توقيف رياض سلامة: خطوة في الحد من إفلاته من العقاب

توقيف رياض سلامة: خطوة في الحد من إفلاته من العقاب

في 9 أيلول 2024، أصدر قاضي التحقيق الأوّل في بيروت بلال حلاوي مذكرة توقيف وجاهية بحق حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة في قضية تتعلق بالحساب الاستشاري في مصرف لبنان، وذلك بعد استجوابه بحضور وكيله القانوني مارك حبقة في جلسة استمرّت لأكثر من 3 ساعات. وأرجأ التحقيق إلى يوم الخميس 12 أيلول 2024 لاستكمال استجواب سلامة. وكان قد أُحضر سلامة اليوم موقوفًا إلى قصر العدل في بيروت للمثول أمام  القاضي حلاوي وسط إجراءات أمنية مشدّدة، وتزامن ذلك مع وقفة احتجاجية نفذها عدد من المواطنين خارج قصر العدل، أطلقوا هتافات تندد بسلامة منها “حرامي حرامي”.

وكان المدعي العام التمييزي بالتكليف القاضي جمال الحجّار قد أوقف سلامة على ذمّة التحقيق بتاريخ 3 أيلول 2024 ثم أحال الملف إلى النيابة العامّة المالية كونها المختصّة بملاحقة الجرائم المتعلقة بالأموال العامّة والتي ادّعت بحق سلامة بجرائم اختلاس وسرقة أموال الدولة. وفيما نفت عدّة مصادر قضائية أنّ القضية تتعلّق بعمولات شركة أوبتيموم، علمت “المفكرة” أن القضية ترتبط بتحويلات مالية لشركة استشارية بقيمة تتخطى 40 مليون دولار. وكان المكتب الإعلامي لسلامة قد أصدر بيانًا يوم الجمعة 6 أيلول أكّد فيه تمسّك سلامة بسريّة التحقيقات وبحقوق الدفاع المتعلقة بالتزام الصمت وقرينة البراءة.

وقد اتخذت الدولة اللبنانية، الممثلة برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلينا إسكندر، صفة الادعاء الشخصي بحق سلامة في هذه القضية. إلا أنّ القاضي حلاوي لم يسمح لها بحضور الجلسة، فيما حضرها وكيل عن مصرف لبنان. وعلمت “المفكرة” أنّ القاضي طلب من هيئة القضايا إثبات صحة صفتها لاتخاذ صفة الادعاء الشخصي في هذه القضية، وتحديدًا فيما يتعلّق بموافقة وزارة المالية على الإدعاء. وكانت هيئة القضايا قد خاضت معركة استقلاليتها في الدفاع عن مصالح الدولة اللبنانية في قضايا سابقة، أبرزها قضية شركة فوري التي تمّ فيها الادعاء في حق سلامة وشقيقه. وحينها، عادت وزارة المالية ووافقت على الادعاء. 

في موازاة ذلك، طلبت النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون من النيابة العامّة التمييزية إحضار سلامة أمام دائرتها في بعبدا يوم الأربعاء في 11 أيلول 2024، مع إبداء استعدادها للانتقال إلى مركز توقيفه في حال وجود أي دواع أمنية تحول دون نقله، وذلك من أجل استجوابه في ثلاث قضايا عالقة أمامها، وهي التالية:

1) التحويلات من الحساب الاستشاري في مصرف لبنان إلى “مجهول” بواسطة عدد من المصارف،

2) عمولات شركة اوبتيموم المرتبطة بشبهة اختلاس 8 مليارات دولار من حسابات المصرف المركزي،

3) القروض التي منحها سلامة إلى عدد من المصارف في  بداية الأزمة المالية بقيمة نحو 8 مليارات دولار. 

ويشكّل توقيف سلامة تطورًا مهمًا في الحد من إفلاته من العقاب نظرًا لخطورة الجرائم المدعى بها بحقّه. وفي هذا السياق، أصدر ائتلاف استقلال القضاء في لبنان بيانه مطالبًا بالعدالة من أجل كرامة شعبٍ بأكمله مذكرًا لمختلف الجرائم التي يجدر التحقيق بمسؤولية سلامة حولها. واعتبر سلامة أنّ تحقيق العدالة في مسؤولية سلامة عن الانهيار وما لحقه من نهب وإزهاق لما تبقّى من ثروات اللبنانيين، هو شرط لاسترداد شعب بات في غالبيته الكبرى ضحايا لنظام سياسي مصرفي مجرم لم يحاسب أيّ من أعيانه. كما أثار تخوّفه من أن التحقيق مع سلامة في هذه القضية قد يتعطل على غرار ما حصل في قضية فوري تبعا لمخاصمة قضاة الهيئة الاتهامية من قبل سلامة على أساس المادة 751 من قانون أصول المحاكمات المدنية.

وكان قد تم احتجاز سلامة منذ توقيفه في نظارة التوقيف في المديرية العامّة للأمن الداخلي في الأشرفية حيث علمت “المفكرة” أنه يحظى بمعاملة استثنائية وتؤمن له كافة احتياجاته، بما فيها إبقاء هاتفه الخليوي وحاسبوه الشخصي معه.

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد القضائي ، مصارف ، لبنان ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني