تقرير مرصد استقلال القضاء حول الحركة القضائية: وزير العدل حاول التدخل في الحركة القضائية


2013-09-28    |   

تقرير مرصد استقلال القضاء حول الحركة القضائية: وزير العدل حاول التدخل في الحركة القضائية

أصدر مرصد استقلال القضاء يوم 26 سبتمبر 2013 ورقة تقييمية للحركة القضائية التي أجرتها الهيئة المؤقتة للقضاء العدلي وأعلنت عنها يوم 13 سبتمبر 2013. وكان من أهم ما كشف عنه مرصد استقلال القضاء في قراءته للحركة القضائية الواقعة التي اتى على ذكرها وتمثلت في وجود معطيات تفيد ان وزير العدل سعى للضغط على الهيئة المؤقتة للإشراف على القضاء العدلي بغاية تنحية رئيسة المحكمة الابتدائية بنابل وتعويضها بغيرها من المقربين منه. اذ ذكر رئيس مرصد استقلال القضاء السيد أحمد الرحموني أن وزير العدل الحالي الاستاذ نذير بن عمو حاول بواسطة أحد الأعضاء المعينين بهيئة الاشراف على القضاء العدلي تنحية رئيسة المحكمة الابتدائية بنابل التي مورست عليها ضغوط قصد تعويضها بأحد القضاة المقربين من وزير العدل وقد عرض على رئيسة المحكمة المعنية رئاسة الدائرة الجنائية بنفس المحكمة أو رئاسة دائرة بمحكمة التعقيب إلا إنها رفضت ذلك متمسكة بمسؤوليتها.

وأشار تقرير المرصد في نفس السياق إلى محاولات بعض أطراف من الحكومة تعيين بعض رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب وذلك باقتراح أسماء على الهيئة خارج أي اختصاص.

ورغم أن هيئة القضاء العدلي لم تتول بمناسبة الحركة القضائية تنحية رئيسة المحكمة الابتدائية بنابل رغم الضغوط المدعاة فان المعطيات التي كشف عنها مرصد استقلال القضاء تستدعي التوقف عندها على اعتبار شبهة الفساد التي كشفت عنها. ويشار الى ان تعلق التدخل برئاسة المحكمة الابتدائية بنابل قد يدفع في حال ثبوته لطرح السؤال حول علاقته بالمصالح الشخصية للوزير بالنظر لكون مرجع المحكمة المذكورة يشمل مسقط رأسه بما قد يوحي بسعيه لضمان ولاء ذاتي لفائدته بالمحكمة المذكورة.

ويحتم كشف مرصد استقلال القضاء عن فضيحة التدخل الوزاري ان تتدخل هيئة الاشراف على القضاء العدلي وتخرج عن صمتها لبيان موقفها من الفضيحة المثارة وذلك بنفي الخبر أو تأكيده. وإذا ما تأكد التدخل فانه يحسب لهيئة الاشراف على القضاء العدلي مقاومتها للضغط التي تعرضت له دون ان يعفي ذلك من ضلع في الامر من وجوب المساءلة منعا لعودة التدخلات في الحركة القضائية مستقبلا.
 
وتتولى المفكرة القانونية نشر بلاغ مرصد استقلال القضاء على اعتبار اهميته في انتظار متابعة تفاعلاته على الساحتين القضائية والسياسية.
https://www.facebook.com/marsedkadha/posts/389559441169537

باردو في 26 سبتمبر 2013
تقرير حول الحركة القضائية 2013/2014
ان المرصد التونسي لاستقلال القضاء:
بعد اطلاعه على حركة القضاة المعدة من الهيئة الوقتية للقضاء العدلي كيفما تم اعلانها بتاريخ 13 سبتمبر 2013 وما تضمنته من نقل وترقيات للرتب القضائية الثلاث وتسمية الملحقين القضائيين.
وبعد اطلاعه على البلاغين الصادرين عن الهيئة الوقتية للقضاء العدلي الاول بتاريخ 29 جويلية 2013 المتعلق باعمال اللجان المحدثة بالهيئة وهي لجنة الاعداد المادي للحركة ولجنة تركيز الهيئة ولجنة النظام الداخلي والثاني بتاريخ 20 سبتمبر 2013 المتعلق ببعض المعايير المعتمدة في اعداد الحركة القضائية والاقتراحات الرامية الى تطوير عمل الهيئة.

وبعد اطلاعه على التصريح الصادر عن الناطقة الرسمية باسم الهيئة المذكورة بتاريخ 15 أوت 2013 على اثر اجتماع رئيس الجمهورية بأعضاء الهيئة وما ورد به من ان الصعوبات المادية وافتقار الهيئة لمقر لن تثنيها “عن أداء واجبها وأن الحركة المقبلة لنقلة وترقيات القضاة ستقطع مع منظومة الاستبداد والولاءات حيث تم وضع مقاييس موضوعية للنقل والترقيات سترضي أهل السلك“.
وبعد اطلاعه على مختلف المواقف والملحوظات الصادرة تعليقا على الحركة القضائية الحالية وخصوصا بيان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين بتاريخ 24 سبتمبر 2013

وإذ يذكر بتقريره الصادر بتاريخ 23 جويلية 2013 المتعلق بالاجتماع الأول للهيئة الوقتية للقضاء العدلي وما لوحظ فيه من ان الهيئة لم تحرص على ضبط خطة عملها وتحديد احتياجاتها فيما يتلاءم مع مهامها إضافة الى مخالفتها لمقتضيات قانونها الأساسي الذي نص على إلزامية وضع النظام الداخلي للهيئة بقصد تنظيم سير عملها ومسارعتها الى اجراء انتخابات لعدد من الوظائف لم يرد ذكرها بالقانون المحدث للهيئة.
واذ يذكر بما يقتضيه القانون الأساسي عدد 13 لسنة 2013 المؤرخ في 2 ماي 2013 المتعلق باحداث هيئة وقتية للإشراف على القضاء العدلي من ان الهيئة تنظر في المسار المهني للقضاة (الفصل 2) وفي إعداد حركة القضاة من تسمية وترقية ونقلة وتعلن عن قائمة الشغورات في مختلف الخطط الوظيفية الخاصة بكل رتبة قضائية وتتلقى مطالب النقل والترشح لها وتدرس طلبات التعيين والنقل بالاعتماد على المعايير الدولية لاستقلال القضاء (فصل 12) وتختص اضافة لذلك بالنظر في تسمية الملحقين القضائيين المحرزين على شهادة ختم الدروس من المعهد الأعلى للقضاء بمراكز عملهم(الفصل 13).

يبدي المرصد بشأن أول حركة قضائية للهيئة الجديدة الملاحظات التالية:

أولا: ظروف إعداد الحركة:
يتبين من تصريحات أعضاء الهيئة ومن المعلومات الواردة من مصادر قريبة ان الهيئة قد عملت في ظل ضغوطات داخلية وخارجية ساهمت في الحد من نجاعتها واستقلالها.
1- الضغوطات الداخلية:
ويتعلق الامر اساسا بنوعين من الضغوطات: مادية ومعنوية
أ‌) الضغوطات المادية:
لقد سبق التنبيه الى تلك الضغوطات منذ انعقاد اول اجتماع للهيئة بتاريخ 19 جويلية 2013 بمقر محكمة التعقيب بسبب تأخر السلطة التنفيذية عن تخصيص مقر مستقل لها وهو ما يعكس بصفة جلية طبيعة التعامل السلبي مع هيئة ناشئة ممثلة للسلطة القضائية (تقرير المرصد التونسي لاستقلال القضاء حول الاجتماع الاول للهيئة الوقتية للقضاء العدلي بتاريخ 23 جويلية 2013).
وقد أكدت الهيئة في بلاغها الاخير استمرار الصعوبات المادية (بلاغ مؤرخ في 20 سبتمبر 2013 ) رغم توجيهها مكاتبة الى رئاسة الحكومة قصد تفعيل القانون الاساسي المحدث للهيئة بخصوص تمكينها من مقر خاص بها والعمل على توفير الحاجيات المادية والامكانيات البشرية التي يقتضيها سير عملها حسبما تولت ضبطه لجنة تركيز الهيئة (بلاغ هيئة القضاء العدلي بتاريخ 29 جويلية 2013)، وبناء على ذلك دعت الهيئة الاطراف المعنية الى توفير جميع وسائل العمل المادية التي تخول لها القيام بالمهام المنوطة بعهدتها (بلاغ 20 سبتمبر 2013).
كما أشارت الهيئة الى صعوبات الاطلاع على المعلومات الخاصة بالمسار المهني للقضاة وذلك بسبب غياب منظومة معلوماتية محينة تتضمن معطيات عن جميع القضاة (بلاغ 20 سبتمبر 2013 ) وقد اضطرت الهيئة الى الاكتفاء بجذذات معدة من التفقدية العامة بوزارة العدل تحتوي على ملخص المسيرة المهنية للقاضي (بيان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين بتاريخ 24 سبتمبر 2013).
ب‌) الضغوطات المعنوية
أكدت الهيئة أن اعداد الحركة قد استغرق نحو شهرين من العمل المستمر دون انقطاع (بلاغ 20 سبتمبر 2013) وقد تم الاعتماد في الأعمال التحضيرية على لجنة الاعداد المادي للحركة وهي لجنة محدودة العدد تجمع ممثلين عن مختلف الرتب القضائية.
ودون خوض في الجهود الفردية المبذولة في هذا الخصوص فيلاحظ أن حجم الحركة الحالية التي شملت 781 قاضيا (مع احتساب 150 ملحقا قضائيا) يقارب حجم حركة 2012/2013 المعدة من وزارة العدل والتي شملت 821 قاضيا (مع اعتبار 50 ملحقا قضائيا) في حين شملت الحركة القضائية الأولى بعد الثورة والتي تولاها المجلس الأعلى للقضاء الموروث عن النظام السابق أكثر من 600 قاض.
وقد تجاوزت تلك المستويات المعدل المعتاد للحركات القضائية المعدة قبل الثورة تحت إشراف لجنة قضائية بوزارة العدل والذي تراوح بين 350 إلى 400 قاض، مع الاشارة الى ان الحركة القضائية التي يتم اعلانها في أوائل شهر أوت من كل عام كانت تستغرق لإعدادها أكثر من أربعة أشهر رغم ان المشاورات السابقة لإقرارها كانت تكتسي في الغالب صبغة صورية.
وفي ضوء ذلك يمكن اعتبار ضغط الوقت وسعي اللجنة إلى إتمام أعمالها في أجل قياسي يتزامن مع نهاية العطلة القضائية وبداية السنة الجديدة من العوامل المؤثرة على نتائج الحركة ودرجة الاستشارة التي رافقتها.
يلاحظ ان تركيبة الهيئة تضم في رئاستها وعضويتها خمسة من القضاة »الكبار «معينين بصفتهم هم الرئيس الاول لمحكمة التعقيب ووكيل الدولة العام لديها ووكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية بوزارة العدل والمتفقد العام بها ورئيس المحكمة العقارية وجميعهم ينتمون للرتبة الثالثة وقد سبقت الاشارة بمناسبة الانتخابات المجراة صلب الهيئة إلى واقع المحافظة على نفوذ كبار القضاة المرتبطين تقليديا بالسلطة التنفيذية بحكم تسميتهم مباشرة من قبلها وطبق اختياراتها (تقرير المرصد بتاريخ 23 جويلية 2013).
ورغم التغيير الجوهري في تركيبة الجهة المكلفة بإعداد الحركة وذلك بانتخاب نصف اعضائها مباشرة من مختلف الرتب القضائية فقد استمر نفوذ القضاة الكبار وخصوصا المرتبطين بوزارة العدل في فرض اختياراتهم ومقترحاتهم للوظائف القضائية وهو ما مثل بالنسبة للقضاة المنتخبين ضغطا دائما يستعيد الصلاحيات الواقعية للسبعة “الكبار” في إعداد الحركة القضائية قبل 14 جانفي 2011
ومن الواضح ان ممارسة القضاة المعينين لنفوذهم المعنوي قد ساهم بصفة بارزة في التضييق من فرص المشاركة المتوازنة لممثلي القضاة المنتخبين أو بقية الأعضاء من الأساتذة الجامعيين.
2- الضغوطات الخارجية:
يلاحظ أن وزارة العدل لم تحرص منذ بداية إنشاء الهيئة الوقتية للقضاء العدلي على دعم إمكانياتها وتوفير وسائل العمل الضرورية لإعداد الحركة في ظروف ملائمة من ذلك ان الوزارة قد رفضت قبل شروع الهيئة في اعمالها تمكينها من الملفات الشخصية للقضاة وبقية المعطيات الخاصة بأوضاعهم المهنية ودعتها – في مخالفة لمقتضيات الاستقلالية – الى الاطلاع بوزارة العدل على تلك المعطيات (تقرير المرصد بتاريخ 23 جويلية 2013 ) ويستنتج مما ادلت به الهيئة ان توفير المعطيات الخاصة بالمسار المهني للقاضي والمعلومات المتعلقة بتقييمه قد مثلت عائقا جديا في اعداد الحركة.
وبناء على ذلك يمكن اعتبار مسك وزارة العدل سواء مباشرة او عن طريق المؤسسات الملحقة بها لجملة المعطيات الخاصة بالقضاة من شأنه أن يمنح المتفقد العام بوزارة العدل ووكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية بنفس الوزارة موقعا متميزا في تركيبة الهيئة.
كما يضاف إلى ذلك ما بلغ إلى المرصد من تشكيات جدّية من بعض القضاة تمت مساومتهم للتنحي عن وظائفهم تحت تأثير أحد القضاة المعينين بالصفة وعلى سبيل المثال نذكر محاولة وزير العدل الحالي بواسطة أحد الأعضاء المعينين تنحية رئيسة المحكمة الابتدائية بنابل التي مورست عليها ضغوط قصد تعويضها بأحد القضاة المقربين من وزير العدل وقد عرض على رئيسة المحكمة المعنية رئاسة الدائرة الجنائية بنفس المحكمة او رئاسة دائرة بمحكمة التعقيب إلا إنها رفضت ذلك متمسكة بمسؤوليتها. وقد سبق لرئيسة المحكمة الابتدائية ان أبلغت جمعية القضاة التونسيين بالوقائع المذكورة وطلبت تدخلها.
وفي نفس السياق نشير إلى محاولات بعض أطراف من الحكومة تعيين بعض رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب وذلك باقتراح أسماء على الهيئة خارج أي اختصاص

ثانيا: أسس إعداد الحركة:
يقتضي القانون الاساسي المحدث للهيئة انها تتولى درس طلبات التعيين والنقل بالاعتماد على المعايير الدولية لاستقلال القضاء (الفصل 12 ) ومؤدى ذلك ان على الهيئة السهر على تحقيق الضمانات اللازمة للقضاة عند اعداد 
الحركة القضائية حتى لا تستخدم النقل او الترقيات للحد من استقلال القضاء.
وقد حاولت الهيئة رد الانتقادات الموجهة لها بالاستناد الى محدودية الإمكانات المادية وخصوصا الى نقص عدد القضاة المؤهلين لتحمل الخطط الوظيفية وصعوبات تسمية القضاة بالمحاكم الداخلية وعزوف عدد منهم عن تحمل المسؤوليات الحساسة كالنيابة والتحقيق بالنظر للضغوطات التي يتعرضون لها (بلاغ الهيئة المؤرخ في 20 سبتمبر 2013).
ورغم تلك الصعوبات اعتبرت الهيئة أنها توصلت إلى إقرار حركة قضائية اختلفت عما سبقها من حركات رغم اعترافها بأنها اعتمدت بعض الآليات التي من شأنها ان لا تأخذ بعين الاعتبار المعايير الدولية لاستقلال القضاء (البلاغ المؤرخ في 20 سبتمبر 2013 المذكور).
وقد سجلت جمعية القضاة التونسيين على سبيل المثال بصفة ايجابية إعلان الحركة قبل انطلاق السنة القضائية وتوفقها إلى رفع بعض المظالم والاستجابة لنسب هامة من الطلبات رغم ان هذه الحركة من وجهة نظرها لم تتخلص من علل الماضي (بيان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين المؤرخ في 24 سبتمبر 2013). 
ويمكن في هذا الصدد ابداء الملحوظات التالية بشأن استجابة الهيئة للضمانات الاساسية لاعداد الحركة او الضوابط الموضوعية في اجرائها
أ‌) من جهة الضمانات:
من الثابت ان اعداد الحركة القضائية طبق الضمانات التي تقتضيها معايير استقلال القضاء يستوجب الحرص على دعم استقلالية الجهة المكلفة بذلك وإرساء إجراءات تتميز بالشفافية والعلنية ويتضح ان الظروف التي اجريت تحت ظلها الحركة زيادة على ما تميزت به طرق العمل التي انتهجتها الهيئة من ارتجال وغياب للشفافية لا تسمح بتوفر الضمانات الأساسية المطلوبة في هذا الخصوص رغم ما اعتبرته الهيئة الحد الادنى من الضمانات الكفيلة بالشروع في إرساء سلطة قضائية مستقلة (بلاغ الهيئة بتاريخ 20 سبتمبر 2013).
من الاكيد ان هذه الحركة قد جاءت امتدادا للحركات الموسعة المجراة بعد الثورة وتميزت بصبغتها المهنية المستندة اساسا الى الترقيات اضافة الى اقرارها للحركتين الرئيسيتين اللتين تم اجراؤهما على عهد وزير العدل السابق السيد نور الدين البحيري في سبتمبر 2012 و جانفي 2013 ولم تقطع بذلك مع الممارسات السابقة او مع المنظومة القضائية الموروثة.
من البديهي ان يلتزم أعضاء الهيئة في ممارسة مهامهم ما توجبه نيابتهم من استقلالية وحياد وتجرد عن المصالح وبعد عن الشبهات ويتأكد ذلك بالنسبة إلى جميع الأعضاء بقطع النظر عن أصنافهم وقد كان وجود القضاة المنتخبين بصفة ديموقراطية في اول هيئة من نوعها في تاريخ القضاء التونسي مدعاة لدعم التجربة ودافعا لمراقبتها تحقيقا لمقتضيات التمثيل الانتخابي.
إلا أن ما لوحظ من اتجاه الهيئة الى الاستجابة لطلبات بعض اعضائها واسناد خطط وظيفية لأغلبية القضاة المنتخبين فيها بلغت حدود الستين في المائة (60% ) قد فتح الباب لعدد من التساؤلات في الوسط القضائي حول مشروعية ذلك والدواعي التي دفعت إليه خصوصا اذ اعتبرنا ما تقتضيه تمثيلية المجالس العليا للقضاء من تجميد النقل والترقيات للأعضاء المنتسبين اليها، وقد اعتبر بعضهم ان الاعضاء المنتخبين قد خالفوا بذلك توقعات عموم القضاة وموجبات المهمة النيابية زيادة على ما في ذلك من اضرار بسمعة الهيئة بقطع النظر عن استحقاقهم لتلك الوظائف
تمسكت الهيئة في بلاغها الاخير المؤرخ في 20 سبتمبر 2013 بأنه “تمت تسوية وضعية بعض القضاة الذين اعتبرتهم انهم كانوا محل مظلمة (كذا)” بل ذهبت جمعية القضاة التونسيين الى اعتبار ان الهيئة قد رفعت بعض المظالم المرتكبة في حق عدد من القضاة سواء بحرمانهم من الخطط الوظيفية او بممارسة الميز ضدهم (بيان المكتب التنفيذي المؤرخ في 24 سبتمبر 2013)، وهو استنتاج لا يطابق حقيقة الواقع بالنظر الى ان الهيئة نفسها لم تحدد بصفة دقيقة مضمون رفع المظالم ولم توضح الآليات المنتهجة لتحقيق ذلك، فهل يتعلق الامر بمن حرم من الترقية او جمدت ترقيته لسنوات او منعت عنه الوظائف او تأخرت ترقيته بسبب آرائه او ممارسته لحق التعبير او من تضرر من الحركات السابقة التي تولاها المجلس الاعلى للقضاء او وزارة العدل على عهد السيد نور الدين البحيري.
يلاحظ أن مشاركة أعضاء الهيئة في اعداد الحركة وان تفاوتت بالنسبة الى عموم القضاة المعينين او المنتخبين الا ان المعلومات التي وردت على المرصد تفيد بعدم مشاركة الأعضاء من غير القضاة بصفة فاعلة في أشغال الجلسات التحضيرية او الجلسات العامة وهو ما يطرح المشاكل الخاصة بتنظيم إدارة الهيئة وآليات عملها وما يقتضيه القانون من وضع نظام داخلي يضبط سير عملها (الفصل 2) ويحدد حقوق أعضائها وواجباتهم وعمل الهياكل التابعة لها ويضمن تمثيلية مختلف الأصناف والرتب داخل تلك الهياكل.
يشار الى ان الحركة التي شملت جميع القضاة من الصنف العدلي قد استثنت على غير المعتاد في الحركات السابقة المعهد الأعلى للقضاء لتمسك وزارة العدل بان التعيينات القضائية المتعلقة به تتم باقتراح منها.
وإضافة لذلك فقد استمر العمل استنادا إلى الأمر العلي المؤرخ في 19 فيفري 1957 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس المختلط العقاري على إجراء حركة القضاة الخاصة بالنقل داخل المحكمة العقارية سواء بمركزها الأصلي او بمختلف فروعها بمقتضي قرار من رئيس المحكمة العقارية رغم ان قضاتها ينتسبون إلى القضاء العدلي ويخضعون في ترقيتهم من رتبة الى أخرى إلى هيئة القضاء الجديدة
ومن الواضح ان مواصلة العمل على استثناء قضاة المحكمة العقارية من الضمانات المقررة لزملائهم وعدم مساواة جميع قضاة الحق العام أمام الهيئة يتناقض مع القانون الأساسي المؤرخ في 2 ماي 2013 المتعلق بإحداث هيئة وقتية للإشراف على القضاء العدلي وهو ما يثير التساؤلات الجدية حول تطبيق أمر علي صادر من الباي قبل إعلان الجمهورية ويعود تاريخه إلى ما يقارب الستين سنة يعطي رئيس المحكمة العقارية منذ إعادة تنظيمها امتياز توزيع العمل الداخلي واستبعاد قانون أساسي صادر بعد الثورة يحيل الاختصاص الشامل للهيئة الجديدة قصد الإشراف على القضاء العدلي.
ويذكر في هذا السياق إن عدد قضاة المحكمة العقارية المشمولين بالحركة الاستثنائية الصادرة بموجب قرار فردي من رئيس المحكمة يتجاوز 160 قاضيا وان المحكمة العقارية تعد 15 فرعا من شمال البلاد إلى جنوبها إضافة إلى مركزها الأصلي الكائن بتونس العاصمة.
ب‌) من جهة الضوابط:
من الملاحظ ان هيئة القضاء العدلي لم تعلن في بداية انشائها عن إقرارها لنظام داخلي ينظم أعمالها ولا عن مقاييس موضوعية في إجراء الحركة القضائية رغم إحداثها للجنة داخلية تعنى بالإعداد المادي للحركة.
وقد بلغ الى علم المرصد حسب إفادات بعض الأعضاء ان الهيئة التي حررت في أشغالها خمسة محاضر قد ضبطت كتابيا في محضر مستقل معايير إعداد الحركة إلا ان عدم ثبوت ضبط تلك المقاييس بصفة مسبقة وعدم إعلانها قبل إعداد الحركة يجعل من ظروف المصادقة عليها متسمة بالغموض وعدم الشفافية.
ويشار في هذا السياق أن المقاييس المقصودة تتعلق بالأساس بتسمية الملحقين القضائيين المحرزين على شهادة ختم الدروس من المعهد الأعلى للقضاء وبإسناد الخطط الوظيفية والبت في طلبات النقل من وظيفة أو محكمة إلى أخرى إضافة إلى معايير الترقيات من الرتبة الأدنى إلى الرتبة الأعلى.
ومن الواجب التأكيد أن إعلان الهيئة على عدد من المعايير الخاصة بتلك الطلبات بعد اقرار الحركة بأسبوع لا يتوافق مع الضمانات المقررة في هذا المجال والتي تقتضي الإعلان عن مقاييس مسبقة ليمكن للمعنيين تقديم طلباتهم على ضوئها ومناقشتها عند الاقتضاء تدعيما للشفافية وتطبيقا لما يقتضيه القانون المحدث للهيئة من أنها تتولى النظر في طلبات التعيين والنقل اعتمادا على المعايير الدولية لاستقلال القضاء.
وبناء على ذلك فان ما اشارت اليه الهيئة من ان اسناد الخطط الوظيفية قد تم بناء على معايير مفاضلة موضوعية بين القضاة لا يتطابق سواء مع الضمانات المقررة بصفة مبدئية او النتائج المترتبة عن اعداد الحركة.
يوجب القانون الأساسي المحدث للهيئة الإعلان من قبلها عن قائمة الشغورات في مختلف الخطط الوظيفية الخاصة بكل رتبة قضائية اضافة الى تلقيها مطالب النقل والترشح لها (الفصل 12).
غير ان الهيئة التي أنشئت في ظروف مستعجلة لم تعلن بصفة رسمية عن قائمة الشغورات التي تم اعدادها بصفة مسبقة حتى قبل تكوين الهيئة واصدارها بمقتضى قرار فردي من الرئيس الاول لمحكمة التعقيب وهو ما يطرح تساؤلا حول شرعية ذلك القرار ومدى تعبيره عن إرادة الهيئة التي لم تعلن مصادقتها عليه.
وإضافة لذلك فقد اتضح ان الهيئة لم تلتزم قائمة الشغورات المذكورة وتولت إحداث وظائف جديدة وإسنادها دون الإعلان عنها بل انها عرضت على بعض القضاة دون غيرهم ودون طلب منهم رغم تساويهم في الأقدمية اسناد وظائف محددة سواء بالإدارة المركزية لوزارة العدل او بمختلف المحاكم.
وقد أدى هذا الارتجال في إسناد الوظائف الى نتائج غير متوقعة من بينها إسناد خطط لقضاة لم يطلبوها وتجاوز الحد المطلوب من الوظائف في بعض المحاكم ووجود فائض من رؤساء الدوائر في بعض المحاكم الاستئنافية
يلاحظ ان الهيئة قد اعتمدت في ترقية عدد من القضاة على مبدأ أساسي هو الترقية الآلية من رتبة إلى أخرى دون اعتماد المفاضلة بينهم طبق مقاييس الكفاءة الموضوعية من ذلك إقرارها ترسيم جميع المترشحين بالرتبة الثالثة وعددهم 133 وبالرتبة الثانية وعددهم 176 بجدول الكفاءة لسنة 2013 وترقية كل القضاة التي قضوا 11 سنة فما فوق بالرتبة الأولى إلى الرتبة الثانية بصورة آلية وعددهم 83 قاضيا وترقية كل من قضى 7 سنوات فما فوق من العمل الفعلي في الرتبة الثانية الى الرتبة الثالثة بصورة آلية (بلاغ 20 سبتمبر 2013). ويمثل هذا التمشي مواصلة لنفس التوجه التي اعتمدته الحركة القضائية 2012/2013 المعدة من وزارة العدل والذي أدى الى ترقيات جماعية تسببت في شغورات عامة بجميع المحاكم واختلال في عدد القضاة المنتسبين الى كل رتبة وتسمية قضاة من الرتبتين الثانية والثالثة في مختلف المحاكم الابتدائية والاستئنافية دون وظائف تتوافق مع مستوياتهم الوظيفية من ذلك قاض من الرتبة الثالثة بمحكمة الاستئناف او قاض من الرتبة الثانية بالمحكمة الابتدائية او قاض بالرتبة الثالثة بالمحكمة العقارية او قاض بالرتبة الثالثة بالوكالة العامة لدى محكمة الاستئناف .. الخ
يتبين ان الهيئة قد اعتمدت في اسنادها للخطط القضائية على قاعدة الاختيار من بين المترشحين او حتى من غيرهم وهو ما يقتضي بالنسبة لكل قاض مترشح تقييم مؤهلاته المهنية بالنظر الى عمله القضائي وصفاته الشخصية، وقد اعتمدت في ذلك على بعض المعطيات المضمنة بملفات القضاة المحفوظة بالتفقدية العامة وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول طبيعة المعطيات المتعلقة بتقييم النشاط المهني للقاضي التي بقيت متسمة بالسرية وغير خاضعة للاعتراض عليها من قبل المعنيين بها.
ولعل ذلك هو الذي ادى الى اقتراح اللجنة التفكير في ارساء نظام لتقييم القاضي يختلف عن الطريقة الحالية التي تطغى عليها الانطباعية (بلاغ 20 سبتمبر 2013).
وفي ضوء ذلك يمكن ان نتساءل بدورنا عن حقيقة التقييمات التي اعتمدتها اللجنة في اسناد الخطط القضائية سواء لمن طلبها أو حتى لمن لم يطلبها !؟ 
أقرت هيئة القضاء العدلي بان الأمر عدد 436 لسنة 1973 المؤرخ في 21 سبتمبر 1973 المتعلق بضبط الوظائف التي يمارسها القضاة من الصنف العدلي قد مثل عائقا جديا في سبيل توسيع قاعدة تمتيع القضاة بالخطط الوظيفية (بلاغ 20 سبتمبر 2013).
وقد لوحظ ان التمسك بالأمر المذكور يعد مخالفا للمعايير الدولية لاستقلال القضاء التي تمت الإشارة إليها بالقانون الأساسي المحدث للهيئة الوقتية زيادة على ما يؤدي إليه تطبيق ذلك الأمر من تصعيد القضاة المرتبطين بالنظام السابق وتدعيم امتيازاتهم وحرمان القضاة الذين تم استثناؤهم من الوظائف القضائية بسبب عدم انسجامهم مع النظام القضائي القديم أو ممارستهم لاستقلالهم الوظيفي أو تعبيرهم عن آرائهم.
ولهذا السبب يمكن اعتبار التمسك بمقتضيات الأمر المذكور رغم إلغائه ضمنا بمقتضى القانون الأساسي المتعلق بإحداث الهيئة من العوامل التي أدت إلى عدم القطع مع المنظومة القضائية الموروثة والتسبب في مظالم جديدة والانعزال عن التغيير الجوهري لتركيبة الوظائف في مختلف المحاكم وإصلاح إدارة القضاء.

ثالثا: نتائج إعداد الحركة:
تستند المعايير الدولية لاستقلال القضاء إلى جملة من الآليات التي تهدف إلى حماية القاضي في مساره المهني حتى لا يكون توقع الترقية او الحرمان منها سببا للتأثير على استقلاله وكذلك إلى حماية الوضع الوظيفي للقاضي حتى لا تستعمل النقلة للتأثير على ادائه لوظيفته باستقلال وتجرد وأخيرا الى حماية الوظيفة او المسؤولية القضائية حتى لا تسند لغير الاكفاء او الموالين للسلطة السياسية.
وفي ضوء ذلك تم التنصيص بالقانون الاساسي المحدث للهيئة على اعتماد المعايير الدولية لاستقلال القضاء واقرار مبدأ عدم نقلة القاضي الا برضاه بناء على انه “لا يمكن نقلة القاضي خارج مركز عمله ولو في اطار ترقية او تسمية في خطة قضائية الا برضاه المعبر عنه كتابة ” مع امكانية النقلة في حدود مضبوطة مراعاة لما تقتضيه مصلحة العمل (راجع الفصل 12 من القانون الاساسي المؤرخ في 2 ماي 2013).
ويتبين ان نتائج الحركة القضائية التي شملت 781 قاضيا موزعين بين 198 قاضيا من الرتبة الثالثة و 214 قاضيا من الرتبة الثانية و219 قاضيا من الرتبة الاولى و 150 ملحقا قضائيا لم تستجب في اغلب الوضعيات الى المعايير الدولية لاستقلال القضاء وهو ما يتبين من النتائج الخاصة بالترقية والنقلة واسناد الخطط الوظيفية وتسمية الملحقين القضائيين.
1) الترقية:
يلاحظ انه رغم التخفيف من البطء السابق في حركة الترقيات والتراكم المطرد لقائمة الانتظار بواسطة الاعتماد على نظام الترقية الآلية في حالات عديدة فان الأمر لم يخل حسب بعض الملاحظين من حالات الارتقاء السريع والترقيات المزدوجة التي تجمع بين الترقية في الرتبة والتحصيل على الخطة الوظيفية والبقاء بنفس مركز العمل، إضافة إلى حالات غير مبررة من حرمان قضاة من الترقية سواء بالرتبتين الأولى أو الثانية رغم استجابتهم للمعايير التي أعلنت عنها الهيئة بصفة لاحقة (بيان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة الصادر في 24 سبتمبر 2013).
أشارت الهيئة إلى أن بعض القضاة وعددهم خمسة ممن باشروا القضاء مدة 10 أعوام فقط بالرتبة الأولى قد تمت ترقيتهم بصفة استثنائية لسد الشغورات بالمحاكم الداخلية (قفصة، القصرين، الكاف)، (بلاغ 20 سبتمبر 2013) وهو ما يطرح تساؤلات حول المقاييس المعتمدة لترقية هؤلاء وعدم الالتجاء إلى نقلة القضاة الذين تمت ترقيتهم بصورة آلية من الرتبة الأولى إلى الرتبة الثانية بعد قضاء أكثر من 11 سنة طبقا لما يقتضيه مضمون مصلحة العمل المنصوص عليه بالفصل 12 من القانون الأساسي المحدث للهيئة.
يتضح من حركة الترقيات ان الهيئة في اطار سعيها الى اقرار الترقية الآلية لعدد من القضاة قد احدثت خططا قضائية دون وظائف مقابلة وخارج اي اطار قانوني كخطة قاض من الرتبة الثالثة او الثانية سواء بالمجلس او بالوكالة العامة وهو ما يسمح للوكلاء العامين ورؤساء المحاكم من توزيع اصحاب تلك الوظائف على دوائر مختلفة دون اية معايير مسبقة.
يتبين التجاء الهيئة الوقتية الى آلية التكليف بالوظائف القضائية استنادا الى وجود نقص في عدد القضاة المؤهلين لتحمل الخطط الوظيفية، في حين سعت الى ترقية عدد من القضاة الى الرتبة الاعلى دون اسنادهم وظائف مثلما سبق بيانه.
2) النقلة:
يلاحظ أن المشرع قد نصّ على مضمون مصلحة العمل طبق ما تقتضيه أحكام القانون عدد 29 لسنة 1967 المؤرخ في 14 جويلية 1967 المتعلق بنظام القضاء والمجلس الأعلى للقضاء والقانون الأساسي للقضاة، كما ضبط شروط تلبية مقتضيات مصلحة العمل بصفة تفصيلية مؤكدا على انه لا يمكن ان تتجاوز مدة المباشرة تلبية لمقتضيات مصلحة العمل سنة واحدة ما لم يعبر القاضي عن رغبة صريحة في البقاء بالمركز الواقع نقلته او تعيينه به (الفصل 12 من القانون الاساسي المحدث للهيئة).
ومن الواضح ان الهيئة التي اقرت نقلة بعض القضاة لمصلحة العمل كان عليها التنصيص على ذلك بالحركة القضائية حتى يمكن مراقبة اعمالها والوقوف على مدى استجابتها للشروط القانونية وحتى يمكن التمسك بالأجل القانوني المنصوص عليه لتلبية مصلحة العمل من قبل القضاة المعنيين به.
أشارت الهيئة إلى اعتمادها مبدأ عدم نقلة القاضي إلا برضاه ولو في إطار ترقية مع استثناء نقلة بعض القضاة استجابة لمصلحة العمل لا سيما بالمحاكم الداخلية، إضافة إلى اعتمادها العامل الجغرافي وتوزيع المحاكم حسب المسافات واعتبارها للحالات الاستثنائية المتعلقة بتقريب الأزواج والوضعيات الصحية والاجتماعية .. الخ منتهية إلى نتيجة ايجابية فحواها انه تم القطع مع النقلة كوسيلة ضغط على عمل القاضي (بلاغ 20 سبتمبر 2013).
غير ان ما لاحظته الهيئة لا يتفق مع وضعيات عديدة تبين منها نقلة عدد من القضاة او عدم الاستجابة لمطالب النقل خلافا لمبدأ المساواة بين الجميع في تلبية المصلحة العامة (بيان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين بتاريخ 24 سبتمبر 2013).
يتضح ان الهيئة خلافا لما ورد في بلاغها الأخير قد اتجهت في حالات عديدة إلى النقل الإجبارية دون رضاء أصحابها او حتى إعلامهم بالنقلة مما يعيد الفاعلية لما تمت ممارسته سابقا من نقل تأديبية وقد بلغت إلى علم المرصد وضعيات من هذا القبيل تتعلق إما بنقل جغرافية او بنقل وظيفية بنفس المحكمة ويهم الأمر على سبيل المثال محاكم تونس وسوسة والقيروان وسيدي بوزيد ونابل.
3) إسناد الخطط الوظيفية:
يتبين ان اختيار القضاة لبعض الوظائف او المسؤوليات القضائية كرؤساء المحاكم او وكلاء الجمهورية لم يستند الى معايير مضبوطة وقد بقيت الاختيارات في هذا الشأن خاضعة لسلطة الهيئة التقديرية في غياب اعلانها بصفة محددة عن اسس المفاضلة بين القضاة المتساوين في الرتبة والكفاءة الوظيفية.
ويمكن ان يكون الاضطراب الملحوظ في اسناد الخطط الوظيفية ناشئا عن غياب جداول الكفاءة المتعلقة بالمسؤوليات القضائية وعدم اقرار نظام متكامل وشفاف للتقييم المهني للقضاة
يتضح من نتائج الحركة القضائية ان التداول على المسؤوليات لم يمثل القاعدة الأساسية لعمل الهيئة من ذلك ان تغيير الوكلاء العامين بمحاكم الاستئناف لم يشمل الا اثنين من جملة 10 وكلاء وكذلك الامر بالنسبة لوكلاء الجمهورية الذين لم يشملهم التغيير الا في حدود 7 وكلاء من جملة 31 وكيلا في حين عرفت رئاسة محاكم الاستئناف تغييرا شمل 40% من جملة المحاكم الاستئنافية وعددها 10.
كما يتبين ان الحركة لم تقطع مع المنظومة القضائية السابقة وأبقت في حالات عديدة على وجوه قضائية ارتبطت بالنظام السابق وبذلك فلا يمكن اعتبار الحركة الأخيرة مدخلا لإصلاح المنظومة القضائية او الشروع في إرساء سلطة قضائية مستقلة مثلما ورد بالبلاغ الأخير للهيئة الوقتية للقضاء العدلي.
يلاحظ ان المحكمة الابتدائية بتونس التي تكتسي اهمية خاصة من حيث مستوى النزاعات وطبيعة القضايا المنشورة لديها قد بقيت معزولة عن التغييرات المنتظرة على مستوى مسؤولياتها أو تركيبة دوائرها، من ذلك:
المحافظة جوهريا على نفس مكاتب التحقيق السابقة مع تجديد محدود وذلك بتسمية 9 قضاة تحقيق أول وقضاة تحقيق وفي هذا الخصوص يلاحظ ان هؤلاء قد تمت نقلتهم في الغالب من المحكمة الابتدائية بتونس (4) او المحاكم الكائنة بدائرة محكمة الاستئناف بتونس (4) باستثناء واحد منهم خارج تلك الدائرة (زغوان).
المحافظة على كامل تركيبة النيابة العمومية السابقة بمختلف وظائفها دون اي تغيير يذكر باستثناء خروج وكيل الجمهورية بطلب منه ونائبه واثنين من مساعدي وكيل الجمهورية وتعويض اثنين من مساعدي وكيل الجمهورية المكلفين.
تثبيت عدد من المساعدين السابقين لوكيل الجمهورية بتسميتهم او تكليفهم بخطة مساعد اول لوكيل الجمهورية مما أدى إلى انحصار التسميات الأساسية بنفس الدائرة.
تعزيز المحكمة الابتدائية بدخول على الأقل 5 من المساعدين الأول ومساعدي وكيل الجمهورية جميعهم من المحاكم القريبة وبالأساس من المحكمة الابتدائية بتونس 2 وقد بلغ إلى علم المرصد ان وكيل الجمهورية الجديد الذي ينتسب في نفس الوقت الى هيئة القضاء العدلي بصفته احد القضاة المنتخبين عن الرتبة الثالثة قد اشرف بنفسه على اختيار مساعديه الجدد طبق معايير الترقية أو النقلة في نفس الدائرة الجغرافية.
لم يطرأ أي تغيير على الدوائر الجنائية وعددها 5 مع الإشارة إلى أن 3 من رؤساء تلك الدوائر قد حافظوا على وجودهم بالمحكمة الابتدائية بتونس ورئاستهم للدوائر القضائية قبل الثورة وبعدها ولم يشمل التغيير منذ 14 جانفي إلا دائرتين فقط.
حافظ جميع وكلاء الرئيس بالمحكمة على مراكزهم دون أي تغيير عدا تسمية وكيل أول لرئيسة المحكمة
لم تحدد الحركة وضعية القطب القضائي المالي والقضاة المنتسبين اليه رغم مباشرته للعمل منذ فترة غير قصيرة.
4) تسمية الملحقين القضائيين:
اعتمدت الهيئة حسبما اعلنت ببلاغها الاخير على تسمية الملحقين القضائيين طبق ترتيب تفاضلي بناء على الاعداد التقييمية التي تحصلوا عليها بالمعهد الأعلى للقضاء مع عدم تعيينهم في محاكم تونس الكبرى لفسح المجال لطالبي النقلة اليها من جهة ولتسديد الشغورات الحاصلة بالمحاكم الداخلية من جهة اخرى (بلاغ 20 سبتمبر 2013) ورغما عن البيانات التفصيلية التي عرضتها الهيئة بشأن تقسيم الملحقين القضائيين وتوزيعهم مراعاة لمصلحة العمل فقد بلغت للمرصد تشكيات من بعض الملحقين القضائيين اضافة لما تم تسجيله بخصوص قرارات التعيين من اخلال بمبدأ المساواة بين القضاة (بيان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين الصادر في 24 سبتمبر 2013).
عن المرصد التونسي لاستقلال القضاء
رئيس المرصد احمد الرحموني  

الصورة منقولة عن موقع Facebook من صفحة المرصد التونسي لاستقلال القضاء

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، مقالات ، تونس ، عدالة انتقالية ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني