تعليقا على بيان نقابتي المحامين المؤرخ في 21-3-2012


2012-03-26    |   

تعليقا على بيان نقابتي المحامين المؤرخ في 21-3-2012

دعت نقابتا المحامين في بيروت والشمال هؤلاء الى التوقف عن العمل في يوم 26-3-2012 احتجاجا على عدم تعيين رئيس لمجلس القضاء الاعلى. وقد وصف البيان الصادر عن النقيبين هذا الأخير بانه "رئيس سلطة مستقلة وليس موظفا".
والواقع ان هذا القول الاخير خاطئ: فبخلاف السلطتين التنفيذية والتشريعية، السلطة القضائية هي سلطة موزعة على المحاكم، بحيث ان لكل قاض سلطة في محكمته، والقضاة كافة متساوون، وليس لأي منهم، او هكذا يفترض، اي رئيس. فاستقلالية القضاة ليست ازاء السلطات الأخرى وحسب، بل هي ايضا استقلالية داخلية ازاء المؤسسات والأجهزة القضائية على اختلافها. وهكذا، فان مجلس القضاء الاعلى، ليس سلطة ولا ممثلا لسلطة، انما هو جهاز اداري يجدر به ان يكون مستقلا وان تكون مهمته الأساسية ضمان استقلالية السلطة القضائية التي يمارسها القضاة والمحاكم وتتوزع فيما بينهم وفق صلاحياتهم لكنه حاليا ليس كذلك بفعل تعيين ثمانية من اعضائه من قبل السلطة التنفيذية مباشرة، الامر الذي يجعله اقرب الى ذراع لها للتحكم بالقضاة وبمسارهم المهني اكثر مما هو ضمانة لاستقلاليتهم. ولكان اجدى بالنقابتين استغلال مناسبة عجز الطبقة السياسية عن تعيين رئيس مجلس القضاء الاعلى للمطالبة بان يتم انتخابه من قبل القضاة انفسهم وفق ما يفرضه اتفاق الطائف ومعه المعايير الدولية لاستقلال القضاء، واكثر من ذلك للمطالبة بفتح ورشة اصلاح القضاء على اساس هذه المعايير. فما عساه مجلس القضاء الاعلى يقدم للقضاء ولاستقلالية القضاء اذا لم تتوفر فيه مواصفات الاستقلالية؟
اما ان يضرب المحامون بقرار من نقابتيهم للضغط على السلطة التنفيذية لتعيين رئيس لمجلس القضاء الاعلى (مع تتويجه رئيسا للسلطة بقرار ذاتي لا يستند الى شيء) من دون اي اشارة الى مبدأ الانتخاب او الى ما يعاني منه القضاة من تدخلات، فذلك يعكس موقفين كلاهما قد يؤول الى نتائج معاكسة لما تعلنه هاتان النقابتان: الأول، انه يشكل تشريعا لتدخل هذه السلطة في تعيين اعضاء مجلس القضاء الاعلى ورئيسها من دون اي تحفظ، والثاني، انه يشكل تشريعا للهرمية القضائية، التي غالبا ما تنفذ السلطة الحاكمة من خلالها للتدخل في اعمال القضاة، والحد من استقلاليتهم. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني