علمت “المفكرة القانونية” من مصادر موثوقة أن وزير المالية “نزار يعيش” ووزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد “محمد عبو” أصدرا قرارت في الإحالة على التقاعد المبكر شملت 21 إطاراً من سلك الديوانة التونسية وأن تلك القرارات سبقها تدقيق وبحث على مستوى فريق عمل “عبو” في ملفات المعنيين بها وما نسب لهم من شبهات فساد توصل لتأييدها بقرائن متنوعة من أهمها التضخم غير المبرر للثروة. وترى “المفكرة” أن هذه الخطوة تؤشّر إلى جدية التعاطي مع شعار مكافحة الفساد الذي رفعته الحكومة وإن كانت تقدر أنه يجب التنبه لكون الحرب العادلة يجب أن تدار بوسائل مشروعة.
مؤشر هام على جدية الخطاب
تمسّك حزب التيار الديمقراطي “باعتماد مكافحة الفساد كأولوية للحكومة” كشرط لانضمامه للإئتلاف المكون لها. كما اشترط رئيسه المؤسس “محمد عبو” أن يكون هذا الملف ضمن اختصاصاته وأن تسند له الصلاحيات اللازمة لمباشرته ليقبل بحقيبة وزارية. وبرز أثر هذا الموقف في برنامج عمل الحكومة من أول تشكيلها[1]، حيث ذُكرت مكافحة الفساد في طليعة أولوياتها[2] وكهدف للسياسة الجزائية للدولة. ينقل بالتالي فتح ملف الفساد بالديوانة الشعار إلى نطاق الممارسة. ويؤكد عدم الإنشغال بالكورونا عنه جدية في ذلك تستحق الإشادة بها وإن كان يجب التنبه لكون نبل القضية لا يبرّر الإرتجال في اختيار أسلحتها.
في ضرورة الإبتعاد عن الإرتجال في الحرب على الفساد
إستند الوزيران للفصل “78 من النظام الأساسي لأعوان الديوانة”[3] الذي ينصّ على كون العون الذي يثبت قصوره في ممارسة وظيفته “يُحال على التقاعد” لاتخاذ قرارتهما. ويبدو موقفهما هذا منازعا فيه شكلا للسببين الآتيين:
أن الفصل القانوني الذي اعتمداه يشترط صراحة استشارة مجلس الشرف المختص قبل اتخاذ أي قرار، وهو أمر يبدو أنه تم إغفاله،
أنه سبق وأن استندت الحكومات التونسية في زمن ما بعد الثورة لآلية التقاعد الوجوبي بذات الغاية التي استعمل فيها هذه المرة[4]. وانتهى الإستعمال الأول لأن أصدرت المحكمة الإدارية أحكاما نهائية أكدت عدم جواز المنهج الذي اعتمد لما فيه من إنحراف بالإجراءات في المادة التأديبية.
يُخشى بالتالي أن يؤول استعمال “التقاعد الوجوبي” مرة أخرى في الحرب على الفساد إلى ذات النتائج التي آل لها سابقا. وتدعو “المفكرة” الحكومة أن تكون أكثر إلتزاما باحترام الشرعية في حربها على الفساد، تلك الحرب التي تظل المحاكمة العادلة ساحتها الحقيقية وسلاحها الأفضل.
[1] حددت الحكومة التونسية برنامج عملها في وثيقتين صدرتا عنها -أولهما بتاريخ 24-02-2020 متى أمضى ممثلو الأحزاب المشاركة الحكومة الوثيقة التي اصطلح على تسميتها “بالمذكرة التعاقدية ” وثانيهما بتاريخ 27-02-2020والتي تمثلت في خطاب نيل الثقة الذي ألقاه رئيسها إلياس الفخفاخ أمام الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب
[2] ورد في الوثيقة التعاقدية للحكومة إلتزام ” بوضع سياسة جزائية تجعل مكافحة الفساد أولوية ” .
[3] القانون عدد 46 لسنة 1995مؤرخ في 15 ماي 1995 يتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الديوانة
[4] اصدر خلال الشهر السابع من سنة 2012 زير الداخلية قرارات في إحالة سبعة عشر إطارا امنيا عن التقاعد الوجوبي بدعوى ضلوعهم في الفساد
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.