“
عقدت منظمة بوصلة ندوتها السنوية بتاريخ 5 نوفمبر 2018 في العاصمة التونسية لعرض تقريرها الشامل حول أشغال الدورة الرابعة لمجلس نواب الشعب التي بدأت في شهر أكتوبر 2017 لتستمرّ إلى غاية شهر جويلية 2018.
من خلال رسوم بيانيَة توضيحيًة ولغة مبسًطة يسيرة الفهم، تناولت منظًمة بوصلة في تقريرها بداية الأداء التشريعي لمجلس نواب الشعب. وقد استهلت انتقاداتها بالإشارة إلى غياب منهجية عمل واضحة لسير عمل المجلس عبر رسومات لمسارات نشاط المجلس فيما يخص القوانين الآتية: مجلة الجماعات المحلية، مشروع القانون الأساسي للميزانية، مشروع قانون متعلق بالفنان والمهن الفنية، ومشروع قانون زجر الإعتداء على القوات المسلحة.
أما النقطة الثانية، فشملت التعطيلات المستمرة من قبل النواب سواء خلال المصادقة على القوانين المهمة على غرار قانون المجلس الأعلى للقضاء، أو عند تطبيق قرارات عدم دستورية بعض مشاريع القوانين، أو خلال مسار إرساء الهيئات الدستورية المستقلة، كهيئة الإتصال السمعي البصري وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة وهيئة حقوق الإنسان.
أما الإنتقاد الثالث، فقد خصصته بوصلة لإبراز نسب الحضور المتدنية للنواب في الجلسات العامة أو في اللجان القارة والخاصة. إذ لاحظت المنظمة أن نسب الحضور انحدرت بشكل كبير خلال الدورة الرابعة مقارنة بالدورات البرلمانية السابقة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المبالغ المقتطعة جراء الغيابات المتكررة للنواب تطرح تساؤلات عديدة حول مدى جدية المجلس في الحد من ظاهرة الغياب المتكرر وغير المبرر. حيث تم اقتطاع مبلغ 81 دينار و740 مليما من المنح المقدمة ل17 نائب بسبب غياباتهم غير المبررة، أي حوالي 4 دينارات من منحة كل نائب.
لجنة التوافقات كانت محور الانتقاد الرابع الوارد في التقرير المذكور. حيث اعتبرتها بوصلة جسما ًغير قانوني داخل مجلس النواب، في ظل غياب أي نص قانوني يضمن إمكانية وجود مثل هذا الهيكل. كما اعتبرت المنظمة أن لجنة التوافقات تضرب عرض الحائط قواعد العمل التشريعي والأسس الديمقراطية كونها تحجب عن الشعب المواقف الحقيقية لكل كتلة نيابية ولا تظهر حقيقة اللعبة السياسية التى تخفيها التوافقات.
الإنتقاد الخامس أشار إلى سوء التنظيم وانعدام شفافية عمل المجلس، وهو ما انعكس في انخفاض عدد الأسابيع المخصصة للجهات التي لم تتجاوز الأربعة أسابيع من إجمالي عشرة خلال السنة الفارطة.
الإنتقاد السادس أشار إلى ضعف التواصل والتفاعل بين مجلس نواب الشعب والحكومة.
أخيرا، يطرح تقرير منظمة بوصلة مسألة غياب الإستقلالية المالية والإدارية لمجلس النواب، مشيرا إلى أن ميزانية رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة تفوق بشكل كبير ميزانية مجلس النواب، والتى يصرف الجزء الأكبر منها على رواتب النواب والعاملين في المجلس. وهو ما يهدد الإستقلالية المالية للمجلس ويحول دون إمكانية تطوير مشاريعه.
خُتِم التقرير بجملة من التوصيات التى تتشابه وتوصيات السنة الفارطة، وهو ما يعكس عدم تطور أداء المجلس على الرغم من تحسن الوسائل والإمكانيات.
نذكر هذه التوصيات بالتسلسل تالياً:
1- استكمال إرساء المؤسسات الدستورية، تشريعا وانتخابا.
2- تفعيل الإستقلالية المالية و الإدارية للبرلمان.
3- التصدي الجدي لغيابات النواب، عبر الاقتطاع الفعلي من المنح، وتحديد معايير واضحة للغيابات المبررة.
4- تكريس أكثر شفافية، عبر ضمان علنية كل اجتماعات اللجان، وتعميم البث المباشر لها، ونشر قائمات الحضور ومحاضر الجلسات في آجالها.
5- وضع آليات فعالة لمراقبة ومتابعة تطبيق القوانين التي يصادق عليها المجلس.
6- تفعيل الدور الرقابي، عبر توفير الإمكانيات اللوجستية والقانونية للجان التحقيق واللجان الخاصة، وإضفاء أكثر نجاعة على الأدوات الرقابية للنواب.
رغم كم الإنتقادات والنقاط السلبية الواردة في تقرير منظمة بوصلة، إلا أنه من الواجب تسليط الضوء على علاقة مجلس نواب الشعب بالمجتمع المدني والتى تعتبر أحد النقاط الإيجابية في أداء السلطة التشريعية، خصوصاً مع إحداث منصة المجتمع المدني داخل هذا الهيكل.
نذكر أن هذا التقرير هو تقرير كمي يتبعه تقرير نوعي شامل لأبعاد العملية والسياسية لعمل المجلس. يمكن الإطلاع على التقرير كاملا عبر الرابط
“