تونس مجدّدًا أمام مجلس حقوق الإنسان (3): المساواة والحقوق الفردية في مطهر النفاق


2023-03-21    |   

تونس مجدّدًا أمام مجلس حقوق الإنسان (3): المساواة والحقوق الفردية في مطهر النفاق

بعد أن استعرضت تونس تقريرها الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان[1] في 8 نوفمبر 2022، تمّ نقاشها وتقديم التوصيات لها من قبل 113 دولة فيما مجمله 283 توصيّة. وبصفة أولية، تفاعلت تونس إيجابيا مع 185 توصية، وأجّلت الإجابة عن موقفها بشأن 44 توصية إلى أجل أقصاه الدورة 52 لمجلس حقوق الإنسان (المبرمجة بين 27 فيفري و4 أفريل 2023 وحدّدت جلسة تونس ليوم 24 مارس 2023). كما أعلنت أنها أحيطتْ علما بـ 45 توصية قد تتفاعل معها يوما أو قد تبقيها على ما هي عليه. والملاحظ أن التوصيات التي قُدّمت إلى تونس من قبل 113 دولة من مختلف المجموعات السياسية والثقافية والجغرافية قد شملت غالبية مجالات حقوق الإنسان. وإذ نشرنا تعليقنا على مواقف تونس في مقالين سابقين: الأول (بشأن الحقوق المدنية والسياسية) والثاني (بشأن القضاء)، فإننا ننشر هنا تعليقنا على مواقفها بشأن المساواة التامة والحقوق الفردية (المحرر).

تلقت تونس ما مجموعه 73 توصية تتعلق بمنع التمييز وتحقيق المساواة منها 29 توصية أفقية تعلقت بمنع التمييز وتحقيق المساواة في المطلق (قبلت 21 منها وأجلت الإجابة عن واحدة وأخذت علما بسبعة منها) و34 توصية تعلقت بالنساء (قبلت منها 28، وأرجأت الإجابة عن واحدة وأخذت علما بـ5 منها) و20 توصية تعلقت بالفئات المصنفة ضمن “مجتمع الميم عين” (قبلت 3 منها وأخذت علما ب 17 منها). والملاحظ أن التوصيات المتعلقة بمنع التمييز وإنفاذ مبدأ المساواة جاءت من مختلف الدّول بقطع النظر عن قاراتها وأنظمتها السياسيّة ومدى انخراطها في حقوق الإنسان وشملت مختلف الفئات والمجموعات الاجتماعية إلى جانب احتوائها على مبادئ عامة وشاملة حول التمييز وإنفاذ المساواة.

في إلغاء التمييز في جميع مظاهره

تقدمت الهند بتوصية عامة قبلتها الدّولة التونسية (التوصية 6.34)، حيث دعتْها إلى مواصلة الجهود لإنفاذ التشريعات الوطنية والسياسات الهادفة إلى إلغاء جميع مظاهر التمييز. وبقبول تونس هذه التوصية، تكون قد اختارتْ إنفاذ جميع قوانينها الدّاخلية والمعاهدات التي صادقتْ عليها ذات العلاقة بمنع التمييز وإحقاق المساواة. وفي ذلك انسجام مع أحكام الدّستور التونسي والذي ينصّ على : “المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز. تضمن الدّولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريّات الفردية والعامة وتهيّئ لهم أسباب العيش الكريم” (الفصل 21 من دّستور 2014 والفصل 23 من دستور 2022). وعليه، يترتب على تونس إنفاذ القانون عدد 50 لسنة 2018 المتعلّق بالقضاء على التمييز العنصريّ والقانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلّق بالقضاء على العنف ضد المرأة واتّفاقية سيداو، وبروتوكول مابوتو، واتّفاقية القضاء على الميز العنصري وغيرها من النصوص… وما لاحظناه هو أن نفس هذه التوصية كانت قد قدمت لتونس منذ استعراضها الدوري الثالث لسنة 2017؛ إلا أنه ورغم إصدار القانون عدد 58 لسنة 2017 والقانون 50 لسنة 2018 ورغم التقدم المحرز على المستوى التشريعي والمؤسساتي منذ ذلك التاريخ، إلا أن إنفاذ هذين القانونين بقي محدودا وبخاصة فيما يتعلق بقانون القضاء على الميز العنصري.

كما أن التمييز ضدّ كل الفئات الأخرى لا يزال متواصلا سواء صلب النصوص القانونية: ضد المثليين والمثليات والعابرين والعابرات ومزدوجي الميل الجنسي وحاملي وحاملات خصائص الجنسين واللاجنسيين (مجتمع الميم عين) وضد المهاجرات والمهاجرين[2] والأشخاص ذوي وذوات الإعاقة. وهو ما دفع أعضاء مجلس حقوق الإنسان إلى تقديم مجموعة من التوصيات التفصيلية التي تمسّ حقوق الفئات المميّز ضدها.

التحفّظ إزاء المساواة التّامة والفعليّة في قضايا النساء وبخاصة الإرث والأسرة

وردت على تونس أثناء استعراضها الدّوري الشامل 34 توصية قبلت تونس منها 28، وأرجأت الإجابة عن واحدة وأخذت علما بـ5 منها.

والملاحظ أن هذه التوصيات وردت من قبل 30 دولة من مختلف أنحاء العالم بما فيها دول عربية (مصر، المغرب، عمّان، العراق…) ومن إفريقيا (تانزانيا، الغابون، كوديفوار…) وآسيا (إيران، فيتنام، جورجيا، أوزباكستان، سريلانكا…) وأمريكا (المكسيك، البيرو، فنزويلا، أوروغواي، الشيلي…) وأوروبا (إسبانيا، السويد، إيطاليا، فلندا، فرنسا) وأستراليا… وبالنسبة لمحتوى هذه التوصيات، فإلى جانب تلك المتعلقة “بدعم” وتطوير “ومزيد الإحاطة” والتي قدمتها في الأغلب دول المنطقة العربية، نلاحظ أن أهم التوصيّات كانت ذات أبعاد عامّة وأفقيّة تتعلق أساسا بمنع التّمييز ضد النساء من ناحية، وتفصيلية تعلقت بحقوق بعينها من ناحية ثانية.

فمن جهة أولى، وردت على تونس مجموعة من التوصيات تحثّها على القضاء على التمييز ضد النساء وعلى العنف المسلّط عليهنّ، وتحقيق تساوي الفرص بين النساء والرّجال. والملاحظ أن تونس قد قبلت كل هذه التوصيّات والتي جاءت عامّة تحثها على منع التمييز ضد النساء والقضاء على العنف ضدهن وتحقيق المساواة في الفرص. وهذا القبول إنما يعكس الموقف الرّسمي لتونس من الالتزامات الدّولية، حيث تقبل كلّ التوصيات العامّة دونما تحفّظ لتعود وتمنح هذه الالتزامات المعنى الذي يتناسب مع رؤيتها للحقوق والحريّات.

ومن جهة ثانية، تلقت تونس عددا من التوصيات التفصيلية للقضاء على التمييز ضد النساء. وقد أمكن حصرها على النحو الآتي:

  • ●      6 توصيات تتعلّق بالحقوق السياسية للنساء (جورجيا وتانزانيا وسواتيني وغابون والبيرو وكوستاريكا). وتعلّقت هذه التوصيات كلّها بدعم مشاركة النساء في الحياة العامة بما فيها مشاركتهن السياسية في البرلمان ومناصب اتخاذ القرار. وإذ قبلت تونس هذه التوصيات، يلاحظ بالمقابل منذ تغيير النظام الانتخابي بموجب المرسوم عدد 55/2022 وتغيير تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في 21 أفريل 2022 (مرسوم عدد 22/2022) أنّ عدد المترشحات للبرلمان كان ضعيفا جدّا وعدد الفائزات في هذه الانتخابات قليلا مقارنة بعدد الرّجال. وهي أضعف نسبة للنساء في البرلمان منذ سنة 2011، ويرجع ذلك أساسا للنظام الانتخابي الجديد وهو ما يتعارض بصفة صريحة مع كل الالتزامات الدّستورية والتعاهدية والقانونية.
  • ●      5 توصيات تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قبلتها تونس جميعها. وتتمحور هذه التوصيات أساسا حول دعم/ دفع الاستقلالية الاقتصادية والاجتماعية للنساء، مع التركيز على النساء في الوسط الرّيفي. وهو ما يعكس القلق الذي يطغى على وضعية النساء في الريف وخاصة العاملات الفلاحيات منهنّ مع العدد المتصاعد لحوادث الطرقات التي تذهب ضحيتها العاملات الفلاحيات من ناحية والاستغلال (العنف) الاقتصادي الذي يتعرضن له[3]. فرغم التعريف الواضح للعنف الاقتصادي وتسليط عقوبة على مرتكبه بموجب القانون عدد 58 لسنة 2017 يتعلّق بالقضاء على العنف ضد المرأة[4]، إلاّ أن تواصل ممارسة العنف الاقتصادي على النساء في الوسط الريفي أدّى إلى صدور نصوص تشريعية تحاول التخفيف من الحوادث التي تتعرض لها العاملات الفلاحيات[5]، إلاّ أن متابعة إنفاذ هذه التشريعات تبقى منقوصة وغير جديّة[6].

ركّزت التوصيّات أيضا على حماية عاملات المنازل وخاصة الفتيات ومكافحة بطالة النساء وتحسين ظروف عملهنّ (وبخاصة توصية المغرب 6.147). وهي توصية تترجم واقعا تونسيّا يتمثل أساسا في أن البطالة مؤنّثة من ناحية كما الفقر مؤنث من ناحية أخرى. إضافة إلى أنه ورغم تجريم قانون القضاء على العنف ضد المرأة التشغيل في المنازل للأطفال بعقوبات تصل إلى ستة أشهر وخطية مالية وصدور قانون تنظيم العمل المنزلي عدد 37/2021 في هذا الخصوص، إلاّ أن تشغيل الأطفال في المنازل لا يزال متواصلا ولا توجد رقابة مشدّدة على هذه الظاهرة ولم تنشئ الدّولة جهازا مختصّا بذلك للوقاية والرقابة أومتابعة هذه الظاهرة والتي يعدّ ضحاياها بالآلاف[7]. وهو ما يطرح إشكالية أساسيّة تعرّضت لها عديد التوصيّات تتعلّق بأهمية إنفاذ القانون والالتزامات الدولية لتونس.

  • ●      5 توصيات تتعلق بوجوب إنفاذ القوانين والالتزامات المتعلقة بحقوق النساء ومنع التمييز ضدّهنّ. وإذ صدرتْ هذه التوصيّات عن إسبانيا وماليزيا والسويد وأوروغواي والمكسيك، فإنّها تمحورت أساسا حول إنفاذ القانون عدد 58 لسنة 2017، ويخاصة لجهة اتّخاذ الآليات الكفيلة ورصد الموارد الكافية لإنفاذه. ومن أهمّ هذه الآليات، إحداث الوحدات المختصّة في مكافحة العنف ضد النساء وتجهيزها، وتأمين الاعتمادات اللازمة للمرصد الوطني لمناهضة العنف ضد المرأة للقيام بدوره في التوثيق ونشر التقارير والإحصائيات المتعلقة بمهمته.
  • ●      6 توصيات اتصلت بحقوق الطفلات (الفتيات) (إيطاليا ولتوانيا وإيران وليبيا والعراق وعمّان)، وجاءت كل هذه التوصيات مؤكدة على خصوصية حماية الطفلات من العنف (الأسري خاصة) وفي الوسط الريفي عن طريق دعم استقلاليتهن الاقتصادية وحمايتهن من الترويج المبكرّ، وضمان حقوق الطفلات المولودات خارج إطار الزواج. هذه التوصيات تأتي لتؤكد على وضعية الطفلات في القانون والواقع في تونس ذلك أنه ورغم التقدم التشريعي الحاصل بوجود مجلة حماية الطفل منذ 1995 وإقرار قانون القضاء على العنف ضد المرأة (2017) والذي يحمي الفتيات أيضا بصفة واضحة ومباشرة، إلا أنّ عديد الأحكام التمييزية لازالت مضمنة في القوانين التونسية: من ذلك إمكانية تزويج الفتيات دون سن الـ18 عن طريق آلية الترشيد، وكذلك عدم تمكين الأطفال (بمن فيهم الطفلات) المولودات خارج إطار الزواج من ميراث والدهن حتى وإن اعترف بهنّ. وهي مسألة تميّز ضدهن وتجعلهن في منزلة دون منزلة الأطفال المولودين في إطار الزواج. وعلى مستوى الواقع يتواصل تشغيل الطفلات كعملة منازل واستغلالهن الاقتصادية والجنسي.[8]
  • توصيتين تتعلقان بالقضاء على العنف الأسري. وإذ قبلت تونس التوصية الأولى بحماية النساء والطفلات من العنف الأسري (ليتوانيا)، فإنها أرجأت إجابتها بشأن التوصية الثانية (فرنسا) لجهة المصادقة على معاهدة اسطنبول إلى 24 مارس 2023، وذلك رغم توقيع تونس عليها ومطالبة منظمات المجتمع المدني بالمصادقة عليها. ولربما يفسّر حذر السّلطات التونسية بأن إقرار الاتفاقية يوجب تشديد العقوبات على العنف الزوجي وتطوير النصوص التشريعية والتنظيم المؤسساتي لمكافحته، فضلا عن إقرار الاغتصاب الزوجي صراحة.
  • أكثر ما يلفت عند النظر في مواقف السلطات التونسية هو تحفظها حيال التوصيات  بتحقيق المساواة التامة والفعلية بين النساء والرّجال سواء في المساواة في الميراث (أوروغواي) أو في المساواة بين الزوجين (أوغندا وألمانيا وليتوانيا)، وهي توصيات من شأنها إسناد المرأة رئاسة العائلة كما هو الشأن بالنسبة للزوج وأن تكون لها الوصاية/ الولاية على الأطفال. وهو ما لم تقبل به بعد السلطات التونسية رغم أنّها تعرّف التمييز ضد المرأة بوصفه “كلّ تفرقة أو استبعاد أو تقييد يكون من آثارها أو أعراضها النيل من الاعتراف للمرأة بحقوق الانسان والحريّات على أساس المساواة التامة والفعليّة…” (الفصل 3 القانون عدد 58 لسنة 2017). إن هذا التمشي يعكس الجانب المحافظ الذي يطغى على أصحاب القرار منذ انتخابات 2019 وخاصة بعد 25 جويلية 2021 حيث أصبح الانفراد بالسلطة وبالقرار طاغيا على الحياة السياسية في تونس وأصبح الرئيس المحافظ والشعبوي هو صاحب السلطة الأوحد. وقد ترجم الموقف المحافظ للرئيس في الفصل الخامس من دستور جويلية 2022 حيث جاء أن دور الدستور هو “تحقيق مقاصد الإسلام”.

النفاق الرسمي: تمييز أم لا تمييز على أساس الميول الجنسية؟ 

منذ استعراضها الدّوري في سنة 2017، تلقّت تونس 48 توصية تتعلّق بعدم التمييز على أساس الميل الجنسي والهويات والتعبيرات الجندرية. وقد أكدّت أساسا على الإيقاف الفوري للفحوص الشرجيّة كوسيلة إثبات للمثلية الجنسية[9] وإلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية والذي يعاقب بالسجن لمدة ثلاث سنوات “اللّواط والمساحقة”. كما وافقت آنذاك على توصية عامة حول حماية الأشخاص ذوي الجنسانيّة والهويّات والتعبيرات الجندريّة غير النمطيّة.

إلا أنه وخلال الفترة الممتدة من 2017 إلى 2022[10]، واصلت السلطات التونسية إيقاف الأشخاص على أساس هوياتهم الجنسانية والجندرية وإخضاعهن للفحوص الشرجيّة ومقاضاتهم وسجنهن.[11] وهو ما أدّى إلى تكرار نفس التوصيات لتونس أثناء الاستعراض الدّوري الحالي. حيث وجهت لتونس 20 توصية مباشرة حول عدم التمييز على أساس الميول الجنسي والهوية والتعبيرات الجندرية. ويلحظ أن تونس قبلت منها 3 فقط وأخذتْ علما بـ17 توصية.

يلحظ أن التوصيات الثلاث التي قبلتها تونس رغم صبغتها العمومية، فإنها تتعلّق مباشرة بحقوق الأشخاص ذوي الجنسانية غير النمطية ومن شأنها في حال تطبيقها فعليا إدخال تغييرات جذرية على القوانين التونسية والإجراءات والممارسات التمييزية ضد هذه الفئة الاجتماعية.

  • ●      فقد قبلت تونس التوصية المتعلقة “بالقضاء على كل الممارسات التمييزية المؤسسة على الميول الجنسية والهوية الجندرية” (كندا). كما قبلت التوصية ب “معاقبة كل جريمة كراهية مبنية على الميول الجنسية والهوية والتعبيرات الجندرية” (إيسلندا). وبقبولها هاتين التوصيتين، تكون تونس قد أقرّت بمشروعية هذه الميول والتعبيرات المختلفة عن السائد واللانمطية، وهو الإقرار الذي كانت أكدته محكمة استئناف تونس ومحكمة التعقيب في قضية المكلّف العام بنزاعات الدولة ضد جمعية شمس[12].
  • ●      وإذ يستوجب قبول تونس بهاتين التوصيتين بالضرورة إلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية والذي يجرّم صراحة اللواط والمساحقة، فإنها عادت واكتفت بأخذ العلم بالتوصيات المتعلقة بإلغاء هذا الفصل وعددها 13 (مالطا، أستراليا، إسبانيا، إيسلاندا، المكسيك، كندا، ألمانيا، أوروغواي، السويد، بلجيكا، البرازيل،  الأرجنتين وإسرائيل). ويبيّن تحفظ السلطات التونسية بشأن التوصيات الداعية لإلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية “النفاق الرسمي” الذي تعتمده. إذ كيف نقبل التوصية بإلغاء الممارسات التمييزية ضد فئات الميم عين لنعود ونتحفظ بشأن إلغاء أهمّ ممارسة تمييزية ضدّها والمتمثلة في تجريم الأشخاص الذين تشملهم على خلفية هويّتهم؟ إذ نكون عندها مساندين للممارسات التمييزية لا معارضين لها. ويتأكّد هذا الأمر مع تحفظ تونس إزاء توصية واضحة بالإيقاف الفوري لممارسة الفحوصات الشرجية لإثبات الممارسات المثلية والهويات الجندرية اللانمطية ( التوصية عدد 8.53) خاصة وأنّ هذه الفحوصات هي أبرز ممارسة عمليّة تمييزيّة ضدّ هؤلاء الأشخاص كما أنها تحطّ من كرامتهم وتعتبر تعذيبا.  
  • ثالثا، أن تقبل تونس هذه التوصيات المتعلقة بتجريم كلّ عنف أو جريمة كراهيّة على أساس الميول والهوية والتعبيرات الجنسية والجندرية (توصية إيسلاندا)، تكون تونس التزمت بقلب الصورة الحالية تماما: إذ نمرّ من تجريم الفعل “المثليّ” إلى تجريم رهاب المثليّة وكلّ عنف أو جريمة كراهيّة. إلاّ أن النفاق بادٍ هنا أيضا إذ أن تونس ما تزال من بين الدول ال 40 دولة التي لا تزال تجرّم العلاقات المثليّة.[13]
  • أخيرا، يشار إلى أن تونس قبلت توصية ثالثة قدمتها فرنسا بمواصلة التواصل مع الخبير الأممّي المستقلّ حول التوّجه الجنسي والهوية الجندرية، علما أنّ هذا الخبير زار تونس من 8 إلى 18 جوان 2021 وتقدّم عند نهاية زيارته بمجموعة من التوصيات وأهمها، تنقيح النصوص الجزائية المجرّمة للعلاقات المثلية والهويات الجندرية اللانمطية والإيقاف الفوري للفحوصات الشرجية وتبني سياسة رسمية للقضاء على أشكال التمييز والعنف ضد أفراد مجتمع الميم عين. ورغم أهمية قبول هذه التوصية، إلا أنه هنا أيضا يصطدم بحجم التوصيات التي تحفظت تونس بشأنها.

وهذا ما قد يكون مدار بحث في جلسة 24 مارس في جنيف، حيث يفترض أن تحدد أو تتبلور الكثير من المواقف النهائية. 


[1] وحيد الفرشيشي, الاستعراض الدوري الشامل للمغالطات, المفكرة القانونية 08/11/ 2022 الرابط: https://legal-agenda.com/%d8%aa%d9%88%d9%86%d8%b3-%d8%a3%d9%85%d8%a7%d9%85-%d9%85%d8%ac%d9%84%d8%b3-%d8%ad%d9%82%d9%88%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%b3%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3/

[2] 

بيان: تونس لن تكون فاشية كما يريدها قيس سعيد, المفكرة القانونية 24 02 2023  

ألفة لملوم, الحملة العنصرية في تونس: استراتيجيات التشويش وإشاعة الذعر, المفكرة القانونية 01 03 2023

[3] Dre. Nebiha Guaddana, Etude sur la femme rurale tunisienne, Forum Ibn Khaldoun, 23 mai 2021.

Lien : https://forumibnkhaldoun.org/wp-content/uploads/2021/05/etude-femme-rurale-23-mai-2021.pdf

Consulté le 10 mars 2023.

Fatma Benbecher, Histoire des femmes rurales : un voyage à travers le temps, Tunis, CREDIF, 2022.

https://lapresse.tn/134083/paru-aux-editions-du-credif-fatma-ben-becher-histoire-des-femmes-rurales-un-voyage-a-travers-le-temps/

[4]

عرّف الفصل 3 العنف الاقتصادي بكونه: “كل فعل أو امتناع عن فعل من شأنه استغلال المرأة أو حرمانها من الموارد الاقتصادية مهما كان مصدرها كالحرمان من الأموال أو الأجر أو المداخيل والتحكّم في الأجور أو المداخيل وحضر العمل أو الإجبار عليه، ويعاقب مرتكب هذا النوع من العنف بخطية قدرها ألف دينار، تضاعف عند العود”.

[5]

Femmes rurales, la tragédie continue, La Presse de Tunisie, publié le 1er février 2022, lien : https://lapresse.tn/122013/femmes-rurales-la-tragedie-continue/

Femmes rurales : droit au déplacement, , La Presse de Tunisie, publié le 30 août 2022, lien : https://lapresse.tn/138385/femmes-rurales-droit-au-deplacement-securise/

[6] Moncef Mahroug, Femme-rurale, tu n’héritera point, Nawat, 11 mai 2022, lien : https://nawaat.org/2022/05/11/femme-rurale-tu-nheriteras-point/  

[7]

أنظر/ي: المفكرة القانونية، محاولة انتحار طفلة تعرّى الصمت المجتمعي بشأن عمل الأطفال في المنازل ولا تنهيه، صدر في 16 فيفري 2015،

مهدي العش، في تونس عاملات المنازل مغيّبات حتى عند التشريع لحقوقهن، المفكرة القانونية، صدر في 16 مارس 2021

أسماء سلايميّة، العاملات بالقطاع الفلاحي في تونس صرخات ألم ضدّ سلطات تتركهن تحت رحمة الوسيط، المفكرة القانونية في 28 أكتوبر 2022.

[8]

أنظر/ي: المفكرة القانونية، محاولة انتحار طفلة تعرّى الصمت المجتمعي بشأن عمل الأطفال في المنازل ولا تنهيه، صدر في 16 فيفري 2015.

[9] Le Rapporteur spécial des Nations Unies sur la torture (A/HRC/31/57, janvier 2016) et le Groupe de travail sur la détention arbitraire (A/HRC/16/47/Add.1, mars 2011) ont déclaré que la pratique des examens anaux forcés contrevient à l’interdiction contre la torture et les mauvais traitements. 

[10]

أنظر.ي:  الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب, تقرير حول ظروف احتجاز وإيواء الأشخاص في وضعية هشَة 2017-2019.

الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية، تقرير وطني 2016-2019, نشر في أوت 2020 ص, 70 -73.

[11]

أنظر.ي: 

M-Amine JELASSI, Rapport d’analyse des données sur les cas de discrimination récoltés par les ponts anti-discrimination (PAD) ; Minority Rights Group International et Damj, Tunis, mai 2020, p. 35, lien :

https://minorityrights.org/wp-content/uploads/2020/05/rapport-PAD-discrimination-2019-FR.pdf

Insaf BOUHAFS, Rapport d’analyse de données : Cas de discrimination colletés par les ponts anti-discrimination (PAD), Minority Rights Group International, Damj et Observatoire pour la défense du droit à la différence en Tunisie, Tunis, mai 2021, pp. 17-36. Lien :
https://minorityrights.org/wp-content/uploads/2021/03/REPORT-MRG-Final-5.0.pdf

[12]

حكم الاستئناف عدد 24473 بتاريخ 17 ماي 2019، وقرار محكمة التعقيب عدد 78864 بتاريخ 21 فيفري 2020 تعليق: وحيد الفرشيشي، استئناف تونس تؤكد قانونية جمعية تطالب بإلغاء الفصل 230: تجريم المثلية يحطّ من الكرامة الانسانية، المفكرة القانونية 03 جويلية 2019 الرابط:

https://legal-agenda.com/%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%a6%d9%86%d8%a7%d9%81-%d8%aa%d9%88%d9%86%d8%b3-%d8%aa%d8%a4%d9%83%d8%af-%d9%82%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%ac%d9%85%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d8%b7%d8%a7%d9%84%d8%a8/

[13] Coline Vasquez, Quels sont les pays où l’homosexualité est encore un crime ? Le Figaro International, consulté le 10 mars 2023, lien : https://www.lefigaro.fr/international/2018/09/06/01003-20180906ARTFIG00203-quels-sont-les-pays-o-l-homosexualite-est-encore-un-crime.php

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، محاكمة عادلة ، مساواة ، جندر ، حرية التعبير ، الحق في الخصوصية ، حرية التنقل ، حرية التجمّع والتنظيم ، الحق في الحياة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني