استأنفت رئاسة الحكومة التونسية بتاريخ 19 اوت (آب) الدفعة الأولى من أحكام المحكمة الإدارية التي تم إعلامها بها في قضية القضاة المعفيين. وكانت هذه الأحكام قد قضت بإلغاء قرارات رئاسة الحكومة التونسية بإعفاء قضاة من أعمالهم على خلفية اتهامهم بالفساد، لا سيما بسبب عدم احترام حق الدفاع للقضاة. وقد أكد الخبر رئيس جمعية القضاة المعفيين في تصريحات صحفية أدلى بها، مقابل غياب أي تأكيد رسمي لذلك.
كان استئناف الاحكام مفاجئا للمعنيين والمتابعين لكونه يخالف ما تعهد به سابقا وزير العدل التونسي في اكثر من تصريح صحفي. وكان وزير العدل الاستاذ حافظ بن صالح قد تعهد تنفيذ الاحكام الادارية الابتدائية التي سيتم الاعلام بها طبق القانون دون استئنافها. وقد ذكر حينها انه لا يرى اي فائدة من استئناف احكام المحكمة الادارية، واعدا بحسم ملف القضاة المعفيين من خلال الاذعان لاحكام القضاء أولا وتاليا احالة القضاة المتهمين بالفساد على الهيئة الوقتية للقضاء العدلي لتنظر فيما نسب لهم من تهم بشكل يحترم حقهم في الدفاع عن انفسهم. وكان الوزير قد أكد ان الغاء المحكمة الادارية لقرارات الاعفاء موقف قانوني لا يؤمل التوصل لنقضه في صورة الطعن فيه بالاستئناف. وذكر ان قرارات الاعفاء التي اصدرتها رئاسة الحكومة التونسية- على دفعتين الأولى شملت ستة قضاة والثانية واحد وسبعين قاضيا- قد اعتبرتها المحكمة الإدارية عقوبات لم تحترم حق القضاة في الدفاع عن أنفسهم، ويجب بالتالي الالتزام باحالة من شملتهم على مجلس التأديب.
كان ينتظر ان تلتزم الحكومة بما تعهد به وزير العدل على اعتبار انه الوزير المعني بالملف أولا وأحد ابرز المختصين في القانون الاداري بتونس ثانيا. وكان يمكن ان يكون التنفيذ الطوعي من الحكومة لقرارات المحكمة الادارية دون انتظار استنفاذ وسائل الطعن مناسبة للقطع مع ممارسات البيروقراطية الادارية، حيث تستعمل الدولة تلقائيا في نزاعاتها كافة وسائل الطعن دون اعتبار لجدواها. لكن يبدو ان الحكومة اختارت الطعن القضائي لكي لا تتخذ موقفا من قضية القضاة المعفيين، إذ يبدو التجاء رئيس الحكومة لاطالة امد النزاع القضائي عبر الاستئناف وسيلة للتهرب من اتخاذ قرارات تستدعي شجاعة سياسية معينة.
الصورة منقولة عن موقع lemaghreb.tn
متوفر من خلال: