حفظت العجلة التشريعية حصة للمرأة في ميدان انصاف حقوق المرأة العاملة, بحيث أقدم المجلس النيابي على خطوة "خجولة", من خلال اقرار قانونين الأول عدل المادتين 28 و29 من قانون العمل والثاني كذلك عدل المادة 38 من نظام الموظفين, أفضيا الى تمديد اجازة الأمومة الى عشرة بدلا من سبعة أسابيع وفق ما كان معمولا به في القوانين النافذة. الا أن هذا التعديل لم يرق الى ما هو مكرس في اتفاقية منظمة العمل الدولية، وبقي ضمن سقف محاذير ظاهرها اقتصادي وباطنها ذكوري تمييزي.
ومن خلال الاطلاع على الأسباب الموجبة للقانونين نسجل استنادها الى الفقرة ج من مقدمة الدستور اللبناني التي تنص على الآتي: "لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية تقوم على (…) العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز او تفضيل." يضاف الى ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تاريخ (1979) التي لحظت في مادتها الثالثة "وجوب اتخاذ التدابير المناسبة لكفالة تطور المرأة وتقدمها"، و"الحق في الوقاية الصحية وسلامة ظروف العمل بما في ذلك حماية وظيفة الانجاب" (فقرة "و" من البند 1 من المادة 11), ووجوب ادخال نظام الأمومة المدفوعة الأجر (الفقرة "ب" من البند 2 من المادة 11), و"ضمان حصول المرأة على خدمات الرعاية الصحية بما في ذلك الخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة" (المادة 13)، وأخيرا "ضمان للمرأة خدمات مناسبة فيما يتعلق بالحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة، مع توفير خدمات مجانية لها عند الاقتضاء وكذلك تغذية كافية أثناء الحمل والرضاعة".
في هذا الصدد نلحظ أن مواد اتفاقية 1979 اقتصرت على الزام الدول باتخاذ تدابير مناسبة لحماية "وظيفة الانجاب" وادخال نظام الأمومة، من دون تحديد أي مدة. ويختلف الأمر بالنسبة الى اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن حماية الأمومة رقم 103 لعام 1952، والتي لحظت في مادتها الرابعة "حق المرأة بالحصول على إجازة أمومة لا تقل مدتها عن أربعة عشر أسبوعا" والتي جرى مراجعتها ضمن التوصية 191 التي دعت الدول الأعضاء في اتفاقية 1952 الى السعي الى مد فترة اجازة الأمومة المشار اليها في المادة الرابعة الى 18 أسبوعا على الأقل.
خلال مناقشة هذا القانون, أثار النائب سامر سعادة مسألة مد اجازة الأمومة الى 12 أو 14 أسبوع وفق ما هو معمول به في اتفاقية منظمة العمل الدولية. الا أن الرد جاء سريعا من قبل النائب بطرس حرب الذي نبه الى هذا الأمر قائلا: "بدكن تنتبهوا هناك اعتبارات اقتصادية, بكرا ببطل حدا يوظف امرأة". وهذا ما كان النائب ميشال موسى أكد عليه بقوله "أن زيادة فترة إجازة الأمومة من شهرين إلى شهرين ونصف فقط هي المتاح حالياً، بسبب رفض عدد من النواب وأرباب العمل زيادة الفترة أكثر من عشرة أسابيع[1]".
بالإضافة الى ذلك، تجدر الإشارة الى أن هذا القانون يبقى مجتزأ في سياق حماية المرأة العاملة, وخاصة في ظل غياب أي مواد تتصل بمعاقبة التحرش بها في اطار علاقة العمل.
الصورة منقولة عن موقع السفير
متوفر من خلال: