكذا يلاحظ أن قانون الصحافة صدر سنة 2016، بينما صدر قانون مكافحة الإرهاب سنة 2015، وعليه يكون قانون الصحافة الأجدر بالتطبيق.
[1]-بيان مشترك بين وزارة الداخلية، ووزارة العدل والحريات بتاريخ 22/12/2016. [2]-يتعلق الأمر بقانون رقم : 14-86 القاضي بتغيير وتتميم بعض أحكام مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، الصادر بتنفيذه الظهير رقم: 53-15-1 بتاريخ 20/05/2015، منشور بالجريدة الرسمية عدد: 6365 بتاريخ 01/06/ 2015 الصفحة 5490. حول هذا الموضوع، أنظر: -أنس سعدون: التجربة المغربية في مكافحة الارهاب، قراءة على ضوء قانون 2003 ومشروع قانون 2004، دراسة أنجزت في اطار مشروع مبادرة المساحة المشتركة، والمفكرة القانونية، 2015. [3]-يتعلق الأمر بالقانون رقم: 13-88 المتعلق بالصحافة والنشر، صدر بمقتضى ظهير رقم: 122-16-1 بتاريخ 10 أغسطس 2016، منشور بالجريدة الرسمية عدد: 6491 بتاريخ: 15 أغسطس 2016.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.