تعزيز الأخبار الموثّقة والحدّ من التضليل الإعلامي


2025-05-06    |   

تعزيز الأخبار الموثّقة والحدّ من التضليل الإعلامي
رسم رائد شرف

لا شك أنّ الحروب بيئة خصبة لانتشار الأخبار الكاذبة نظرًا لقابلية الناس لتصديق أيّ معلومة، في ظل حالة الترقب والقلق التي يعيشونها، وسعيهم للاطمئنان على ذويهم أو متابعة مجريات الحرب، من دون التنبّه إلى أهمية التحقق من مصدر الخبر. في المقابل، يزداد التوجّه نحو نشر الأخبار الكاذبة، سواء عن قصد أو عن غير قصد، وذلك لأسباب متعدّدة، من بينها السعي لتحقيق نسب مشاهدة مرتفعة، أو الترويج لوجهات نظر سياسيّة أو عسكريّة معيّنة، أو تحقيق مصالح فئوية ضيّقة، أو نتيجة لشحّ المصادر الموثوقة أو استخدام الأخبار الكاذبة كجزء من أدوات الخداع في الحرب.

وعليه، ننظر في هذا المقال، وهو السادس في سلسلة من عشر مقالات، في مخاطر التضليل الإعلامي وأهمّية السعي لتفادي نشر الأخبار الكاذبة، انطلاقًا من المسؤوليّة الاجتماعيّة الملقاة على عاتق الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية أثناء الحروب والنزاعات المسلّحة، حيث يكون الناس في أمسّ الحاجة للإعلام المتضامن والصادق والكفوء. فالتزام الصحافيّين بعدم نشر الأخبار الكاذبة يعدّ الركيزة الأساسية لضمان نشر معلومات دقيقة وموثوقة تخدم النقاش العامّ والمصلحة العامّة، وتمنع انتشار التضليل والتلاعب بالمعلومات، وتاليًا، تحدّ من الفتنة والتطرّف. يشمل هذا الالتزام التثبّت من صحّة المعلومات قبل نشرها، والتحقّق من المصادر، وتجنّب الإثارة غير المبرّرة التي قد تسهم في انتشار الأخبار الكاذبة، وتاليًا، التداعيات التي قد تنتج عنها، كما سنرى في الفقرات اللاحقة من هذا المقال.

قبل المضي في ذلك، يهمّنا التأكيد على أنّ ضمان حماية الصحافيين والتزام الأطراف المعنيّة بتأمين حقوقهم، التي أسهبنا في شرحها في المقالات السابقة، يشكّل شرطًا أساسيًا من أجل تطوير الأداء المهنيّ وإزالة العقبات أمام الوصول إلى المعلومات والمصادر الموثوقة وتقديم محتوى إعلامي يتناسب مع المصلحة العامة وتطلّعات الرأي العامّ. في المقابل، يشكّل غياب البيئة القانونية المناسبة عائقًا أمام الجهود الآيلة إلى تفادي الأخبار الكاذبة وغيرها من الأفعال التي تجرّد الإعلام تدريجيًا من وظيفته الاجتماعية.

أهمّية التصدّي للأخبار الكاذبة، لاسيما أثناء الحروب والنزاعات المسلّحة

  1. سرعة التداول في الأخبار وصعوبة احتوائها أو حذفها أو تدارك تداعياتها، لاسيما مع انتشار الإعلام الإلكتروني.    
  • تهديد سلامة المدنيين: قد يؤدي نشر الأخبار الكاذبة أثناء الحروب، أو إخفاء المعلومات لأهداف عسكرية أو سياسية، لا سيما تلك المتعلقة بأماكن النزاع والنزوح وإمكانية الوصول إلى المناطق الآمنة والمواصلات والخدمات المتوفّرة والمساعدات الإنسانيّة، إلى بثّ الذّعر بين النّاس وصعوبة تقييم المخاطر التي تهدّد أمنهم وسلامتهم، وتبعا لذلك، زيادة احتمال اتخاذ قرارات خاطئة وخطيرة قد تؤثر على حياتهم. من الثابت أنّ تلك المخاطر تؤثّر بشكل أكبر وغير متناسب على الفئات الأقلّ قدرة على المواجهة، مثل القاطنين في مناطق النزاع وذوي الدخل المحدود والأطفال وعائلات الضحايا.
  • التسبّب بتفاقم الضرر النفسي والجسدي للضحايا وعائلاتهم والفئات الأكثر عرضة للخطر: مثل نشر أخبار كاذبة عن مكان وجود مفقودين أو عن تورط الضحايا في أحداث معينة أو تبرير الجرائم بحقهم.
  • زعزعة ثقة الرأي العامّ: يؤدّي نشر الأخبار الكاذبة إلى تراجع ثقة الرأي العامّ في وسائل الإعلام، ممّا يدفع الناس إلى عدم متابعتها وعدم اللجوء إليها لنقل قضاياهم إلى الرأي العامّ. بالمقابل، فإنّ سعي وسائل الإعلام إلى نشر الأخبار السّريعة والمُتاحة بسهولة، عوضًا عن التحقّق من صحّتها، يقلّل من رغبتها في تخصيص الموارد للتعمق في قضايا الناس واستشارة ذوي الاختصاص بشأنها، مما يؤدي إلى تراجع مكانة هذه القضايا في الإعلام، ويزيد من انتشار الأخبار الكاذبة والمصادر غير الموثوقة.
  • تعزيز الانقسامات: لا تقتصر تداعيات التضليل الإعلامي على الجانب الإعلامي فحسب، بل يمتدّ ليشمل آثارًا اجتماعيّة وسياسيّة واسعة النطاق، لاسيما مثل إثارة الانقسامات وتعزيز الاستقطاب وإفشال الجهود الآيلة إلى عقلنة الخطاب العامّ وإعاقة إمكانيّة الوصول إلى ذاكرة جماعية مشتركة وتاليا الوصول إلى السلام والمصالحة. 
  • تفاقم المخاطر على حقوق الإنسان والعاملين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، إذ غالبًا ما تستخدم الأخبار الكاذبة كأداة للتشويه والتحريض ضدّ المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، ممّا يعرّضهم للمخاطر الجسدية والنفسية، ويعوق قدرتهم على الوصول إلى الضحايا وتقديم المساعدات لهم أو جمع المعلومات اللازمة للتوثيق والتحقيق في الانتهاكات[1].
  • تعزيز الإفلات من العقاب: غالبًا ما تُستخدم الأخبار الكاذبة لتغطية الانتهاكات أو التستّر عليها أو تشويه سمعة الضحايا وتخفيف التّعاطف معهم أو إبعاد الانتباه عن الجرائم الحقيقية المرتكبة، ممّا يُعيق إمكانية المساءلة ويعزّز الإفلات من العقاب.

تحديد نطاق الأخبار الكاذبة في القانون

تعريف الأخبار الكاذبة

جاز تعريف الأخبار الكاذبة أثناء الحروب والنزاعات المسلحة بالمعلومات أو البيانات المضلّلة التي يتمّ نشرُها عن قصد أو غير قصد، ويكون من شأنها التلاعب بالرأي العامّ أو إثارة الخوف أو تبرير تصرّفات معينة من قبل أحد أطراف النزاع أو تحميله مسؤولية الحرب وتداعياتها. قد تكون هذه الأخبار عارية تماما من الصحة أو غير مسندة إلى وقائع ثابتة أو مبالغ فيها.

التمييز بين الخبر الكاذب والدعاية وخطاب الكراهية

تختلف الأخبار الكاذبة عن الدعاية التي تهدف في حالات كثيرة إلى المبالغة لتعزيز برنامج معين أو تعزيز فرص جهة معينة، رغم أنها قد تتداخل معها للتأثير على آراء وسلوك أحد أطراف النزاع من أجل أهداف عسكرية وسياسية، إلا أنها تدخل ضمن حق التعبير المشروع عن الاختلاف السياسي، طالما أنه لم يثبت أنها تدعو أو تحرّض على الحرب. كذلك تختلف الأخبار الكاذبة عن خطاب الكراهية، الذي نخصص له مقالا مستقلا، رغم أنّهما يتداخلان في بعض الحالات ولديهما سماتٌ مشتركة، بخاصّة أن بعض أشكال الخبر الكاذب والدعاية قد ترقى إلى مستوى التحريض على الكراهيّة وارتِكاب الجرائم. في تلك الحالة، يمكن أن يصبح الخبر الكاذب جزءًا من خطاب الكراهيّة، مما يزيد من خطورته على الأمن الاجتماعي والسياسي.

في لبنان، يشير القانون إلى الأخبار الكاذبة في أربعة مواضع:

  1. الأخبار الخاطئة: يشير قانون المطبوعات إلى الأخبار الخاطئة مع إلزام صاحبها بنشر الرد أو التصحيح دون وضع أي تعريف واضح لها[2]، إلا أن محكمة المطبوعات في بيروت اعتبرت في قرارات عدّة أن نشر الأخبار الخاطئة هو نشر الأخبار بخلاف ما هي عليه، إنما دون هدف الإساءة إلى الغير من خلال هذا النشر، وتبعا لذلك، أبرأت الجهة المدعى عليها من جرم نشر خبر كاذب لعدم توفر النية الجرمية. وهو ما يشار إليه في التشريعات المقارنة بالخبر الكاذب الذي ينشر دون قصد التسبب بضرر (Misinformation)[3].  
  • الأخبار الكاذبة: ينصّ قانون المطبوعات على إدانة نشر الأخبار الكاذبة، بناءً على شكوى المتضرر، بغرامة فقط بعد إلغاء عقوبة الحبس سنة 1994، دون أن يتضمن أي تعريف واضح لها أو العناصر التي يقتضي توفرها من أجل الإدانة على أساسها[4]. إلا أن محكمة المطبوعات في بيروت اعتبرت في قرارات عدّة أن نشر الأخبار الكاذبة هو نشر للأخبار، بخلاف ما هي عليه، وذلك بهدف الإساءة إلى الغير، من خلال هذا النشر[5]. وتاليا رأت المحكمة أنّ توفر النية الجرمية بالإساءة شرطٌ أساسيّ للإدانة. كذلك أوردت محكمة التمييز بعض المعايير الإضافية من أجل إدانة النشر، أهمّها أن يكون خبرا وليس رأيا أو وجهة نظر أو تعليقا على أحداث معينة، وأن يكون محددا وغير معروف من قبل[6]. نسجّل في هذا الإطار أنّ غالبية الدعاوى المقدّمة سندًا لهذه المادة تتعلق بالذمّ والتشهير. وقد طالبت المنظمات الحقوقية مرارًا بإلغاء هذا الجرم لتعارضه مع مبادئ حرية التعبير، وحصر التجريم بالتصريحات التي ترقى إلى الدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكّل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف[7].
  • الأخبار الكاذبة التي من شأنها تعكير السلم العامّ، ويمكن تحريك دعوى الحق العامّ بشأنها من دون شكوى من المتضرر، ويعاقب على نشرها بالحبس من 6 أشهر إلى سنة ونصف و/أو الغرامة من 10 إلى 30 مليون ل.ل.، على ألا تقلّ أيّ من العقوبتين عن الحدّ الأدنى، من دون تحديد العناصر الجرمية، أو فيما إذا كانت المادة تشترط حصول التعكير أو مجرّد إمكانية حصوله[8]. وهو ما يشار إليه في التشريعات المقارنة بالتّضليل الإعلامي للدلالة على التلاعب بمعلومات خاطئة أو مضلّلة بغرض الخداع المتعمّد والتسبّب بضرر عامّ[9] أو الأخبار الكاذبة أو المضللة التي تنشر بقصد الخداع أو تحقيق مكاسب اقتصادية أو سياسية، وقد يتسبّب في إلحاق ضرر عامّ[10] (Disinformation). في هذا الصدد، أشارت المفوضية الأوروبية إلى ضرورة التصدّي إلى نوعين آخرين من الأخبار الكاذبة، وهي: عمليات التأثير على المعلومات، وهي العمليات التي تقوم بها جهات داخليّة أو أجنبية من أجل التأثير على الرأي العامّ المُستهدف باستخدام مجموعة من وسائل الخداع، بما في ذلك قمع المصادر المستقلّة للمعلومات بالتزامن مع نشر الأخبار المضلّلة. كما أشارت إلى تدخّل الدول الأجنبية في الفضاء الرقمي الذي يهدف إلى عرقلة تكوين الرأي الحرّ والتعبير عن الإرادة السياسية للأفراد[11].
  • الأخبار الكاذبة أو المبالغ فيها التي من شأنها أن توهن نفسية الأمة في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها: يعاقب على نشرها إذا كان الفاعل يعلم بعدم صحتها، وتخفيضها إلى جنحة في الحالات التي يحسب فيها الفاعل أن الأخبار صحيحة[12]. تطبّق هذه المادة على النشر على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع غير الإخباريّة التي لا تخضع وفق اجتهاد المحاكم لقانون المطبوعات. 

على الصعيد الدولي، تصدّت المنظمات الحكومية الدولية ودول عدّة للأخبار الكاذبة على أنواعها، سواء من خلال إقرار القوانين المحلية[13] أو القواعد الإقليمية[14] أو تنظيم حملات التوعية[15] أو تدريب الصحافيين[16] أو الضغط على منصّات التواصل من أجل حذف المحتوى، وصولا إلى التدخلات الأمنية.

التحدّيات أمام التصدّي للأخبار الكاذبة

  1. تقييد حرية التعبير: قد يشكّل التصدي للأخبار الكاذبة تقييدًا غير مبرّر أو غير ضروريّ لحريّة التعبير وتعسّفا في استعمال الحق. وعليه، يجب حصره بالحدّ الأدنى والبحث عن وسائل أكثر فعالية وأقلّ تدخّلا: في هذا الصدد، رأت المقرّرة الخاصّة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير إيرين خان في تقريرها الصادر في 12/8/2022 بشأن التضليل الإعلامي وحرية الرأي والتعبير أثناء النزاعات المسلحة إلى أنه “لا يمكن حظر التضليل الإعلامي بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان ما لم يرقَ إلى مستوى الدعوة إلى الكراهيّة التي تشكّل تحريضًا على العداوة والعنف والتمييز. ولا يجوز تقييده إلا إذا استوفى شروط الشرعيّة والضرورة والمشروعية على النحو المبيّن في العهد… كما أنّ أيّ تقييد للمعلومات المضلّلة في سياق الخطاب السياسيّ يتطلّب التوسّع بقدرٍ كبير في الحدّ الأدنى للشرعية والمشروعية والضرورة والتناسب… وفي معظم الحالات، فإن أفضل ترياق للتضليل الإعلامي ليس التقييد القانوني، بل التدفق الحر لمصادر المعلومات المتنوعة والتي يمكن التحقق منها، بما في ذلك من خلال وسائل إعلام مستقلة وحرة وتعددية، ومعلومات عامة جديرة بالثقة والدراية الإعلامية والرقمية”. كما أن التوجه الدولي يرفض أي تعريف للتضليل الإعلامي من شأنه أن يقيّد “بدون مسوغ، أشكال التعبير بالسخرية أو بالهجاء أو المحاكاة الساخرة أو الفكاهة التي تسعى للتشكيك في المعايير الذاتيّة أو المجتمعيّة أو حتى الاستهزاء بها، تحت ذريعة مكافحة التضليل الإعلامي”، مع ما يستتبع “الرقابة على هذا المحتوى أو اشتراط فرضها تحت مسمى التضليل الإعلامي من تهديد للعمل الفني والعلمي والصحافي والنقاش العامّ بشكل أعّم”[17].
  • غياب المعايير المهنية للتغطية الإعلامية أثناء الحروب، وتاليًا عدم تدريب الصحافيين على المهارات اللازمة للتحقق من الخبر قبل نشره وكشف التضليل الإعلاميّ والدعاية الحربيّة، ممّا يجعلهم أكثر عرضةً للوقوع في أخطاء مهنية، سواء من خلال تبنّي روايات منحازة أو نشر معلومات غير دقيقة أو تضخيم الوقائع أو تأليب الرأي العامّ بشكل غير مسؤول أو حتى التسبّب بتفاقم الضرر.
  • عدم اعتماد المحاكم معايير ثابتة: وأهمها أن يكون أي قرار بالإدانة متناسبًا مع المصلحة المقصود حمايتها. إذ لا يكفي التذرع بمشروعية القيود على حرية التعبير، بل يجب إثبات طبيعة الخطر ومدى تناسبه مع التدابير المتخذة، لا سيما توافر الصلة المباشرة والواضحة بين ممارسة حقّ التعبير والخطر المطلوب التصدّي له. وعليه، يُخضع هذا الشرط أيّ عمل قانوني من شأنه تقييد حرية التعبير لمبدأ الموازنة بين الفائدة التي قد تنتج عن تقييده والكلفة المتأتيّة عن ذلك. فإذا كانت الفائدة من هذا العمل أكبر من الكلفة المتأتيّة عنه، ولا يوجد أي بدائل أخرى من أجل تحقيق هذه الفائدة، يكون العمل متناسبًا. أما إذا كانت الفائدة منه أقلّ من الكلفة المتأتيّة عنه، أو إذا توفّرت بدائل أخرى، يكون العمل غير متناسب وغير ضروريّ. ومن الأمور الواجب مراعاتُها في هذا الصّدد هو مدى ارتباط موضوع النّشر بالمصلحة العامة، وأسلوب النشر، والوسيلة المستخدمة من أجل الحصول على المعلومات، ومدى قيام الناشر بواجبه المهني من أجل التحقق من صحة الخبر قبل نشره، والتمييز بين الخبر والرأي، وعدم إدانة ناقل الخبر، وجواز إثبات صحة الخبر، ومنح حماية واسعة للخبر المتعلق بالأشخاص العاملين في الشأن العام أو المصلحة العامة أو الخطاب السياسي، والتحقق من وجود ضرر.
  • المقاربة الجزائيّة في القانون: إنّ استمرار العمل بالمقاربة الجزائيّة للتصدّي للأخبار الكاذبة قد يؤدّي إلى تداعياتٍ خطيرة على حريّة التعبير بسبب خوف الصحافيّين من الملاحقة القانونيّة. من تلك التداعيات، تعزيز الرقابة الذاتيّة لدى الصحافيّين، وتبعا لذلك، تجنّب القضايا الحساسة وكشف الانتهاكات وإخفاء المعلومات عن الرأي العام، مما يسهم بدوره في انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة. كما يمكن أن تصبح تلك القوانين الجزائية أداة بيد أصحاب النفوذ للتعسف في ملاحقة الصحافيين وتصفية الحسابات السياسية عوضا عن مكافحة الأخبار الكاذبة.
  • عدم فعالية الملاحقة القضائيّة لعدة أسباب: الأوّل، غالبًا ما يتمّ تداول الأخبار الكاذبة بسرعة هائلة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يجعل العقوبات القانونيّة غير كافية لاحتوائها بعد انتشارها ولدرْء الخطر عن الفئات المستهدفة. الثاني، لا يمكن ملاحقة المصدر الحقيقيّ للأخبار الكاذبة في حالات عدّة، مثل الحسابات الوهمية أو الحملات المنظمة. الثالث، تستغرق الإجراءات القضائية مدة طويلة، مما يؤدي إلى التأخير في محاسبة الجهات المسؤولة عن نشر الأخبار الكاذبة ويجعل تصحيح الضرر الذي تسببه الأخبار الكاذبة أثناء الحروب شبه مستحيل، مما يسهم في استمرار انتشار المعلومات المضللة دون عقاب أو رادع.
  • عدم موضوعية المصادر: تعتمد وسائل الإعلام عمومًا على مصادر متنوعة، قد تكون أحيانا مشوهة أو منحازة أو تعكس مصالح أطراف معينة، بخاصة أثناء الحروب، مما يجعل التحقق من صحة المعلومات التي تقدمها صعبا نظرًا لضرورة النشر بسرعة.
  • انحياز الإعلام: من الصعب، إن لم يكن مستحيلا، أن يكون الإعلام محايدا تماما، خاصة أثناء الحروب والنزاعات. قد تتبنى وسائل الإعلام مواقف معيّنة بشكل علنيّ أو غير علنيّ، مما يؤدّي إلى إعطاء الأولويّة لبعض المواضيع أو بعض المواقف. وهذا ما يجعل الخبر غير موضوعي، وأحيانًا، غير موثوق. كما أنّ الصحافيين قد يواجهون ضغوطًا لتقديم الأخبار على نحو يرضي أصحاب المصالح السياسية أو الاقتصادية، خاصّة في ظل ضعف البيئة القانونية الملائمة والضامنة لحقوق الصحافيين.
  • الرغبة بتحقيق الإيرادات المادية من خلال جذب الإعلانات ونسبة أعلى من المشاهدات: الأمر الذي يحفز استمرار التلاعب بالمعلومات وانتشار العناوين الجذابة أو المثيرة للجدل بعيدا عن الموضوعية.

وعليه، تبيّن هذه التحديات ضرورة اعتماد مقاربة أكثر شمولية للتصدّي للأخبار الكاذبة من أجل تحقيق نتائج أكثر فعالية وأكثر ملاءمة لمبادئ حرية التعبير.

التوصيات:

السلطات العامة:

  1. تعزيز الوصول إلى المعلومات بسرعة، لا سيما أثناء الحروب والنزاعات المسلحة، واعتباره مطلبا مشروعا وأساسيا، فهو حقّ من حقوق البقاء تعتمد عليه حياة الناس وصحتهم ورفاههم وسلامتهم وأمنهم[18]، وحصر الاستثناءات على حقّ الوصول إلى المعلومات بتوفّر مصلحة اجتماعيّة ملحّة أهمّ من المصلحة المتأتية عن الكشف عنها. 
  • بناء القدرة الاجتماعيّة على التصدّي للأخبار الكاذبة من خلال تعريف الرأي العام على كيفية التمييز بين الأخبار الصحيحة والكاذبة، والتعاون بين المؤسسات الإعلامية والمدارس والمنظمات الحقوقية في هذا المجال[19].
  • مكافحة التضليل الإعلامي بوسائل فعالة لا تؤدّي إلى نتائج عكسيّة، لاسيما عدم استخدام نشر الأخبار الكاذبة كذريعة لفرض حظر إعلامي أو التهديد به أو تعطيل الإنترنت أو الاتصالات أو إهمال الاعتداءات على الصحافيين أو التحقيق معهم أمام أجهزة أمنية.
  • عدم استخدام أو نشر أو تشجيع طرف ثالث على نشر الأخبار الكاذبة.
  • تزويد الرأي العام بالمعلومات بشكل دوري، وعدم التعتيم عليها وفضح الأخبار الكاذبة فور العلم بها. قد يكون ذلك ممكنا من خلال إنشاء بوابة رقمية للأخبار الرسمية. بالمقابل، عدم تكذيب الأخبار في حال صحّتها، وذلك من أجل إعادة بناء الثقة بين أجهزة الدولة والرأي العام، ومن أجل عدم جرّ الصحافيين للجوء إلى مصادر غير موثوقة أو تسريبات غير قانونية.
  • ضمان دقة المعلومات التي تقدمها الجهات الرسمية ومحاسبتها لدى نشر أخبار كاذبة.
  • التعاون مع الجمعيات المختصة والمنظمات الدولية من أجل التوصل إلى أفضل الممارسات في التصدي للأخبار الكاذبة.
  • إلغاء تجريم الخبر الكاذب إلا في الحالات الأكثر خطورة، وتجنّب استخدام التعريفات الفضفاضة، واشتراط أن يكون الضرر محققا أو مرجّحا بشكل جدّي، لضمان عدم انتهاك القانون لحرية الإعلام.
  • ضمان بيئة عمل ملائمة للصحافيين وحمايتهم من الاعتداءات، تمكينا لهم من العمل وفق ضميرهم المهني، وفق ما أسهبنا في توضيحه في مقالات سابقة.
  1. تعامل المحاكم مع قضايا النشر على أسس واضحة وثابتة تتماشى مع حقوق الإنسان وحرية الإعلام على النحو المذكور أعلاه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التشدد في تطبيق القواعد الصحافية المهنية من شأنه تعزيز الرقابة الذاتيّة والحدّ من دور الإعلام الاجتماعي وتهديد سريّة المصادر الصحافية.

النقابات والمنظمات المدنية:

  1. وضع معايير مهنية للتغطية الإعلامية أثناء الحروب، مع التشديد على ضرورة عدم التسبب بتفاقم الضرر للضحايا والفئات الأكثر عرضة للخطر من جهة، وعدم المس بجوهر حرية التعبير ووظيفته الاجتماعية من جهة أخرى. 
  • الحفاظ على الأدلة: غالبا ما تُستخدم الأخبار الكاذبة من أجل طمس الوقائع أو تشويهها. لذلك، يعدّ توثيق المعلومات والحفاظ على الأدلة أمرا حاسما للتصدي للأخبار الكاذبة، ومشاركتها مع جهات مستقلة واطلاع الرأي العام عليها. كذلك مراقبة أداء الوسائل الإعلامية ومدى تقيدها بالمعايير المهنية ونشر النتائج أمام الرأي العام من أجل حث الصحافيين على الالتزام بها. 
  • كشف الأخبار الكاذبة ونشر دليل بالتوصيات العملية للتحقق من صحة الأخبار (التحقق من مصدر المعلومات، فحص الرابط…)[20]، والعمل على نشره على أوسع نطاق.
  • إنشاء أو تطوير أو دعم المنصات المختصة بالتحقق من صحة الأخبار.
  • تدريب الصحافيين أو إصدار توصيات عملية بالخطوات الآيلة إلى التحقق من صحة الخبر قبل نشره، وأيضا كيفية التعامل مع الرأي العام بعد نشر الأخبار التي يثبت أنها كاذبة. 
  • إنشاء نظام لرصد وتبادل الأخبار الكاذبة بين الصحافيين.
  • فضح ممارسات منصات التواصل الاجتماعي وحجب المحتوى وعمل الخوارزميات، وتعزيز الوعي بشأنها.

الوسائل الإعلامية:

  1. وضع معايير محددة للتحقق من الخبر قبل نشره ضمن سياسات التحرير، وتدريب الصحافيين بشأنها بالتعاون مع المنظمات والنقابات المعنية، ونشرها أمام الرأي العام، مما يعزز مصداقيتها ويشجع الوسائل الإعلامية الأخرى على الاقتداء بها.   
  • التعاون مع الوسائل الإعلامية الأخرى من أجل رسم المبادئ العامة لتفادي الأخبار الكاذبة، بخاصة في الحالات التي تعجز فيها النقابات أو السلطات العامة عن المباشرة بذلك، حتى تتمكن تلك الوسائل الإعلامية من إثبات مصداقيتها والاستمرار في استقطاب الرأي العام.   
  • نشر الأخبار والتقارير المسندة إلى الأدلة حتى تطغى على الأخبار الكاذبة التي تنتشر على المنصات الأخرى، خاصة أن تعددية الأخبار هي الضامن الأول لعدم انجرار الرأي العام خلف الأخبار الكاذبة. 
  • التمييز صراحة بين الإعلان أو الدعاية السياسية والخبر الموثوق، وأيضا بين الرأي أو التحليل والخبر.
  • الكشف عن الأخبار الكاذبة وتنبيه الرأي العام من الوقوع في التضليل الإعلامي.
  • نشر الرد أو التصحيح والاعتذار عن أي خطأ ورد عن قصد أو غير قصد، والتعهد باتخاذ الإجراءات من أجل تفادي تكراره.
  • تخصيص الموارد من أجل تمكين الصحافيين من استخدام أدوات التحقق من صحة الخبر قبل نشره.
  • تجنب نشر المعلومات التي لم يتم التحقق منها، وليس فقط التلميح إلى ذلك، خاصة إذا كان الضرر الذي قد ينتج عنها غير قابل للتصحيح، أو قد يؤدي أثناء الحروب إلى إثارة التطرف أو الخوف لدى الفئات الأكثر عرضة للخطر.
  • إعطاء حيز أوسع للقضايا المتصلة بالناس وتداعيات الحرب عليها، حيث يمكن أن يؤدي التركيز على هذه القضايا إلى تعزيز الوعي وإعادة ترتيب الأولويات لدى الرأي العام، بما يتماشى مع احتياجات الفئات المعرضة للخطر ويخفف من آثار التضليل الإعلامي أو الأخبار الكاذبة.

الصحافيون:

  1. التوازن بين التشفير وإخفاء الهوية وأمن الحسابات وحماية المصادر من جهة، وموجب التحقق من صحة المعلومات من جهة أخرى، حتى لا يتمّ استخدام تلك الوسائل من أجل نشر التلاعب وتمييع المسؤولية.
  • التدقيق في المعلومات وعدم نشر الخبر إلا في حال توفر مؤشرات جدية على صحته: فالصحافي، حسب الاجتهادات القضائية[21]، ورغم أنه ملزما بإثبات كل كلمة وردتْ في المادة الإعلامية المشكو منها، يجب أن يثبت أنه قام بالخطوات اللازمة للتحقق من صحة الخبر، وأن يتمكّن من إبراز أدلة منتجة، خاصة إذا كان موضوع النشر يتعلّق بالمصلحة العامة[22].
  • قد يتعرض الصحافيون لنقل أخبار غير صحيحة عن غير قصد، إذا كان الشخص الذي يجري المقابلة معه ينقل معلومات كاذبة. من الناحية القانونية، لا يجوز تحميل الصحافي مسؤولية نقل الأخبار الكاذبة تحت طائلة مخالفة مبادئ حرية التعبير وضرب وظيفة الإعلام[23]، إلا أنه من الممكن للصحافي تصويب مسار المقابلة وتنبيه المشاهدين إلى أي معلومات غير موثوق بها، والتأكد من تصحيح الحقائق في حال وجودها، ولو بعد انتهاء المقابلة، خاصة أثناء الحروب وفيما يتصل بمعلومات قد تشكل خطرا على سلامة المدنيين.
  • عرض السياق الكامل والمعلومات الحقيقية حول الموضوع يساعد في إبراز الفرق بين الخبر الكاذب والواقع.
  • السعي لضمان تعددية المصادر لتأمين التوازن وتكوين قناعة موضوعية بشأن مدى صحة الخبر، من جهة، وضمان استمرار تدفق المعلومات من جهة أخرى.
  • التمييز بين الرأي والخبر، على اعتبار أن الخبر قابل للإثبات، فيما أن الرأي بشكل وجهة نظر أو تحليلا لأحداث معينة وغير قابل للإثبات[24].
  • عدم إخفاء المعلومات من أجل أهداف لا تتّصل بالمصلحة العامة، لأن من شأن ذلك فتح المجال أمام انتشار الأخبار الكاذبة.
  • عدم المبالغة في تداعيات الخبر وما قد ينتج عنه، درءًا للتصعيد والتطرّف، إلا إذا كان ذلك يصبّ في باب التّحليل السياسيّ، على أن يحرص الصحافيون على إفساح المجال أمام ذوي الاختصاص من أجل ضمان تعدديّة الآراء وتمكين الرأي العامّ من الاطّلاع على تحليلات سياسيّة واقعيّة بعيدًا عن المغالاة والتنبّؤات غير المسندة لأي معطيات جديّة.

[1] التضليل الإعلامي وحرية الرأي والتعبير أثناء النزاعات المسلحة، تقرير المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير إيرين خان، 12/8/2022.  

[2] المادة 2 من المرسوم الاشتراعي رقم 104/77

[3] مدونة القواعد المعززة للممارسات المتعلقة بالتضليل الإعلامي، المفوضية الأوروبية، 2022:

“Misinformation is false or misleading content shared without harmful intent though the effects can be still harmful, e.g. when people share false information with friends and family in good faith”.

[4] المادة 3 من المرسوم الاشتراعي رقم 104/77

[5]عن هذا الأمر، نشير إلى القرار رقم 6/2020 الصادر في دعوى أحمد الفضل ضد سالم العكاري: ” “حيث فرّق المرسوم الاشتراعي رقم 77/104 ضمن السياق عينه بين نشر الأخبار الكاذبة وبين نشر الأخبار الخاطئة: إذ أن نشر الأخبار الكاذبة هو نشر للأخبار، بخلاف ما هي عليه، وذلك بهدف الإساءة إلى الغير، من خلال هذا النشر. أما نشر الأخبار الخاطئة، فيبقى نشر الأخبار بخلاف ما هي عليه، إنما دون هدف الإساءة إلى الغير من خلال هذا النشر”.  بمعنى آخر، إن الفرق بين الخبر الكاذب والخبر الخاطئ هو مدى توافر النية الجرمية. إلا أن المحكمة لم تعلل النتيجة التي توصلت إليها بل اكتفت بالقول إن الخبر المنشور يشكل خبرا كاذبا.

[6] من تلك القرارات، القرار رقم 16/2019 الصادر في دعوى سوزان الخوري ضد غاصب المختار: “حيث إنه من البديهي القول إن الخبر (Nouvelle) الحائز على الصفة المذكورة (والمعاقب عليه عندما يكون كاذبا) … يجب أن يكون خبرا وليس رأيا أو وجهة نظر أو تعليقا على أحداث معينة ولا بد أن يكون محددا وغير معروف من قبل، وبالتالي غير منتشر”. 

[7] قانون الإعلام المقترح يشكّل تهديدًا خطيرًا لحرية التعبير، المفكرة القانونية، 28/11/2023.

[8] المادة 3 من المرسوم الاشتراعي رقم 104/77

[9] التضليل الإعلامي وحرية الرأي والتعبير أثناء النزاعات المسلحة، تقرير المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير إيرين خان، 12/8/2022.  

[10] مدونة القواعد المعززة للممارسات المتعلقة بالتضليل الإعلامي، المفوضية الأوروبية، 2022:

“Disinformation is false or misleading content that is spread with an intention to deceive or secure economic or political gain, and which may cause public harm”.

[11] مدونة القواعد المعززة للممارسات المتعلقة بالتضليل الإعلامي، المفوضية الأوروبية، 2022:

“Information influence operation refers to coordinated efforts by either domestic or foreign actors to influence a target audience using a range of deceptive means, including suppressing independent information sources in combination with disinformation”.

“Foreign interference in the information space, often carried out as part of a broader hybrid operation, can be understood as coercive and deceptive efforts to disrupt the free formation and expression of individuals’ political will by a foreign state actor or its agents”.

[12]  المادة 296 من قانون العقوبات.

[13] أكثر من 78 دولة أصدرت تشريعات للتصدي للأخبار الكاذبة بين 2011 و2022. هذا فضلا عن الدول التي كانت لديها تشريعات في هذا الخصوص أصلا:

Chilling Legislation: Tracking the Impact of “Fake News” Laws on Press Freedom Internationally, Gabrielle Lim and Samantha Bradshaw, 19/07/2023.

[14] مدونة القواعد المعززة للممارسات المتعلقة بالتضليل الإعلامي، المفوضية الأوروبية، 2022.

[15] مثل الدانمارك والسويد والنروج وفنلندا:

How Finland is fighting fake news – in the classroom, World Economic Forum, 21/05/2019. 

Media Literacy and the Emerging Media Citizen in the Nordic Media Welfare State, Michael Forsman, June 2020.  

[16] Journalism, fake news and disinformation: a model course for journalism educators and trainers worldwide, UNESCO, 2018.

[17] A/77/288: Disinformation and freedom of opinion and expression during armed conflictsReport of the Special Rapporteur اon the promotion and protection of the right to freedom of opinion and expression

[18] التضليل الإعلامي وحرية الرأي والتعبير أثناء النزاعات المسلحة، تقرير المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير إيرين خان، 12/8/2022. 

[19]  MEDIA LITERACY وكيفية التعرف إلى الأخبار الخاطئة (فنلندا منذ 2014) يونيسكو

[20] من المبادرات التي قامت بها منظمة سميكس في هذا الصدد: ما هو الخبر المغلوط وكيف نتحقّق من صحّته؟ (مقابلة مع محمود غزيّل)، عبد قطايا، 3/7/2020. 

[21] وهذا ما ينص عليه القراران 11/2020 و12/2020 الصادران عن محكمة المطبوعات في بيروت: “إن حرية إعلام الرأي العام بها ونشرها تكون مصانة قانونا، دونما حاجة لإثبات كل واقعة من الوقائع المسندة إلى المدعية بالدليل القاطع والجازم طالما أن المدعى عليهم تمكنوا من إبراز الدليل على أنه ما كتبته المدعى عليها بحق المدعي ليس كذبا مجردا أو مختلقا”. وقد رأت المحكمة في هذين القرارين أن الجهة المدعى عليها قد تمكّنت من إبراز أدلة منتجة وذات أسس جدية، ومن ضمنها قرارات صادرة عن ديوان المحاسبة، تستدعي إفادتها من البراءة التي أباح المشرع إمكانية منحها إياها في المادة 387 من قانون العقوبات، لا سيّما بالنظر إلى فداحة النتائج التي تنعكس إضرارا بالمال العام.

[22]  Expert Tips for Digging Out the Roots of Disinformation, GIJN, Maurice Oniang’o, 2021

[23] القرار الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في كانون الثاني 2023 في دعوى Khural and Zeynalov v. Azerbaijan: 

“47. A distinction also needs to be made according to whether the statements emanate from the journalist or are a quotation of others, since punishment of a journalist for assisting in the dissemination of statements made by another person in an interview would seriously hamper the contribution of the press to discussion of matters of public interest and should not be envisaged unless there are particularly strong reasons for doing so. (see, among many other authorities, Pedersen and Baadsgaard, cited above, § 77).”

[24] وهذا ما أكّد عليه التعليق رقم 34 بشأن المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بقوله إن الفقرة 1 من المادة 19 تفرض حماية حق الفرد في اعتناق آراء دون مضايقة. وهذا حق لا يجيز العهد إخضاعه لاستثناء أو تقييد. وتمتدّ حرية الرأي لتشمل حق الفرد في تغيير رأيه في أي وقت ولأي سبب يختاره بملء حريته. ولا يجوز النيل من أي حق من حقوق الفرد المنصوص عليها في العهد على أساس آرائه الفعلية أو المتصورة أو المفترضة. وتخضع جميع أشكال التعبير عن الرأي للحماية، بما في ذلك الآراء التي لها طابع سياسي أو علمي أو تاريخي أو أخلاقي أو ديني. ويتنافى تجريم اعتناق أي رأي مع الفقرة 1.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مؤسسات إعلامية ، الحق في الوصول إلى المعلومات ، الحق في الخصوصية ، مقالات ، إعلام



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني