بتاريخ 13-8-2014، تقدم المحاميان واكد صالح ونجيب فرحات (متدرج) باستدعاء امام صندوق تعاضد القضاة، طلبا فيهالرجوع عن قراره بفرض رسم تعاضد قضاة على بعض المعاملات القضائية، وبشكل خاص على الشكاوى الجزائية المقدّمة أمام النيابات العامة. وقد عللا الطلب بأن قرارات مماثلة باطلة لصدورها عن مرجع غير مختص، طالما أن صلاحية فرض رسوم قضائية تنحصر في المشرع وحده.
وفي تفاصيل القضية، ان القرار رقم 137 تاريخ 14-5-2014 تضمّن الطلب من القضاة وحرصاً على إيرادات الصندوق استيفاء مبلغ عشرة آلاف ليرة عن كل تثبيت محضر أو تصديق العقد لدى القاضي العقاري وعن كل الإفادات العقارية والطلبات والإستدعاءات وعن كل دعوى يجري فيها إسقاط دعوى الحق العام وعن كل استلام مهمة خبرة، ومبلغ ألفي ليرة لبنانية عن كل إفادة وعن كل طلب مقدّم أو يعطى من أي محكمة من المحاكم. المثير للتساؤلات ان قرارا مماثلا، صادر بنفس التاريخ ويحمل نفس الرقم، عدل مضمون النص السالف الذكر لتصبح كلفة كل تثبيت محضر أو تصديق العقد لدى القاضي العقاري وعن كل الإفادات العقارية والطلبات والإستدعاءات خمسين الف ليرة، وكذلك اضاف على التعميم الاول وجوب استيفاء مبلغ عشرة آلاف ليرة لبنانية عن كل شكوى جزائية او الاعتراض على الاحكام ومبلغ عشرون الف ليرة عند كل تكليف للموظف باجراء تحقيق.
تشير حيثيات الاستدعاء الى عدد من المخالفات القانونية أبرزها أنه يخالف المادة 81 من الدستور اللبناني التي نصت على ما حرفيّته: “تفرض الضرائب العمومية ولا يجوز إحداث ضريبة ما وجبايتها في الجمهورية اللبنانيةإلا بموجب قانون شامل تطبق أحكامه على جميع الأراضي اللبنانية دون استثناء”، فيما تبعتها المادة 82 من نفس القانون بالنص:”لا يجوز تعديل ضريبة أو إلغاؤها إلا بقانون”. فضلا عن ذلك، يشكل فرض رسم تعاضد قضاة عن كل تثبيت محضر أو تصديق عقد لدى القاضي العقاري مخالفة لمادة قانونية صريحة (المادة 83 من قانون الرسوم القضائية الصادر بتاريخ 10/10/1950) التي تفيد صراحة بأن “تعفى الدعاوى وجميع المعاملات التي تجري لدى القاضي العقاريمن جميع الرسوم القضائية ورسوم الطوابع ولا يتناول الإعفاء هذه الدعاوى لدى محاكم الاستئناف والتمييز”.
فضلا عن الأسباب المدلى بها في الطلب، يسجل أيضا المس بمبدأ قانوني عام يتمثل بمبدأ مجانية العدالة، ولا سيما في القضايا الجزائية.
ويلحظ أن هذه القرارات قد صدرت تبعا لتعديل قانون السير والذي جرّد الصندوق من مصدر رئيسي له (غرامات السير)؛ فسعت إدارة الصندوق الى إيجاد موارد بديلة ضمانا لاستمرارية الخدمات التي يؤمنها الصندوق للقضاة. وبذلك، عبرت هذه المؤسسة القضائية عن جهوزية للدفاع عن المصالح المادية للقضاة وعن امتيازاتهم بالطريقة التي تراها مناسبة، ولو استتبع ذلك نقضا للأصول والمبادئ القانونية وللشرعية الشكلية على حد سواء. من هذه الزاوية، وبمعزل عن خطورة المخالفة المرتكبة، فانها تشكل مؤشرا شديد الدلالة على ما وصلت اليه هزالة مؤسسات الدولة[1].
نشر هذا المقال في العدد | 21 |أبلول/سبتمبر/ 2014 ، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:
[1] وفي تعليق له على هذه القضية، اعلن نقيب المحامين في بيروت جورج جريج موقفا صريحا، خلال لقاء مع المحامين عقد في صيدا بمناسبة افتتاح محاضرات التدرج في 25-9-2014، حيث اعتبر” ان هذه القرارات غريبة عن الجسم القضائي وستتم متابعتها مع مجلس القضاء الاعلى والتفتيش القضائي“.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.